في مسألة الشفافية الحكومية

في مسألة الشفافية الحكومية

زهراء التميمي

العلاقة بين الشفافية والنزاهة وثيقة ومترابطة، حيث تعتبر الشفافية واحدة من المفاتيح الرئيسية لضمان النزاهة في أي مجتمع أو مؤسسة. تعني الشفافية كشف المعلومات والعمليات واتخاذ القرارات بطريقة شفافة ومفتوحة للرقابة والمراقبة من قبل الجمهور أو الجهات المعنية.
عندما تكون العمليات والقرارات شفافة يتمكن الأفراد من فهم كيف تتم الإدارة والتوجهات والسياسات؟ مما يزيد من مستوى الثقة والشفافية بين الأفراد والمؤسسات. ومن ثم يمكن للشفافية أن تساهم بشكل كبير في تحقيق النزاهة من خلال إنشاء بيئة تشجع على السلوك الأخلاقي والمسؤولية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النزاهة تستند إلى قيم الشفافية، حيث تتمثل النزاهة في السلوك الأخلاقي والتصرف الصادق والشفاف، والتزام الأفراد والمؤسسات بتطبيق المعايير الأخلاقية والقانونية وبدون وجود شفافية في العمليات والقرارات، فإن النزاهة قد تتأثر وتضعف.
باختصار، يمكن القول إن الشفافية تعدُّ الأساس الذي تقوم عليه النزاهة، حيث تساهم الشفافية في تحقيق بيئة مؤسسية مفتوحة ومسؤولة، وبالتالي تعزز التصرف النزيه والأخلاقي.
اليك عزيزي القارئ مثالاً:
في بعض الدول، تعتمد الحكومات نظاماً يسمى "الميزانية العامة المفتوحة" والذي يتضمن نشر المعلومات المالية والميزانيات العامة للحكومة بطريقة شفافة للجمهور. يمكن للمواطنين الاطلاع على كيفية صرف أموال الحكومة وفقًا للميزانيات المعلنة والمشاريع الممولة والمصروفات
بفضل هذا النظام، يتمكن المواطنون والجمهور من رصد الأموال العامة ومراقبة استخدامها، وهو ما يزيد من مستوى الثقة في أداء الحكومة ويحفز على تقديم المساءلة في حال وجود أي خروقات. وبالتالي تعزز الشفافية في هذا السياق النزاهة والمساءلة العامة حيث يتم تحقيق مستوى عالٍ من الشفافية في إدارة الموارد والمال العام.
إن العلاقة بين المواطن والشفافية الحكومية هما جانبان مهمان في بناء دولة قوية ومستقرة. يتعلق المواطن بحقه في معرفة كيفية تسير شؤون الحكومة وكيف يتم إدارة الموارد العامة. ومن جانبها تعتمد الشفافية الحكومية على توفير المعلومات والبيانات بشكل علني ومفهوم للجميع
يساهم المواطن في تحقيق الشفافية الحكومية عن طريق المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية، مثل التصويت في الانتخابات والمشاركة في الحوارات العامة. كما يمكن للمواطن أن يستخدم حق الوصول للمعلومات للحصول على معلومات حكومية مهمة وتقديم طلبات الاستعلام.
من جهتها، تلعب الحكومة دورًا رئيسيًا في تعزيز الشفافية وتوفير المعلومات. لكن ينبغي أن تكون الحكومة مستعدة لمشاركة المعلومات للمواطنين وتبسيط الإجراءات البيروقراطية. وأن يتم توفير المعلومات بشكل واضح ومفهوم، فإن حق الحصول على المعلومات يلعب دورًا حاسمًا في بناء علاقة شفافة ونزيهة فحينما يتمكن المواطن من الوصول إلى المعلومات الحكومية بسهولة وسرعة سيتيح له ذلك فهم أفضل لقرارات الحكومة وسياساتها فتعزز هذه الشفافية الثقة بين الحكومة والمواطن، وتنمي دور النزاهة والمساءلة
بفضل حق الحصول على المعلومات يمكن للمواطن أن يتابع أداء الحكومة ويقيمها كما يمكنه التحقق من استخدام الموارد العامة بطريقة فعالة ومناسبة ومعرفة كيف يتم تنفيذ السياسات والبرامج وبالتالي، يمكن للمواطن أن يطالب بالمساءلة إذا كان هناك أي تجاوزات أو فساد بالإضافة إلى ذلك، يساهم حق الحصول على المعلومات في تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية. عندما يكون المواطن مطلعًا على المعلومات، يمكنه المشاركة بشكل أفضل في صنع القرارات العامة وتقديم الاقتراحات والتعليقات.
لذا فإن أفراد المجتمع لهم دور حيوي في تعزيز الشفافية والنزاهة بين الحكومة والمواطن، ويمكن أن يكون لهم تأثير كبير في ضمان أن الحكومة تعمل بكفاءة ونزاهة، إليك بعض الطرق التي يمكن لأفراد المجتمع الاشتراك في تعزيز الشفافية والنزاهة:
1- المشاركة في رصد الإنفاق الحكومي:
يمكن لأفراد المجتمع الاهتمام بمناقشة ومتابعة الإنفاق الحكومي ومراقبة كيفية استخدام الأموال العامة في المشاريع والبرامج الحكومية.
2- الاستعانة بوسائل الإعلام والتكنولوجيا: يمكن لأفراد المجتمع توظيف وسائل الإعلام والتكنولوجيا لنشر المعرفة حول الشفافية والنزاهة وللضغط من أجل تحقيق التغيير.
3- المشاركة في المؤسسات الرقابية: يمكن لأفراد المجتمع المشاركة في الجهات الرقابية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على مراقبة أداء الحكومة وتعزيز الشفافية والنزاهة.
4- التوعية والتثقيف: يمكن لأفراد المجتمع تعزيز الوعي بأهمية الشفافية والنزاهة وتثقيف الآخرين حول حقوقهم ومسؤولياتهم في المشاركة في تعزيز هذه القيم.
بشكل عام، يمكن لأفراد المجتمع تكوين تحالفات وشبكات والعمل معاً لضمان حسن سير الأمور والمساءلة الحكومية وبالتالي تعزيز الشفافية والنزاهة بين الحكومة والمواطن.