«الديمقراطية» لاحقة الاستبداد في عرف المستبد
عمر كوجري
تتشدق بعض الأحزاب بالتلذذ والتلطّي خلف مفردة استهلكت من كثرة ما استعملت في مكانها، وفي غير مكانها، وهي كلمة «الديمقراطية»
ومن يشجّع على هذه الترهات إنما يتقصدون ذلك، لأجل إفراغ أشياء وكلمات مهمة نؤمن بها، ونقاتل من أجلها من محتواها، وتمييعها عن سبق الترصد، وهم بذلك ينجحون تتبعهم آلة إعلامية تضخ أكاذيبها ليل نهار، وتؤجر من تحت الطاولة حتى الأقلام التي تدّعي أنها لا تتبع سوى لضميرها، وهي في واقع الحال ليست كذلك!!
لعل حزب الاتحاد الديمقراطي " ب ي د" يتصدر هذا المشهد، طبعاً يحسب حساب لكل ما يسعى إليه، ولديه جمهور صفيقة يساندونه في دعواته، ولا يناقشونه في شيء سوى «الإتباع الأعمى» هذا الحزب لكثرة ما يضفي على كل الجمعيات والمؤسسات والتيارات والتنظيمات التابعة له بلفظة لكثرة استعمالها صارت مثار استهجان من قبل الكثير، وحتى المقربين والمستفيدين من هذا الحزب.
إن كثرة استعمال مفردة في غير مسارها، وطريقها، لابد أن تخلق هذا الاستهجان، ويصبح هناك شك وريبة في مفهوم المفردة نفسها!
الاتحاد الديمقراطي هو الفرع السوري للعمال الكردستاني، ومن بقايا هذا الحزب حينما حُظر من النشاط في سوريا أثناء توطيد العلاقات بين النظامين التركي والسوري، والزيارات الكثيرة التي تبادلت بين النظامين منذ أن تولى اردوغان رئاسة الحكومة عام 2003
حزب ب ي د والحالة هذه، لم يأت من فراغ سياسي بل هو أوكل من قبل العمال الكردستاني للتأسيس في سوريا، منبنٍ بحسب منبعه الأساسي على الماركسية اللينينية، وربما اهتدى أو استرشد. بالتروتسكية والماوية في بعض تموجاته الكثيرة!!
من المفترض أن يكون ال ب ي د حزباً علمانيًا بالضد من الطرح الديني بكل صنوفه وأشكاله، وخاصة الشكل الإسلامي للتحزُّب الذي منذ عقود خرّب ذائقة الإنسان السوري بشكل خاص وغيره بشكل عام، بالامتداد الإخواني الفاشي الى تنظيم القاعدة وصولاً إلى داعش والمسمى الذي يطبخ الآن في مطابخ الاستخبارات العالمية، ويختلفون على تسميته فقط.
هذا الحزب يتقصد تمييع كلمة الديمقراطية، وهو منها براء، فكل شيء في غرب كوردستان لابد أن تلحقه كلمة الديمقراطية أو الديمقراطي، كالحزب الفلاني الديمقراطي، ومؤسسة المرأة الديمقراطي، وجمعية المرأة الديمقراطية، ومنظمة الأطفال الديمقراطيين... ومؤسسة الثقافة الديمقراطية، والحديث يكثر عن الإسلام الديمقراطي أيضاً.
هذه اللاحقة التي صارت مضحكة حقيقة في كل منتوج سياسي أو رياضي أو زراعي أو حتى صناعة الأطعمة والنكهات الديمقراطية!!
لكن الأمر الأوضح أن ال ب ي د جعل من المكان الكردي مختبراً للتجارب البالغة السوء.. والتي لم تجلب غير الهزيمة للجميع..
ب ي د روح قلبه قتل الحياة السياسية في غربي كوردستان أكثر مما هي مقتولة ومدمرة.