الاحتلال قسّم كوردستان.. الأرض والإنسان

الاحتلال قسّم كوردستان.. الأرض والإنسان

لارا أيوب

كثيراً ما نُصادف أخباراً على مواقع التواصل الاجتماعي تُندد بالكردي من غرب كوردستان المُدافع عن جنوبه، في حين أنّ ذاك المندّد نفسه يُدافع عن أراضي سوريا بكل أجزائها، فمثلاً نراه يدافع عن الساحل السوري، عن الرقة وحتى عن درعا وهي المدينة الأكثر ذعراً، وكانت من أوائل المدن التي شاركت بمظاهرات تطالب بالذهاب لقامشلو للقتال لصالح النظام في انتفاضة آذار 2004 وكان شعار تلك المظاهرات (جندونا جندونا وعلى قامشلي خدونا)
وكأنّ المحتل لأراضي كوردستان بأقسامها الأربعة لم يحتل فقط الأرض وإنما تمكّن من احتلال عقولهم التي لا تفرّق بين الدفاع عن أراضٍ كردية ضد العرب أو الدفاع عن أراضي المحتل ضد نفسه وأرضه وشعبه.
يتكرّر هذا الحدث بكثرة حتى أنّ الكردي من غرب كوردستان لم يعد قادراً في إبداء رأيه بأي مسألة تتعلق بإقليم كوردستان على سبيل المثال لا الحصر، ولم يتوقف الأمر فقط في إبداء الرأي بل لقد وصل إلى مراحل أهم وأخطر، ومنها الانفجار الذي حصل في أربيل قبل أيام والذي كان له النصيب الأكبر في تشتيت ذهن المواطن بين موقف الدفاع أو التخلي وترك الأمر لحكومة الإقليم وشعبها.
انفجارٌ، غايته المساهمة في فشل أي مشروع كُردي لم ينجح في أن يوّحد الآراء، فمازال الكردي يفكّر ما إذا كان من حقّه أن يدافع عن أرضه أو يغمض عينيه، ويبتعد فقط لأن بينه وبين الجنوب الكردي اتفاقية سايكس بيكو المدعاة للانقسام والاحتلال.
الذي يُزيد الاستغراب استغراباً أنّ المندد بالدفاع عن أراضي كوردستان كُردي (سوري) فارٌ من بيته مقيمٌ في الاقليم، ولازال متمسكاً بفكره البعيد كل البعد عن منطق ومفهوم الوطن والوطنية.
والسؤال الذي يبقى معلقاً في الأذهان:
إن كان الاقليم فقط لشعب جنوب كوردستان، ولا يحق للكردي من غربه أو شرقه أو شماله بالمشاركة في أيّ مشورة أو رأي أو أي حدث يخصهم
لماذا إذاً الشرق الأوسط بأكمله وكلّ عربي في العالم يدافع عن فلسطين التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
إن تمسّك الكُردي المقيم في شمال كوردستان بهوية المحتل، ورأى نفسه مواطناً تركياً، وكذلك الكُردي من غربي كوردستان، وأيضاً من شرقه فأيُّ دولةٍ سنبنيها لأطفالنا؟
السياسة التي تفرض على كُلّ إنسان الدفاع عن سور بيته فقط دون بيت أخيه هي سياسة فاشلة هشة قابلة للانهزام في كُلّ وقت، والوطن الذي يقف شعبه في موقف الحيرة بين الدفاع عن شرقه أو غربه حسب المنطقة الجغرافية التي تخصُّه والتي زرعتها دولة المحتل في فكره هو وطن مكسورٌ وطعنة سهلة للعدو.
كوردستان دولة واحدة لا يجوز التفرقة بين شمالها وغربها وجنوبها وإنما التفرقة جائزة في أن يفرّق الكُردي بين هويته الكردية الأصلية وجنسية المحتل المفروضة.