تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا: بين الشمولية والإقصاء
كوردستان - الافتتاحية
أُعلن عن تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا في 11 شباط الجاري، وهو تطورٌ يُفترض أن يشكّل خطوةً إيجابية نحو فتح قنوات حوار جدّية بين مختلف المكوّنات الوطنية للوصول إلى حلول تُنهي الأزمة المستمرة في البلاد. لكن، وكما هو الحال في محاولات سابقة، يبدو أن التشكيلة الحالية للجنة تعاني من اختلالاتٍ جوهرية، أبرزها غياب التمثيل الكُردي، وهو ما يثير تساؤلاتٍ حول مدى شمولية هذا الحوار وقدرته على تحقيق توافق وطني
إن أيّ حوارٍ وطنيٍّ جادٍّ لا يمكن أن يكون مثمراً ما لم يعكس الواقع السياسي والاجتماعي والقومي في سوريا. فالتعدّدية السياسية والقومية في البلاد تفرض ضرورة إشراك جميع المكوّنات الوطنية لضمان شرعية أي مخرجات يمكن أن تسفر عنها عملية الحوار.
من هذا المنطلق، فإن تغييب أيّ طرف أساسي، وخاصة المكوّن الكُردي الذي يشكّل جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني والاجتماعي السوري، يُعدّ إخلالاً بمبدأ الشراكة الوطنية، ويضعفُ الثقة في مصداقية العملية الحوارية
إنّ استبعاد التمثيل الكُردي من اللجنة التحضيرية يفتح الباب أمام مخاوف مشروعة تتعلق بتوجّه القائمين على العملية الحوارية، وهل هم فعلاً يسعون إلى إيجاد حلول توافقية أم أنهم يتبعون نهج الإقصاء والتهميش. هذا النهج لم يكن ناجحاً في الماضي، ولن يكون كذلك مستقبلاً، لأن أيّةَ تسويةٍ سياسية مُستدامة لا يمكن تحقيقها دون مشاركة جميع القوى الوطنية الفاعلة، بما فيها القوى السياسية الكُردية التي لها دور تاريخي وأساسي في المشهد السوري ومن ضمنها حزبنا الديمقراطي الكوردستاني- سوريا.
إن المصلحة الوطنية تتطلب إعادة النظر في تركيبة اللجنة التحضيرية، بحيث تشمل تمثيلاً عادلاً لجميع الأطراف، وعلى رأسها المكوّن الكُردي، بما يضمن تحقيق شراكة حقيقية في رسم ملامح الحل السياسي لسوريا. كما أن الشفافية في تشكيل اللجان التحضيرية وسائر اللجان الأخرى المُعلن عنها كلجنة المحامين بالحسكة حيث أُقصيَ الكرد منها، وإن تلافي ذلك سيسهم في بناء حوار وطني شامل يستند إلى مبدأ التوازن والالتزام بالشراكة الوطنية، بعيداً عن سياسات الإقصاء التي أثبتت فشلها في تحقيق الاستقرار.
إن نجاح مؤتمر الحوار الوطني مرتبطٌ بشكل مباشر بمدى قدرته على استيعاب مختلف المكوّنات السورية وتمثيلها بعدالة. أما تجاهُل بعض الأطراف، فسيؤدّي إلى إفراغ الحوار من مضمونه، وجعله مجرد إجراء شكلي لا يخدم مصلحة البلاد في الخروج من أزمتها الممتدة منذ أكثر من عقد.