السيوف في بغداد.. والزهور في هولير

السيوف في بغداد.. والزهور في هولير

حسان منصور

ليست عاداتنا وثقافتنا وليدة المصادفة إنما هي موروث اجتماعي نتوارثه من مجتمعنا الذي نعيش فيه، وتختلف العادات والتقاليد بين بلدٍ وآخر وبين مدينه وأخرى وهذا ما وجدناه متجسداً في العراق خلال زيارة البابا فرانسيس الثاني، حيث استقبل في بغداد برفع السيوف وهو مناف للسلم الذي جاء مناديناً به ولأجله البابا بينما في كوردستان العراق استقبل البابا بالورود وأغصان الزيتون التي يحملها اطفال وهذا إن دل على شيء فهو يدل على النقاء المتمثل بهؤلاء الاطفال والزيتون الذي يمثل السلام.
حتى القدّاس الذي أقامه البابا في كنيسة سيدة النجاة في بغداد كان قد ضربها الإرهاب عام ٢٠١٠ وقتل خلالها مالايقل عن ٥٨ شخصاً احتجزوا كرهائن داخل الكنيسة، بينما في كوردستان أقام البابا أكبر قداس في ملعب الشهيد فرانسو الحريري حيث حضر القداس رئيس الإقليم ورئيس الحكومة بالاضافة لعدد من الشخصيات السياسيه وممثلي المكونات الدينيه في الإقليم وهذا القداس الكبير في هذا الملعب الكبير يدل على الأمن والأمان اللذين ينعمان بهما إقليم كوردستان . كما إن اللقاءات التي اجراها البابا في بغداد اقتصرت على عدد من الشخصيات السياسية والدينية وعدد ممثلي المجتمع المدني وبعض المتواجدين في كنيسة سيدة النجاة.
أما في كوردستان نجد بأنه تحرّك بحرية أكبر، ولم يلتق فقط بالشخصيات السياسيه ولكنه التقى بعدد كبير من المدنيين خلال جولته، وخلال القداس المفتوح الذي اقامه في الملعب وبحضور اكثر من عشرة آلاف مواطن وبوجود رئيس الاقليم نيچيرفان البارزاني ورئيس الحكومة مسرور بارزاني بالإضافة لعدد من ممثلي الدول والشخصيات السياسيه والثقافية والاجتماعية.
اما من ناحية الاستقبال فلا مجال للمقارنة، ففي بغداد تم العمل على تجميل وتغيير صورة كل منطقه كان سيمر بها موكب البابا حتى وصل بهم الامر لتغطية عدد من الشوارع والطرق بالقماش الابيض ولكن في كوردستان فقد تم التحضير للاستقبال ولكن ليس بالترقيع والتجميل كما في بغداد بل كان كل شيء طبيعياً وحقيقياً.
حتى في حديث البابا فرانسيس للرئيس نيجيرڤان بارزاني قال:"شكراً لما تفعلونه وتبذلونه لكل الأديان وكل المكونات. الحرية مستتبة في كوردستان." وهنا نستطيع التوضيح بأنه في كوردستان هناك ممثلون في الحكومة وهم بمثابة وزراء لكافة المكونات الدينية فيها، وهذا ما لا نجده في بغداد التي يقتل ويختطف فيها الناس على اساس طائفتهم ودينهم.
إذاً:
عندما نتحدث عن كوردستان فهي ليست بغداد لأنها بلد التسامح والتعايش بين الجميع بمختلف اتجاهاتهم و معتقداتهم.