نسخة أستانا كارثة.. وهي استمرار للأزمة السورية ومعاناة شعبها

نسخة أستانا كارثة.. وهي استمرار للأزمة السورية ومعاناة شعبها

عزالدين ملا

اجتماعات استانا للدول الضامنة تركيا وإيران وروسيا، والتي كانت آخر سلسلتها الاجتماع المرقم بـ 18 والذي انعقد يومي الأربعاء والخميس 15 و16 حزيران 2022، في عاصمة كازاخستان نور سلطان، ولم يظهر بيانها الختامي أي جديد سوى التأكيد على بنود اجتماع استانا السابق المرقم بـ 17، وبقيت بنود البيان الختامي كما يريده النظام والمعارضة دون ارادة الشعب السوري كـ بند، «أعادت الدول الضامنة التأكيد على الالتزام الثابت بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة» استمرار حشر كلمة العربية في الجمهورية السورية دليل استمرار إقصاء وتهميش كافة المكونات السورية الأخرى. وكذلك البند الثالث، أعربت الدول الضامنة عن عزمها على مواصلة التعاون من أجل مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره والتصدي للخطط الانفصالية الرامية إلى تقويض سيادة ووحدة أراضي سوريا وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود. ذات الحجج التي تتعامل بها دول استانا لبقاء خطر التهديد والاجتياح ضد المناطق السورية وخاصة المناطق الكوردية. وأيضاً البند الخامس، استعرض المشاركون بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، واتفقوا على بذل المزيد من الجهود لضمان التطبيع المستدام للوضع في إدلب وحولها، بما في ذلك الوضع الإنساني. وشددوا على ضرورة الحفاظ على الهدوء "على الأرض" من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب. هذا يدل على بقاء الوضع السوري دون حل سياسي واستمرار مناطق النفوذ.
1- كيف تحلل الوضع السوري بشكل عام والكوردي بشكل خاصة في هذه الفترة؟
2- برأيك، ما سبب انعقاد اجتماع استانا في هذا التوقيت بالذات؟
3- هل اجتماعات استانا سبيل الحل أم وضع عراقيل من أجل دون حل سياسي قريب؟ ولماذا؟
4- كيف تقيم هذه البنود المذكورة في بداية التقرير؟ ولماذا؟
5- ما المطلوب من الكورد أولاً، والسوريين ثانياً للخروج من هذه المعمعمة المستمرّة؟

الغائب البارز في معادلة أستانا، هموم السوريين ومستقبلهم
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد علي إبراهيم لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن الوضع في سوريا، وما جرى للسوريين من ظروف معقدة دامت أكثر من عشر سنوات نتيجة التدخلات الاقليمية والدولية مما زاد الوضع تأزمًا، المصير لم يعد بيد السوريين، لا النظام بالرغم من زيادة المساحة المسيطرة عليها في السنوات الأخيرة، ولا المعارضة الهشة غير المتماسكة، ولا تمتلك القوة في التغيير، حيث يعيش جزء كبير من السوريين في حالة الشتات وقسم آخر في مخيمات اللجوء والنزوح، وأصبحت سوريا تنقسم على مناطق النفوذ بين كل من روسيا وإيران من جهة وتركيا وأمريكا من جهة أخرى. أما بخصوص الوضع الكوردي الذي يعاني تشتت الموقف، وتعرُّض بعض مناطقه مثل عفرين وسري كانييه وكري سبي بسبب السياسة الفاشلة التي مارستها ب ي د، بالاجتياح التركي من خلال دعم المليشيات المسلحة التي انتهكت الحقوق والممتلكات، فالوضع الكوردي المنقسم على مشروعين مختلفين مشروع قنديل الذي لا يمت بالكوردايتي أية صلة بل كما يدعون بالأيديولوجية الاممية، والمشروع الثاني حامل راية الكوردايتي من أجل تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الكوردي القومية والوطنية، ويتجسّد ذلك في مشروع المجلس الوطني الكوردي في سوريا».
يتابع ابراهيم: «جاء التفكير في انعقاد الجولة الثامنة عشرة من الجانب الروسي لتؤكد استمرار نفوذها في سوريا كـ ردة فعل في أعقاب تصعيد دولي حاد ضدّها على خلفية صراعها في أوكرانيا، وخاصة بعد محاولة عدد من هذه القوى المنافسة ملء الفراغ الناجم عن الانشغال الروسي، سواء على الصعيد السياسي عن طريق استمرار موسكو خوضها في مفاوضات مع جميع الأطراف النزاع وخاصة في أستانا كرسالة واضحة للغرب في استبعاد دورها عن المنطقة، لأن المحادثات التي تقيم في جنيف لها طابع دولي، أما على الصعيد الميداني عبر تكثيف نشاطاتها على النقاط التماس مع المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري والممتدة بين رأس العين شمال الحسكة وتل أبيض شمال الرقة. يمكن القول إن غاية هذه الجولة لم تكن لإيجاد حل سياسي عادل في سوريا، التي لم تخرج بأي شيء ملموس على أرض الواقع ولم تسفر عن أي نتائج على صعيد كتابة الدستور السوري الجديد، بل كان مبتغى موسكو أيضاً إنهاء تأثير الغرب في مسار المحادثات وانفرادها بالملف السوري وفق مصالحها ورغباتها، وسحب الملف من الغطاء الاممي».
يضيف ابراهيم: «بالرجوع إلى بداية انطلاق محادثات أستانا للسلام في سوريا منذ جولتها الأولى في كانون الثاني 2017، وما تمخضت عنها من اتفاق وقف إطلاق النار بين النظام السوري والمعارضة وبعدها انعقاد الجولة الثانية في شباط 2017، والتي انتهت مع تشكيل لجان متابعة لمراقبة وقف اطلاق النار، وغياب المعارضة عن الجولة الثالثة في آذار 2017 نتيجة استمرار خروقات وقف إطلاق النار من طرف النظام السوري ومن ثم الخامسة في تموز 2017 والسادسة في أيلول 2017، اللتين لم تسفر عنهما أية نتائج مرضية، وفشل الجولة السابعة في تشرين الاول 2017 وخاصة في ملف التوافق على تبادل الاسرى، حتى آخر جولاتها المتمثلة بالثامنة عشرة، يدرك المتتبع لهذه الاجتماعات جيداً أن جميعها لم تختلف عن بعضها البعض من حيث الشكل والمضمون، ولم تطرأ أي تغييرات جوهرية على سياسة دول الأطراف الضامنة. منذ تأسيس الأستانا إلى الآن، لا تزال أغلب القضايا الشائكة معلقة، ومن بينها ملف اللاجئين نتيجة حملة التضليل التي يتبعها النظام السوري وقضية المعتقلين وانتهاكات النظام لاتفاق وقف اطلاق النار، كما ان أعمال اللجنة الدستورية مازالت تراوح في مربعها الأول. والجدير الذكر ان هذه اللجنة لم تُناقش مادة دستورية واحدة، ولم تتطرق إلى بنود محل الخلاف الاساسية، وتعتبر مجرد مصطلح للاستهلاك السياسي. باختصار، الدور الروسي في المقام الأول في هذه المحادثات هو دعم النظام الأسد وإعادة احكام سيطرته على البلاد وإعادة إنتاجها وتصفية المعارضة عسكرياً وسياسياً. الغائب البارز في هذه المعادلة هموم السوريين ومستقبلهم».
يردف ابراهيم: «انهت الدول الضامنة اجتماعها في كازاخستان بإصدار بيان، استمرارا لمواقفهم وبنود اجتماعهم السابع عشر، مؤكدين على مصالح النظام الذي يلتقي بمصالحهم وكل حسب موقعة متجاهلين معاناة الشعب السوري وآلامهم، والحرب التي دمرت سوريا في كافة مناحي الحياة ناهيك عن تدمير البنية التحتية لهذا البلد، والتجاهل الواضح لمطالب المعارضة السورية الديمقراطية كما تجاهل حقوق المكونات وإلغاء حضورهم ووجودهم في رسم سوريا المستقبل والتهميش وإخلال بالمبادئ الديمقراطية التي دعت إليها المعارضة بمختلف مكوناتها ونخص بالذكر انكار وجود الشعب الكوردي الذي يعيش على ارضه التاريخية».
يختم ابراهيم: «منذ بداية الثورة السورية كان لزاماَ على الكورد كما السوريين عامة تجميع القوى من أجل مواجهة الوضع والأزمة وأثبات الوجود الكوردي على ساحته التاريخية من خلال وحدة الموقف، وتأطير كافة الجهود والمطالب الذي سعت إليه المجلس الوطني الكوردي منذ بداية الثورة إلا أن الطرف الآخر ب ي د تنصل من جميع الاتفاقيات هولير1 هولير2 دهوك بقيادة جناب الرئيس مسعود البارزاني، وأخيراً الحوار الكوردي ـ الكوردي الذي سدَّ أبوابه من قبل ب ي د ومنذ أكثر من سنتين، ومهما يكن لابد من السعي والعمل على تحقيق وحدة الموقف الذي يجعل من الكورد قوة بارزة أمام المتربصين، وللخروج من هذه العتمة لابدَّ من تضافُر كلّ الجهود الوطنية في سوريا، ومن القوى الديمقراطية المتواجدة على الجغرافيا السورية بأطيافها ومكوناتها المتعددة من أجل الخلاص من النظام المستبد واقامة نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على المساواة الكاملة بين السوريين في الحقوق والواجبات، وتأمين حقوق جميع المكونات بما فيها الشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية، والعمل على وقف الحرب ودعوة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم والإفراج عن المعتقلين والمخطوفين في جميع المعتقلات».

صيغة استانا تعتبر كارثة بكل المقاييس على القضية السورية
تحدث المعتقل السابق وعضو منظمة العفو الدولية، شبال إبراهيم لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الوضع في سوريا يمضي قدمًا من سيّئ إلى أسوأ لأنه لا شيء يبقى كما هو، فإما أن يتحسّن الوضع، وإما أن يسوء، ومع الأسف الحالة في سوريا تنتقل من وضعية مأزومة إلى وضعية مأزومة أكثر تشابكاً وتعقيداً. فمثلاً، الحل السياسي للمعضلة السورية أصبح أضغاث أحلام في ظل تعنت النظام وتحوله إلى أداة روسية وايرانية وكذلك ارتباط المعارضات السورية المتعددة بأجندات الدول التي تحتضنها، وأخص بالذكر الائتلاف السوري المعارض الذي يتبنى وجهة النظر التركية – القطرية فيما يخص مسألة الحل والانتقال السياسي للمأزق السوري، أيضاً لا بدّ من الإشارة بأن المأساة السورية لم تعد من أولويات القوى الرئيسية في العالم مثل الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي وبريطانيا بعد أن أنهمكت بالحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها المرعبة على الصعيدين الأوروبي والعالمي. كُردياً، الوضع لا يقل سوءًا، فما زالت المباحثات بين الإخوة – الاعداء في كُردستان سوريا، واقصد حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقود الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من ناحية والمجلس الوطني الكُردي تراوح محلها أو بالأحرى هي متوقفة منذ فترة طويلة ولا أشاهد أية بارقة أمل تلوّح في الأفق لكسر هذا الجمود المخيف. على الصُعد الأخرى الأوضاع أيضاً كارثية، فالوضع المعيشي صعب للغاية والخدمات العامة المقدمة من الإدارة الذاتية ليست على ما يرام والمناطق الكُردية شبه محاصرة اقتصادياً والمنفذ الوحيد هو معبر سيمالكا الذي يتعرض أيضا للإغلاق بين الحين والآخر».
يعتقد شبال: «ان الهدف الروسي الرئيسي كان التأكيد بأن روسيا ما زالت موجودة في سوريا ومهتمة بها، وأن أعباء الحرب في أوكرانيا لن تثني موسكو من الاهتمام بالملف السوري الشائك. كذلك المرامي الروسية كانت محاولة إقحام الملف السوري، وما يستتبعه ويحيط به من جهود ولجان ونشاطات في دائرة المواجهة مع الغرب. وفي هذا الإطار ظهر الاقتراح الروسي الرامي إلى نقل أعمال ما تسمى باللجنة الدستورية من جنيف إلى دولة أخرى بسبب تأزم العلاقات الروسية – الغربية ومشاركة سويسرا في العقوبات التي يفرضها الغرب على موسكو. وربما تسعى موسكو إلى سحب الملف السوري برمّته من الغطاء الأممي بإدارة الأمم المتحدة وحصرها في صيغة استانا أو ما يشابهها».
يتابع شبال ابراهيم: «صيغة استانا تعتبر كارثة بكل المقاييس على القضية السورية لأنها ساهمت في سحب القضية من أصحابها، وأقصد النظام السوري والمعارضات السورية وتم احتكارها من قبل الدول "الضامنة"، وأنا أسميها الدول الهادمة والمحتلة لسوريا. هذه الدول تجتمع من وقت إلى آخر لبحث ودراسة وتوكيد مصالحها وأجنداتها وخططها الشيطانية في سوريا، وليس من أجل إنهاء مأساة السوريين. ثم دعوني اسأل هنا: لماذا سميت بالأساس بالدول الضامنة؟ ضامنة لأي شيء؟ إنها ضامنة لمنافعها، وكل دولة من هذه الدول تستفيد من تواجدها في سوريا على أساس تحويلها إلى نقطة انطلاق نحو فضاءات إقليمية أرحب. هذا بالإضافة إلى أنها تعقد الصفقات وتتقايض فيما بينها حول المناطق السورية. نتذكر كيف حدثت صفقة الغوطة مقابل عفرين بين روسيا وتركيا سنة 2018. الدول الثلاث لها باع طويل في خلق أزمات جديدة على الأصعدة المحلية والإقليمية وحتى العالمية وليس لها أي إرث بالمعنى النقيض، أي المساهمة في فض النزاعات وحل الأزمات. ولذلك من المحال أن نرى أية حلول أو حتى مشاريع حلول للمعضلة السورية في المديين القريب والبعيد».
يضيف شبال: «هذا ما يمكن تسميته بالمضحك المبكي أو بالكوميديا السوداء، وأقصد كيف أن الدول الثلاث هي متدخلة بشكل غير شرعي في سوريا ومحتلة للأراضي السورية، وتتحدث بكل صفاقة عن السيادة السورية ووحدة أراضيها، إن الإصرار على تحديث الاسم القديم – الجديد لسوريا والذي ابتكره حزب البعث، والذي يصب لصالح إبراز عروبة سوريا وفق النكهة البعثية الكريهة هو أكبر دليل على أن الدول الثلاث تستبسل وتجاهد في سبيل إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، بمعنى تكرار المكرر وإعادة إنتاج القديم وكأن شيئا لم يكن، بطبيعة الحال هذا فيه إقصاء وتهميش وتغييب للمكونات الأخرى. لكن هنا علينا أن نكون صريحين وهو أن هذا المنحى يؤيده أيضاً كافة المعارضات السورية بمختلف منصاتها وخاصة الإئتلاف كيف لدولٍ تمارس الإرهاب المنظم والممنهج ضد شعوبها وضد الشعوب الأخرى ومنها الشعب السوري، وتتكلم بنفس الوقت وبكل وقاحة عن محاربة الإرهاب!، محاربة الميول الانفصالية والمقصود هنا هم الكُرد والذين يديرون الإدارة الذاتية، علماً أن ب ي د لا يتبنى أية أجندات قومية وبالتالي انفصالية. وهنا يجب أن يكون رد الكُرد وقواهم السياسية موحداً، وذلك بتذليل العقبات أمام إنجاز التفاهم والإتفاق بين ب ي د وأنكسة، وتبني مشروع حل موحّد للقضية الكُردية في سوريا على اساس الفيدرالية».
يؤكد شبال إبراهيم: «ما سأقوله صعب التحقيق لكنه ليس بالمستحيل. على الممثلين السياسيين للكُرد في سوريا إنتزاع قرارهم السياسي المستقل من كافة الجهات التي تؤثر عليهم سلباً. على الصعيد السوري أنا متشائم إلى حد ما لعدم توافر مقومات النهوض والإتيان بالبديل الذي قد يولد بعض الأمل من تحت أنقاض وركام البلد بأسره. وأستطيع أن اضيف أنه يجب تضافر جهود جميع الخيرين على الصعيدين الكُردي الخاص والسوري العام من مثقفين ونشطاء مجتمع مدني للتأسيس لحالة قد تقينا من المزيد من الضياع وتبدد الجهود».

فشل مؤتمر أستانا وعجزه في إيجاد أي حل لسوريا
وتحدث الكاتب عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: « إن الوضع في الأزمة السورية وبغض النظر عن حيثياته وعوامل نشوئها والايدلوجية والأفكار التي حملتها هذه الثورة لجميع أبناء سوريا ودول الجوار، يمكن ومن خلال هذه الثورة أن نقول إن الأزمة جوهرها هي التعبير عن إرادة الشعب السوري في التغير والاستفادة من أفكار ومفاهيم الديمقراطية التي تبنتها جميع المواثيق الدولية، بأن لكل شعب الحق في تقرير مصيره. الحقيقة الثانية التي يمكن أن نشخصها عبر أحداث ومجريات الأزمة السورية هي أن الكثير من تلك الأيديولوجيات التي تسللت عبر مفاهيم الثورة أنما هي أيديولوجيات لا تناسب الواقع والمجتمع السوري الذي يتميز بالمحبة والتآلف والتعايش السلمي بين جميع المكونات، ومحاربة التطرف والارهاب، لذا الأزمة السورية تجاوزت محيط وإطار الفضاء السوري، ولتصبح أزمة أدواتها وعواملها الدول الاقليمية والعالمية في ثورة مصالح، وامتياز في التعبير عن أجندات والتدخلات الاقليمية لتصبح الأرض السورية ساحة لتصفية الحسابات واستعراض العضلات، ضارباً بذلك آمال ومشاعر وتطلُّعات وإرادة الشعب السوري عرض الحائط. بما أنها تحولات من ثورة للتعبير عن أفكار التغير والديمغرافية إلى أزمة تنافس وتصارع على المصالح، بالتأكيد فإن الحلول لإنهاء هذه الأزمة ليست بيد الشعب السوري بل في قرار دولي لا يملك الرغبة أو الإرادة الحقيقة في إيجاد حل للأزمة السورية، لتبقى الأزمة تدور في دوامة لا متناهية من الأزمات والصراعات يدفع ثمنها الشعب السوري من قتل وتهجير، وجميع محاولات التغيير ومحو الهوية الوطنية والقومية».
يتابع موسى: «من خلال التوصيف الحقيقي للأزمة السورية يمكن القول بأنها التعبير عن انتقال وتغير في الثورة التي تجسد آمال الشعب في التغير والاستفادة من جميع مفاهيم الديمقراطية والمواثيق الدولية، بأن لكل شعب الحق في تقرير مصيره إلى أزمة مستمرة في دوامة غير متناهية من الصراعات وتصارع المصالح لتنفيذ الأجندات الإقليمية، بذلك متجاوزاً الفضاء السوري إلى أزمة إقليمية وعالمية، وتحويل سوريا إلى ساحة صراع للتنافس على تحقيق المصالح وتصفية الحسابات الدولية. لذا فإن جميع المؤتمرات العالمية التي عجزت عن إيجاد حل للأزمة السورية منها مؤتمر أستانا الذي انعقد قبل فترة عجز تماماً عن إيجاد حل أو الخروج بمخرجات تناسب حجم آمال وإرادة السوريين في التغير. هذا العجز نابع عن فقدان القوى العالمية المتحكمة بالمصير السوري وعجزهم في امتلاك الرغبة الحقيقية في الحل. بالطبع الوضع الكردي لا يختلف كثيراً عن الوضع السوري العام في ظل استمرار الانقسام السياسي في القرار الكوردي بين طرف يملك مشروعا قوميا كُرديا، ربط مصيره بمصير الشعب السوري منطلقاً من التعايش السلمي بين المكونات السورية، وطرف آخر ربط مصيره ليصبح الشعب الكُردي رهيناً للمشاريع الإقليمية، بذلك يدفع الشعب والمنطقة الكُردية ثمن حسابات ما تسمى الإدارة الذاتية وحسابتها وتحالفاتها الخاطئة، ليدفع الشعب الكردي ثمنها الهجرة والتغير الديمغرافي وفقدان جميع مقومات العيش في المنطقة».
يضيف موسى: «في توصيف الحالة السورية مفاتيح الحلول خرجت من أيدي الشعب السوري، لتصبح جميع محاولات الحلول إقليمياً ودولياً في ظل العجز عن إيجاد حل للأزمة السورية فهو التعبير عن الإرادة الدولية في عدم امتلاك الرغبة الحقيقة للحل. لذا جميع المؤتمرات الدولية من جنيف وأستانا فهي استمرار التوصيف لهذه الحالة لتدخل الأزمة السورية في صراع المصالح الدولية، لذا الاصرار الروسي على عقد أستانا في هذه الظروف لإضفاء الشرعية على حضورها القوي على الساحة الدولية، ولاسيما بعد انكساراتها العسكرية في الحرب الأوكرانية ومحاولات إيران وتركيا على التأكيد في حضورهم الإقليمي في تعزيز مكاسبهم والحفاظ على مصالحهم».
يتطرق موسى: «إن مؤتمر أستانا من حيث طبيعة نشوئه جاء كرد فعل على السياسية الدولية للإجماع على الحل في جنيف فكانت استانا هي لإيجاد حلول لتبادل الأدوار بالحفاظ على المصالح في سوريا، من توقيع اتفاقيات خفض التصعيد والحفاظ على مستويات العنف، والرغبة الإيرانية لإضفاء الشرعية على مشروعها في سوريا. لذا من خلال التركيز على بعض الشكليات في الأزمة السورية في التأكيد على مصطلحات فضفاضة مثل السيادة السورية ووحدة الأراضي السورية واختزال حجم تضحيات الشعب السوري في محاربة الإرهاب، والبقاء في الشكليات وعدم التعبير عن حقوق المكونات الأساسية من خلال التأكيد على المشاريع التي تشجع العروبية إنما تأكيدا على فشل مؤتمر أستانا وعجزه في إيجاد أي حل للازمة السورية».
ينهي موسى: «بما أن الأزمة السورية هي أزمة صراع وتنافس إقليمي ودولي بالتأكيد فهي مرتبطة بالصراع العالمي على تحقيق المصالح. على الكُرد الحفاظ على الإطار القومي والوطني منطلقين من الثوابت الاساسية، وعدم التفريط بها خدمة للأجندات والمشاريع الاقليمية، والاستفادة من الرعاية والدعم القومي من الرئيس مسعود البارزاني للقضية الكُردية لدفع في سورية عبر التأكيد على الوحدة الكُردية للمطالبة وعدم التفريط بالحقوق. بالنسبة للشعب السوري ومن خلال المعارضة لابد عليه من التأكيد على الحقوق الوطنية وعدم خدمة الأجندات الإقليمية والتأكيد على الحضور الإقليمي والدولي والانطلاق من المبدأ بأن الأزمة انطلقت سورية، لذا لابد للحل أن يكون سوريا وطنياً، بعيداً عن الأجندات الإقليمية في فضاء وطني يجمع جميع المكونات السورية».

أخيراً:
نسخة أستانا وتسلسلات اجتماعاتها تأتي ضمن مناورات ومقايضات الدول التي تسمي نفسها ضامنة، روسيا وتركيا وأيران، وعليه يظهر جليَّاً أنها لن يكون طريق الحل السوري، وباستمرار سلسلة استانا ستستمر الأزمة السورية وتستمر معها معاناة الشعب السوري.