هُنا رقصَ الموتُ

هُنا رقصَ الموتُ

ندوة يونس

هُنا رقصَ الموتُ
و عزفَ سيمفونيَّتَهُ الأزليَّةَ
في هذا الزَّفافِ جمعَ الكواكِبَ كُلَّها
بأحابيلِ الباطلِ و أقنعةِ الظَّلامِ
و بِطُمَأنينةِ المواثيقِ قُتِلَ الضَّوءُ
عمَّ الصَّخَبُ ...
و ارتفعَتْ حمحمةُ الدِّمِ المسفوحِ
في جَرَيانِها بهيَّةً إلى سهولِها
في تُرابٍ لا رِواءَ لهُ
حُلْمُهُ لا زالَ يَقِظاً
وعناقيدُ الحُبِّ مُزْدانةٌ في صدرِهِ
شِفاهُهُ أيضاً كانتا مُرطَّبتَيْنِ
بقُبَلِ الحَنينِ و ندى الصَّباحاتِ
على عُشبِ الذَّاكرةِ
يملأُ جُعبتَهُ منْ شُهُبٍ
و شُعاعاتٍ مُنسابةٍ منْ نهارِ الأمسِ
حينَ الوداعِ نثَرَتْ كلَّ النُّجومِ في عينَيْهِ
طوَّقَتْهُ بأسرابِ الفراشاتِ و الزَّنبقِ
ملأتْهُ بينَ أهدابِها
كلَّلْتُهُ ببراعمِ الحُبِّ
كانَ الموتُ كريماً
ملَأَ كُلَّ سِلالِهِ المئةِ
منْ دمٍ و ضوءٍ
هكذا أتمَّ حصادَهَ المُبارَكَ
في مِهْرجانِ الدَّمِ المُباحِ وقهقهةِ الأُمَمِ
لا رايةَ و لا نشيدَ في الأفقِ
نُصارِعُ الخَيالِ بالخَيالِ
نتوكَّأ على ظلٍّ في رِهانِ الفُجاءاتِ
كانَتْ خُطواتُهُ تُمَهِّدُ لِلحياةِ
و فيضُ الأحلامِ تتَقَدَّمُهُ
تُراقصُهُ ... تُصاحِبُهُ
يُراسِلُ الأعيادَ بفراشاتِ الحُضورِ
و مآدِبُ الفرحِ عامرةٌ بكلِّ الألوانِ
هذا نخبُهُ قبْلَ النَّزْفِ
و هروبِ العصافيرِ
قبلَ تقويمِ الشَّرِّ و تاريخِ الدَّمِ
مئةٌ و عشرونَ حُلماً و أكثرُ
ترجَّلَتْ عنْ صهوةِ الصَّباحِ
تناثرَتْ أوراقُها
أخذَتْها الرِّيحُ ...
بقِيَتْ بيضاءَ
لمْ تُدَوَّنْ فيها حُروفٌ
منْ دبكةٍ و عُرسٍ و موَّالٍ
فرحُ الدَّمِ يملأُ الآفاقَ
و فصلُ الدَّمْعِ ألغى كُلَّ فُصولِ السَّنةِ
تركوا الفضاءَ لِأجنحةِ الصُّراخِ
في موجٍ هادرٍ اغتِيلَتِ الضَّحِكاتُ
و جُرِفَتِ الابتِساماتُ
وفُتِحَتْ مضائقُ الجِراحِ
لا جهةَ تسمعُ النِّداءَ
وحدَها التَّوابيتُ يقظى
تَسيرُ في مواكبِ الحُبِّ و الحِرمان