دخول الأزمة السورية في عامها الرابع عشر.. مازالت الحلول غائبة

دخول الأزمة السورية في عامها الرابع عشر.. مازالت الحلول غائبة

عزالدين ملا

الأزمة السورية دخلت عامها الرابع عشر، مازالت الحلول غير مرضية، وبوادر قرب إنهاء الأزمة السورية بعيدة المنال، هكذا تقول الظروف والتحرّكات الحالية.
كافة الدول المُتصارعة في الشرق الأوسط تنطلق من نقطة ارتكازها في سوريا، تعقيدات الصراع الدولي في المنطقة تمنع الحلول القريبة للأزمة السورية.
1- ما تحليلك لما يجري الآن على الساحة السورية بعد أن أنهت الأزمة السورية عامها الثالث عشر؟
2- هل الصراع الإقليمي والدولي يؤثر على الصراع الداخلي السوري؟ كيف؟ ولماذا؟
3- برأيك أين تتجه الأوضاع في سوريا عامة، والكوردية خاصة في خضم كل هذه التعقيدات في العلاقات الدولية؟
4- أمام كل هذه التعقيدات في الصراع والسياسات الإقليمية والدولية، لماذا لا تتجه الأطراف السورية إلى فرض حلول محلية، كوردياً وعربياً؟

إنهاء الواقع المأساوي يبدأ بترسيخ ثقافة قبول الآخر
تحدث القيادي في حركة الإصلاح الكُردي – سوريا، كاظم خليفة لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «دخلت الأزمة السورية عامها الرابع عشر، وهي تتفاقم يوما بعد يوم على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ووو..، وجميع المعطيات والمواقف تؤكد أن آفاق الحل في سوريا مبهمة بالرغم من الحديث بين الفينة والأخرى من قبل جميع الفرقاء عن القرار الأممي 2254 كأساس يمكن الاتفاق عليه للوصول إلى نهاية معاناة الشعب السوري، ولكن كل بحسب تفسيره ومصلحته في طريقة تنفيذ هذا القرار، وما يزيد من تعقيد هذه الأزمة كون القضية السورية أضحت قضية دولية بامتياز، والمصالح المختلفة للدول المتدخلة في الشأن السوري والصراع المتأجج بينها على الساحة الدولية عامة تلقي بظلالها على المسالة السورية، التي ارتبطت بها تلك الصراعات وعلى الساحات المختلفة في العالم، سواء الحرب الروسية الأوكرانية أو الحرب الإسرائيلية على غزة أو غيرها من صراعات في أماكن مختلفة من العالم».
يضيف خليفة: «إن ما أفرزتها هذه الحروب من نتائج انعكست سلباً بمجملها على الوضع السوري، بالإضافة إلى الصراع الإقليمي والذي بات مرتبطاً بأهم دولتين في المنطقة، وهما تركيا وايران ولما لهما من نفوذ على الأرض السورية ورؤى استراتيجية مختلفة في المنطقة بالرغم من التلاقي في بعض المصالح المشتركة كمحاربة الشعب الكردي ومحاولة القضاء على تطلعاته في الحياة الحرة الكريمة، وطرفي الصراع المتمثل بالنظام والمعارضة لم يعيا بعد أهمية ودور المكونات، وتحولتا إلى مجرد أدوات لتنفيذ مشاريع تلك القوى الدولية والإقليمية المتصارعة دون أن يمتلكا مشروعاً وطنياً يمكن أن يجمع السوريين بتنوعهم القومي والديني والطائفي، وبالتالي فإن القضية السورية أصبحت رهينة التسويات الدولية والإقليمية، فمن مصلحة النظام عرقلة أي حل يفضي إلى إيجاد دولة ديمقراطية تعددية بدستور يقرّ حقوق جميع مكونات الشعب السوري، كما أن المعارضة متشتتة لا تملك تنظيماً وبرنامجاً لسوريا المستقبل، ولم تستطع التحرر من الموروث الثقافي والسياسي الذي كرّسها نظام الاستبداد طيلة عقود من الزمن وفرض ايديولوجيته بالوسائل القمعية المختلفة، لذلك يبدو الحديث عن الحوار بين السوريين بغية الوصول إلى حل لإنهاء هذه الأزمة من دون مظلة دولية ضرباً من الخيال، فليس أمام الشعب السوري سوى انتظار المستجدات على الساحة الدولية والتمسك بالقرار الدولي ٢٢٥٤، والدعوة المستمرة إلى تنفيذه بالتوازي مع القيام بمراجعة حقيقية وشاملة لمجمل السياسات التي اتبعها خلال الفترة السابقة، فقد استجدت أحداث وتغيرات في مواقف الدول تجاه القضية السورية. وليس بخاف على أحد آخر ما صرّح به المبعوث الدولي غير بيدرسون من دمشق بأن "كل شيء في سوريا يسير بالاتجاه الخطأ، وإن لا بوادر للحل السياسي يمكن رؤيته في الأفق"
يتابع خليفة: «كما أن جميع محاولات التطبيع العربي مع النظام السوري فشلت نتيجة رفضه لما عُرف بخارطة الطريق للحل في سوريا والتي حاولت الدول العربية فرضها بعد إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وذلك من خلال العمل على إعادة اللاجئين ومحاربة تهريب المخدرات وانطلاق العملية السياسية واللجنة الدستورية، لكنها باءت بالفشل، وباتت عملية تعطيل المسار السياسي هو العنوان الأبرز في الساحة السورية، بالإضافة إلى التسويف والتأجيل في تطبيق القرارات الأممية ذات الشأن بالمسالة السورية من قبل القوى الدولية المتصارعة التي تتخذ سوريا نقطة ارتكاز تنطلق منها في إدارة هذا الصراع، ولعل الدور الإيراني والتركي هما الأكثر سوءاً وإسهاماً في زيادة تعقيد الوضع، وذلك من خلال تبنيهما للإسلام السياسي ونهجمها التوسعي في المنطقة باعتمادهما على القوى العسكرية من ميليشيات مؤدلجة تعبث بسوريا من أجل مصالحهما، ولتعم الفتن والفوضى وتحل لهما السيطرة لتحقيق حلمهما في إعادة أمجادهما الامبراطورية، وهي تستغل اليوم ما يجري من صراع دولي بين القوى الكبرى، حيث جاءت حرب غزة بشكل خاص ليستثمرا فيها بكل إمكانياتهما، والبحث عن تقاطعات المصالح مع كل القوى العالمية، ولعل أكثرها تلك الدول التي تدّعي أنها عدوة لها».
يؤكد خليفة: «انه بالرغم من هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري عموماً والصورة القاتمة للمشهد، ليس أمام السوريين سوى العمل من أجل ترسيخ ثقافة قبول الآخر ونبذ العنصرية والطائفية المقيتة، واليقين أن سوريا هي ملك جميع أبنائها دون تمييز، وأن يعملوا معاً لتكون التعددية نعمة وإثراءً لبلادهم، فما أصابهم من مآسي لابد ان تكون كفيلة بإيقاظهم من ظلام عهود التسلط والتفرد من قبل فئة قومية أو دينية تتحكم بمصير الوطن. والشعب الكُردي كمكون سوري أصيل يعيش على أرضه التاريخية، ويرتبط مصيره بمصير الشعب السوري عموما يقع على عاتقه دور كبير لما عاناه من ظلم واضطهاد وهو السبّاق إلى الدعوة لتحقيق العدل والمساواة، وقد ربط نضاله القومي بالنضال الوطني والديمقراطي منذ بدايات نشأة حركته السياسية، وعليه اليوم العمل من أجل ترتيب البيت الكُردي، وتحقيق وحدة الموقف لإطاريه المتمثلين في المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية، ثم الحوار مع باقي المكونات السورية بغية الوصول إلى رؤية مشتركة لمكونات المنطقة بشكل خاص وعلى المستوى السوري عموما».
يختم خليفة: «انه لابد أن نعي بأن مراحل التحوّل تتسم بالتناقضات، وان العالم اليوم يعيش هذه المرحلة وتتصارع القوى الدولية والإقليمية لفرض مكانتها ودورها في نظام عالمي جديد ستفرزه نتائج هذه الصراعات المستعرة في مناطق عديدة، وإن سوريا لن تعود إلى ما قبل ٢٠١١ ولابد من حل للمعضلة السورية».

المنطقة مقبلة على فك وتركيب جديدين
تحدّث السياسي، محمد سعدون لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الشعب السوري كغيره من الشعوب التي ترزح تحت نير النظام الدكتاتوري والتي تتطلع إلى الحرية والديمقراطية، ولذلك تأثّر بالربيع العربي، ففي البداية أراد المطالبة ببعض التغييرات الديمقراطية، ولكن النظام السوري أصرّ على قمع أية مطالبة بالتغيير. ولذلك حوَّل تلك الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة لإعطاء آلته العسكرية المبرر لاستعمال كافة صنوف الأسلحة، الخفيفة والثقيلة والبراميل المتفجرة والكيماوية وو.. وذلك للقضاء على آمال الشعب السوري في أي تغيير، وبدأ بإنشاء منظمات إسلاموية كجبهة النصرة ومنظمات القاعدة وداعش وغيرها، للإثبات بأن هذه الثورة هي عملية إرهابية وليست ثورة، وكذلك ليقول للشعب إن أُطِحْتُم بيّ فهؤلاء الإسلامويون هم بديلي، ولذلك استعان بروسيا وإيران مع أذرعها كحزب اللات وpkk، حيث دعمت الكثير من دول العالم ومنها العربية تلك الثورة ولكن آلة القتل كانت أقوى. حيث قتل مئات الآلاف وزُجّ بمئات آلاف أخرى في السجون ليطبق عليهم كافة صنوف العذابات وتهجير الملايين من الشعب داخلياً وخارجياً للتخلص من معارضيه».
يضيف سعدون: «أن القوى الكبرى ورغم كل ذلك لم تتفق على إسقاط هذا النظام وخاصة بعد التدخُّل الأمريكي العسكري في سوريا. ولذلك بدأت القوى الداعمة للثورة بالتراجع عن دعمها فتشتت الثورة شيئاً فشيئاً وخاصة بعد الاحتلال التركي لشمال سوريا ومنها عفرين وسري كانيية (رأس العين) وكري سبي(تل أبيض)، والتحكُّم بالذين كانوا ثواراً لتحوّل الكثير منهم إلى مرتزق وإرسالهم إلى آذربيجان وليبيا والنيجر.... وتطوع الكثير من شبيحة النظام أيضاً مع منظمة فاغنر لمحاربة أوكرانيا، ولأن سوريا ذات موقع استراتيجي وأنها تتوسط البؤر الساخنة في المنطقة كتركيا ولبنان وإسرائيل وفلسطين والعراق وإيران فتتصارع القوى الكبرى عليها. تريد أمريكا والقوى الغربية إغراق روسيا في المستنقع السوري لتخفيف الضغط على أوكرانيا. ولكن توسعت بقعة الحرب إلى بعض دول الجوار وخاصة بعد الحرب المفتعلة بين اسرائيل وحماس والتي تخدم إسرائيل وأمريكا بالدرجة الأولى ومن ثم دول محور آستانا.
فإسرائيل تريد إنهاء القضية الفلسطينية وذلك للتطبيع مع الدول العربية وأن تقود قطار التطور في المنطقة حسب أجنداتها، وأما أمريكا وبفضل الذراع الإيراني (الحوثيين) وقصفهم للسفن التجارية استولت على البحر الأحمر باسم "حارس الحضارة"، والذي يُعَد أهم طريق تجاري عالمي، وكذلك قطع الطريق أمام العملاق الصيني الذي يشكل المنافس الاقتصادي لها واستكمال طريق الحرير الذي يصل الشرق بالغرب».
يعتقد سعدون: «أن الأسد باقٍ والوضع السوري يبقى كما هو إلى أن تحل مشاكل المنطقة برمتها، ولأن المنطقة مقبلة على فك وتركيب جديدين، ولا حلول في الأفق القريب لأن المعارضة السورية لا تستطيع أن تشكل الضغط على القوى الكبرى التي تتحكم بالجميع، كلما طال الوقت فلصالح تركيا والنظام وداعميه، لأن تركيا تريد إنهاء القضية الكوردستانية في الشمال السوري باحتلالها لعفرين وسري كانية وكري سبي والجزء المتبقي من كوردستان سوريا تحت ضربات طيرانها ومدافعها والتي دمّرت بنيته التحتية وذلك لإفراغه من الكورد بحجة تدخل pkk في هذا الجزء من كوردستان، علماً أن ما يفعله pkk بالكورد فلصالح النظامين التركي والسوري، ارتكاب المجازر في عفرين وعامودا... وسجن الكورد وخطف الأطفال وحرق مكاتب ENKS والأحزاب المنضوية تحت جناحه والتجنيد الإجباري لزج الشباب الكورد في حروب لا ناقة للكورد ولا جمل. وبهذا السلوك تم تهجير مئات الآلاف من الكورد وإفساح المجال أمام العرب للسكن في كوردستان سوريا. وأما تركيا فبدأت ببناء المستوطنات للعرب والتركمان وكل هذا بهدف إلى التغيير الديمغرافي في المنطقة الكوردية. وكأن هناك اتفاق غير معلن بين الدولة التركية وPKK: قصف أي مكان يتواجد فيه PKK
أما بالنسبة للكورد، فيتابع سعدون: «منهم من جاء بالاتفاق مع النظام ليحل محله لقمع الكورد، ويعمل حسب التوجيهات الإيرانية من خلال قنديل لا يمكن أن يتفق مع المجلس الوطني الكوردي على العمل في إحقاق حقوق الكورد في الدستور السوري المقبل. واما المجلس الوطني الكوردي فيرى من خلال عضويته في الائتلاف السوري بالرغم تقاعسه وإهماله المتعمد وضع الكورد بأنها البوابة التي تصل إلى الدول الكبرى لإيصال صوت الكورد إليها. وللمجلس وPYD تجارب كثيرة مع بعضهما أدت إلى فقدان الثقة بينهما لأن PYD يستطيع التعامل مع كل القوى الموجودة في سوريا إلا الكورد المخالفين لرأيه المتزمت، علماً أن هناك وعود أمريكية وفرنسية لمتابعة التوسط في الحوار بينهما ولكن بتروي. واما الروس فيريدون أن ينضم قوات قسد إلى الجيش السوري ولكن لا النظام يعترف بالكورد ولا PKK يتنازل عن مصالحه. وأما أمريكا فتؤجل كل شيء لصالح أجنداتها في المنطقة، ودوماً تعطي الوعود في المساعدة في حل الخلافات بين ENKS و PYD، ولكن دون ضمانات، مع تسريب معلومات تكتيكية حول الانسحاب من سوريا، علماً أنني لا أظن بأن أمريكا ستنسحب في المدى المنظور لأن مصالحها تستدعي تواجدها في المنطقة».
يشير سعدون: «إلى أن المسألة السورية بشكل عام ومن ضمنها قضية الشعب الكورد ليست بيد السوريين بل بيد القوى الكبرى، فريثما تتفق هذه القوى سوف تحل القضية السورية، وسيناريو الحل المتوقع، دولة لامركزية».

الحلول السورية مرتبطة بما ستفرزه مستجدات الأزمات الإقليمية والدولية
تحدث الكاتب عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن ما يجري على الأراضي السورية، ومن خلال أزمتها تؤكّد الحقيقة أن الأزمة السورية تحوّلت من أزمة بلد وشعب يبحث عن الحرية والمساواة والتعايش السلمي والديمقراطية ومحاربة الديكتاتورية والتخلص من الظلم، إلى أزمة دولية لتؤكد استمرارية أزمة صراع المصالح بين القوى والمحاور العظمى الإقليمية والعالمية على حساب تحقيق اجنداتها، وتنفيذ وتوسيع مصالحها على حساب الشعب السوري، الأمر الذي أكدته بيان الأخير للسفارة الأمريكية في دمشق بمناسبة الذكرى السنوية لانطلاق الثورة السورية، وتتهم تحكم روسيا بقرار دمشق، وتحمُّل روسيا مسؤولية استمرارية معاناة السوريين من خلال توفير الحماية لنظام دمشق ومنعه من المحاسبة، في تأكيد صريح على استمرارية تدويل الأزمة السورية واستمرارية عدم امتلاك السوريين قرار التحكم في أزمتهم، ولتجسد عمقها في أنها أزمة تعبر عن مصالح الدول والمحاور العالمية والإقليمية على حساب الشعب السوري ومعاناته، وليكون عام آخر يضاف إلى معاناة السوريين في ظل استمرارية فقدان السوريين لأبسط مقومات إدارة أزمتهم أو إيجاد أي حلول لها».
يؤكد موسى: «أنه في ظل استمرارية رهن ومصادرة القرار في الأزمة السورية ومفاتيح حلولها بما يتناسب مع مصالح الدول والمحاور العظمى الإقليمية والدولية أصبحت أزمات ومصالح تلك الدول تتحكم في مسار الأزمة السورية. على سبيل المثال رفض روسيا ومنعها لنظام دمشق من تلبية الدعوة الأخيرة للمبعوث الدولي بشأن الأزمة السورية ديمستورا للمشاركة في بدء انعقاد أعمال اللجنة الدستورية في جنيف بحجة أن جنيف لم تعد بلداً محايداً لأن سويسرا لم تؤيد الغزو الروسي على كييف، وكذلك إيران التي تريد كسب مصالحها من خلال وضع سير أجنداتها في تلك الأعمال، وكذلك الانشغال الأمريكي والعربي في أزمة غزة ودخول الصين على طريق التنمية العراقي أو ما كان يسمى طريق الحرير سابقاً في مد خط تجاري من الفاو إلى أوروبا، وبوادر المصالحة الإيرانية السعودية برعاية صينية، ودفع بعض الدول العربية للتطبيع مع دمشق وحصول الأخيرة على مقعدها في الجامعة العربية لتؤكّد بشكل لا يدعُ المجال للشكّ فيه أن الأزمة السورية أصبحت مرتبطة ورهينة أزمات أخرى في المنطقة والعالم».
يضيف موسى: «إن الأوضاع في سوريا مرتبطة بما سينجم أو على ضوء ما ستفرزه مستجدات الأزمات الأخرى التي تمثل تصارع القوى الإقليمية والدولية، وعلى سبيل المثال مستجدات الأزمة في أوكرانيا سيكون لها تأثيرا هام على الأزمة لربما خروج روسيا منتصرة أو قوية من صراعها في أوكرانيا ستدعم نظام دمشق وتجعله محمياً من كافة أشكال المحاسبة الدولية، أما خروجها مهزومة أو ضعيفة من أوكرانيا فسترغمها على تقديم تنازلات أو الدخول في مساومات على حساب دعمها لنظام دمشق، وكذلك إيران نفوذها في سوريا مرتبط بصراعها ومشروعها المتمثل في الهلال الشيعي وصراعها مع إسرائيل في حرب غزة، أو تركيا فإن مصالحها ستدفعها على تعزيز نفوذها في سوريا أو كسب أكبر قدر من المصالح من خلال مساومة روسيا أو أمريكية في القدر الذي ستسمح منه أمريكا لتنفيذ تركيا لتهديداتها بتوسيع عملياتها في سوريا والعراق الصيف المقبل. بالتأكيد هذه الأوضاع والظروف في الأزمة السورية تؤكد استمرارية تحكم القوى الإقليمية والعالمية واغتصابها لقرار الأزمة السورية لصالح مصالحها، بحيث لا يملك منها السوري سوى استمرار المعاناة، أما الوضع الكوردي فسيكون إلى مزيداً من التعقيد في ظل تهديدات مصيرية تضع الوجود الكوردي على المحك في ظل تفرد إدارة سلطة الأمر الواقع بمصير الشعب الكوردي في كوردستان سوريا ودخولها في تحالفات مع قوى مختلفة على حساب تنفيذ مصالحها ضارباً مصالح الشعب عرض الفقر والجوع والسيطرة على المقدرات وحظر ممارسة العمل السياسي وعدم قبول الآخر. برأي الوضع الكوردي الى مزيد من التعقيد في ظل التهديدات التركية بعمليات موسعة الصيف المقبل لتمهيد الطريق في بدء ما يسمى طريق التنمية الذي سيربط الفاو في العراق مع أوروبا والتي تشير التقديرات على الأغلب انه يسمر من مناطق محددة من كوردستان سورية».
يتابع موسى: «إن مصادرة القرار في الأزمة السورية لصالح الدول الإقليمية والعالمية في خدمة تنفيذ أجنداتها وصراعتها سيجعل من الصعب على السوريين السعي في الخروج بحلول لأزمتهم، لأنه في أن الأزمة قد أصبحت رهينة الصراعات الإقليمية، وكل هذا يأتي في ظل السياسية الأمريكية غير الواضحة المعالم والتي ستقود المنطقة الى المصير المجهول، في ظل تنفيذ استراتيجية كيسنجر في إطالة أمريكا للأزمات وإدارتها من دون إيجاد حلول حقيقية لها أو إبداء الرغبة الصادقة في إنهاء معاناة الشعوب، أما بالنسبة للشعب الكوردي فبرأيِّ أنه يملك حظوظاً أكبر من باقي المكونات الأخرى المشاركة في الأزمة السورية في ظل الرجوع والاستفادة من رعاية المرجع القومي الكوردستاني المتمثل بالرئيس مسعود بارزاني الذي يعبر دائما عن رغبته في دعم أخوته الكورد في كوردستان سوريا انطلاقاً من واجبه القومي، لذا أن مصير الكورد في سوريا ومستقبل قضيتهم مرهون بالتوافق والرجوع إلى مرجعية موحدة في ظل قراءة صحيحة للواقع والأحداث المتسارعة».