سوريا بين المركزية والفيدرالية

سوريا بين المركزية والفيدرالية

سوريا بين المركزية والفيدرالية
أكرم حسين
قضية نظام الحكم في سوريا هي إحدى القضايا الحامية التي ستناقش في اجتماعات اللجنة الدستورية والتي تحتاج إلى مزيد من الحوار والتوافق بين السوريين لأنها على درجة عالية من التعقيد، فلكل طرف هاجسه وخوفه المشروع، فالذين لديهم رغبة عارمة للنظام الفيدرالي يبررون رغبتهم بعدم العودة إلى عهود الاستبداد والهيمنة والإقصاء والتهميش نتيجة المركزية الشديدة والشمولية المطلقة، وقد يكون في اندفاعهم إلى هذا النمط من الحكم شيء من الاندفاعة العاطفية المتسرّعة والمحكومة بكلّ الهواجس السابقة.
أما أنصار الدولة المركزية فيبدون الخشية من أن تكون الفيدرالية مقدّمة لانفصال الجماعات القومية، وخاصة الكرد ويستحضرون ما حصل في العراق الفيدرالي الذي لم يتعافَ حتى الآن، وبقي ضعيفاً ومسرحاً لتناقضات مكوناته القومية والطائفية، وإلى ضرورة وجود دولة قوية تنهض بها مؤسسات الدولة الوطنية.
يتوافق معظم السوريين على أن السلطة السورية وطريقتها في الحكم قد شاخت، وأصبحت متعارضة مع الوقائع الجديدة للثورة السورية، وأن من يعيق اليوم عملية الانتقال السياسي وصوغ الدستور الجديد هي بعض القوى المرتبطة بإرادات جزئية إقليمية ودولية إضافة إلى مصالح هذه القوى نفسها وإصرارها على بقاء السلطة الأسدية لقاء تنازلها عن السيادة الجغرافية والوطنية.
إن ما ينشده السوريون اليوم هو دولة وطنية لكل السوريين، دولة قائمة على مبادئ الديمقراطية والحرية السياسية والعدالة الاجتماعية المتوافقة مع القانون الدولي، ومع مواثيق حقوق الإنسان. إن كل ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا في مستقبل يتّسم بالاستقرار السياسي والاقتصادي والتنمية المستدامة في إطار دولة فدرالية لامركزية يتوافق عليها السوريون بالحوار والإقناع.
الدولة الوطنية المنشودة مشروطة بالتحرر من الأجندات الاقليمية والدولية، وبنجاح الحوار بين أطياف الشعب السوري وهي ضمانة لاستقلال سوريا أرضاً وشعباً.
أخيراً يمكن القول إن شكل الحكم في سوريا أياً يكن يحتاج إلى صيغة إبداعية تناسب المقاس السوري بحيث يؤخذ بعين الاعتبار هواجس السوريين من عودة الاستبداد وضمان حقوق المكوّنات، وخاصة الكرد والتوزيع العادل للسلطة والثروة شرط ألا يؤدّي ذلك إلى تفكك الجغرافيا السورية إلى دويلات وكانتونات، وتذهب سوريا إلى المستقبل متجاوزة كل المشكلات والصعوبات التي تختزن عوامل الحرب والانفجار.