منطقة الشرق الأوسط وولاية ترامب الجديدة.. وأمل إنهاء الصراعات والأزمات

منطقة الشرق الأوسط وولاية ترامب الجديدة.. وأمل إنهاء الصراعات والأزمات

عزالدين ملا

تتوجه أنظار العالم ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص نحو الانتخابات الأمريكية، التي ترزح على بؤرة من الأزمات والصراعات، والتي جرت في الخامس من تشرين الثاني الجاري، وفوز دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وتأمل شعوب المنطقة أن تكون الإدارة الأمريكية تجاههم أكثر تفهماً لتغيير مسار هذا الواقع المرير التي يعانون منه، وفي كافة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية إلى واقعٍ أكثر أماناً وسلاماً.

1. ما هي العوامل التي تجعل الانتخابات الأمريكية التي جرت في الخامس من تشرين الثاني محط أنظار العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط؟ وما هي الأزمات والصراعات الرئيسية في الشرق الأوسط التي تؤثر على توجهات السياسة الأمريكية؟ وكيف تؤثر السياسة الداخلية الأمريكية على اتخاذ قراراتها في المنطقة؟
2. كيف يمكن للرئيس الأمريكي الجديد دولاند ترامب، أن يغيّر من سياسة بلاده تجاه منطقة الشرق الأوسط؟ وهل هناك إشارات واضحة إلى أن الرئيس ترامب سيعتمد سياسة أكثر صرامة في تعامله مع دول المنطقة؟ وما هي الأدوات التي يمكن أن يستخدمها الرئيس الأمريكي لتطبيق سياسة أكثر حزماً في الشرق الأوسط؟
3. ما هي التحديات التي تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الشرق الأوسط في ظل الصراعات المستمرة في المنطقة؟ وكيف يمكن للسياسة الأمريكية أن تؤثّر على الحلول المقترحة للأزمات مثل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، الحرب في سوريا، أو الأوضاع في اليمن؟ وهل هناك توقعات بتغيير في الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في مناطق مثل العراق أو سوريا؟
4. إلى أي مدى يمكن أن يكون انتخاب دولاند ترامب رئيساً لأمريكا، مؤشراً على تغييرات جوهرية في مسار العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط؟ وكيف ستؤثر ولاية ترامب على شكل التحالفات الدولية الأمريكية في المنطقة؟

ترامب والاجتهاد في تطوير السياسة المرسومة وليس التغيير
تحدث المستشار الإعلامي لمكتب الرئيس مسعود بارزاني، الكاتب والإعلامي كفاح محمود لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «لا شك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أصبح العالم ذي قطب واحد، حيث تفتت القطب الثاني وانهمك في صراعاته البينية ناهيك عن الاقتصادية مما منح امريكا تفرداً غالباً وهيمنة شاملة على معظم مجريات الاحداث في العالم، وتحصيل حاصل ان يكون أي نشاط أمريكي داخلي أو خارجي محط أنظار واهتمام ومتابعة العالم، حيث ترتبط المنظومة الديناميكية الدولية بهذا القطب سلباً وايجاباً.
لا أظن أن تغيير الرئيس يؤثر تأثيراً نوعياً على طبيعة العلاقات أو التعامل الأمريكي مع الاحداث، لأن الدولة الأمريكية دولة مؤسسات رصينة وقوانين صارمة ودستور لا يقبل الاجتهاد والتأويل، وسياسة ترسمها مراكز استراتيجية للدراسات والبحوث ترتبط بوزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض، ويشرّعها أو يرسمها الكونغرس الأمريكي بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)».
يتابع محمود: «أنه بإمكانه الاجتهاد في تطوير السياسة المرسومة وليس التغيير، وهناك فرق كبير بين التطوير والتغيير وهذا ما يميِّز كل إدارة أمريكية جديدة، فهي تترجم الاستراتيجية المرسوم إلى فعل على الارض دون تغيير مفصلي بل تطوير نوعي!».
يضيف محمود: «إن أهم تحدٍّ هو التغول الإيراني في المنطقة وهو للأسف مكرر، حيث سبق لأمريكا دعم ورعاية النظام العراقي السابق مما شجعه على غزو الكويت وقبلها القيام بأبشع جريمة في التاريخ المعاصر في كارثتي حلبجة والأنفال، وهذا ما حصل مع إيران أيضاً فقد تسببت الرعاية الأمريكية وغضّ النظر إلى تحوّلها إلى ما كان يفعله شاه إيران كشرطي للخليج، والنظام الحالي يطمح بإنشاء مجال حيوي لإمبراطورية دينية على النمط الالماني في بدايات القرن الماضي!.
في النهاية لن تكرر أمريكا سيناريو احتلال العراق لكنها ستدمر الأذرع الخارجية وتمزق المجال الحيوي كما مزقته في المانيا واليابان!
وجود أمريكا في الشرق الاوسط لسببين لا ثالث لهما حماية اسرائيل والتصدي للتمدد الروسي!».
يختم محمود: «إنه لا يعتقد أن ولاية ترامب ستحدث تغييراً جوهرياً بل ستعمل على تطوير البرنامج الأمريكي والسياسة المتبعة بأسلوب أكثر سرعة وديناميكية، ويشمل ذلك تطوير العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية خاصة وإنْ الصين اصبحت رقما اقتصاديا مؤرقا للأمريكان وللروس ايضا!».

دونالد ترامب لديه أدوات ووسائل وخطط متعددة في حل واحتواء القضايا في المنطقة
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، حسن رمزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «دونالد ترامب بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة الأمريكية، الدولة العظمى وصاحبة أكبر احتياطي النفط والطاقة والخزينة المالية والتي من خلالها تسيطر على الأسواق العالمية والعملية التجارية في العالم من خلال عملتها القوية /دولار/ التي تعدّ العملة الرئيسية في التداول التجاري العالمي، وفي البورصات والبنوك المركزية للدول، بسبب اقتصادها القوي.
فوز الرئيس ترامب في الخامس من تشرين الثاني الجاري اختلاف وتغيير في الرؤية والسياسة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في التعامل والممارسة مع الملفات والصراعات الموجودة في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، حيث أكد بعض المحللين والمتابعين للشأن الأمريكي ان الرئيس ترامب لا يكون اعتباطيا انما يكون أكثر استراتيجيا في تعامله مع الملفات والمسائل المعقدة التي تواجهه في ولايته الثانية بعد الاستفادة من تجربته الأولى اثناء تسنمه الحكم في أمريكا. ويولي اهتمام أوسع للسياسة الخارجية في حل النازعات والملفات العالقة في العالم.
صحيح انه رجل اقتصادي ويتعامل مع القضايا بعقلية تجارية لكن هناك قضايا وملفات مهمة تواجهه وبحاجة إلى الحل السياسي والدبلوماسي والتي جرت وحصلت في عهد الرئيس بايدن /تسليم أفغانستان إلى حركة طالبان، الحرب الروسية الاوكرانية وتأثيرها على الطاقة والأمن الغذائي العالمي، الحرب الداخلية في السودان، الازمة السورية، حرب إسرائيل وحماس، الوضع في لبنان والعراق واليمن، الملف النووي الايراني/ كل هذه الملفات تعتبر مسارات شائكة ومعقدة على طاولة الرئيس ترامب».
يتابع رمزي: «انه من المعلوم لدى شعوب المنطقة اتباع الإدارة الامريكية سياسة ضبابية وغامضة مع الأزمات والصراعات الرئيسية في منطقة الشرق الاوسط، وما يتأمل من الإدارة الجديدة في ظل الحكم الجمهوري حل الأزمات والصراعات والقضايا المزمنة ونصرة الشعوب والمكونات المضطهدة والمحرومة من حقوقه المشروعة وفق خارطة طريق واضحة المعالم وبما يتناسب مع القرارات والمواثيق الدولية ولائحة حقوق الإنسان، لا إدارة وترحيل الأزمات وتركها بدون حل ساسي ناجع، وابقائها ملتهبة ومخلّفة وراءها الحروب الويلات». يشير رمزي: «إلى أن أمريكا دولة مؤسساتية لها مراكز استراتيجية لصناعة القرار في إدارة الدولة داخلياً وخارجياً وبما يخدم مصلحة المواطن الأمريكي اقتصاديا وسياسيا، وايضا هناك دور واسلوب التعامل لكل رئيس وفق صلاحياته مع الملفات التي تواجهه خلال مرحلة إدارته في الحكم. للرئيس ترامب سياسة مغايرة في إطار حل الأزمات في الشرق الأوسط، وهذا سيتبين بوضوح أكثر خلال تشكيلة فريقه ومستشاريه. هل سيكونون من الصقور والمتشددين؟ أم من الوسط والمعتدلين المتسمين بحكمة سياسية لحل المشكلات؟
يضيف رمزي: «إن منطقة الشرق الأوسط غنية بالموارد الطبيعية والباطنية ومركز لاستقطاب الدول الكبرى وفي مقدمتهم أمريكا، لذلك تعطي أمريكا الاهتمام الواسع لمنطقة الشرق الأوسط للاستفادة من خيراتها، وطاقتها ومواردها وسوق لتصريف بضائعها، وطريق التنمية لإمداد العالم بالطاقة والغاز وبناء اقتصاد أمريكي قوي في العالم، وباستطاعة الادارة الأمريكية الجديدة مواجهة التحديات المعقدة باتباع سياسة جادة في حل الأزمات والنزاعات الإقليمية، النزاع الفلسطيني الاسرائيلي من خلال تطبيق القرار الاممي بحل الدولتين، والقضية الكوردية، وإنهاء دور المنظمات الإرهابية، والحروب بالوكالة، ولجم نفوذ إيران عبر أذرعه، والتدخل في مفاصل الدول كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن. يتوقع المراقبون تغيراً في أسلوب وسياسة الرئيس دونالد ترامب وطريقة تعاطيه مع الصراعات، والنزاعات الحاصلة في المنطقة بمنهجية واستراتيجية، واستخدام السياسة في التعامل وإجراء عقوبات اقتصادية صارمة خصوصا مع إيران وأدواتها في المنطقة، وعدم إعطاء المجال للأحزاب الإسلامية والمنظمات الراديكالية في الانتعاش مرة أخرى، ومواجهة مليشيات الحوثي بضربات قاسية لكونهم يهددون الملاحة البحرية في البحر الأحمر الذي يعتبر الشريان الأساسي للتجارة العالمية، وعدم ترك منطقة الشرق الأوسط لأقطاب أخرى، كالصين مثلا، لكونها منطقة حيوية واستراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها».
يردف رمزي: «إن الرئيس ترامب استفاد من تجربته السابقة حول كيفية التعامل مع النزعات والصراعات والقضايا الموجودة، كما يمكن الاستفادة من تعاطي إدارة الرئيس بايدن مع الأزمات والتطورات في المنطقة، وعدم إعطاء الأهمية في السياسة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط وابقاء كافة الملفات على حالها دون حل سياسي مناسب، وبإمكان ترامب استكمال عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية للحفاظ على أمن وسلامة المنطقة وانهاء دور الارهاب وحكم المليشيات والنفوذ الإيراني على الدول العربية تمهيدا لفتح طريق التنمية لربط الشرق الأوسط مع اوروبا والعالم لقطع الطريق امام التنين الصيني من خلال طريق الحرير. خلاصة القول، يكون ترامب حيث يكون أمريكا، أمريكا اولا سياسيا اقتصاديا».

ترامب والدبلوماسية الناعمة المدعومة بالقوة الاقتصادية والضغط السياسي
تحدث الكاتب والأديب، إبراهيم اليوسف لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تعتبر الانتخابات الأمريكية حدثاً عالمياً تتجه إليه أنظار العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، لأسباب عدة تتعلق بتأثير الولايات المتحدة الأمريكية الكبير على مجريات السياسة الدولية، وحجم نفوذها في القضايا الإقليمية. تشهد منطقة الشرق الأوسط سلسلة من الأزمات المتواصلة التي تجعل من واشنطن لاعباً أساسياً فيها، ومنها إسرائيل والقضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والتوترات في العراق، وأزمة الملف النووي الإيراني، وحالة عدم الاستقرار في اليمن. كل من هذه الصراعات يؤثر على نحو مباشر على مواقف الإدارة الأمريكية، كونها تتصل بقضايا استراتيجية وأمنية تطال المصالح الأمريكية مباشرة أو غير مباشرة، وتنعكس على علاقاتها مع حلفائها وأعدائها في المنطقة.
السياسة الداخلية الأمريكية، من جهتها، تؤدّي دوراً حيوياً في رسم القرارات التي تتخذها الإدارة تجاه الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، الضغوط السياسية من الكونغرس، والمصالح الاقتصادية للشركات الأمريكية، وتوجهات الرأي العام، قد تشكل عوامل حاسمة في صياغة السياسة الخارجية. كما تؤثر القضايا الاقتصادية إلى حد بعيد على قرارات واشنطن، حيث تسعى إلى حماية استثماراتها وأمنها الطاقوي، لاسيما فيما يتعلق بالنفط والغاز. ومن ثم، فإن الاهتمام العالمي بنتائج الانتخابات الأمريكية نابع من تأثير هذه السياسات على مستقبل المنطقة التي تشكل محوراً للصراعات والتجاذبات الدولية».
يتابع اليوسف: «سياسة ترامب في الشرق الأوسط حملت ملامح مختلفة، وركّزت على الخطاب الحازم والواقعي، ما قد يدفعه إلى اعتماد سياسة أشد صرامة تجاه بعض دول المنطقة، خاصة تلك التي تتعارض مع الأهداف الأمريكية. خلال حملته، وعد ترامب بموقف أكثر تشدداً إزاء إيران، وبالتزام أكبر بأمن إسرائيل، ما يشير إلى أن سياسته قد تتخذ منحىً واضحاً في تعزيز الحلفاء وتطبيق ضغوط مباشرة على الخصوم.
أدوات ترامب لتحقيق هذه السياسة قد تتراوح بين فرض عقوبات اقتصادية قوية، ودعم استراتيجيات دبلوماسية تعزز التحالفات الإقليمية، وتوسيع النفوذ الأمريكي عبر شراكات عسكرية وتوسيع القواعد العسكرية في الخليج العربي أو العراق. ومن الأدوات الأخرى التي قد يعتمد عليها ترامب، الدبلوماسية الناعمة المدعومة بالقوة الاقتصادية والضغط السياسي، والتي تُستخدم لإحداث تغييرات في موقف الدول من القضايا الإقليمية. ومن جهة أخرى، يتوقع أن يعتمد ترامب على توسيع الاستثمارات الأمنية والصفقات الاقتصادية مع دول الخليج لتعزيز الوجود الأمريكي وتأمين الاستقرار الذي يخدم المصالح المشتركة، بينما يتخذ مواقف صارمة تجاه خصوم الولايات المتحدة، بهدف حماية مصالح بلاده وجعلها في صدارة الأولويات».
يضيف اليوسف: «ان الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب تواجه جملة من التحديات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، بدءاً من الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تقف الولايات المتحدة أمام تحديات جديدة تتطلب توافقات إقليمية وحلولاً تضمن السلام والاستقرار. قد تميل إدارة ترامب إلى تبني سياسات دعم أكبر لإسرائيل، مما سيجعل الحلول التفاوضية أقل احتمالاً، ويزيد التوترات في المنطقة.
الحرب السورية تُعد تحدياً صعباً آخر، حيث تشترك فيها قوى دولية وإقليمية، وتتداخل فيها المصالح الأمريكية والروسية والإيرانية. من المتوقع أن تكون سياسة ترامب أكثر ميلاً لدعم الحلفاء المحليين في سوريا، بما في ذلك الكورد في كوردستان سوريا، في محاولة لتحقيق أهداف ضد الإرهاب والحد من النفوذ الإيراني. ومع ذلك، يبقى التوازن المطلوب بين دعم الحلفاء وضمان عدم تصاعد التوتر مع تركيا أحد أبرز الصعوبات.
يشير اليوسف: «إن انتخاب ترامب قد يحمل مؤشرات على حدوث تغييرات عميقة في العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط، إذ إن توجهاته تميل إلى بناء تحالفات قوية مع الحلفاء التقليديين، مثل إسرائيل وبعض دول الخليج، بينما يعتمد أسلوباً أكثر حدة تجاه دول مثل إيران. هذه السياسة قد تؤدي إلى استقطاب حاد في المنطقة، حيث تصبح التحالفات أكثر وضوحاً بين قوى تدعم الأجندة الأمريكية وأخرى تعارضها.
كما يمكن أن نرى تحولاً في علاقات واشنطن مع تركيا، التي تُعدُّ شريكاً استراتيجياً في حلف الناتو. إلا أن العلاقة بين الطرفين قد تكون قابلة للتأزم في ظل تقارب تركيا مع روسيا، واعتبارها "بعض" الكورد في كوردستان سوريا تهديداً لأمنها القومي. من المتوقع أن يعيد ترامب تقييم شكل التعاون مع أنقرة بشكل يتماشى مع أولويات أمريكا فيما تسميه تركيا "محاربة الإرهاب" وهو في الأصل محاربة الكورد، والحد من النفوذ الإيراني الذي تركز عليه أمريكا. وكما تسعى إدارة ترامب إلى بناء تحالفات دولية تخدم مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط، وربما تسعى إلى إقامة شراكات جديدة تخدم أهدافها دون التورط المباشر في صراعات داخلية. كما قد يكون هناك توجه لتقليص الالتزامات العسكرية المباشرة مقابل تعزيز أشكال أخرى من الدعم، سواء عبر العقوبات أو الدبلوماسية القوية، بهدف تحقيق توازن طويل الأمد في المنطقة».

سياسة ترامب يعطي شعوب المنطقة بصيص أمل لإنهاء هذه الحروب والمآسي
تحدث الناشط السياسي، أكرم عبدالرحمن لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «حازت الانتخابات الأمريكية التي جرت في الخامس من شهر تشرين الثاني ٢٠٢٤ على القدر الأكبر من الاهتمام والمتابعة في الأوساط الدولية عامة والشرق أوسطية خاصة، وذلك لما لها من تأثير كبير على السياسات داخل المنطقة الأكثر التهابا في العالم وهي الشرق الأوسط. بالطبع يأتي هذا الاهتمام الكبير بالانتخابات الأمريكية لعوامل عديدة أهمها الأزمة الاقتصادية العالمية والحرب الروسية الأوكرانية والحرب على التنظيمات الإرهابية المتطرفة والحرب الإسرائيلية على حماس وحزب الله اللبناني وأذرع إيران في المنطقة. حيث أن وصول ترامب والحزب الجمهوري لسدة الحكم في البيت الأبيض يعطي شعوب المنطقة بصيص أمل لإنهاء هذه الحروب والمآسي وعودة السلام إلى المنطقة، وخاصة أن الصراعات في الشرق الأوسط تؤثر بشكل مباشر على السياسة الأمريكية والتي تلعب الدور الأبرز والأساسي في إنهاء الحروب والصراعات أو استدامتها».
يتوقع عبدالرحمن: «أن تتغير السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط إلى حدّ ما بعد فوز دونالد ترامب بدورة انتخابية ثانية، وخاصة أنه أكد مرارا خلال حملته الانتخابية بأنه سينهي الحرب في اوكرانيا وأنه سيمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، وما يشير إلى أن هناك تغييرات قادمة في السياسة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، تظهر جلية في مواقف إسرائيل التي ترى فيه حليفا قويا للدفاع عنها في صراعها مع إيران واذرعها وكذلك في مواقف تركيا اتجاه المناطق الكوردية في سوريا، ومن المتوقع أن يكون ترامب في دورته الجديدة أكثر صرامة في تنفيذ وعوده لحلفائه وخاصة أن الحزب الجمهوري يسيطر على مجلس النواب ومجلس الشيوخ وان الجيش الأمريكي منتشر بكثافة في المنطقة بعد التهديدات الإيرانية لإسرائيل».
يرى عبدالرحمن: «ان الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب أمامها طريق طويل وشائك لإحلال السلام في الشرق الأوسط بسبب الحروب والصراعات والنزاعات في الكثير من الدول كالسودان وليبيا واليمن ولبنان وسوريا وأكثرها تعقيداً أزمة السلاح النووي الإيراني، ولكن القوة العسكرية التي تمتلكها إدارة ترامب تجعلها أكثر قدرة على حل هذه النزاعات والحروب سواء بين إسرائيل وحماس بتسليم غزة للسلطة الفلسطينية بعد القضاء على حماس وإيقاف الحرب في لبنان بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية، كذلك إيجاد حلول في سوريا بإخراج الميليشيات المسلحة الإيرانية وإعطاء حقوق للقوميات وخاصة الكورد ببناء دولة فيدرالية تعددية، وعلى الرغم من أن هناك مخاوف لدى حلفاء أمريكا من أن تسحب قواتها من سوريا والعراق إلا أن الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أن وجودها العسكري في الشرق الأوسط ضرورة ملحة للحفاظ على الإستقرار ولتجنب عودة التنظيمات الإرهابية المتطرفة وكذلك للحفاظ على أمن حلفاءها».
يشير عبدالرحمن: «أن الإدارة الديمقراطية أثرت على علاقة أمريكا بحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن هذه الدول ترى في وصول ترامب والحزب الجمهوري للحكم أملاً بعودة علاقاتها الى سالف عهدها واخص بالذكر هنا إسرائيل ودول الخليج العربي، في حين أن دولا وتنظيمات وميليشيات في المنطقة تشعر بأن إدارة ترامب ستكون كابوسا يهدد وجودهم وفي مقدمتهم إيران واذرعها، لذلك ستظهر تحالفات جديدة وهذا ما نراه جليا في التحالف الإيراني الروسي الصيني والجولات التي تقوم بها الخارجية الإيرانية في المنطقة».