نشيد الصباح، نشيد الحياة

نشيد الصباح، نشيد الحياة

هنر بهزاد جنيدي

يا أيها الشاك أفق
وافتحْ مداكَ بحسنِ فالكْ
لا تبتئس مهما جرى..
إنَّ المحال دوام حالك..
الشمس لاحت فابتسم..
فجمالُ صبحكَ من جمالك..
في صباحنا الجديد وقبل أن ننهض من فراشنا، لنهمس لقلوبنا دعاء الشكر ودعاء الحمد على النَّفَسِ الجديد والروح الجديدة.
يوم آخر ستنثره حباً على هذا العالم، فرصة من القدر مُنحت لك، ستلتقي فيها بأهلك وأطفالك، بأصدقائك ومحبيك رسائل لم تُفتح بعد، صور وأخبار لم تشاهدها بعد، في يومك الجديد هذا ستكمل قراءة كتب تنتظر عودتك؟ فالطهطاوي سيرسل إليك من وحي قلمه أرواحاً على صورة كلمات، سيمنحك جبران نايَهُ المقدّس لتغني به ف”الغنى سر الوجود!”، وسيعلمنا ناشيد الكاتب كيف نداوي أنفسنا بالفلسفة؟ وسيقصُّ علينا أحمدى خاني قصص الكرد الحزينة، وعلى طاولتك تنتظرك مسودة نص لم تكتمل بعد، وستخط على ورقة بيضاء هذه الكلمات.
صباح جديد هو عمر جديد، هو حلم جديد، فرصة جديدة، لا تنتظر ولا تتوقع من صباحك ويومك هذا السلامة المطلقة ولا الأمان المطلق، لا تأمل منه الراحة الدائمة، فقط عشه، عشه كما تعايش الطيور أيامها، مغردة ومُترنّمة بين الحقول، ولا تعرف أيحمل هذا اليوم رزقها أم موتها؟ عشها بحكمة نيتشه الذي وجد في مداعبة الخطر شرطاً من شروط السمو الفردي، عش يومك باعتداد المتنبي “فعلى قدر العزم تأتي العزائم “وأشعل كرديتك بأشعار جكرخوين وقصائده، وحلق في الحديث مع طيور وبلابل سيداى تيريج واشكي لها الحياة والغربة، واشرب قهوة الصباح مع جارة سعيد يوسف، ودندن بأغنية "جوخى منو " بإيقاعات صلاح رسول.
أن تُمنح صباحاً جديداً فقد مُنحت كنزا إلهياً، منحت باباً يأخذ بيديك إلى اختبار ساحات جديدة للحياة..
حتى مع الذين خذلوك، وأحبطوك يوماً، خصّصْ لهم من العطاء نصيباً في يومك، اعمل على رفع سوية التسامح والتناسي في روحك وفكرك تجاه من آذوك يوماً وامنحهم صكوك الغفران، فعلم النفس يقول: إنك حين تحمل الضغينة تجاه الآخر، فإنَّك بذلك تربط ذاتك بذاك الشخص أو بتلك الحالة برباط عاطفي يقيد مزاجك ويعذّب روحك، ويعكّر يومك، ولا حل سوى الغفران سبيلاً وحيداً لتحرير الروح وثم إطلاقها نقية خفيفة في فضاءات الحياة.
صباحك الجديد هو ولادتك الثانية، اقفز الآن من سفينتك المثقوبة واختر صهوة حصان طائر يأخذك إلى عالم الإيمان والجمال، عالم الكد والحب والعمل.
في يومك الجديد لا تستخف بقوة ابتسامتك الدائمة، ولا برسالة يديك الملوحتين بالسلام على طول الطريق، لا تقلّل من قيمة كلمة جميلة تطرق بها قلب من يستحقها، أو ينتظرها، فللكلمة أحياناً سحرٌ وشفاءٌ، وهي هدية البسطاء والأنقياء للعالم.
عش كل لحظة في حياتك كأنه آخر يوم في حياتك، عش بالإيمان، عش بالأمل، عش بالكفاح، وقدر قيمة الحياة.