عَلَم غرب كوردستان: ضرورة الوحدة الرمزية والتحديّات القانونية

عَلَم غرب كوردستان: ضرورة الوحدة الرمزية والتحديّات القانونية

د. كاميران حاج عبدو

بينما يسعى الكُرد في غرب كوردستان إلى بناء وحدة إدارية سياسية ضمن إطار سوريا لا مركزية، تبرز أهمية الرموز الوطنية التي توحّد الصفوف، وتعزّز الانتماء القومي، وفي مقدمتها العَلَم، باعتباره تجسيداً حياً للهوية ومعبراً بصرياً عن تطلعات الشعب وإرادته.
بمناسبة انعقاد «كونفرانس وحدة الصف والموقف الكُرديين» في مدينة قامشلو بتاريخ ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٥، والذي شكّل خطوة مهمة نحو ترسيخ العمل المشترك، كان من الضروري تناول مسألة اعتماد علم موحّد لغرب كوردستان. إلا أن ذلك لم يحدث؛ بل، وللأسف، رُفعت خلال المؤتمر عدة أعلام مختلفة، مما عكس استمرار حالة التعدد الرمزي وأكد الحاجة الملحة لمعالجة هذا الفراغ برؤية موحدة.
إن رفع أكثر من عَلَم، رغم أهمية المؤتمر، يكشف عن أن قضية الرموز المشتركة لا تزال بحاجة إلى عناية جديّة، وأن العمل على صياغة علم مُوحّد سيشكّل رافعة حقيقية لترسيخ وحدة الموقف والرؤية السياسية في غرب كوردستان.
من هذا المنطلق، يصبح إعداد مشروع علم موحّد يمثل الإقليم المنشود ضرورة قومية وسياسية. وفي هذا السياق، أرى أن العلم الكُردي التقليدي — المؤلف من الألوان الأحمر والأبيض والأخضر، تتوسطه شمس ذهبية مشرقة — يجب أن يشكل الأساس لهذا المشروع، لما يحمله من رمزية قومية عميقة وجذور تاريخية موحدة لدى غالبية الكرد في جميع أجزاء كوردستان.
لقد ارتبطت الراية الكُردية التقليدية، بألوانها الثلاثة والشمس الذهبية، بنضال الشعب الكُردي عبر التاريخ، ورافقت المقاتلين في معاركهم من أجل الحرية والكرامة. أصبحت هذه الراية رمزاً لتضحيات الشهداء وأمل الأجيال المتعاقبة في الحرية.
مع ذلك، فإن التعامل مع المقدّسات لا يعني تثبيتها في نقطة معينة، بل يتطلب شجاعة ورؤية واعية تسمح بتطويرها بما يواكب الضرورات الواقعية والدستورية. لذا، قد يكون من الضروري إجراء تعديلات طفيفة على العلم، بحيث يُحفظ جوهره ويُعزّز مكانته بما يتماشى مع التحولات السياسية والقانونية الراهنة.
في هذا السياق، يحلو لنا أن نحلم باليوم الذي ينال فيه الشعب الكُردي حقه في تقرير مصيره وتأسيس دولته المستقلة — كردستان الكبرى الموحّدة. وحينها، سنرفع رايتنا التقليدية بكل فخر لتكون رمزاً للكرامة والانتصار، تزين سماء كردستان الحرة كما قوس قزحٍ من الأمل.
رغم قداسة العلم التقليدي لدى غالبية الكُرد، تفرض الضرورات القانونية والسياسية الحاجة إلى تعديله ليتوافق مع قواعد العلاقات الدولية والدساتير الوطنية، خاصةً في حال وجود كيانات سياسية مستقلة.
لذلك، فإن إدخال تعديل مدروس على العلم التقليدي يوفّر التوازن بين صون الرمز القومي والالتزام بالقواعد الدولية. ومع الحرص الكامل على الحفاظ على جوهر العلم وألوانه ومعانيه الخالدة، يمكن، على سبيل المثال، التفكير في تعديل بسيط يتمثل في أن تظهر الشمس الذهبية المشرقة وهي تشرق من خلف جبال تمثل جبال كوردستان، في دلالة رمزية على الصمود والثبات والارتباط العميق بالأرض.
إن اعتماد علم موحد لغرب كوردستان لا يمثل مجرد خطوة رمزية، بل يشكل ضرورة استراتيجية لتعزيز وحدة الصف الوطني الكردي. فالعلم راية جامعة تعلو فوق الانتماءات السياسية والفكرية، وعنوان للهوية القومية والوطنية المشتركة، وفي لحظات التحديات الكبرى يصبح رمزاً تتوحد تحته الإرادات وتذوب أمامه الخلافات.
ختاماً، يبقى الأمل أن تتجاوب القوى السياسية والمدنية مع هذا التحدّي، وأن تولي قضية العَلَم ما تستحقه من اهتمام، كرمز لوحدة شعب يسعى إلى الحرية والكرامة ضمن سوريا ديمقراطية لا مركزية.