لا شكراً «سيادة الرئيس» خبتم وما أصبتم!!

لا شكراً «سيادة الرئيس» خبتم وما أصبتم!!

حنان سيدو

تتناول هذه المقالة ما جاء على لسان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية السيد أحمد الشرع في مقابلته الأخيرة مع تلفزيون (الإخبارية) السورية.
أولاً: التقسيم يورث العدوى:
إصبع الاتهام بالتقسيم والانفصال تتجه نحو الكورد بمناسبة ومن دون مناسبة، وفي كل الدول التي تقتسم كوردستان، ولا نقول تلك التي تحتلها، علماً أن الشعب الكوردي ومنذ أن تشكلت تلك الدول (حيث عمر جدتي أطول وأكبر من عمرها) وألحق جزء من أرضنا بدولهم، لا ولم يطالب يوماً بالانفصال أو التقسيم، وإنما عبّر منذ اليوم الأول، ودعا إلى التآخي والعيش المشترك والاعتراف بالهوية القومية الكوردية، إلاّ أن تلك الدول وسلطاتها قابلت الكورد بالنفي والإنكار والاعتداء وممارسة الجريمة المنظمة والمزيد من الإبادات الجماعية، علماً لو أن الكورد طالبوا بالتقسيم والانفصال يوماً ما كان ذلك حدثاً مغايراً لمجرى التاريخ بل هو حق طبيعي له سمحت به كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية التي تمنح الكورد حقهم في تقرير مصيرهم بنفسهم، لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه:
مادام ما يطالب به الكورد من الحقوق وإن تلك الدول وحكامها وأبواقها تدّعي ذلك انقساماً وانفصالاً وأن ذلك يورث العدوى، فلماذا مطالبة الكورد بالتآخي والعيش المشترك والاعتراف بالهوية لم يورث لكم ذلك مع مكونات دولكم وشعوبها بل حتى بينكم وبين بني جلدتكم كما جرى بين سوريا الأسد ولبنان وعراق صدام حسين والكويت؟ أو ما يجري في سوريا من تحريض على العنف والإرهاب، وتتهمون بعضكم بعضاً بالمكوعين والفلول والنصيرية والمارقين والمعتمدين على الخارج. أو لماذا لا يورث لكم بقبولكم ليعيش الشعب الفلسطيني عيشاً مشتركاً مع اليهود في دولة إسرائيل، وتطالبون بدولة لهم؟ أم أن هذا لا يورث؟ فقط المطالبة بالحقوق الكوردية تورث!!
ثانياً: إن ما يثير السخرية والاستهزاء والاستغراب هو مقارنة حالة الكورد في سوريا وكوردستانها بالحالة الإيرلندية مع بريطانيا والكتالونيا مع إسبانيا وحالة تكساس وكاليفورنيا مع أمريكا فبمجرد القيام بالمقارنة ودراسة حالة تلك الأقاليم والولايات من قبل إنسان عاقل لاستغرب وشعر بالفارق ما بين الثرى والثريا، لأن تلك الأقاليم معترف بها من قبل تلك الدول ولها برلماناتها وأعلامها ورؤسائها ودساتيرها ومؤسساتها، وقوات حفظ النظام الخاصة بها وقوانين تنظم حياتها السياسية والاجتماعية والإدارية، ومحترمة من قبل كل تلك الدول وسلطاتها، وإن هذه الأقاليم تعيش مع تلك الدول وفق عهود ومواثيق محترمة من الجانبين، وأحدهم يكمل الآخر، بل وكل طرف يتمتع بحقوقه قبل واجباته، ولو أن تلك الأطراف وصلت إلى قناعة كاملة أنهم يستطيعون العيش بسلام جنباً إلى جنب ككيانات منفصلة، ولن يتضرر أي طرف من ذلك لفعلت دون العنف وإراقة الدماء وإغلاق الحدود والمطارات والحصار، ودون اللجوء إلى قرارات وقوانين استثنائية مجحفة بحق غيرها، وليس كما عندنا لا اعتراف بالكورد، ولا بلغتهم ولا بعلمهم، ولا بثقافتهم ولا بفلكلورهم، بل تحاربون كل شيء له صلة بالتاريخ والوجود الكوردي ورموزه وأعياده ومقدساته، فكيف لعقلكم المنير أن يسمح لنفسه بالمقارنة بين الحالة الكوردية في سوريا وتلك التي ذكرتها مثل: ايرلندا وكتالونيا وتكساس؟
ثالثاً: وحدة إقليم كوردستان سوريا جغرافياً وبشرياً

بدايةً الأراضي والمناطق الكوردية التي يعيش عليها الكورد بدءاً من راجو وحتى ديريك في الشمال وشمال شرقي سوريا هي أراضٍ كوردستانية مستقطعة من أراضي كوردستان الكبرى، وامتداد طبيعي لها في تركيا والعراق ومازال الناس في طرفي الحدود يحتفظون بعلاقات قرابة اجتماعية من الدرجة الأولى والثانية، وإن تلك الأراضي ألحقت بالدولة السورية وفق معاهدات واتفاقات دولية جزأت وطننا كما وطنكم الذي تدّعونه من المحيط إلى الخليج ومن لايعترف بهذا كيف له أن يعترف بذاك؟
والأمر الآخر كما زعمت سيادة الرئيس أن الكورد في سوريا متناثرون في أراض عربية واسعة، وتناسيت أن المستوطنين العرب استقدموا وزُرِعوا في أراض كوردستانية ملحقة بسوريا وبين قراها وقصابتها ومدنها بقوانين وقرارات عنصرية استثنائية استمدت وجودها من إجرام وعنجهية البعث والحكومات الشوفينية التي تعاقبت على حكم سوريا، هذا غير اعتماد تلك الحكومات لسياسات إقصائية إدارية قضت بقطع أوصال المناطق الكوردية إدارياً كما الحال في بلدة أعزاز مع 48 قرية كوردية ملحقة بها، وبلدة الراعي(چوبان بگ) مع 40 قرية كوردية ملحقة بها، وبلدة الباب مع 44 قرية كوردية ملحقة بها ومنها إلى جرابلس ومنبج وتل أبيض وغيرها، ناهيك عن كورد حلب وكورد حماة وكورد حمص وكورد جبل الكورد في اللاذقية وكورد دمشق.

في النهاية لا يسع المرء قولاً غير:
لا شكراً سيادة الرئيس، خاب الظنُّ بكم للتعبير عن قضية وطنية بحاجة إلى حلول وطنية، ولا أصبت في المقارنة.