صعود الصراع التركي-الإيراني إلى السطح

صعود الصراع التركي-الإيراني إلى السطح

جنيد مجيد

نستطيع القول إن تركيا وإيران في مفترق الطرق في عدة ملفات ساخنة كالنفط والغاز والممرات التجارية والتحالفات الخارجية.
الكل يعلم أن الخطر المشترك بين تركيا وإيران هو القضية الكوردية، مع العلم أن هناك صراع تركي-إيراني قائم على مستوى حزب العمال الكوردستاني، ومع أن هناك صراعاً كبيراً بين الأتراك والإيرانيين في المنطقة إلا أن التنسيق دائم في معاداة أي نهضة كوردية.
الصراع التركي الإيراني بدأ من الحرب الأذربيجانية-الأرمينية، والتي انتصرت فيها "أذربيجان" وهزيمة أرمينيا مع إيران، ومن خلالها انتصرت تركيا لأنبوب الغاز و النفط العملاق من "باكو" عبر تركيا إلى أروبا، وهنا منطقيا قد تستغني تركيا على الغاز والنفط الإيراني، وقد يتراجع الطلب وأهمية النفط و الغاز الإيراني في العالم شيئا فشيئا إذ سيصبح الأذري هو البديل عبر تركيا…(ضربة أولى من تركيا لإيران).
لقد ورط حلف "الناتو" المخادع أرمينيا في حرب خاسرة عسكرياً مما كلف إيران توابعها اقتصادياً و أمنياً، مع العلم أن المستهدف الأكبر في هذه الحرب كان إيران، مع العلم أن إيران قدمت خدمة كبيرة لدول الناتو و فسخت كل العقود مع روسيا من أجل إبرام الاتفاق النووي مع أمريكا في حقبة "أوباما"، إلا أن الناتو لم يدعم أرمينيا و إيران بشكل جدي في حرب أذربيجان مثلما فعلت روسيا بدعم غير محدود لأذربيجان…(ضربة ثانية روسية لإيران).
زيارة "أردوغان" لكوردستان من بين الملفات المطروحة هو تصدير نفط و غاز كوردستان عبر أنبوب جيهان التركي إلى أروبا، وبهذا يتم ضرب مصالح إيران والميليشيات العراقية الولائية من جديد في العراق الاتحادي…(ضربة ثالثة تركية لإيران).
أما بخصوص زيارة "أردوغان" للعراق فإني أرى الهدف الرئيسي الخفي و المهم هو تسويق المكون السني لصالح تركيا، والتدخل التركي سياسيا بشكل علني عن طريق القوى السنية، وهذا في حد ذاته إعلان الصراع بين تركيا وإيران في العراق، واجتماع اردوغان مع القوى السنية العراقية بقيادة "محمد الحلبوسي" خير دليل على ذلك…(ضربة رابعة تركية لإيران).
تركيا تريد أن تقوي نفوذها في العمق العراقي (بعيدا عن طريقة إيران المليشياوية ولن تعيد فضيحة ونكسة التجربة السورية) وقد وجدت الوقت المناسب والمناخ الملائم لذلك وهو انخفاض شعبية الشيعة الولائية وارتفاع الصوت السني مجدد (وقفات الحلبوسي المكوكية كمثال بسيط) .
عندما توصلت تركيا إلى حقيقة مفادها أن طريق حرير "حيفا" الرئيسي لن يمر منها، بدأت تبحث على طرق أخرى لإنعاش الاقتصاد وعدم عزل نفسها مما كلفها حدوث شروخ وصراعات مع إيران.
الصراع التركي الإيراني هو صراع تاريخي، حتى إن لم يكن علنيا فإنه قائم وموجود…إسرائيل وروسيا من ضربت الأتراك بالإيرانيين والعكس صحيح والوقت مقبل على تصعيد بين الطرفين.

‏حماس إلى أين؟
حركة حماس هي مرتزقة وتعمل لمن يدفع لها، ولكي نفهم لابد أن نحلل جيدا نسبة النفوذ المسيطر داخل تنظيم حماس سواء بين قطر وتركيا وإيران.
حسب النفوذ والواقع فإن إيران هي المسيطرة على حركة حماس، واستقبالها في أي دولة أخرى لابد من موافقة ومراعاة مصالح وأهداف إيران وليس أي دولة أخرى.
إيران تدرك أن كل من يحتوي حماس على أرضه سيخسر سياسيا وديبلوماسياً وسيؤجج الصراع عليه سواء الداخلي والخارجي، فوجود حماس في أي دولة مستهدفة من قبل إيران سيسهل الأمر في تمرير المشروع الإيراني شعبيا وسياسياً…
إيران تستخدم حماس حسب الهدف ولكن لم تستقبلها أبدا على أرضها…
قطر تريد التخلص من حماس، وتركيا ليست غبية لتعقد مشاكلها أكثر مع العالم لاستقبال حماس على أرضها، ولا أرى أن إيران بحاجة لحماس في العراق وذلك بوجود المليشيات الولائية، وكذلك في اليمن بوجود مليشيا الحوثي…
حسب رأيي ومعرفتي بالعقلية الإيرانية أرى أن المكان المناسب لحماس حسب المصالح والأهداف الإيرانية هي الجزائر، مع العلم أن فئة من الشعب المستعرب الجزائري لا يختلف تربية وتكوينا وعقلية وتأسلما عن أنصار حماس، فوجود حماس على الأراضي الجزائرية سيقوي النفوذ الشعبي والسياسي الإيراني، سيؤجج أكثر الصراع بين الجزائر وموريتانيا والمغرب في الصحراء الغربية، كما ستصبح شماعة سياسية وبؤرة خلق الفتن والصراعات بين كل الدول كليبيا وتونس وغيرها.