نحو سوريا جديدة
كوردستان - الافتتاحية
إن تصريحات السيد أحمد الشرع قائد إدارة العملية الانتقالية في سوريا تمثل تحوّلاً مهماً في مسار التعامُل مع واحدة من القضايا الأكثر تعقيداً في البلاد.
إن اعتراف الإدارة الجديدة بالاضطهاد القومي والمظالم التي عانى منه الشعب الكردي لعقود تحت حكم حزب البعث الاستبدادي البائد، وتأكيدها على كون الكرد جزءاً أصيلاً من النسيج المجتمعي السوري، يُعدّ خطوة جريئة نحو تحقيق العدالة والمساواة في البلد.
كما إن تأكيد السيد الشرع على الالتزام برفع الظلم وضمان حقوق الشعب الكردي في سوريا المستقبل يعكس وعياً وإدراكاً جديدين بأهمية بناء وطن يحتضنُ جميعَ مكوّناته دون تمييز.
في هذا السياق، تبرز إمكانية تطبيق النظام الفيدرالي كإطار عملي ي عزّز اللحمة الوطنية في سوريا المستقبل، ويوفّر آلية تضمن حقوق الجميع، وهو نموذج أثبت نجاحه في دول عديدة حول العالم، حيث ساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية.
لكن تحقيق العدالة لا يتوقّف عند رفع الظلم فقط، بل يتطلّب عملاً جماعياً من جميع القوى الوطنية السورية.
نحن بحاجة إلى إعادة بناء سوريا كدولة ديمقراطية لا مركزية، متعدّدة القوميات والأديان، قادرة على احتضان الجميع وضمان حقوقهم. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر العمل بشكل متكامل على صياغة دستور جديد يعكسُ تطلّعات جميع السوريين، ويؤسّسُ لآليات سياسية تضمن الاستمرارية والتمثيل العادل.
من جهة أخرى، يشكل توحيد الصف الكردي هدفاً استراتيجياً لضمان تمثيل فعال ومؤثر لقضية الشعب الكردي ضمن الإطار الوطني السوري. ولعل التجاربَ السابقة، من اتفاقيتَيْ هولير واتفاقية دهوك بما في ذلك مفاوضات 2020، تقدّم دروساً قيّمة يجب الاستفادة منها لإبداء الجديّة وحسن النوايا في المرحلة القادمة.
مع سقوط النظام البعثي في بلادنا، أصبحت الفرصة سانحة لبناء وحدة الموقف الكردي، وأيضاً شراكة وطنية حقيقية تُخرج سوريا من أزماتها وتضعها على طريق الاستقرار والازدهار، وضرورة تشكيل حكومة موسّعة وكتابة دستور جديد ليسا فقط خطوات نحو الانتقال السياسي، بل هما الأساس لضمان مستقبل مشرق لجميع السوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والايديولوجية، حيث لا مكان للظلم أو الإقصاء، أو التهميش.
سوريا المستقبل.. تبدأ اليوم. فهلا هيأنا أنفسنا كسوريين لهذا اليوم؟