مستقبل المجلس الوطني الكوردي
فهد داوود
في 10 تشرين الثاني 2013، اتخذ المجلس الوطني الكوردي خطوة هامة بانضمامه إلى الائتلاف السوري لقوى المعارضة، سعيا للمشاركة في صناعة القرار الوطني والدفاع عن حقوق الشعب الكوردي في المحافل الدولية. كان هذا القرار مبنيا على قناعة راسخة بأن البقاء خارج صفوف المعارضة سيؤدي إلى تهميش القضية الكوردية على المستوى الوطني. ومع ذلك، لم يكن الطريق سهلا، إذ واجه المجلس معارضة من بعض الكتل السياسية داخل الائتلاف، التي خشيت من تغيير موازين القوى، فضلا عن وجود شخصيات ذات توجهات شوفينية عارضت بشدة أي اعتراف بالحقوق الكوردية.
لكن مع التطورات السياسية الكبرى وسقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024، أصبح من الضروري إعادة تقييم هذا الخيار الاستراتيجي. فقد بدأت التساؤلات تُطرح حول جدوى بقاء المجلس ضمن الائتلاف في ظل متغيرات جديدة. فهل كان استمرار المجلس في الائتلاف يخدم القضية الكوردية، أم أن الانسحاب كان سيكون الخيار الأفضل؟ وهل كانت لدى المجلس رؤية سياسية واضحة منذ اتخاذه قرار الانضمام، أم أن الانتظار حتى تفكك الائتلاف كان خيارا أكثر حكمة؟
من التطورات المثيرة للجدل، اللقاء المتسارع بين قيادة الائتلاف والقيادة السياسية في دمشق دون إشراك المجلس الوطني الكوردي الذي انسحب من الائتلاف قبلها بعدة أيام، وهو ما يثير الشكوك حول وجود اتفاقيات تهدف إلى إقصاء الكورد من المشهد السياسي الجديد.
هذه التطورات لا يمكن فصلها عن المشهد الدولي الأوسع، إذ يبدو أن السياسات الإقليمية والدولية تلعب دورا رئيسيا في تحديد مصير القضية الكوردية. ورغم متابعة التصريحات والرسائل الإعلامية، تظل الرؤية ضبابية، ولا توجد ضمانات جدية من الحكومة الجديدة في محافظة الحسكة بخصوص الحقوق السياسية للكورد.
المؤشرات الميدانية تعكس اتجاها نحو تهميش الكورد، حيث تم تشكيل حكومة تصريف الأعمال دون إشراك ممثلين عن المجلس الوطني الكوردي، كما أن اللجنة المنظمة للمؤتمر الوطني للحوار لم تتضمن تمثيلا كورديا واضحا، فضلا عن إعلان الحكومة الانتقالية دون إشراك القوى السياسية الكوردية بشكل حقيقي. كل هذه الوقائع تثير تساؤلات حقيقية حول مستقبل القضية الكوردية في سوريا ما بعد النظام البائد.
لذلك اعتقد، ان القضية الكوردية لا تزال محاطة بالغموض، في ظل غياب رؤية سياسية واضحة وضمانات دولية حقيقية. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل سيتمكن المجلس الوطني الكوردي من فرض رؤيته في المعادلة السياسية الجديدة، أم أن الواقع السياسي سيكرس حالة الإقصاء؟