نحو إعلامٍ واعٍ يُخاطب العقول والقلوب

 نحو إعلامٍ واعٍ يُخاطب العقول والقلوب

أحمد شيخو

في ظل التحوّلات الكبيرة التي يشهدها العالم المعاصر، أصبحت وسائل الإعلام، وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، القوة الأكثر تأثيراً على وعي الأفراد والمجتمعات. ولا يخفى على أحد أن الشعب الكردي، كغيره من الشعوب، يواجه تحديّات عديدة تتطلّب وعياً جماعياً وإعلاماً مسؤولاً قادرًا على مواجهة التحديات وتوجيه الطاقات نحو الأهداف المشتركة.
من هذا المنطلق، نجد أن الأحزاب السياسية الكردية، وخاصة المجلس الوطني الكردي (ENKS) والحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا (PDK-S)، تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه تفعيل دور إعلامها ليكون أكثر ديناميكية وحضورًا في الفضاء العام. إذ لا يمكن مواجهة الحملة الإعلامية التي تنفذها منظومة PKK وجيشها الإلكتروني دون استراتيجية إعلامية قوية ومهنية، قادرة على نقل الحقائق وإشراك الجمهور، خاصة الشباب، في النقاشات الحاسمة حول مستقبل شعبهم.
إن الشباب الكردي، الذي يمثل العمود الفقري للمجتمع، بحاجة إلى خطاب إعلامي يحمل رسائل واضحة، ويدعوهم إلى التفكير النقدي، وعدم الانجرار خلف الهالة الإعلامية التي تسعى بعض الجهات إلى خلقها. فالترويج لصورة مثالية عن جهةٍ ما دون التطرق إلى الحقائق والخلافات الجوهرية يشكل تهديداً للوعي المجتمعي، ويؤدي إلى تشتت الجهود وتشويه الأهداف.
على إعلام ENKS وPDK-S أن يكثّف جهوده ووجوده في مختلف منصات التواصل الاجتماعي بأسلوب جذاب واحترافي، يعمل على مخاطبة العقول والقلوب. فالشباب اليوم يميلون إلى استهلاك المعلومات من هذه المنصات، وهم بحاجة إلى محتوى يجعلهم أكثر إدراكاً ووعياً بما يدور حولهم.
لا يمكن إنكار أن منظومة PKK وجيشها الإلكتروني نجحوا في استقطاب شريحة واسعة من الجمهور، من خلال اللعب على وتر العواطف وتقديم أنفسهم كـ"حمامة سلام". لكن الحقيقة تستوجب منا جميعاً أن نضع النقاط على الحروف. الشعب الكردي بحاجة إلى أن يعرف الحقائق كما هي، بعيداً عن التزييف والتضليل.
وهذا يتطلب من ENKS وPDK-S الشجاعة في طرح القضايا الخلافية مع PYD بشكلٍ شفاف. إذ لا يمكن تحقيق تقدم أو وحدة حقيقية دون أن يكون الشعب على دراية بجميع الحقائق. فالصراحة هي الطريق الوحيد لاستعادة ثقة الجمهور، خاصة في ظل محاولات التلاعب بعواطفه لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
من حق الشعب الكردي أن يكون مطلعاً على كل جوانب الخلاف بين ENKS وPYD. إن التكتم على الحقائق لا يخدم سوى من يريد استمرار حالة الانقسام. لذلك، يجب أن يكون الإعلام الكردي وسيلةً لتوضيح الحقائق، لا أداةً للتهرب منها. فالشعب، حين يمتلك المعلومات الكاملة، سيكون هو الحكم العادل الذي يستطيع التمييز بين المصلحة الحقيقية والأجندات الفردية.