ازدياد لفحات نيران الصراعات الدولية.. وبداية استواء طبخات مشاريع مستقبلية

ازدياد لفحات نيران الصراعات الدولية.. وبداية استواء طبخات مشاريع مستقبلية

عزالدين ملا

تغلي منطقة الشرق الأوسط على نار مستعرة، تلقي بلفحات نيرانها على كافة الأطراف والاتجاهات، والقوى العالمية تتخبط في كيفية ضبط نيرانها من الانتقال إلى مناطق أوسع قد تتحوّل إلى كارثة عالمية لن ينجو منها أحد.
السياسة الأمريكية والروسية غير المنضبطتين في تحديد مصالح ونفوذ كل منهما، لذا يتم استغلال جهات أخرى لتنفيذ مآربهما العدائية تجاه المخالف لهما.
ضمن كل ذلك والمشكل السوري يتواتر على حبال تلك القوى وخاصة القضية الكوردية والتي دخلت منحى حبال المصالح والنفوذ. عدا الوضع الاقتصادي والمعيشي الكارثي الذي يخيّم على كامل الجغرافيا السورية.

1- كيف تحلل السياسة الدولية الحالية من كافة الجوانب العسكرية والاقتصادية والتجارية؟
2- ضمن هذا الصراع، أين يكمن موقع القضية السورية أولاً، وقضية الكورد في سوريا ثانيًا؟
3- هل تتوقع أن كل هذه المصالح بداية مرحلة أمن واستقرار جديد؟ أم نحن على أبواب كارثة عالمية؟ كيف؟ ولماذا؟
4- ما الخطوات المطلوبة من الشعب السوري عامة والكوردي خاصة لتدارك أي انزلاق خطير؟

توترات دولية وتعقيدات سياسية
تحدث سكرتير حزب تيار مستقبل كوردستان- سوريا، ريزان شيخموس لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تشير الأحداث الراهنة في منطقة الشرق الأوسط إلى تصاعد الأزمة بشكل خطير، وخاصة بعد مقتل الجنود الأمريكيين في قاعدتها العسكرية على الحدود الأردنية السورية، وبذلك تضع المنطقة برمتها على صفيح ساخن، حيث تتصاعد سخونة الصراعات وتنير الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والانفجارات الضخمة أفق السماء، متسببة في إحداث انفجارات محلية وإقليمية مرعبة. ان الصراع في المنطقة يأخذ منحىً خطيراً بين امريكا وإسرائيل والدول المتحالفة معهما وبين إيران وأذرعها في الدول العربية، ويمتد هذا الصراع على عدة جبهات ويتسم بتعقيدات عديدة تؤثر على استقرار الشرق الأوسط بشكل عام.
يتابع شيخموس: «إحدى المظاهر البارزة والأكثر وضوحاً للصراع هي التوترات بين الولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وتأثيراته على الاستقرار الإقليمي، حيث تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى فرض عقوبات اقتصادية وعزل دولي على إيران للضغط عليها للتخلي عن برنامجها النووي، بينما تصر إيران على حقها في تطوير التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وترفض الضغوط الخارجية، ولهذا تسعى ايران استخدام كل الأوراق المتوفرة لديها لتحقيق مصالحها الاقليمية والدولية، ومن أهم هذه الأوراق في هذه المرحلة الخطيرة هي دعمها للجماعات والميليشيات الموالية لها في المنطقة واستخدام نفوذها الكبير على عدة عواصم في الدول العربية منها العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع، ويثير قلق الدول المجاورة والمجتمع الدولي. ففي العراق، تمتلك إيران نفوذًا كبيرًا عبر القوات والميليشيات الموالية لها، وتسعى لتحقيق تأثير سياسي كبير في البلاد على حساب المصالح الأمريكية. وفي سوريا، تدعم إيران النظام السوري، وتشارك في النزاع الدائر هناك، بينما تعمل على تأمين ممرات للتأثير في لبنان من خلال حزب الله. ويعتبر الحوثيون كذراع قوية لإيران في اليمن عاملًا مهمًا في هذا الصراع، حيث يحصلون على دعم عسكري ولوجستي كبير من إيران، ويستخدمونه لتعقيد الصراع في المضيق البحري من خلال مهاجمة ميليشياته السفن والبواخر العالمية وإطلاق صواريخ وهمية باتجاه إسرائيل بحجة الوقوف إلى جانب حماس والقضية الفلسطينية. لعبت إيران دورًا أساسياً في دعم الميليشيات الفلسطينية مثل حماس، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري. تستخدم إيران هذا الدعم لتعزيز تأثيرها ونفوذها في المنطقة، ولزيادة توجهاتها السياسية والاستراتيجية على حساب دماء ودموع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية».
يضيف شيخموس: «إن الحرب المدمرة الدائرة في غزة منذ عدة شهور هي إحدى المشاريع الاستراتيجية التي عملت عليها إيران واستطاعت إشعالها من قبل أحد أدواتها حماس وحركت كل أذرعها في المنطقة لقصف القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق. والقصف الإيراني على هولير عاصمة إقليم كوردستان مؤشر قوي لسياساتها.
من ناحية أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى حماية مصالحها الإقليمية والدولية في المنطقة، بما في ذلك حماية إسرائيل وضمان عدم توسيع رقعة الصراعات. لذا، فإنها تتخذ إجراءات قوية للرد على التحديات الناشئة من تدخلات إيران وأذرعها، وتنسق بشكل كامل مع إسرائيل لاستهداف مواقع إيران وميليشياتها وقادتها في جميع الأماكن.
إن الرد الأمريكي الأخير يؤكد على استمرار الولايات المتحدة في مواجهة التحديّات الإيرانية في المنطقة، ويعكس تصميمها على العمل بفعالية أكبر للحد من نفوذ إيران ووكلائها. من المتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة بتقديم جهود أكبر لوقف دور إيران في المنطقة، وربما تركز على إنهاء تأثيرها في غزة بعد تحقيق نجاحات عسكرية وسياسية في تقليص نفوذ حركة حماس.
يشير شيخموس: «إلى أن الحروب في غزة وأوكرانيا قد أثرت بشكل كبير على تحجيم اهتمام العالم بالصراع السوري، إذ تصبح الأنظار مشغولة بالأزمات الحالية وتحدياتها. لكن على الرغم من ذلك، لا يزال الصراع في سوريا يمثل إحدى الساحات الرئيسية في الشرق الأوسط، حيث يتم استغلالها لتصفية الحسابات بين الدول والجماعات المتصارعة.
ومع عدم وجود مؤشرات جادة على إمكانية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية في المستقبل القريب، فإن الشعب السوري يستمر في معاناته تحت وطأة الحرب والنزوح، دون أي بوادر للتحسن. وتبقى سوريا محط جذب لمصالح الدول القوية في المنطقة وحول العالم، مما يجعلها تشكل مناطق نفوذ وسيطرة تؤثر على الوضع الإقليمي بشكل عام.
وبالرغم من الجهود الدولية المبذولة، إلا أن البحث عن حلول سحرية للأزمة السورية يبدو أمرًا صعبًا، خاصة مع استمرار التقسيم السياسي والعسكري والنفوذ الخارجي. والاجتماعات والمفاوضات التي تمت في آستانا لم تقدم أي جديد نحو إنهاء الصراع الدائم بل بالعكس عكست مصالح هذه الدول في سوريا. ولهذا كل المؤشرات تؤكد على استمرار الوضع الراهن في سوريا دون تغيير جوهري مع بقاء سلطات الأمر الواقع والتي تعبر عن مصالح الدول المتواجدة في مناطقها لحين انتهاء الحرب الاسرائيلية في غزة.
ان القصف التركي المستمر للبنية التحتية في المناطق الكردية، بما في ذلك المنشآت الكهربائية والمائية، يشكل تهديدًا خطيرًا للأوضاع الإنسانية هناك، مما قد يزيد من تفاقم الهجرة والنزوح والمعاناة للمدنيين.
يؤكد شيخموس: «أن مستقبل سوريا يعتمد على استجابة القوى الدولية والمحلية للتحديات الراهنة، حيث قد تؤدي جهودهم إلى تسوية سياسية شاملة وتحقيق الاستقرار الأمني، ولكن من الصعب تحديد مدى تحقيق ذلك في الوقت الحالي، خاصة مع تعقيدات الوضع السياسي والعسكري في المنطقة ومحاولات العديد من الدول الإقليمية استغلال الأزمة السورية لتحقيق أهدافها الخاصة».

الهيمنة العسكرية وعدم الاستقرار سمات المرحلة
تحدث عضو الهيئة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ١٩٩١، دخل العالم مرحلة هيمنة القطب الواحد بزعامة أمريكا التي مارست سياسة العصا الغليظة باستخدام القوة العسكرية المفرطة ضد كل يعارض توجهاتها السياسية، وعملت على ضبط إيقاع المجتمع الدولي بما ينسجم ومصالحها في إدارة العالم كقطب وحيد دون منازع، ودخلت في حرب مباشرة في أفغانستان واسقاط نظام طالبان فيها ٢٠٠١ وكذلك في ٢٠٠٣ أسقط نظام صدام حسين في العراق، ومن نتائجها اقرار النظام الفدرالي في العراق والاقرار الدستوري بإقليم كوردستان العراق كأول اعتراف رسمي لنيل الكورد حقوقهم، في المقابل دخلت القضية الفلسطينية في حالة سبات وبما ينسجم مع السياسة الإسرائيلية.
لكن في المقابل ورغم الهيمنة الكاملة على السياسة الدولية، لم تتمكن من تحقيق حالة الاستقرار في البلدان التي احتلتها، حيث واجهت مقاومة شرسة من قبل التنظيمات الإسلامية المتشددة مثل القاعدة في العراق وحركة طالبان في أفغانستان، وبعد ذلك داعش في سوريا والعراق والصومال، رغم كل الإمكانات العسكرية المتفوقة واستقدام اكثر من ١٠٠ ألف عسكري الى كل دولة ورغم مؤازرة حلف الناتو معها في ذلك، مما دفعها والحالة هذه إلى تغيير استراتيجيتها خاصة بعد مجيء الديمقراطيين الى السلطة بقيادة أوباما والإعلان عن الانسحاب من العراق والتنسيق مع إيران في ضبط الأمن فيها، وهكذا افسح المجال لإيران للتمدد تدريجياً في منطقة الشرق الأوسط بشكل لم يسبق له مثيل، خاصة بعد ثورات الربيع العربي ٢٠١١، وسيطرة الإسلامي السني على مفاصل الثورات في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا والتي لم يرق لأمريكا هذا التوجه لا بل شكل خشية كبيرة منهم من ازدياد نفوذ التيارات الراديكالية، وهذا ما عزّز موقف إيران أكثر في المنطقة لدرجة نشهد الآن سيطرتها على قرار أربع عواصم عربية ( بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء) بالإضافة لحماس والجهاد الإسلامي في غزة، ومن الجانب الآخر كان الدب الروسي الجريح يتألم بشدة ويراقب الوضع عن كثب وعلى كيفية استعادة دورها المفقود».
يتابع عليكو: «بعد أن أدركت روسيا جوهر السياسة الامريكية الجديدة والتي تتلخص في تجنب الدخول في حروب عسكرية مباشرة في المناطق الساخنة عالمياً والاكتفاء بالاعتماد على القوى المحلية في تلك المناطق لتمرير سياستها، وجدت الفرصة سانحة للتحرك لاستعادة هيبتها المفقودة والعودة للساحة الدولية، فكان التدخل العسكري في جورجيا ٢٠٠٨ وتغيير النظام فيه ثم احتلال القرم في اوكرانيا ٢٠١٤ دون رد فعل امريكي يذكر وبعدها تدخلت في سوريا ٢٠١٥ بطلب من النظام وبتنسيق مع إيران، ثم امتدت بتدخلاتها إلى الأماكن التي تعاني من اضطرابات داخلية كـ ليبيا والنيجر ومالي والسودان، إلى أن أصبحت الفرصة مهيّئة للتدخل عسكريا في اوكرانيا ٢٠٢٢ وحينها دخل الرعب في كل أوربا من خشية التمدد الروسي الى دول أخرى في أوربا، ولم يبق امام أمريكا سوى الخيار، إما التخلي عن أوربا لروسيا أو منعها من السيطرة على أوكرانيا، وكان الاعتماد على الخيار الثاني بمنع روسيا من السيطرة على أوكرانيا، ولازال الصراع مستمراً وقاسياً دون تحقيق نصر لأي طرف، وهكذا فقدت أمريكا الكثير من هيمنتها وهيبتها على الساحة الدولية تدريجياً، مما دفع بالكثير من الدول الحليفة لأمريكا تاريخياً من مراجعة سياستها بعد شعورهم بان أمريكا لم تعد حليفاً يعتمد عليه كما يجب، مثل الدول الخليجية وحتى حليفها في الناتو تركيا حين شعرت بأن أمريكا لم تقم بما يجب عليها فعله بعد إسقاط الطائرة الروسية ٢٠١٦، لذلك توجهوا الى موسكو وبكين لبناء علاقات سياسية واقتصادية وحتى عسكرية مميزة مع هذين القطبين المنافسين لأمريكا بقوة سياسياً وعسكرياً واقتصاديا في المنطقة، كما ان إيران لم تعد تقبل بمنطق التخادم بينها وبين أمريكا، واصبحت ترغب بالمزيد من الهيمنة على المنطقة دون مراعاة للمصالح الأمريكية، وعليه فقد دخلت في تحالف واضح مع روسيا والصين ووقفت الى جانب روسيا في أوكرانيا، وهكذا اضحت الحرب الباردة واقعاً لا مفر منه، وهذا ما يتطلب من أمريكا مراجعة سياستها السابقة في المنطقة جذرياً وإلا ستتخلى عن المنطقة لصالح روسيا والصين وحليفهما إيران، وهذا ما سيشكل خسارة كبيرة لأمريكا لن تعوض بسهولة وما لا تقبل به. من هنا نستنتج بأن المنطقة ستشهد المزيد من عدم الاستقرار والتفكك التدخلات الدولية في المرحلة المقبلة».
يضيف عليكو: «بعد هذا الاستعراض المكثف للوحة الدولية نستنتج بأن الوضع في سوريا سوف يشهد المزيد من التوترات في المرحلة المقبلة ولا يوجد في الأفق بوادر لأي حل سياسي في المدى المنظور.
اما كردياً فلن يحصل اي تغيير في الوضع، لا بل قد يزيد وضعهم أكثر صعوبة امنياً واقتصادياً ما لم تغير ب ي د سياستها جذرياً باتجاه التقارب مع المجلس الوطني الكردي والابتعاد عن ب ك ك ما أمكن، ودون ذلك سيبقى التدخل التركي مستمراً وليس لدى أمريكا أو روسيا الاستعداد بالتفريط بمصالحها مع تركيا من اجل سواد عيون الكورد».

الصراع الحالي، صراع كارثي تدميري
تحدث السياسي، الدكتور كاوى أزيزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «السياسة الدولية اليوم تدخل في حلبة صراع الكتل الكبيرة، وسياسة صنع اقطاب جديدة، لوضع حد للسيطرة الغربية والقطب الواحد الأمريكي.
الاتجاه العالمي اليوم يذهب نحو تصادم المصالح وإعادة تقسيم العالم بين القوى الكبرى. من جهة الناتو وعلى رأسها أمريكا، ومن جهة أخرى الصين وروسيا ودول اقليمية كبرى تسعى لبناء قطب عالمي يوازي القطب الأمريكي، لذا فإنهم يحوّلون ساحات دول ثالثة لتصفية الصراع فيما بينهم على حساب الشعوب المقهورة، ومثال على ذلك، أوكرانيا، سوريا، اليمن، السودان، غزة، وغيرها».
يتابع أزيزي: «سوريا تعتبر حجر زاوية في السياسة الدولية للشرق الاوسط، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي ودولة مواجهة مع إسرائيل وحليفة إيران وروسيا القوتين وكآخر حجر عثرة امام التسوية الشاملة بين العرب وإسرائيل.
حالياً سوريا والنظام السوري تم تحييدهما دولياً، كون القرار السوري للمعارضة والنظام أصبح بيد الآخرين، وبالتالي الصراع الآن يدور على أطراف سوريا، بعد غزة يبدو أن سهام الصراع ستتوجه نحو حزب الله، وبعدها الفصائل الإرهابية في سوريا والتابعة لإيران، والصراع سيشتد في كل نقلة لتوجه الحرب من جبهة إلى أخرى إلى حد سيقلق الجميع دون استثناء، وسيحول المنطقة وشعوبها الى لقمة سائغة بحيث سيتمنى الجميع الخلاص بأي ثمن.
سيبدأ التطبيع وبالتزامن مع حلول للقضية الفلسطينية بمبادرة دولية، التطبيع الكامل، إسرائيل مع السعودية والخليج واتفاقية سلام اسرائيلي لبناني بعد الحرب التدميرية، وبعدها سيتم البدء بالملف السوري، وكغيره سيقبل بالشروط الإسرائيلية والدولية باتفاقية سلام ......وهكذا».
أما بالنسبة للقضية الكوردية في سورية يضيف أزيزي: «أنها جزء اساسي في هذا الصراع. كل الشروط الموضوعية متوفرة بأن يكون الكورد والقضية الكوردية بيضة قبان وتوازن سياسي في سورية. العامل الذاتي الكوردي السوري في أسوأ احواله، الإدارة الذاتية وال ب ي د محاصرة بعدم اعتراف سواء كانت دولي أو إقليمي، وحولها شبهات كثيرة. وضعها ضعيف كورديا لأنها تسببت بمآسي كبيرة لكورد سوريا، تهجير، ضرب التعليم وانهيار الاقتصاد، وكان السبب بمقتلة كثير من الشباب. كل هذا عوامل ضعف له، بالإضافة إلى أنها ليست تجربة شفافة ناجحة ولا تعترف بحقوق المعارضة. أما المجلس الوطني الكوردي وأحزابه، وكذلك الكتلة الصامتة الهائلة من حوله هو جسم مشلول ليس له أثر يذكر على الأحداث، تحوّل من قوة شعبية هائلة الى جسم هامد، فقد ثقة الشارع لم يستطيع تقديم مشروع انقاذي، ولا استطاع مواجهة عبث ب ي د و ب ك ك في روج آفايي كوردستان. الوضع الكوردي السوري يحتاج الى إصلاح جذري، ويجب ألا تخلو هذا الجزء العظيم من كوردستان من رجال يستطيعوا كسر كل الخطوط الحمر حولها والمضي قدما الى ساحة المصلحة الوطنية الكوردية السورية، وجنبا الى جنب للخطوات الإصلاحية لا بد من: -الاعتراف المتبادل بين طرفي الصراع. - بالنسبة للإدارة السماح للمعارض أن تعمل بحرية ودون أية عوائق، وان يكون لها حقوق دستورية يضمن سير العمل كجميع الاحزاب الأخرى. - بالنسبة للمجلس الوطني العمل السياسي السلمي الجاد وبناء علاقات طبيعية مع جميع المكونات في شرق الفرات بما فيه الـ ب ي د. - بتوسط من إقليم كوردستان نسج علاقة ثنائية متينة مع الوجود الأمريكي في شرق الفرات تضمن العمل السياسي السلمي. - الوصول إلى اتفاق سياسي بين الطرفين وعودة القادة الى ساحة الوطن».
يؤكد أزيزي: «أننا الآن أمام صراع عالمي كبير تدور رحاها في بلادنا، ونحن جزء من هذا الصراع، والصراع كارثي تهديمي، مرحلة مشروع الشرق الاوسط الكبير شعاره: التدمير ... الفوضى الخلاقة. ...ومن ثم البناء. هنا كل أمة سيكشف عما فيها وجوهرها ومدى تعاطيها وتأقلمها مع الوضع الجديد، نتمنى نحن كـكورد أن يكون لنا استئذان في بناء شرق أوسط، ديمقراطي، تعددي، فيدرالي. من يخطئ سيجرفه الصراع دون رحمة يجب أن نأخذ العقل من تجربة أحداث غزة».

تحدث عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الكوردستاني-سوريا، الدكتور منيب الأحمد لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تمتاز منطقة الشرق الاوسط بغناها بالثروات الطبيعية وتميزها بمناخ معتدل وتمتعها بالفصول الاربعة وهذا شيء إيجابي، اما الغير الإيجابي في الشرق الاوسط هو صراع الشعوب والقوميات والمذاهب والتيارات المختلفة المتصارعة المضادة لبعضها البعض، جعلها وكأنها عقدة ضاع رأس الخيط فيها، فغنى الشرق الاوسط وتنوعها كان من المفروض ان يجعلها مزدهرة متطورة، لكن للأسف ما يحصل هو العكس فأصبحت بؤرة توتر وصراع ليس فقط بين الاطراف والقوى والاتجاهات في منطقة الشرق الاوسط فحسب وإنما بين القوى العالمية التي انقسمت الى محورين يقودهما كل من امريكا وروسيا، وهاتين القوتين اللتان قادتا الحرب الباردة في ما بينهما سابقاً، ومؤخراً تحول هذا الصراع الى حرب ساخنة بكل المقاييس، وما الحرب الدائرة في اوكرانيا إلا جزء من هذه الحرب».
يوضح الأحمد: «ان دعم امريكا والغرب لأوكرانيا بغية اضعاف روسيا، وكذلك الصراع بين هاتين القوتين دبلوماسيًا في أروقة الامم المتحدة، والصراع بينهم امتد الى الشرق الأوسط من جهة أخرى، برزت قوى إقليمية كإيران التي استطاعت ان تصنع لها أذرعا في جميع الدول التي تشهد التوتر والصراع، وحيث قامت مؤخراً بتوجيه ضربات الى قواعد امريكية في الاردن مما تسبب بمقتل ثلاثة جنود اميركيين على الاقل وجرح العشرات مما اثار حفيظة الرئيس الامريكي وإدارته، وقام بالرد إلا ان الرد كان محدوداً، وصدرت تصريحات امريكية بأنها فقط تضرب الاذرع الإيرانية ولا تريد توسيع رقعة الضربات، وكذلك ايران اوعزت الى اذرعها بتخفيف هجماتها ضد المصالح الاميركية في المنطقة، وعلى اثرها قام حزب الله العراقي على لسان مسؤوليها بتعليق مواجهتها مع الامريكان الى حين، وعدم وضوح السياسة الامريكية في هذا المضمار يوحي احيانا بالحسم واخرى باللين، وهذا يدخل ضمن الدعاية الانتخابية سيما اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية».
يشير الأحمد: «ان غموض دعم امريكا لحلفائها في منطقة الشرق الاوسط باستثناء إسرائيل ودعمها اللامحدود، اما روسيا فموقفها ودعمها واضح لحلفائها وما دعمها اللامتناهي عسكريا ودبلوماسياً للنظام السوري خير دليل على ذلك، وذلك معارضتها لأي قرار دولي اممي ضد سوريا باستثناء قرار مجلس الامن 2254 وهذا القرار الوحيد الذي سيضمن التغير في سوريا، وذلك اذا استطاع المبعوث الاممي الى سوريا غير بيدرسون اقناع الاطراف السورية في تنفيذ بنود هذا القرار، الا ان النظام السوري يحاول جاهدا التنصل من هذا القرار. هنا ايضا يبرز ضعف الموقف الامريكي في تطبيق هكذا قرار اممي، بالرغم من كل هذا الا ان ما يجري هو فقط لعبة شد الحبل بين الطرفين، وذلك فيما يخص جميع الصراعات في العالم ومنها الصراع في سوريا، وهذا يتوقف على النفس الطويل، ويبدو لي ان الطرف الاميركي يمتلك نفسا اطول ويصرّ على التغيير في سوريا والإتيان بسوريا لكل السوريين بكل مكوناته، وتحقيق التغيير المنشود ومن ضمنها يجب حل القضية الكردية في سوريا حلاً عادلاً ضمن العهود والمواثيق الدولية، والاعتراف الدستوري بالقومية الكردية».
يتوقع الأحمد: «ان مرحلة الامن والاستقرار هي أقرب منها الى كارثة عالمية، وذلك يتفوق قدرات الطرف الامريكي من جميع النواحي العسكرية والدبلوماسية وسعيها الى تحقيق الاستقرار والامن، من هنا لا بد للشعب السوري عموما بكل مكوناته ان يعي انه لا سبيل له الى الاستقرار والامن الا بانتقال سياسي في سوريا جديدة يشارك فيه جميع مكونات سوريا في بناء دولة مدنية تعددية يسودها القانون والمساوات بين جميع مكوناته ومنها المكون الكردي الذي لا بد ان يكون متماسكا وواضحا في مطالبه القانونية المحقة».