الصراع في سوريا، صراع دولي وإقليمي بامتياز... وحلُّها مرتبط بالحلول الدولية المتكاملة
عزالدين ملا
يظهر من مجريات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وأسلوب الصراع الدائر بين الأطراف، أنها تتجه نحو سياسة الضغط والمقايضة، وعمليات تبادل هجمات محدودة بين إسرائيل وإيران تدخل ضمن هذه الخانة، لذلك يبدو أن المنطقة تتجه نحو ترتيب جديد لأوراق اللعب بين الدول الكبرى لإحداث تغيير جديد في السياسة الدولية خلال المرحلة القادمة.
1- كيف تحلل السياسة الدولية في المرحلة الحالية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وتجارياً؟
2- هل ترى أن كل هذه التحرّكات ستكون لمرحلة جديدة في مصلحة شعوب المنطقة؟ أما لا؟ كيف؟ ولماذا؟
3- لماذا حلول كافة القضايا الإقليمية والدولية العالقة مترابطة وليست جزئية؟
4- هل الحل السوري جزئيّ أم مترابط مع حلول قضايا إقليمية ودولية؟ كيف؟ ولماذا؟
الأزمة السورية، مشروع سياسي دولي
تحدثت عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بسة عبدي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «اللعبة السياسية الدولية في المنطقة انتقلت إلى مرحلة أكثر تطوراً وهي مرحلة المكاشفة وإزالة الستائر وظهور المصارعين الحقيقيين بشخصياتهم الحقيقية وإنهاء مرحلة الوكلاء.
الذين كانوا لفترة طويلة واجهة لإدارة الصراع والنزاع والذي كان ضحيته الشعب فقط في هذه المنطقة، حيث استهدف الصراع الدول القائمة في المنطقة، والعمل على إفراغ مضامينها وجعلها صورية وبعيدة عن مهامها الرئيسة بتأمين الحياة الكريمة للمواطن، والحفاظ على هيبة وسيادة القرار الوطني بتحويل الشعب في منطقة الصراع في كل من سوريا والعراق ولبنان إلى أطراف متصارعة تحارب وتقتل وتسرق وتخطف لتحقق الانتصار الذي في حقيقته هو الركض في دائرة مفرغة لا نهاية لها، لأن هذه المعارك أساساً قرارها ليس بيد هذه الجموع المتصارعة، وإنما بيد دول داعمة تضخ المال القذر ليضخ الدم».
تتابع عبدي: «طال أمد النزاع وانهك من خلالها البشر والحجر في هذه البلاد، عادت بنا هذه الحرب إلى اكثر من مئة عام إلى الوراء إلى بدايات القرن الواحد والعشرون، لتتوضح الصورة اكثر لتبين أسس هذه الحرب الاقتصادية، المهمة الأولى هي التدمير للانتقال إلى المستوى الآخر "التجارة، التعمير، أسواق جديدة، طرق وخرائط جديدة، بضائع جديدة" ولتحقيق ذلك استخدمت كافة الوسائل السياسية والعسكرية ليتبين للمهتم بالشأن العام أو المتتبع للأوضاع السياسية نظرياتها وأدواتها أن الغاية واحدة وهي تحقيق الربح المادي وكسب مشاريع منتجة كاستراتيجية قادمة، وتوضحت المحاور، إسرائيل تريد حسم القضية الشرق أوسطية لصالحها بإنهاء وجود جماعات مسلحة فلسطينية على حدودها مدعومة من دول إقليمية تعاديها، وتسعى إلى إثارة الصراع معها، وبالتالي منعها من الاستقرار والتنمية، وبالتالي جاء قصف السفارة الإيرانية بدمشق لتعلن الحرب المباشرة مع إيران، ومنعها من التموضع في سوريا أي قرب حدود إسرائيل، ليأتي الرد الإيراني على شكل مسرحية هزلية، جمهورها أمريكا وإسرائيل التي أحسنت الإخراج، لان إيران لا تجرؤ على استخدام القوة المباشرة حيث سينتج عنها زعزعة إيران، وربما نظام حكمها وحكامها الذين فضلوا الحفاظ على مواقعهم والرضوخ لإرادة إسرائيل والتنصل من أدواتها في لبنان وسوريا وفلسطين مقابل الحفاظ على أوضاعهم الحالية، وبالمقابل رسالة إسرائيل كانت إلى الرأي العام بضربة في أصفهان التي تعني ومنذ بداية هذه الهجمة ان ارض إيران اصبحت مباحة للضربات المحددة كما كانت تحدث سابقا في سوريا (مع الاحتفاظ بحق الرد)، التي كانت لا حول لها ولا قوة، لا استطاعت الرد ولا استطاعت الحفاظ على البلاد، وإنما إباحة ارض سوريا لوكلاء تلك الدول بإنهاك سوريا دولة وشعبا، الذي أدرك بعد ان طالت هذه الأزمة».
تشير عبدي: «إن الأزمة السورية ليست داخلية وليست صراع على السلطة وليست لتحقيق العدالة الاجتماعية، وانما مشروع سياسي دولي سينفذ شئنا أم ابينا، قد لا يكون أكثر عدالة من سابقها، ولكنه سيكون كما اراد صانعوه بإعادة تقسيم المنطقة بين الفرس والترك، ولكن هذه المرة ليست كوردستان فقط بل ومعها الدول العربية التي اقتسمت كوردستان».
القضية السورية، قضية دولية وإقليمية
تحدث السياسي، الدكتور كاوا أزيزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «السياسة الدولية دائما تدار دفتها من قبل القوى العظمى، وبعد سياسة القطب الواحد الأمريكي نحن اليوم مرة أخرى أمام نظام عالمي متعدد الأقطاب. من جهة الناتو وعلى رأسها أمريكا، ومن جهة أخرى الصين وروسيا ومن يجرى في فلكهما. سياسيا الصراع الأساسي اليوم هو بين الصين وأمريكا، ونتيجة الصراع بين القوتين وخاصة في العالم الثالث ربما تؤدي إلى عواقب غير منتظرة النتائج. الصين تنافس أمريكا في كل شيء بما في ذلك أسواقها الداخلية، الناتج القومي الصيني سيعادل الناتج القومي الأمريكي بعد فترة قصيرة من الآن. عسكريا، الكل يحارب الكل بالوكالة، أوكرانيا، غزة، السودان، سوريا، ليبيا، اليمن، وغيرها. اقتصادياً، نتيجة هذا الصراع سيتأثر الاقتصاد العالمي كثيرا وخاصة أوروبا الغربية، لأنها أصبحت ساحة للصراع عليها اصلا كخروف سمين».
يتابع أزيزي: «طبعا، كل هذه الصراعات تخلق ويلات، انظر إلى الوضع في سوريا كمثال. لكن حسب اطلاعنا على مشروع الشرق الأوسط الجديد له عدة مراحل، المرحلة الأولى هي مرحلة التدمير ونحن شهود على ذلك. التدمير الكلي للبنية التحتية وتغيير الأنظمة السياسية ومن ثم بناء جديد هدفه التنمية والسلام واحترام حقوق الإنسان والقيم الإنسانية. لكننا الآن نشهد التدمير، فهل من قريب سنشهد البناء؟».
يضيف أزيزي: «لا يوجد شيء منعزل عن الآخر. الصراع في غزة الآن هي ليست فقط بين إسرائيل وحماس، يشترك فيها إيران، سوريا، العراق، لبنان، أمريكا، روسيا والى آخره. وكذلك الوضع في أوكرانيا وليبيا واليمن، لكن الأخطر بين الجميع إذا بدأت أزمة تايوان، وقتها سيكون العالم على كف عفريت، والاصطدام الصيني الأمريكي متوقع ويُحضَّر لها في الخفاء الكثير الكثير».
يشير أزيزي: «إلى أن سوريا مشكلة المشاكل، القضية السورية منذ زمن بعيد لم تعد قضية السوريين وحدهم، أنها حرب دولية وإقليمية، فيها خمس جيوش محتلة والقضية هي على طاولة الأمم المتحدة في جنيف».
الحل السوري، مترابط وليست جزئية
تحدث الناشط السياسي، منال حسكو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «من بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن لم يشهد العالم صراعاً على النفوذ، كما هو حاصل الآن. الحرب الروسية الاوكرانية، الحرب في غزة، التدخُّل الإيراني السافر في شؤون المنطقة، مستقبل تايوان بين الصين وأمريكا والكثير من القضايا في العالم، وهذا كله له تداعيات سياسية وعسكرية واقتصادية وتجارية.
سياسيًا؛ هناك صراع هادئ بين الدول العظمى، ونتمنّى ألا يصل إلى حد الانفجار. عسكرياً؛ عرض القوة بين الصين وأمريكا. والحرب في أوكرانيا والتدخل الأمريكي والأوربي بالمال والعتاد لصالح اوكرانيا. الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، وتدخُّل إيران وأذرعها، حزب الله والحوثيين والأحزاب العراقية المرتبطة بإيران. هذه الحروب ؤثر سلبا على اقتصاد العالم، وما نشهده من ارتفاع للأسعار بشكل جنوني على المواد الأساسية وصل إلى حد يعاني الإنسان من عدم القدرة على إيجاد اقصى متطلبات الحياة. ومما لا شك فيه بان الصراع السياسي والحروب تأثر سلبا على التجارة بين الدول، وطرق العبور أصبحت صعبة للغاية، على سبيل المثال؛ توقف تصدير القمح الاوكراني، وإغلاق باب المندب أو ما يسمى بالبحر الأحمر، والهجمات الحوثية لها تأثير على التجارة العالمية».
يعتقد حسكو: «ان شعوب المنطقة وبالأخص شعوب منطقة الشرق الأوسط قد كان لها النصيب الأكبر من الصراعات وبالأخص الشعب الكوردي، شعب بلا وطن، واعتقد بانه اذا كان هناك حلّ في المنظور القريب للكثير من القضايا العالمية أو الدولية كان لا بد ان يشمل ذلك حقوق الشعب الكوردي، وهذا يتطلب وضع حد لتدخلات دول الجوار والالتفات إلى أوضاعها الخاصة بدلا من التدخل في شؤون الآخرين. وهناك أمل في الأفق وبعد كل هذه الكوارث لا بد ان يكون حل لصالح شعوب المنطقة بأكملها».
بالنسبة لسؤال عن حلول كافة القضايا الإقليمية والدولية العالقة مترابطة، يتابع حسكو: «سؤال في منتهى الأهمية، نحن نعيش الآن في عالم مفتوح على بعضه البعض والفضل يعود إلى الإعلام الحر، ووسائل التواصل الحديثة وارتباط مصير العالم ببعضه البعض، فاصبح لكل دولة مصلحة لدى الدولة الأخرى. من التبادل التجاري والتكنولوجيا والأدوية... الخ. لهذا نجد بان الحلول أيضا مترابطة».
يضيف حسكو: «نعم، الحل السوري أيضا مترابط، وما نشهده لَخير دليل، حيث أصبحت الجغرافية السورية مقسمة بين الكثير من الدول، من بينها أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وأكثرية دول الجوار، هذا يعني أنه لن يكون هنالك حل منفرد بل سوف يجمع الكثير من القضايا ويتم الاتفاق عليها من قبل الدول العظمى أصحاب القرارات والحلول. مثال على ذلك: لا استبعد أن يكون هناك مقايضة روسية أمريكية على اتفاق يرضي الطرفين في إنهاء الصراع في أوكرانيا وسوريا».
الأزمة السورية، أكبر أزمة عاشتها المنطقة
تحدث الكاتب عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «يلاحظ المتتبع للتطوُّرات والمستجدات المتسارعة التي يمر بها العالم ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص المتمثل بالصراعات الجيوسياسية في تشكيل استراتيجية المحاور وأقطاب الصراع العالمي في تعبير حقيقي عن صراع متمثل في صراع الأجندات وتوسيع النفوذ والسيطرة والعولمة بكافة أشكالها من خلال الصراع المباشر أو الصراع والحروب بالوكالة والتي تقودها القوى العظمى من خلال فرض الهيمنة. هذا يقودنا إلى التحليل المنطقي في عرض التطورات الجيواستراتيجية التي مرت بها منطقتنا المليئة بالصراعات والناتجة عن تبدل موازين القوى مع انهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار جدار برلين وحرب الخليج وأحداث الحادي عشر من سبتمبر وحرب يوغسلافيا وسقوط نظام صدام والربيع العربي وظهور التنظيمات المتطرفة القاعدة وداعش والحرب الروسية والأوكرانية، وتبدل مفهوم الأنظمة الاستعمارية في إضعاف السيطرة المركزية، وانهيار ملامح الدولة والاعتماد على حكم اللادولة من خلال الاعتماد على المليشيات وتعززيها على حساب الدولة القوية في كلا من العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا والكثير من الدول الاخرى. إن حالة ظهور المشاريع الطائفية والمذهبية والصراع الخفي المذهبي بين إيران والسعودية وصعود الإسلام السياسي في تركيا وتشجيع تجربتها والسعي إلى تطبيقها كلها، جملة من الأحداث والمتغيرات التي تقودنا إلى الوقوف عندها تناولها من منطلق تحليلي معتمداً على البحث التجريبي لتساعد القارئ الكريم في معرفة الغايات الكامن والاسباب المؤدية إلى تشكل تلك الأحداث والأزمات, لذا أن ظهور ما تسمى احداث الربيع العربي في إعادة تفعيل مخطط الشرق الاوسط الكبير، وتوفير كافة الوسائل من أجل تنفيذها حسب الخطط المرسومة لها ليأخذ دوره في تفعيل الصراع على الأجندات وتعزيز السيطرة والنفوذ بين المحاور والأقطاب العالمية التي تحاول تسخير أدواتها ووكلائها على الارض من خلال الحروب والسيطرة بالوكالة, وكما تجلى ذلك على حساب حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والمطالبة بالديمقراطية، والبحث عن العدالة الاجتماعية ومحاربة الديكتاتورية، وسطوة الأنظمة من خلال القمع وكم الأفواه التي اعتمدت عليها الأنظمة في تقوية سلطتها في خدمة الأنظمة المستعمرة في تركيع شعوبها وإشاعة الخوف وتجميد العقول وقتل الطموح في البحث عن الحرية والتقدم والحداثة. أن القتل والتشريد والجوع والهجرة والتغيير الديمغرافي كانت نتاج تصادم الشعوب مع أنظمتها، لتقودنا تلك الأحداث في خلق مشهد من الصراع وانتقاله إلى صراع عالمي، لتجد شعوب المنطقة نفسها في واقع مسيطر عليه وتخدم أجندات دول عظمى، وفي صراع على تنفيذ الأجندات، لتقوم الدول العظمى في تهيئة كافة الوسائل واستخدامها في تحقيق أجندات وتوسيع نفوسها، وتمثل ذلك في الدخول المباشر لكلاً من إيران وروسيا منذ اليوم الأول في الكثير من أحداث المنطقة لاسيما سورية واليمن ولبنان عبر تنفيذ أجنداتها, ومحاولة تركيا استثمار الكثير من نزاعات المنطقة لصالحها وهيمنة المشروع الإيراني المتمثل في الهلال الشيعي بمباركة أمريكا خفية لتصطدم في النهاية بطموحات دولة اسرائيل».
يتابع موسى: «فيما يتعلق بالسياسات العالمية المتمثلة في الصراع على الأجندات في توسيع النفوذ، لذا فان الصراع الإسرائيلي والتنظيمات المسلحة في غزة يمثل أبعاد الحرب بالوكالة بين القوى العالمية والإقليمية ولاسيما الولايات المتحدة وإيران الذي بدأت تتشكل ملامحه من خلال الانسحاب الأمريكي من العراق سنة 2011، ومحاولة تسليم العراق إلى إيران عبر اتفاقيات غير معلنة منذ عهد الإدارة الأمريكية (أوباما) الذي أراد استثمار إيران وتوظيفها لخدمة أجنداتها في المنطقة، من خلال محاربة النفوذ الروسي، وقطع طريق الحرير الذي تحاول الصين أعادته في المنطقة عبر الاستفادة من منابع الطاقة وطرق التجارة العالمية ومنافسة أمريكا في هذه المجالات, وكذلك استثمار الولايات المتحدة لإيران في شرعنه وجودها في دول المنطقة تحت حكم اللادولة من خلال محاربة داعش. هذه السياسة التي أسس لها بريت ما كورك مبعوث أوباما للتحالف الدولي, والذي وضع خطة تأسيس هذه المليشيات ومباركتها تحت ذرائع وحجج محاربة التنظيمات الارهابية من أمثال داعش من أجل زرع حالة عدم الاستقرار في المنطقة، في تنفيذ حقيقي للاستراتيجية الأمريكية التي وضعها كيسنجر في أطالة أمد الأزمات من قبل أمريكا وتركها من دون إيجاد الحلول لها في استثمارها لصالحها, ولكن تنبه الصين لهذا الأمر وإدراكها لخطورة هذه المسائلة على مصالحها، لذا عملت على دفع دول المنطقة إلى مواجهتا من خلال سعيها إلى عقد اتفاقية مصالح بين السعودية وطهران, وكذلك محاولة السعودية استثمار الحوثيين والتوصل إلى تفاهمات معها والابتعاد شيئا فشيئا عن دعم المعارضة السورية ودعم نظام بشار الاسد ومحاولة إعادته إلى الجامعة العربية بمباركة دول الخليج العربي وبدعم وتشجيع صيني. لذا حاولت الصين استثمار إيران كذلك أسوة بالولايات المتحدة من أجل مصالحا في منافسة الولايات المتحدة الامريكية. عملت الصين وروسيا على حث إيران في دفع حماس كورقة بيدها من أجل خلق جبهة نزاع جديدة في المنطقة وهي هجمات السابع من وأكتوبر من أجل مواجهة الاستراتيجية الامريكية, ولكن دفع إيران لحماس والتهديد بوحدة ما تسمى جبهاتها في سورية ولبنان والعراق واليمن في البداية ضد اسرائيل، الأمر الذي تحول إلى حرب مضبوطة الإيقاع مع مرور الزمن بعد التهديد الامريكي وردة الفعل القوية من خلال تحريك البوارج والقاذفات, هذا الأمر الذي اضطرت إيران إلى دفع شركائها في عدم الدخول إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة كي لا تخسر مشروعها في المنطقة (الهلال الشيعي)، ما يعزز تحليلي هذا هي الهجمات المؤخرة والمباشرة المضبوطة والمحدودة والمنسقة بين اسرائيل وإيران برعاية أمريكية لضبط إيقاعها خوفاً من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة في سحق إيران، وخسارة الولايات المتحدة ورقة إيران التي تعمل على اشاعة الفوضى في المنطقة. طبعا كل هذه الصراع المتمثل بين القوى والمحاور العالمية أمريكا وروسيا والصين تمثل صراع بالإنابة من خلال أزمات المنطقة, وبالتحديد الصراع الإيراني الإسرائيلي عبر وكلائها لتمثل الصراع على الأجندات السياسية والاقتصادية والفكرية والعولمة في توسيع النفوذ على حساب شعوب المنطقة وحقوقها في تقرير المصير، ومواجهة الموت والتشريد والجوع واللجوء والنزوح والهجرة أو الموت جوعا وانعدام أبسط مقومات العيش».
يضيف موسى: «طبعاً أن الصراعات التي تشهدها وتعايشها المنطقة منذ سنوات وتركها من دون حلول، على سبيل المثال الأزمة السورية التي تعتبر بحسب تصنيفات الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية بأنها تمثل أكبر أزمة عاشتها المنطقة من دون إيجاد الحلول اللازمة لها، في تجسيد حقيقي لإستراتيجيات الدول والقوى العظمى في إطالة أمد الأزمات في المنطقة، وإشاعة حالة عدم الاستقرار، وإضعاف نظام الدولة، وتعزيز نظام اللادولة، واشاعة حكم المليشيات على حساب الدولة. هذا الأمر الذي بدأنا نلامسه في كلاً من سورية والعراق ولبنان واليمن وليبيا، وملامسة حالة القتل والتشريد والجوع، وهدم كافة أركان المجتمع وتفككه، وغياب كافة الوسائل الصحية، ليمثل منطق الصراع بدلاً من منطق التعايش السلمي والمحبة بين الاديان ومكوناتها، لتعرف هذه الدول والقوى العظمى الدولية والإقليمية والتي تحاول استثمار أزمات المنطقة لصالحها أن إرتدادات هذه الأزمات ستكون ذات تأثير مباشر على مصالحها وفي بلدانها وعلى أمنها القومي بين شعوبها ودولها. هذا الأمر الذي بدأنا نلامسه من خلال حجم المظاهرات المنددة للصراع الاسرائيلي الفلسطيني والتي اجتاحت كل العالم ولاسيما أمريكا وأرووبا وزيادة اللجوء، وتوجه الدول الأوربية لدق ناقوس الخطر بشأن زيادة اللاجئين وتأثيرهم على الأمن القومي لتلك الدول، وزيادة الفكر التطرف في تلك الدول، والحرب التي كانت مقتصرة على الشرق الاوسط بدأنا نلامسها في الدول الأوروبية كالصراع الروسي والأوكراني وزيادة احتمالات التصادم النووي, وكذلك زيادة التوترات بين الصين وتايوان ونزاع الكوريتين».
في المحصلة، يقول موسى: «أنه يتوجب على الدول الإقليمية التوقف عن تصدير أزماتها إلى دول الشرق الاوسط، والتخلي عن استراتيجيتها في إطالة أمد تلك الصراعات وتركها من دون حلول واشاعة الفوضى، وايقاف حروب الوكالة وصراع الأجندات على تعزيز السيطرة والنفوذ, لان إرتدادات تلك الأزمات ستكون ذات تأثير كبير على المنطقة والعالم، من خلال زيادة التصادم النووي وزيادة تمدد التطرف والارهاب إلى العالم, ولابد لشعوب المنطقة من عدم ترك قراراتها المصيرية رهينة أجندات ومصالح الدول القوى العظمى».