التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتوازنات الجديدة ودور القضية الكوردية مستقبلاً

التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتوازنات الجديدة ودور القضية الكوردية مستقبلاً

عزالدين ملا

يبدو أن كل المؤشرات تدل على أن منطقة الشرق الأوسط والعالم في طريقها نحو تغييرات جذرية باتجاه خرائط جيوسياسية لتحديد توازنات في المصالح والنفوذ جديدة.
حرب اسرائيل على حركة حماس وحزب الله في غزة ولبنان والضربات الاسرائيلية على مواقع حزب الله والحرس الثوري الإيراني في سوريا يشير أيضا إلى أنها بدايات على طريق خطط التغيير.
أمام كل هذه السيناريوهات تخرج القضية الكوردية كقضية محورية في أي تغيير قادم، والتحركات التركية والإيرانية توحي ذلك.

1 - ما هي العوامل الرئيسية التي تدفع منطقة الشرق الأوسط نحو تغييرات جيوسياسية جذرية في الوقت الراهن؟ وكيف تؤثر التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على توازنات القوى بين الدول الكبرى؟
2- كيف يمكن أن تؤثر الضغوط الإسرائيلية على الحضور الإيراني في سوريا على تحولات جيوسياسية أكبر في المنطقة؟ وهل تشكل التحركات الإيرانية في سوريا تهديدا للمصالح الغربية في الشرق الأوسط؟ كيف؟ ولماذا؟
3 - كيف يمكن أن تصبح القضية الكوردية محورية في أي تغييرات جيوسياسية قادمة في الشرق الأوسط؟
4- ما هي التحولات المحتملة في الموقف التركي والإيراني تجاه القضية الكوردية في المستقبل؟ وهل يمكن أن يتغير التحالف الإقليمي في حال نشوء تطورات جديدة في الساحة الكوردية؟

قضية الشعب الكردي وقوة طرحها
تحدث عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار أمين لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «من المعلوم أن مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير هو قائم منذ سنوات خلت، حيث صدور مخططات وخرائط، بموجبها قد يتغير وجه المنطقة، لدرجة إنهاء بعض الدول وإحداث غيرها وتجزئة الأخرى منها، والدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع منها – بحسب الاعلام - ايران، تركيا، العراق، السعودية، باكستان، سوريا.. الخ، ودول قد توسع لأغراض سياسية، منها اليمن، لبنان، الاردن، وافغانستان.. الخ.
وما يحصل الآن من الاستهداف عبر المعارك والحروب بدءاً من سقوط طائرة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي والوفد المرافق له، وصولاً الى معارك قطاع غزة ضد حركة حماس، وجنوب لبنان ضد حزب الله اللبناني، وقد يحصل ذلك ضد الحوثيين في اليمن، ويحصل ضد الميليشيات الايرانية في سوريا، والموالية لها في العراق، كل ذلك ليس صدف وإنما تقوم به اسرائيل خدمة لأجنداتها الملتقية مع مصالح المجتمع الدولي والبدء بالحد من الدور الإيراني في المنطقة بل وتحجيمها أيضًا، وبالتالي هذه الممارسات في مجملها ما هي إلا خطوات عملية تمهيدية في تنفيذ هذا المشروع الدولي الواسع – بحسب المراقبين- وليتم البدء بإنهاء السلاح من الأحزاب والحركات المتطرّفة بما فيها حركة الجهاد الاسلامي، ليتم الانتقال الى حل القضية الفلسطينية سلمياً، ومعالجة القضايا والمشاكل المتعلقة بإيران، ولعل مبادرة الجانب التركي بشأن حل القضية الكردية في تركيا سلمياً وعبر الحوار، قد تكون حلقة في هذه السلسلة من التداعيات المتواصلة في السياقات التي تحصل نحو انهاء بؤر التوتر ومن ثم العودة الى الترتيبات اللازمة وتنسيقها بشكل سلس وسلمي نحو استقرار عام وشامل في المنطقة».
يتابع أمين: «انه يدور الحديث بشكل واسع عبر وسائل الاعلام المختلفة عن حل القضية الكردية في عموم أجزاء كوردستان وكل جزء بحسب خصوصيته وبشكل سلمي بعيدا عن العنف وإراقة الدماء ولاسيما الأجزاء التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية بما هي "تركيا، سوريا، العراق" التي اقرت بحقوقها في اتفاقية سيفر عام 1920، والتي مضى عليها أكثر من قرن، ما يقتضي – بحسب المجتمع الدولي - اعادة النظر فيها بل ربما إحياءها من جديد، وفي هذا السياق لا تبدي ايران قلقها بالشأن الكردي وتعترف علنا بوجود جزء من كوردستان في اطار جغرافية دولتها وقد نال فيما مضى استقلاله عام 1946 جمهورية مهاباد ورئيسها الشهيد "بيشوا قاضي محمد".
عموما وكما هو واضح أن منطقة الشرق الأوسط برمتها امام تبدلات كبيرة لتغدو شرق أوسط جديد، ذلك لما عانته بعض شعوب المنطقة من ويلات الحرمان مثل الشعب الكردي والفلسطيني والسرياني والأمازيغي ..الخ، ومعاناة أخرى من صراعات دينية ومذهبية واخرى قومية تناحرية وحروب ومعارك طويلة بسبب هيمنة الأنظمة الدكتاتورية الفاشية والاستبدادية، وازدادت هذه الصراعات شدة مع ظهور الاسلام السياسي والارهاب والتطرف الأيديولوجي.
بما تخص ايران، يضيف أمين: «ان بدت إيران تسعى للاختلال في التوازن لمصالحها او لأجندات اخرى عبر وجود ميليشياتها في سوريا، فهي ربما تستمر لوقت آخر سواء لحفظ ماء الوجه امام ما يسمى محور المقاومة أو لجر النظام السوري الى اتون معارك طاحنة اسوة بحماس وحزب الله اللبناني، وهي "ايران" عموما تعاني مما يجري لأذرعها وما سيجري لها في المناطق الأخرى كما ذكرنا، وهي قد ترتكب حماقات تجعلها امام مواجهات صعبة، او انها طرف هام في خلق الحجج والذرائع لاستكمال السيناريوهات المرتقبة، وعلى العموم تبقى الضغوط الاسرائيلية قائمة على ميليشيات ايران في سوريا الى ان تنسحب منها او تتعرض للهلاك كما حصل لحماس وحزب الله، وهي بهذا المعنى عاجزة اليوم عن تهديد أي طرف دولي أو اقليمي او حتى مصالحها سواء في الشرق الأوسط او أي مكان آخر».
في شأن قضية شعبنا الكردي في عموم اجزاء كوردستان، يشير أمين: «إلى إنها تُطرح اليوم وبقوة سواء عبر تداخلات القضايا الإقليمية او من خلال المجتمع الدولي كونها قضية اكبر شعب على وجه البسيطة دون دولة حتى الآن، بل ويرزح تحت نير الضغط والاضطهاد القومي من لدن الانظمة الاستبدادية والدكتاتورية لقرون خلت، وعليه ولكي تأخذ قضية شعبنا الكردي أبعادها الحقيقية وموقعها المتقدم في سلم اولويات اهتمام المجتمع الدولي نحو الحل، ينبغي تعزيز العامل الموضوعي بالمزيد من التفاعل مع المستجدات والمتغيرات الدولية، والعمل الجاد للسعي نحو التوافق الممكن مع صناع القرار وقيادات التغيير في العالم، وهكذا العمل من أجل توفير مستلزمات ضمان العامل الذاتي وفي مقدمتها نبذ التناقضات البينية ووضع الخلافات الداخلية جانبا، والتوجه بقوة نحو تحقيق تفاهمات جادة على المشتركات المصيرية، في طريق التوافق الشامل لضمان وحدة الصف والموقف استعدادا للآفاق المستجدة بشأن قضيتنا المصيرية كي لا تفتنا الفرص التاريخية المواتية».
فيما يتعلق بالتحوّلات المحتملة في موقف كل من تركيا وإيران حيال حل القضية الكوردية، يختم أمين حديثه بالقول: «ينبغي أن نعلم مدى جدية الجانب الدولي قبل كل شيء في حل هذه القضية الشائكة بسبب توزعها بين عدد من الدول الإقليمية، وموقف هاتين الدولتين "تركيا وايران" مرهون بالجانب الدولي، وأن مبادرة تركيا الأخيرة في هذا الشأن هو شكل من الانصياع للإرادة الدولية ليس إلا، وهكذا بالنسبة لإيران وما سيسفر عن هذه الصراعات التي تشكل إيران جانبا هاما منها وعلى الأغلب هي الأخرى ستسير على نفس المنوال.

القضية الكوردية وتهيئة الظروف الذاتية والموضوعية
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد صالح شلال لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «كما هو معلوم أن مفهوم الشرق الأوسط الجديد ليس بحديث الساعة، فمنذ عقود هناك مشاريع ترتسم لتغيير الخارطة الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تم رسمها بالضد من إرادة شعوب المنطقة ككل وخاصة الشعب الكوردي نتيجة للحرب العالمية الأولى قبل أكثر من مائة عام.
دول التحالف التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى على دول المركز، أجبر المنتصرون دول المركز على توقيع عدة اتفاقيات ومعاهدات، وكانت معاهدة سيفر (١٠ آب ١٩٢٠) إحدى تلك المعاهدات، والتي صادقت عليها الدولة العثمانية، فكان المسمار الأخير في نعش تفككها. وقد احتلت قضية الشعب الكوردي مكاناً واسعاً فيها، والتي خصصت القسم الثالث من الباب الثالث لمعالجة القضية الكوردية، وحمل هذا القسم عنوان "كوردستان"، ولكن بعد ذلك بعامين (٢٠ تشرين الثاني ١٩٢٢) عقد مؤتمر لوزان مع الدولة التركية الفتية التي رفضت الاعتراف بمعاهدة سيفر وتلاشت على إثره آمال الشعب الكوردي بالحصول على دولته المستقلة.
الآن وبعد مرور أكثر من مئة عام على الحرب العالمية الأولى هناك بوادر حرب عالمية، لا بل حرب عالمية خفية غير معلنة تحصل من خلال الجبهة الروسية الأوكرانية بين كل من أوربا وأمريكا (التي تدعم بكل إمكانياتهما اللوجستية والعسكرية أوكرانيا) وروسيا والصين وكوريا الشمالية من الجهة المقابلة، ففي الآونة الأخيرة تم مشاركة قوات كوريا الشمالية في الحرب إلى جانب الروس وبالمقابل سمحت كل من أوربا وأمريكا لأوكرانية باستعمال الصواريخ البعيدة المدى في حربها مع روسيا ومن جانبها تهدد روسيا باستعمال الرؤوس النووية ضد أوكرانيا إذا ما تم استخدام تلك الصواريخ».
يتابع شلال: «أما بالنسبة للحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل ووكلاء إيران بعد الهجوم البري من قبل مقاتلي حماس على غلاف غزة وهجومهم على المدنيين اليهود في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وقيام حزب الله اللبناني في اليوم التالي بإطلاق قذائف على شمال إسرائيل دعماً لحركة حماس، بدأ الجيش الاسرائيلي من غزة للقضاء على أذرع إيران في المنطقة وما زالت مستمرة في حربها، وقد نجحت إلى الآن في القضاء على البنية العسكرية والسياسية لحماس، ومن ثم انتقلت إلى لبنان وسجلت انتصارات كبيرة بالقضاء على قيادة حزب الله وأضعفت بشكل كبير قدرات العسكرية للحزب، وهي ماضية على ما يبدو في حربها للقضاء على المليشيات التابعة لإيران في كل من سوريا والعراق واليمن، كما إنها مصرّة على عدم السماح للنظام الإيراني بالمضي في مشروعه النووي وخاصة بعد فوز الحزب الجمهوري بقيادة ترامب في الانتخابات الأمريكية.
إيران باتت أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن ترضخ للشروط الأمريكية والإسرائيلية والتي تتلخص بالتخلي عن وكلائها في المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول الإقليمية والكف عن تهديد إسرائيل والتنازل عن مشروعها بامتلاك السلاح النووي أي بمعنى آخر تعلن عن استسلامها، أو العكس وآنذاك سيكون عليها تحمل تبعات وعواقب ذلك بما فيها إسقاط نظامها السياسي والعسكري.
إيران أحسّت بالخطر وخاصة بُعَيد فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية وغيرت من خطابها تجاه أمريكا وإسرائيل وأشارت إلى إمكانية التفاوض حول التنازل عن مشروعها النووي، فقد لمح أكثر من مسؤول إيراني إلى إمكانية التسوية مع أمريكا حول سلاح إيران النووي مقابل تعويضات وامتيازات يحصل عليه النظام.
يشير شلال: «إلى ان هناك سيناريوهات عديدة تحاك في الغرف المظلمة حول تغييرات جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، ويبدو أن دور الحركات المتشددة قد ولّى وانتهى، لا بل التدخل السافر الذي لعبه النظام الإيراني على مدى أكثر من أربعون عاماً في الدول الإقليمية قد حسم من قبل أصحاب القرار».
يردف شلال: «إلى أن تركيا متخوفة من المخاطر الجيوستراتيجية التي تحيط بدول وشعوب المنطقة ويتضح ذلك من تصريحات كبار المسؤولين والسياسيين الأتراك الذين حذروا إلى الخطر الذي يهدد تركيا جراء الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وإمكانية امتدادها إلى مناطق أخرى، وكان أردوغان قد أشار صراحة إلى إمكانية قدوم إسرائيل إلى الشمال السوري لحظة احتلالها لدمشق، استشعار الخطر لم يكن قاصراً على أردوغان وحده، بل أشار كذلك رئيس حزب الحركة القومية "الشريك في التحالف الحاكم" دولت بختشلي إلى أن (القضية اليوم ليست بيروت بل أنقرة والهدف النهائي هو الأناضول) أي جنوب شرق تركيا (كوردستان تركيا). التقديرات التركية تذهب إلى أن المخطط الاستراتيجي الإسرائيلي لن يتوقف عند حدود القضاء على حركة حماس وحزب الله بل ربما تنتقل المواجهات إلى الأراضي السورية والعراقية لإنهاء دور الوجود العسكري الإيراني والمليشيات التابعة لها.
لذا تركيا استبقت مخاوفها (في حال حدوث أي تغييرات في المنطقة) وبدأت بتبني المصالحة الداخلية وجاءت المبادرة من زعيم الحركة القومية والشريك في التحالف الحاكم "دولت بختشلي" الذي قام بمصافحة أعضاء حزب (DEM) الجناح السياسي لحزب العمال في البرلمان وأشار في كلمته بضرورة الحفاظ على "الاخوة التي يبلغ عمرها ألف عام" إشارة منه إلى الشعب الكوردي والتركي. كما أن تركيا ما زالت تشعر بأنها تعرضت للإجحاف لاستقطاع أجزاء من أراضيها بموجب اتفاقية لوزان وما تبعها من اتفاقات وتأمل بالاستحواذ من جديد على تلك الأراضي حسب ما جاء في الميثاق الملي بشأن حدود الدولة التركية والتي تضم أراضي كوردستان سوريا وكوردستان العراق».
يختم شلال: «ان الكورد كأمة موجودة منذ آلاف السنيين على هذه الجغرافيا والتي تسمى كوردستان وقد تعرض الكورد على مر التاريخ للغبن الممنهج وتم تجزئة أرض آبائهم وأجدادهم بين دول مصطنعة حديثاً ومن حق الكورد كباقي الأمم الحصول على حقوقهم وإقامة كيان خاص بهم وبعد أكثر من مئة عام على التقسيم لا بد من مناصفة الشعب الكوردي من خلال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وحسب السيناريوهات المحتملة حدوثها في منطقة الشرق الأوسط ولأن الكورد يشكلون عنصراً أساسياً في معادلة المنطقة وأن الظروف الذاتية والموضوعية مهيئة لهم، لا بد لأي تغيير إن حصل أن يكون انعكاسه إيجابياً على القضية العادلة للشعب الكوردي».

القضية الكردية قضية محورية في التداخلات الدولية
تحدث الكاتب والمهندس، محمد أمين أوسي، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تشهد منطقة الشرق الأوسط تغييرات جذرية في معالمها الجيوسياسية بفعل الصراعات الإقليمية، التدخلات الدولية، والتحولات الداخلية. تتزامن هذه التغيرات مع تعاظم التوترات العسكرية بين إسرائيل وحماس في غزة، وإسرائيل وحزب الله في لبنان، وتصعيد الضربات الإسرائيلية على مواقع الحرس الثوري الإيراني في سوريا. بالتزامن، تبرز القضية الكوردية كأحد المحاور الرئيسية التي قد تؤثر على مستقبل المنطقة. يستعرض هذا التقرير العوامل الرئيسية التي تدفع هذه التغييرات، تأثيرها على التوازنات العالمية، ودور القضية الكوردية في تشكيل المستقبل الجيوسياسي.
كما وتشهد تنافساً محتدماً بين قوى إقليمية كإيران وتركيا والسعودية، بالإضافة إلى تدخلات دولية مثل الولايات المتحدة، روسيا، والصين، ما يؤدي إلى إعادة رسم خرائط النفوذ. إيران توسع نفوذها عبر وكلائها في العراق، سوريا، ولبنان، مما يقلق إسرائيل ودول الخليج. تركيا تعزز تدخلاتها العسكرية في سوريا والعراق لاستعادة نفوذها التقليدي. إسرائيل تعمل على احتواء إيران وتوسيع تحالفاتها مع دول عربية كالإمارات والسعودية».
يتابع أوسي: «ان الاكتشافات الجديدة للموارد الطبيعية، كالنفط والغاز، في شرق المتوسط والخليج العربي، تُظهر دور المنطقة في تحديد المصالح الدولية. تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على سيطرتها على مسارات الطاقة، بينما تعزز الصين وروسيا نفوذهما الاقتصادي.
كما ان الاحتجاجات واسعة النطاق في دول كالعراق ولبنان تُضعف الأنظمة السياسية، مما يفتح الباب أمام التأثيرات الخارجية ويُعيد تشكيل ديناميكيات النفوذ الإقليمي.
حيث تتنافس القوتان على الهيمنة في المنطقة. الولايات المتحدة تعمل على تقويض النفوذ الإيراني وضمان مصالح حلفائها، خصوصا في الخليج وإسرائيل. روسيا تدعم الأنظمة الحليفة وتوسع قواعدها العسكرية، كما في سوريا. كما تعزز الصين حضورها الاقتصادي في الشرق الأوسط عبر استثمارات في البنية التحتية ومشاريع الطاقة، لتأمين احتياجاتها من النفط. فيما يرتبط أمن أوروبا بتحولات المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والإرهاب. لكن الانقسامات الداخلية بين دول الاتحاد تقلل من تأثيرها الجيوسياسي».
يضيف أوسي: «ان الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية تشكل جزءا من استراتيجية لتقليص النفوذ الإيراني، التي تشكل تهديدا للمصالح الغربية، إذ يعزز النفوذ الإيراني خطوطه الاستراتيجية بين العراق ولبنان، مما يتعارض مع الأهداف الغربية في تحقيق الاستقرار ومنع الانتشار النووي».
يشير أوسي: «إلى أن الكورد يشكل حلقة وصل بين تركيا، سوريا، العراق، وإيران، وتمتاز مناطقهم بمواردها الغنية من النفط والمياه، ما يجعلها ذات أهمية استراتيجية كبيرة. كما ان التغيرات في الموقف الدولي قد تعيد القوى الكبرى تقييم موقفها من القضية الكوردية في ظل التحولات الجيوسياسية، مما قد يؤدي إلى دعم الكورد إذا تقاطعت مصالحهم مع أهداف الغرب في احتواء النفوذ الإيراني والتركي.
رغم المكاسب العسكرية والسياسية للكورد، تواجه تحركاتهم نحو الاستقلال معارضة شديدة من تركيا وإيران، مما يجعل مستقبلهم رهينا بالتوازنات الجديدة».