رسالة أوجلان، هل تفتح باب السلام أم تعمّق الانقسام؟

رسالة أوجلان، هل تفتح باب السلام أم تعمّق الانقسام؟

عزالدين ملا

بعد طول انتظار، قرأ وفد ايمرالي رسالة السيد عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني في أحد فنادق استنبول، وقد نُقلت رسائل أوجلان إلى كلٍّ من الرئيس مسعود بارزاني، والسيد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إضافة إلى الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي.
حملت هذه الكلمة مقترحًا حاسمًا تمثل في حلّ حزب العمال الكردستاني وإلقاء سلاحه، وهو ما أثار ردود فعل متباينة داخل الحزب نفسه، وعلى الصعيد الكردي والإقليمي والدولي.
تأتي هذه الكلمة في ظلّ أوضاع معقدة يعيشها الكرد في سوريا، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل إدارة جديدة بقيادة السيد أحمد الشرع، مما يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل القضية الكردية والتوازنات السياسية في المنطقة.

1-ما مدى واقعية تنفيذ مقترح أوجلان على أرض الواقع، في ظل التعقيدات السياسية والعسكرية الحالية؟ وما البدائل الممكنة أمام حزب العمال الكردستاني في حال تنفيذ حلّه؟
2-هل تتوقع أن الحكومة التركية ستقبل بمضمون الرسالة، وتبادر لخطوات عملية في مسار عملية السلام بين الكورد والحكومة التركية؟ وما مدى تأثيرها على مستقبل العلاقات بين الكورد والحكومة التركية؟
3-كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورا في إنجاح أو إفشال هذه المبادرة؟
4-كيف يمكن أن تتأثر الإدارة الجديدة في سوريا بهذه التطورات؟

من النزاع إلى السلام، رسالة أوجلان والتحولات الإقليمية
تحدث عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار أمين لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «من خلال قراءة أولية للمشهد السياسي والتطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة ولاسيما بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من مساندة حزب الله لها وما نتج عنهما من قتل طال الرموز والقيادات في حماس وحزب الله، ودمار بين الجانبين وخصوصاً في غزة وجنوب لبنان، وكذلك مقتل إسماعيل هنية في ايران وتحطم طائرة الرئيس الايراني "ابراهيم رئيسي" والوفد الرفيع المستوى المرافق له، وسقوط نظام البعث في سوريا وبعد كل تلك التطورات وحصول التغيير في الإدارة الأمريكية بانتخاب السيد دولاند ترامب رئيسا لها واستلامه زمام الأمور رسميا في 20 كانون الثاني 2025، بدا بشكل او بآخر جانب من التوجه الدولي نحو إنهاء الحروب بمعالجة أسباب وإشكالات بؤر التوتر في العالم "الحرب الروسية على اوكرانيا" وفي منطقة الشرق الأوسط كجزء من ما أسموه مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولعل ما حصل في تركيا مؤخرا يأتي في هذا السياق بوقف العنف والتوجه نحو السلام وحل المعضلات بالحوار السياسي، لأن ما جرى وكأنها مبادرة من زعيم الحركة القومية "دولت بهجلي" المتشدد حيال الكرد والقضية الكردية، حيث نزل من غطرسته ليأتي الى البرلمان ويصافح نواب حزب المساواة " dem " بعد اتهامهم بالخيانة ويطلب من السيد عبد الله اوجلان أن يعلن حل حزبه (حزب العمال الكردستاني pkk ) ويعلن جهارا أن الدولة التركية هي لكل الذين يعيشون فيها ويخص بالذكر "الترك والكرد"، ويضيف ليس بتركي من لا يحب الكردي وكذلك العكس ليس بكردي من لا يحب الترك، والى غير ذلك من الكلام المعسول، ما يعني ان هناك توافق تركي بين بهجلي واردوغان وبينهما ومختلف الاتجاهات السياسية التركية على التحول المرتقب في الموقف ما يشير الى التوافق حتى مع الجانب الدولي.
يتابع امين: «ان رسالة السيد اوجلان لم تأت من فراغ، بل هي حصيلة دراسة معمقة وحوار جاد، وهي تنسجم مع متطلبات المرحلة والتوجه الدولي نحو السلام، وقد تأكد للسيد اوجلان ان زمن السلاح قد ولى، وإن المرحلة لها خصوصيتها، ومع ذلك وجه رسائل الى الجهات المعنية الدولية منها والإقليمية يطلب الضمان لما يصبو اليه او لما هو متفق عليه مع الجانب التركي وفي المقدمة فخامة الرئيس مسعود بارزاني لما له من كاريزما ودور سياسي متميز يتجسد في تعامله بصدق وإخلاص لمن يلجأ اليه او يستعين به في مثل هذه القضايا والشؤون السياسية، اما عن البدائل لحزب العمال الكردستاني بعد التوافق على حله ونزع سلاحه، فهو النضال السياسي السلمي سواء بإعادة تشكيل ذاته سياسيا وبتسمية جديدة او الانخراط في الحزب السياسي القائم "حزب المساواة dem" او اي عمل سياسي يتوافق عليه قادة الحزب المنحل».
يعتقد امين: «ان رسالة اوجلان تخدم عملية السلام بين الكرد والدولة التركية، بل ان الدولة التركية مستفيدة ان طوت هي الأخرى صفحة المآسي وحالة القلاقل لأن لا استقرار في تركيا بل لا استقرار في المنطقة دون حل القضية الكردية حلا عادلا في عموم اجزاء كردستان، ومن المعلومات المسربة عبر الإعلام ان هناك عددا كبيرا من نقاط التفاهم والتوافق بين الجانبين التركي والسيد عبد الله اوجلان لدرجة تغيير الدستور التركي لينسجم مع التطورات الدولية من جهة والتطورات الداخلية في تركيا، لأن قادة تركيا علموا ان لا مجال للمراوغة والهروب من حقيقة ان تركيا دولة متعددة القوميات والأديان وان ترك مشاكلها وتداعياتها من دون حل لا يخدم مستقبل الدولة والشعب بل المعالجة الموضوعية هي الكفيلة بوضع عجلة التطور للدولة على السكة الصحيحة.
يشير امين: «إلى ان للمجتمع الدولي دور مهم سواء في نجاح العملية الجارية في تركيا، او افشالها او التدخل لتصويبها او حرفها عن مسارها السياسي، خاصة وان للدول مصالحها السياسية والاقتصادية، الا ان ما يجري "برأيي" ينسجم تماما كما ذكرنا مع التوجه الدولي سواء في نزع السلاح وازالة التوتر والجنوح الى السلم، او في فض النزاعات بالحوار والتفاهم، خاصة وأن قضية بمستوى قضية الشعب الكردي التي تغدو موضع اهتمام المجتمع الدولي، ويدرك الجميع بما لحق بالكرد من غبن خلال العصور السالفة، وعليه ينبغي ان يساهم المجتمع الدولي في انجاح هذه العملية وتقدمها بما يحقق النتائج والأهداف المرجوة، لأنها قد تكون احدى نتاجاته».
يختم امين: «إلى ان هناك من يعتقد بأن الادارة الجديدة في سوريا قد تحققت بدعم ومساندة الدولة التركية، بل كان بناء نظام سياسي شبيه او متطابق له هو احد الأهداف الرئيسة لتركيا في العمل والمساندة، وعليه فان تأثير تركيا على الادارة السورية غير خاف على احد، وان الدعم التركي لأي توجه سوري للحل قد لا يخرج عن سياق ما يحصل في تركيا ذاتها، بمعنى سوف تطالب بنزع السلاح من أي طرف كان بما فيها قوات سوريا الديمقراطية " قسد " والعمل بالاتجاه السياسي فقط، في حين ان النظام التركي من حيث الممارسات المؤسساتية في الحقل الديمقراطي يختلف تماما عن الادارة السورية الجديدة "حديثة العهد" اي ان تغيير الوضع في تركيا قد يؤثر سلبا على الوضع الكردي داخل سوريا، الا عبر وضع آليات وضوابط معينة، او عبر تطورات جديدة تطأ على اللوحة السياسية».

رسالة أوجلان بين الضغوط الدولية وخيارات التسوية
تحدث الكاتب، عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «في ظل الأحداث والتغيُّرات على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، وفي ظل الحاجة الدولية لإيجاد حل لملف حزب العمال الكردستاني الذي استثمرت فيه الكثير من الدول في المنطقة، ولاسيما الدولة التركية وإيران ونظام البعث في سوريا، وكذلك نظام صدام وأخيرا التوافق بين إدارة أوباما وإيران من أجل إعادة الاستثمار في الحزب في سوريا والعراق مقابل تفاهمات حول محاربة داعش، ومع إنهاء مرحلة داعش وسقوط نظام الأسد لابد لتلك الدول من إعادة ترتيب أوراق وضبط إيقاع الأحداث على الخرائط الجديدة، في السعي لإيجاد تفاهم حول معضلة الحزب العمال الكوردستاني، لذا أعتقد أن التفاهم المذكور في حل هذه المعضلة مع ملفات حزب العمال الكوردستاني تمثل في نداء أو الرسالة التي أرسلها الزعيم الأيديولوجي للحزب العمال الكوردستاني عبدالله أوجلان من سجنه في تركيا. أن التفاهمات الدولية ووجود الأرضية الدولية في إعادة ترتيب الأحداث الجديدة في المنطقة، وفي السعي من أجل عدم توافر الظروف والمناخ الإقليمي لمتابعة الاستثمار في الحزب المذكور، من الارجح سيتم تنفيذ مبادرة أوجلان على الأرض على مراحل بدءاً في إعلان هدنة لوقف القتال وثم الإعلان النهائي لوقف النار والتخلي عن السلاح ومن بعدها إعلان حل الحزب العمال الكردستاني، وكذلك تحول الحزب إلى حزب سياسي في تركيا وفي الدول المجاورة مع إيجاد حل للأشخاص المؤثرين في الحزب المذكور بإعطاء ضمانات لهم في عدم المسائلة والاغتيال والارهاب عبر السماح لهم بالعيش في مناطق آمنة.
يضيف موسى: «أن تأسيس الحزب العمال الكوردستاني جاء نتيجة ظروف وأحداث وتفاهمات بين دول ومحاور الصراع على النفوذ في المنطقة باعتراف أوجلان في رسالته من خلال تأثر الحزب بمحور الشيوعية والاشتراكية في محاربة الإمبريالية، وهذه الحقيقة واضحة بأن حزب العمال الكوردستاني تم تأسيسه من الأجل الاستثمار فيه في خدمة صراع النفوذ. الأمر الذي تجلى ذلك في دعم حافظ الأسد للامحدود للحزب المذكور، اعتقد بان مبادرة أوجلان جاءت نتيجة تفاهمات غير معلنة لوحت بها كثير من اقطاب الدولة العميقة في تركيا من أمثال دولت باهجلي وغيرهم. بالتأكيد الدولة التركية من مصلحتها قبول مبادرة أوجلان أو الخروج من هذا الملف بأقل قدر من التنازلات عبر الضغط في خفض سقف تحقيق المطالب في رسالة أوجلان الذي ركز على تحقيق الديمقراطية، وكذا الظروف التي يمر بها الداخل التركي من ارتفاع التكلفة المعيشية وفشل مشروع التركي للانضمام للاتحاد الأوربي وصورة تركية المهزوزة نتيجة ملف حرية التعبير، وكذلك الصراعات التي أُدخلت تركيا نفسها في المنطقة، ولاسيما صراعها مع اليونان والملف السوري الشائك وصراعها على النفوذ مع إسرائيل في سورية وفلسطين، وكذلك صراعها مع الروس في ليبيا ودورها في أوكرانيا، وصراعها الذي بدأ يظهر بوضوح في خلافها مع إيران للسعي في إنهاء استثمار إيران في الحزب العمال الكردستاني، وكذلك تهدئة الرأي العام التركي والذي سيعتبر من أكبر أوراق أردوغان وبهجلي في حل اعظم ملف في تركيا والذي وقفت أغلب الحكومات التركية عن حلها سابقاً.
يعتقد موسى: «أن مبادرة أوجلان ستكون نتيجة حتمية لتفاهمات دولية وإقليمية في توافر الظروف الدولية لإنهاء ملف حزب العمال الكوردستاني، وكما أن التصريحات الدولية الايجابية بشأن ضرورة وأهمية مبادرة أوجلان في إنهاء القتال واحلال السلام تبعث في الكثير من الأريحية السياسية. أن من مصلحة الكثير من الدول تسوية ملف حزب العمال الكوردستاني في تركيا في الدول المجاورة، وبالنسبة لأمريكا وتركيا يعتبر ملف أساسي في كبح جماح توسع النفوذ الإيراني في المنطقة ولاسيما سورية والتي استثمرت إيران في الحزب العمال الكوردستاني كثيرا وكسبت الكثير منه مستغلةً الظرف الدولية في الحاجة لمحاربة التنظيمات الجهادية، واستغلال إيران للحزب المذكور في دعم مشروعها المتمثل في الهلال الشيعي.
يؤكد موسى: «انه سيكون لقبول مبادرة أوجلان وإيجاد تسوية لملف حزب العمال الكوردستاني تأثير مباشر على الإدارة الجديدة في سورية التي تفاوض قسد وعلى المناطق الكوردية في سورية بشكل خاص، لما من نفوذ مباشر على المناطق الكوردية في سورية نتيجة سيطرة الحزب العمال الكوردستاني على القرار والسلطة في المناطق بما يمثل ثلث الأراضي السورية، وخاصة المناطق الكوردية والاستفادة من موارد الطاقة وإدارة المعابر الحدودية. هذه السيطرة على هذه المناطق التي جاءت نتيجة تفاهمات ودعم إيراني وبقبول أمريكي في الاستغلال الأمريكي للحزب العمال الكوردستاني في محاربة داعش دون اتفاق سياسي، وكذلك إيران التي استغلته وقدمت كل الدعم للحزب من أجل استخدامه في دعم مشروعها وحليفها في سورية. أن قبول مبادرة اوجلان وإيجاد تسوية لملف الحزب في تركيا سيكون له تأثير مباشر في سحب نفوذ وتأثير الحزب على تلك المناطق في سورية، وإخراج الشعب الكُردي في سورية من خدمة الأجندات والمصالح الدولية والإقليمية ودفعهم للدفاع عن حقوق الشعب الكُردي في سورية عبر إيجاد صيغة لتشكيل وفد كردي في إدارة موحدة برعاية المرجع الكُردستاني المتمثل بالرئيس مسعود بارزاني ومفاوضة دمشق ومطالبتها بالاعتراف الرسمي بالحقوق القومية والوطنية للشعب الكُردي.
رسالة أوجلان ومصير الكورد، بين إنهاء الصراع وإعادة رسم التوازنات
تحدّث عضو هيئة السكرتارية لاتحاد الطلبة والشباب، جوان العلي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تغيرات جذرية، سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتم القضاء على أذرع إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية في غزة. وفي خضم هذه التحولات، جاء نداء عبد الله أوجلان بحلّ حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، بعد عقود من الحرب والدمار دون تحقيق نتائج ملموسة فيما يتعلق بالقضية الكردية في تركيا أو أهداف الحزب.
استناداً إلى هذه الظروف السياسية والعسكرية التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط، ينبغي التعامل مع هذا النداء بحذر شديد، مع ضرورة التمعن في مضمونه ودلالاته. فعلى الرغم من أن الرسالة كانت مقتضبة، إلا أنها حملت أهدافاً جوهرية تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة، ليس فقط في تركيا، وإنما في المنطقة بأكملها.
دعا أوجلان إلى حلّ الحزب وإلقاء السلاح، وهو ما قد يؤدي – في حال تحقيقه – إلى استقرار أوسع يشمل المنطقة ككل، وليس فقط في العلاقة بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، خصوصاً أن عناصر الحزب منتشرة خارج حدود تركيا، في كلٍّ من كردستان العراق وكردستان سوريا. ومن هذا المنطلق، لاقى النداء ترحيباً من قادة المنطقة والمجتمع الدولي، إذ وصفته الأمم المتحدة بـ التاريخي واعتبرته بارقة أمل، مما قد يمنح عملية السلام بين تركيا والحزب دعماً دولياً وإقليمياً، لا سيما من حكومة إقليم كردستان».
يضيف العلي: «إلى أن القراءة الأعمق لمضمون الرسالة تكشف أن أوجلان حدّد إطار حلّ القضية الكردية في تركيا من خلال مفهوم المجتمع الديمقراطي، بعيداً عن الدولة القومية. وهذا ليس جديداً في طرحه، حيث يستند دائماً إلى فكرة الأمة الديمقراطية والتعايش المشترك بين الشعوب، دون الحاجة إلى إنشاء دولة قومية كردية، إذ يرى في الدولة القومية مصدراً للنزاعات والصراعات العرقية والطائفية. ومع ذلك، فإنه لا يدعو إلى إسقاط الدول القومية القائمة، مثل تركيا أو الدول العربية، بل يرى أن على الكرد التخلي عن فكرة الدولة القومية لصالح نموذج اجتماعي ديمقراطي.
الجديد في نداء أوجلان هذه المرة هو أنه لم يكتفِ برفض الدولة القومية، بل أضاف إلى ذلك رفض أي نظام فيدرالي أو لامركزي أو حكم ذاتي، مما يستوجب الوقوف بحذر عند هذه الإضافة الجديدة في فلسفته. وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الأهداف غير المعلنة لهذا النداء؟
هل يقتصر على العلاقة بين الأكراد والأتراك داخل تركيا، أم يمتد ليشمل أجزاء أخرى من كردستان، لا سيما كردستان سوريا؟
انه قد يبدو للوهلة الأولى أن نداء أوجلان إيجابي بالنسبة لكردستان سوريا، إذ قد يترتب عليه انسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني من سوريا، ما يتيح لكرد سوريا تقرير مصيرهم بأنفسهم، بالتوافق مع حكومة دمشق. ولكن التصريحات التركية المتكررة التي تطالب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بإلقاء سلاحها، مثل بقية الفصائل السورية، تشير إلى أن أنقرة قد تستند إلى نداء أوجلان في هذا الإطار. كما أن إعلان وفد إمرالي عزمه زيارة كردستان سوريا يثير التساؤلات حول مدى ارتباط هذا النداء بالقضية الكردية خارج تركيا، رغم أنه في الظاهر يبدو متعلقاً بالعلاقة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني فقط».
يؤكد العلي: «انه في ظل الحديث عن إعادة تشكيل خارطة التحالفات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، واحتمال ظهور كيانات جديدة أو أنظمة حكم فيدرالية أو لامركزية، يأتي نداء أوجلان ليطالب بإلقاء السلاح دون تسمية أي مجموعة محددة، ويرفض في الوقت ذاته الدولة القومية والفيدرالية واللامركزية.
لا شك أن أوجلان يتمتع بنفوذ داخل حزب العمال الكردستاني، لكنه يواجه تحدياً داخلياً، حيث توجد تيارات مختلفة داخل الحزب، وبعض القيادات العسكرية على ارتباط بالحرس الثوري الإيراني. هذه القيادات قد تعرقل عملية السلام، كما فعلت في مبادرات سابقة، خصوصاً في ظل تصاعد التوتر بين تركيا وإيران، واتهام طهران لأنقرة بلعب دور بارز في إسقاط نظام بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي لإيران في المنطقة.
يختم العلي: «انه يبقى نداء أوجلان خطوة مهمة، لكن نجاحه مرهون بموقف الأطراف المعنية، سواء داخل حزب العمال الكردستاني أو على المستوى الإقليمي والدولي. في ظل هذه التعقيدات، يظل السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا النداء خطوة نحو سلام حقيقي، أم مجرد محاولة لإعادة ترتيب الأوراق وفقاً لمصالح قوى إقليمية كبرى».