في إحياء مهرجان للشعر الكردي
شمس عنتر
ذلك الشاعر لم تتح له الفرصة ليتخرج من جامعة كردية ليتقن لغته الأم ،مثل شكسبير وجون ميلتون وتوماس وات حتى يتفنن في شكل النص وهندسته وتنوع القافية والوزن والبناء الأسطوري وبالتالي تكون هناك وحدات دلالية وقضايا وأفكار وصور بيانية وايقاع خارجي وداخلي وتوظيف الرمز....الخ
طبعا كل هذا مطلوب للقصيدة ولكننا ما زلنا نحبو فلا تتوقعوا منا الركض.
ترى المئات يجلسون بكل أريحية في صالة محترمة في قامشلو لسماع القصائد من الذين عادوا لتوهم من معارك الطوابير، طوابير للمحروقات وآخرى للخبز وعلى المعابر وفي المشافي وعلى باب منظمات الإغاثة...الخ ، وهم يلقون قصائدهم عن العشق والوطن والاتحاد والطبيعة وعن عفرين! . بعضها ترفعنا لسموات السبع وبعضها تجعلنا نغض الطرف خجلين عن بساطة وسطحية تصفيف كلماتها وبعضها اتقنت الوزن تحت تأثير الميزان الحديدي الذي خلفه للتو.
قليلون منهم استطاع أن يقترب من صور الجزيري ومن قوة شيركو بيكس ومن سلاسة جكرخوين، قليلون نعم ولكن يقاومون البقاء بالكلمات .
قرأت تعليقاً لأحدهم يقول: قاطعوا تلك التفاهات التابعة للأحزاب السياسية، وهو جالس في مقهى بدسلدورف يعرض قصيدته على شاعر هاجر قبله بعدة بحور شعرية ويبدو أنه تعرض للتعنيف.
وآخر لم يلحق موعد استلام القصائد وبالتالي لم يتمكن من القاء قصيدته في المهرجان فشمّر عن قريحته وقذف المهرجان بقصيدة هجاء متخيلا نفسه الحطيئة .
فهل نلغي المهرجان؟
حبذا لو كتب لنا المختصون المتبقون هنا والمختصون هناك تعهدا بانهم مستعدون أن يكونوا في خدمة استقبال القصائد للعام القادم ويختارون منها ما يصلح للقراءة في المهرجان ،وإلا ، فليصمتوا.
تحت تهديدات تركيا باجتياح واحتلال ما تبقى لنا من أرض، يجلس الكردي ليكتب قصيدة غنائية ويتخيل اللحن في ذهنه وقد يحمل الطنبور ويغنيها، فيهب ذاك الذي يقف في شباك استلام المساعدات باوربا ليرميه بتعليق فيرتفع ضغطه أكثر من ارتفاع سعر الدولار وتنخفض معنوياته أكثر من انخفاض قيمة الليرة السورية.
النقد مطلوب يا سادة أن كان هو القصد فعلاً، فانتقي قصيدة من اللواتي تم قراءتها في المهرجان وشرّحها بمبضع الجراح الرامي إلى شفاء الجسد، وسنكون لك من الممجدين.
يحمل ابن الكردي حقيبة السفر متوجهاً لحياة جديدة ماراً بالموت نفسه، وهو هنا يكتب قصيدة عن التشبث بالوطن، فتمزق روحه التناقضات فتخرج قصيدته مكسورة وربما مبعوجة ومقهورة.
فهل نلغي مهرجان الشعر الكردي؟
حديثا اصبح الهدف من النقد الاهتمام بكل ما يحيط الموضوع والتركيز على التفاصيل مثل ظروف العمل الأدبي والسيرة الذاتية للمؤلف والحس الشعري المتضمن في القصيدة.
يقول" سانتي بيف " أن وظيفة النقد هي النفاذ إلى ذات المؤلف لتستشف روحه من وراء عباراته بحيث يفهمه قراؤه.
اذا وظيفة النقد أن تتعلم كيف تقرأ.
جددوا لنا الاشرعة ولا تكسروا مجاذيفنا .