الحركة الكوردية في كوردستان سوريا.. هل تنهض من جديد بعد خيبات عديدة؟!

الحركة الكوردية في كوردستان سوريا.. هل تنهض من جديد بعد خيبات عديدة؟!

عزالدين ملا

قريبا سيحتفل الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، بمرور 67 عاماً على تأسيسه، حيث تأسس يوم 14 حزيران عام 1957على أيدي مجموعة من المثقفين والمتنوّرين الكورد، ترأس الحزب الدكتور نورالدين ظاظا، تعرّض الحزب خلال تاريخه الطويل إلى الكثير من الاضطهاد والتنكيل من قبل نظام البعث من الملاحقة والاعتقال والتعذيب، ورغم ذلك كانت هناك محطات مهمة للحزب من الوقوف في وجه الحزام العربي والإحصاء الجائر.
إلى جانب ذلك تعرّض الحزب إلى الانشقاقات والتشرذمات حتى باتت اليوم تسلسلات لأسماء أحزاب لا هيكل لها ولا قاعدة، ولا حتى برنامج سياسي، بل أحزاب وهمية أصبحت وبالاً على وحدة الصف والموقف والهدف الكوردي.
1- ما أهمية تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا في تلك المرحلة؟ كيف توضّح المرحلة والظروف التي تأسست فيها الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1957؟ وهل هناك سبب لتأسيس الحزب في هذه الفترة؟
2- حسب متابعتك لمراحل الحركة الكوردية، كيف تحلّل تأثير الحركة السياسية الكوردية على الوعي الجماهيري الثقافي السياسي الكوردي؟
3- ما أهم مراحل الحركة الكوردية؟ مع ذكر بعض هذه المراحل التي شكّلت تحولاً في مجرى التاريخ الكوردي في سوريا؟
4- ما هي أسباب تشرذم الحركة الكوردية خلال تاريخها الطويل، وبالأخص خلال الأزمة السورية؟
5- برأيك، ما المطلوب من الحركة السياسية الكوردية للخروج من أزمة تشرذمها، ومن أين تبدأ لـلملمة جراحاتها وإعادة تضميدها؟

بلورة مشروع كوردي وخلق خطاب سياسي كوردي مشترك
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد صالح شلال لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «للحديث عن تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، لا بد لنا نسترجع المرحلة التي سبقت تأسيسه، ونتحدّث عن جذور القضية الكوردية في سوريا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى إعلان استقلال الدولة السورية ونهاية الانتداب الفرنسي. كما هو معلوم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الإمبراطورية العثمانية تم رسم حدود جديدة على أسس قومية إثر عقد مؤتمر الصلح في باريس عام ١٩١٩، والذي كان يهدف إلى تقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية وألمانيا اللتين خسرتا الحرب مقابل الحلفاء، فكان لبريطانيا وفرنسا الدور الرئيسي في رسم الخارطة الجديدة للمنطقة، وكانت قد وعدت الكورد وغيرهم من شعوب المنطقة بإقرار حقهم في تقرير مصيرهم. وقد شارك الكورد بوفد غير رسمي بقيادة شريف باشا في مؤتمر الصلح، وحاول بالتعاون مع الوفد الأرمني إقناع كل من بريطانيا وفرنسا للاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية.
تمخّض عن هذا المؤتمر عام ١٩٢٠ معاهدة سيفر وقد خُصص القسم الثالث من الباب الثالث من المعاهدة لمعالجة القضية الكوردية، والتي أشارت صراحة في المواد ٦٢، ٦٣، ٦٤ إلى إنشاء دولة كوردية مستقلة في المناطق ذات الأغلبية الكوردية في تركيا يمكن أن تضم أيضاً الكورد في ولاية الموصل، فيما بعد ولأسباب عديدة تم التنصُّل من ذلك، وفي عام ١٩٢٣ تم توقيع اتفاقية لوزان بين مؤسس الدولة التركية كمال أتاتورك ودول التحالف التي لم تشأ الدخول في حرب جديدة بعد الحرب العالمية الأولى، واعتبرت معاهدة لوزان الضربة القاصمة للكورد، فقد نصت هذه المعاهدة على تقسيم تركة العثمانيين ورسم حدود الدولة التركية مع سوريا والعراق، وتم إجهاض الحلم الكوردي. وهكذا فقد قُسمت جغرافية كوردستان للمرة الثانية، وهذه المرة إلى أربعة أقسام بين كل من إيران، تركيا، العراق وسوريا، وانتهجت انظمة تلك الدول النهج القومي في إذابة الهوية والثقافة الكوردية».
يتابع شلال: «في زمن الانتداب الفرنسي لسوريا كان هناك فسحة من الحرية استغلها النشطاء والمثقفون الكورد الذين تجمعوا في دمشق لتأسيس بعض النوادي والجمعيات التي كانت تهتم بالشأن الكوردي وتنمي الشعور القومي لديهم، وعلى سبيل المثال في عام ١٩٢٨ تم تقديم مذكرة للحكومة الفرنسية من قبل بعض رؤساء عشائر الكورد تطالب باستعمال اللغة الكوردية إلى جانب اللغات الأخرى في مناطق الكورد، كما تم عقد مؤتمر في الجزيرة عام ١٩٣٨ للعشائر الكوردية برئاسة حاجو آغا، ناشد الفرنسيين بمنح الحكم الذاتي للكورد وتم الموافقة على ذلك من قبل الفرنسيين عام ١٩٣٩، ولكنه تلاشى بُعد خروج الفرنسيين من سوريا».
يضيف شلال: «بعد خروج الفرنسيين من سوريا وإنهاء الانتداب وإعلان استقلال سوريا بشكل رسمي ارتبط مصير الكورد بالدولة السورية، لكنهم كانوا يصرّون على المطالبة بحقوقهم القومية والمحافظة على هويتهم الثقافية والاجتماعية، ففي عام ١٩٤٨ قدمت لجنة من أعيان الكورد عريضة إلى الحكومة السورية يطالبون فيها جعل اللغة الكوردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في المناطق الكوردية، والمطالبة بتعيين وزراء كورد في مناطقهم، لكن رئيس الجمهورية آنذاك شكري القوتلي كان قد رفع علم الوحدة العربية على دار الحكومة بعد الاستقلال معلناً بذلك تبنيه لفكر القومي العربي دون إبداء أي تعاطف أو اهتمام بالشعوب الأخرى الموجودة على جغرافية الدولة الفتية، بل تعدت ذلك إلى العمل على إغلاق الجمعيات والنوادي والصحف والمطبوعات الكوردية التي رُخصت في زمن الانتداب، وذلك بموجب قرار أصدره صبري العسلي وزير الداخلية في زمن حكومة سعد الجابري. كل ما سبق بالإضافة إلى نهوض الفكر القومي الكوردي في الأجزاء الأخرى من قيام دولة كوردستان في مهاباد والانتفاضات والثورات الكورد في كل من كوردستان العراق وتركيا هيأت الأرضية لتأسيس أول حزب كوردي في سوريا باسم الحزب الديمقراطي الكوردي في ١٤ حزيران من عام ١٩٥٧ على يد مجموعة من المثقفين الكورد».
يردف شلال: «من هنا جاء أهمية تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردي، في مرحلة كان الشعب الكوردي متعطشاً لتحقيق أمانيه كغيره من شعوب المنطقة والذي لا يقل عنهم بشيء، لذلك استطاع البارتي خلال فترة وجيزة من تأسيسه أن يستقطب جماهير واسعة ومن جميع شرائح المجتمع الكوردي وفي جميع المناطق من الجزيرة وكوباني إلى عفرين كما في حلب ودمشق، ثم توالت عليه طلبات الانضمام من قبل المجموعات الثقافية والسياسية التي تأسست قبل إعلان البارتي كاتحاد الديمقراطيين لشباب الكورد الذي كان يطالب بتوحيد الكورد وكوردستان، وفيما بعد انضمت حركة الحرية التي انشق أعضاؤها من الحزب الشيوعي السوري، من بينهم الشاعر الكوردي جكرخوين. في بداية تأسيسه كان الحزب الوليد يطالب بحق الكورد في العيش المشترك والحفاظ على خصوصيتهم الثقافية والاجتماعية والمطالبة بالحقوق السياسية داخل الدولة السورية في مناطق الكورد (الجزيرة، كوباني، عفرين) والوقوف إلى جانب الكورد في كل من تركيا والعراق وإيران. والعامل الأهم في اتساع القاعدة الجماهيرية للحزب كان توجهه القومي وعدم الفرق بين شرائح المجتمع الكوردي، فكان يناضل تحت مظلته المثقفون، العمال، الفلاحون، الملاكون وصغار الكسبة والمتدينون وغيرهم. وفي عام ١٩٥٩ تم تعديل اسم الحزب إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا وتم تغيير برنامج الحزب ليطالب بتحرير وتوحيد كوردستان.
وقد أيّد الحزب الوحدة السورية المصرية التي استبشر منها خيراً، لأن جمال عبد الناصر كان إيجابياً في التعاطي مع القضية الكوردية وهو من استقبل الزعيم ملا مصطفى إثر عودته من الاتحاد السوفيتي السابق، وكما افتتح القسم الكوردي في إذاعة مصر عام 1959، ولكن بعد قيام الوحدة تصادم البارتي قانونياً مع صدور قانون حل الأحزاب من قِبَل حكومة الوحدة، ونتيجة ذلك وفي عام ١٩٦٠ تعرّض أعضاء البارتي لاعتقالات واسعة، بدأت بقيادة الحزب في حلب ومن ثم باقي الأعضاء وخلال بضعة أيام تم اعتقال أكثر من خمسة آلاف شخص من جميع المناطق وكان رئيس الحزب الدكتور نورالدين ظاظا من بينهم، كانت مرحلة حرجة في حياة الحزب حيث نشأ خلاف بين أعضاء القيادة أثناء الاعتقال بسبب شعار الحزب نتج عنه فيما بعد حالة انشقاق».
يشير شلال: «أنه أثناء اعتقال الدكتور نورالدين ظاظا رئيس الحزب كتب تقرير عن أسباب تأسيس الحزب بطلب من قاضي التحقيق فكتب: "إذا كنا قد أسسنا الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا، فهذا يعود إلى إنه منذ ١٩٤٩ لم تفعّل السلطات المتعاقبة شيئاً سوى إنها داست بقدميها على الديمقراطية في سوريا، وألغت الحقوق التي كان يتمتع بها الكورد تدريجياً ومنذ عام ١٩٥٥ لجأت السلطات التي تسيطر عليها البعثية الشوفينية إلى تحطيم أشرطة الكاسيت ذات الموسيقى الكوردية في مقاهي ومطاعم المناطق الكوردية، والحكم بالسجن على الكورد الذين يستحوذون الكتب الكوردية. إن وحدة مصر وسوريا التي لم يتوقع منها أن تقيم العقبات في الطريق، هذه السياسة الرامية إلى التخلف الثقافي جعلت هذه السياسة أكثر عنصرية وفاشية واستبدادية، واليوم ليس هناك ضباط كورد في الجيش ولا موظفون ذوو مستوى عال في الإدارة ولا معلمون ولا شرطة كوردية في المناطق الكوردية، لا نتجرأ أبدا التحدث بلغتنا بحرية فالمستقبل يبدو لنا مظلماً ويرغمنا على أن نتحد وهذا ما دفعنا أن نؤسس الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا"».
يتطرق شلال: «إلى ثورة أيلول التي أعلنها الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني وأثرها الإيجابي على الكورد السوريين، وكذلك أثره السلبي في تعامل النظام السوري الذي سارع إلى إجراء إحصاء استثنائي في محافظة الحسكة عام ١٩٦٢ تم بموجبه تجريد ١٢٠ ألف كوردي من الجنسية السورية أي ما يقارب ٢٠% من نسبة الكورد في سوريا ومنحها بطاقات تعرف صاحبها بالأجنبي، وكان هذا الإجراء وغيره من الإجراءات التي جرت فيما بعد في عهد سلطة البعث التي استولت على الحكم في ٨ آذار ١٩٦٣، حيث عمل على ما أسماه "مشروع الحزام العربي" في الجزيرة، وكان المشروع ينص على تهجير سكان الكورد وجعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية وتشييد مستوطنات " قرى زراعية نموذجية" ومصادرة أراضي الكورد وتوزيعها على مستوطنين عرب، تم استقدامهم في عام ١٩٧٥ وكان تعدادهم ٤ آلاف أسرة توزعت على ٤١ مستوطنة على طول الشريط الحدودي من عين ديوار شرقاً حتى سري كانييه غرباً بعمق من عشرة إلى خمسة عشر كيلو متراً، كل ذلك لطمس الهوية الكوردية وتغيير الكثافة السكانية للكورد في مناطقهم على الجغرافيا السورية. كان كل ذلك عصيباً على البارتي الذي تعرّض في تلك الفترة لحالة انقسام، وتعرضت قياداته للاعتقال مرة أخرى إثر إصدار بيان شديد اللهجة يندد بمشروع الحزام العربي السيء الصيت وموقف الكورد الرافض لهذا المشروع العنصري، وعلى أثر صدور البيان الذي نشر في جريدة "دنكي كورد" العدد ١٥ أواخر تموز ١٩٧٣، تم اعتقال دهام ميرو سكرتير الحزب مع مجموعة من قيادة حزبه بتاريخ ١ آب ١٩٧٣ وهكذا استمر البارتي في نضاله رغم كل العقبات والمصاعب».
يؤكد شلال: «ان حالة الانقسام والتشرذم في الحركة السياسية الكوردية في سوريا ليست صحية بأية حال من الأحوال وهي غير مقبولة تماماً، ولكن هناك أسباب كثيرة ذاتية وموضوعية كان لها الدور في حالة التشرذم، وكان لذلك الأثر الكبير في توجه الحركة الكوردية والنظر إلى الأزمة السورية وآفاق حلها. لذا يتطلب من الجميع العمل على مشروع كوردي خاص بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة، والبحث عن النقاط المشتركة، وخلق خطاب سياسي كوردي مشترك، والاستفادة من المتغيرات الحاصلة على الساحة، وخلق أرضية مناسبة للتكاتف والعمل المشترك من أجل الوصول إلى سوريا ديمقراطية لا مركزية تصون حقوق جميع المكونات بما فيهم الشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية».

الحركة الوطنية الكوردية السورية وتكوين مفاهيم أساسية للوعي الكوردي والكوردستاني
تحدث السياسي، عبدالرحمن آبو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تأتي ذكرى تأسيس أوّل تنظيم سياسي كوردي في سوريا وإقليم كوردستان- سوريا، ذكرى تأسيس "بارتي ديمقراطي كوردستان سوريا" في ظلّ أجواء فقدت فيها القضية الكوردية الكثير من عافيتها وثوابتها والموقف السياسي المشتت، المفترض أن يكون أمام فتح مرحلة متقدمة في تثبيت القضية الكوردية نحو كيان كوردي. نعرف تماما ماهية المراحل التكتيكية والأهداف الاستراتيجية وضرورة التلازم بينهما، ولكن فقدنا بوصلتنا السياسية، بالإضافة إلى السبب الأهم حول تشكيل المرجعية الكوردية لإقليم كوردستان سوريا والشخصية السياسية الكاريزمية الثابتة بالنسبة للقضية الكوردية كقضية أرض وشعب، هذه حالنا للأسف الشديد (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)».
يتابع آبو: «في الفاتح من صيف 1956 وبالتحديد في الخامس من حزيران اجتمعت نخبة مُتحمّسة من الشباب الكورد المثقفين في حلب بعد أن قاطعوا اجتماعاتهم ضمن صفوف الحزب الشيوعي السوري باعتبار لم يلبِّ مطلبهم القومي الكوردي، وقرّروا الانتقال إلى الحالة القومية والاجتماع دوريًا للاستشارة لبلورة رؤيا واضحة فيما بينهم في الاجتماعات المتتالية (كما ورد على لسان الدكتور خليل محمد الباقي الوحيد من المؤسسين على قيد الحياة أطال الله في عمره بالصحة والعافية لي "قررت المجموعة المكونة من (المرحوم الأستاذ رشيد حمو، الأستاذ محمد علي خوجة، والأستاذ المحامي شوكت نعسان، والدكتور خليل محمد)، إرسال الراحل رشيد حمو إلى دمشق للقاء العم الراحل أوصمان صبري لطرح الموضوع النظري عليه، وفي تشرين الأول ذهب الراحل رشيد إلى دمشق والتقى العم أوصمان وطرح عليه فكرة إنشاء حزب كوردي معني بالشؤون الكوردية السورية، تلقى العم أوصمان الفكرة بالإيجابية، وأعطى مبلغا من المال (خمسة وعشرون) ليرة سورية للراحل رشيد كما أكده لي في لقاء 2007 في منزله في قرية هوبكا- ناحية راجو، رجع الراحل رشيد إلى حلب، وباشرت المجموعة لقاءاتها على أن يكون الراحل رشيد صلة الوصل مع العم الراحل أصمان، كانت الفكرة اللبنة الأساسية لمشروع سياسي كبير لقضية كبرى"».
يضيف آبو: «في الفاتح من حزيران 14/06/1957 كان الاجتماع الأول للحزب الوليد ضم الاجتماع (الراحل العم أوصمان صبري من دمشق، والراحل عبد الحميد حج درويش من الجزيرة، والراحل حمزة نويران من الجزيرة، والراحل ملا عيسى من الجزيرة لم يحضر الاجتماع نتيجة أدائه لمناسك العمرة، والراحل رشيد حمو من عفرين، والراحل محمد علي خوجة من عفرين، والراحل شوكت حنان من عفرين، و ابن العم الدكتور خليل محمد من عفرين). كتب بيان تأسيس الحزب بخط يد ابن العم الدكتور خليل (أحتفظ بالبيان التأسيسي الذي سلمني كأمانة لي مع النظام الداخلي والبرنامج السياسي). عقد اجتماع التأسيس في منزل المرحوم محمد علي خوجة في حي الفرافرة بحلب، واعتبر الذين حضروا الاجتماع بمثابة اللجنة المركزية والراحل رشيد حمو سكرتيرا للحزب واوصمان صبري رئيسا للحزب، أعلن الحزب في البيان التأسيسي باسم (بارتي ديمقراطي كوردستان سوريا)، تحت شعار تحرير وتوحيد كوردستان، داعياً "الجماهير الكوردية إلى الانضمام والالتفاف حول الحزب».
يشير آبو: «إلى أن ولادة الحزب أتت في ظل ظروف دولية وإقليمية معقدة، ولأجل منع الأمة الكوردية من الضياع ودرئها من الأحلاف الدولية- الإقليمية التي تأتي بالضد من بقاء الأمة، ولأجل مواجهة أشرس المؤامرات التي تحاك في الغرف المظلمة كانت ولادة الحزب ". لاقت ولادة الحزب ترحيبا واسعا بدءاً من جياي كورمِنج والجزيرة وكوباني مرورا بالمدن الكبرى حلب ودمشق، وبدأت بتشكيل التنظيمات الهرمية، في صيف 1958 أرسلت اللجنة المركزية للحزب بطلب خطي إلى الدكتور نورالدين ظاظا لينضم إلى رئاسة الحزب لمكانته العلمية، بانضمام الدكتور نور الدين ظاظا تخطى الحزب ليصبح حزباً جماهيريا بكل معنى الكلمة، فكانت الحاجة الملحّة لاستقطاب الجماهير المتعطشة للعمل المنظم، ودور رئيسي في بلورة الوعي القومي الكوردي- الكوردستاني، والإيمان المطلق بالقومية الكوردية وفق مبادئ الكوردايتي».
يردف آبو: «إن ظروف تلك الأيام الشديدة التعقيد فرضت آليات جديدة بالنسبة للعمل الحزبي، وأخذت ابعادا واضحة، عملية الوحدة ببن مصر وسوريا (الجمهورية العربية المتحدة) وتسلم جمال عبد الناصر خيمت على الأجواء غيمة عجفاء!!، شهدت قيادة الحزب خلال تسلط الوحدويين التواري (محكوم) عن الأنظار، وكان الشعب الكوردي يحتضنهم بكل ترحاب، تجربة في حياة الكورد النضالية. بقي الحزب صامداً على مبادئه لحين اعتقال 83 كادرا حزبيا مع معظم القيادة في آب 1961، واشتداد يد النظام الوحدوي الحاكم عبر مكتبه الثاني، فكان الفيصل في مصير الحزب، كان السجن امتحانا حقيقيا للقيادة».
يؤكد آبو: «ان الحركة التحررية الوطنية الكوردية ساهمت بشكل فاعل في بلورة وتكوين مفاهيم أساسية للوعي الكوردي- الكوردستاني، والجدية والطوعية التامة في الانخراط التنظيمي، والعمل على احترام الكادر الحزبي، وأن الكادر الحزبي بصفاته واخلاقه وسلوكه يجب أن يكسب حب الجماهير الكوردية وتقديرها، يجب فتح الصدر لكل من يود العمل ضمن صفوف الحركة التحررية الوطنية الكوردية. وبعد انقلاب حزب البعث في سوريا 8 آذار 1963 تغيرت الموازين، وانتقل ثقل الحركة التحررية الكوردية من معقلها في حلب وجياي كورمِنج (منطقة عفرين الكوردستانية المحتلّة) الى منطقة الجزيرة الكوردستانية، تلك النقلة وما رافقتها عمليات الفك والتركيب كان لها الأثر الكبير في خارطة التوزع الحزبي. وتشظت الحركة الكوردية إلى قسمين، والقسم الأكبر من الحزبيين الوطنيين لازم البيت. تواترت الانشقاقات وتوالت، وكان لجهاز استخبارات النظام القمعي الدموي الدور الاساسي في معظم الانشقاقات. كانت الأزمة السورية الامتحان الفعلي للحركة السورية الحديثة، والكوردية العريقة، سقطت الحركة العربية الحديثة في الامتحان بشكلٍ مشين، وكذلك الكوردية تعرضت لعمليات الاغتيال! وأصبح كل قرارها بيد الدول الإقليمية، وبموافقة النظام الدموي بشكلٍ مخطط أصبحت في غرف الإنعاش في دول الجوار، وحتى بالنسبة للحالة الكوردستانية، وأن كل التنظيمات التي ولدت بعد 1975 كلها تأسست تحت إشراف المخابرات الإقليمية للدول المحتلّة والمغتصبة لكوردستان...!!!!
يختم آبو بالقول: «أنه ليس في الإمكان إجراء أي تغيير لا في شكل الحركة ولا في مضمونها طالما المعادلة الدولية والإقليمية بقيت كما هي، الأنظمة الغاصبة والمحتلّة لكوردستان ووفق الخارطة الحالية والتعامل الدولي معها هي في طور إدارة الأزمة، والتعامل الأمني وبتوجيهات مباشرة من استخباراتها تقوم بتأزيم الأزمة الكوردية، والتعويل يبقى على الجانب الدولي المشبعة بسياسة المصالح.
كما دخلت القضية الكوردية صلب المصالح الدولية وعلى المعنيين وخاصة إقليم كوردستان وقيادتها الحكيمة والمتمثل بالزعيم الرئيس مسعود بارزاني حفظه الله ورعاه الذي يعتبر أحد أعمدة التغيير في الشرق الأوسط، المبادرة وفق سياسة المصالح على أساس الكوردايتي على نهج البارزاني الخالد، والسير خطوة وراء خطوة لإيصال القضية الكوردية التي هي غرف الإنعاش إلى بر الأمان. كلّ من اتخذ نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد أمتلك شروط نجاح القضية الكوردية.
أصحاب القضية الكوردية موجودون ويعملون ليل نهار دون كلل في التواصل مع جهات القرار الدولي وفق سياسة المصالح. والموجودون الموزعون في مرحلة الفوضى مع احترامي لجلهم هم حصان طروادة ليس إلا».