مسرحية حريق سينما عامودا (شهرزاد)
تأليف: عبدالحميد جمو
الزمان: ستينات القرن الماضي في أحد الصباحات الشتائية
الحدث: حريق هائل في دار للسينما
(المكان: إحدى المدن الكوردية (عامودا
الديكور: بيت طيني قديم مغطى بـ "مشمع" قابل للاشتعال بجانبه بئر ماء (فتحة واسعة) ودكاكين طينية. شارع غير مرصف
على الجانب الثاني مقهى صغير كراسٍ صغيرة وطاولات خش
المشهد الأول
رجال يجلسون في المقهى يلعبون الداما (لعبة شبيهة بالشطرنج). يحتسون بعض المشروبات الساخنة، ويتحدثون بحذر في حضرة الآغا (من الأعيان)
حركة غير اعتيادية في الشارع، الناس تهرول باتجاه دار سينما شهرزاد
صرخات عويل دخان كثيف رائحة غير معتادة- ألسنة النار
يدخل رجل يصرخ: السينما تحترق! السينما تحترق! أطفالنا في الداخل
يقف جميع من في المقهى (في صمت رهيب) ثم يتراكضون نحو مكان الحدث
محمد آغا: (يصيح) لا عشت إن لم أنقذهم
يقف رجل ويصيح آغا محمد ابنك ليس بينهم
يرد الآغا كل أبناء عامودا أبنائي
يدخل إلى السينما المحترقة يخرج ومعه طفلان
يعود مرة ثانية ولا يخرج، الجميع يصيح (خالة فريدة جنت) الرجال يقولون:
امنعوا تلك المجنونة لقد فضحتنا. إنها امرأة. إنها عورة، فريدة تستمر في الإصرار على اقتحام الصالة أربع مرات وهي تنتشل الأطفال
رجل: فريدة المجنونة يكفي! عودي وتستري ولداك ماتا
فريدة: أبناء عامودا جميعهم أبنائي لا فرق عندي بينهم . تقتحم النيران مرة أخرى
رجل(متصنع ) يقف وحيداً خلف الجميع ( يشمر عن ساعده ويصرخ: اتركوني سأدخل أنا سأطفىء النار سأنقذ الأطفال، لا أحد يعيره اهتماما ولا هو يحرك ساكناً.
رجل آخر: فريدة يكفي أنت امرأة.. الآغا دخل السينما- سينقذ الأطفال
فريدة: أنتم ادخلوا.. الآغا محاصر بالنيران أنقذوه، سقط فوقه عمود حديدي وهو يصارع الموت. حاولت مساعدته لكني لم أستطع
الرجال بصوت واحد: (الآغا: ههههه: لقد فقدت فريدة عقلها كيف يموت الآغا إنه بطل وسيد الرجال
تدخل فريدة وتخرج ومعها أطفال.. الآغا مات جسده يحترق. نعم رأيته رغم عدم وضوح الرؤية والدخان الكثيف والوهج. ادخلوا إن كنتم رجالاً (الجميع يتراجع)
تعود فريدة وتخرج مع أطفال عليهم آثار الحروق
تقول بصوت باك لم أستطع إنقاذ أبنائي كلهم
إحدى النسوة: عوضك الله، قلبنا معك أختي، انقدت الكثير من الأطفال ولكن القدر شاء ألا تعثري على أبنائك
فريدة: لم أقصد.. محمد وأحمد ما أقصده أني فشلت في إنقاذ الأطفال الآخرين فالجميع أبنائي
تحتضنها المرأة- يبكيان
امرأة أخرى: هذه هي فريدة هذه إحدى أمهات الكورد. نعم إنها امرأة ولكنها بألف رجل. لقد سطرت ملحمة بطولية. عجزتم أنتم يا معاشر الرجال عن فعلها، رغم إنها فقدت ابنها أحمد شهيداً. وابنها الآخر محمد التهمت النار نصف جسده. ولا تزال متماسكة صامدة. صارعت النيران، وأنقذت أطفالكم. وتقولون عنها عورة. ومجنونة. إنها بألف رجل. تستحق أن تلقب بأم الشهداء، وأم أبناء عامودا...
رجل مسن تبلل الدموع لحيته البيضاء: مكتوب على الشعب الكوردي أن يدفع الثمن. ثمن كل ما يحدث في العالم. أي حدث يقع لا بد أن يكون الكوردي ضحية. بالأمس القريب فرقتنا الفتن وانقسمنا إلى محمودكيين وعتمانكيين. وبعدها ارتكبت الفاشية التركية المجازر بحق الأرمن ونسبتها إلى الكورد، لتخلق العداوة بين أبناء العمومة، ليتحامل العالم أجمع ويحقد على الكورد، واليوم ندفع أطفالنا ثمناً للثورة الجزائرية. جزائر التي عقدت فيها اتفاقية الخيانة. نحن الكورد كبش فداء لكل ما يحدث من منازعات ومؤامرات ودسائس
نعم إنهم يبنون انتصاراتهم على جماجمنا
ومهما حدث فإن الأمة الكوردية باقية. ما دامت أمهاتنا تلدن أبطالاً وبطلات من أمثال الأم فريدة. امرأة كسرت القيود، وكفرت بالتقاليد. سطرت بطولة كشفت عن رأسها، واقتحمت النار، وأنقذت الأطفال من دون تفريق. نعم. إنها بألف رجل. فريدة علي ام شهداء عامودا. وأم أبناء عامودا