علي مسلم: الحوار الكردي – الكردي (المعوقات والموانع)
بالرغم من أهمية الحوار كخيار استراتيجي لا غنى عنه، لتجاوز حالات التصادم والتناحر بين الأطراف المتنازعة، سواء أكانت الأطراف المتنازعة داخلية تتقاسم الجغرافيا والمعاناة كما الحال في الواقع الكردي في سوريا، أو بين أطراف خارجية تتجاور في الحدود، وتتباعد في المصالح والطموحات، إلا أن الحوار في مجمل الأحوال يحتاج الى فضاء شاسع من المشتركات البينية الثابتة.
ولعل مجمل الهواجس الوطنية بما في ذلك مسألة الحقوق القومية تأتي على رأس قائمة هذه المشتركات، ولا بدّ أن يتكللَ ذلك بحزمة واسعة من المشاريع والتصوُّرات والخطط المشتركة والتي من شأنها دفع الجميع إلى طاولة الحوار كخيار لا بد منه.
فطرفا الحوار الكردي بالرغم من انتمائهما لحاضنة مشتركة، لكنهما في واقع الحال ينطلقون من تصوُّرات أو مقدمات شديدة التباين، فحزب الاتحاد الديمقراطي الذي افتقر إلى الجرأة المطلوبة على مدى السنوات العشر الماضية في الإعلان صراحة عن مشروعه السياسي الحقيقي، مازال يراوغ في طروحاته، بل أنه يحاول أن يقفز فوق الحقائق دفعة واحدة عبر التمسك بطروحات ديماغوجية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه يفتقر الى خطة مستقبلية خاصة به، بل أنه ما زال يسير على هدى خطط ومشاريع سياسية بعيدة كل البعد عن المصلحة القومية للشعب الكردي في سوريا، لذلك تراهم يترنّحون بين الموافقة على الذهاب نحو طاولة الحوار على مضض، وفي نفس الوقت يسعون الى ضرب مرتكزات هذا الحوار، فمن جانب يعتقدون أن ما تحقق من مكاسب في سياق محاربة داعش إنما يخصُّهم وحدهم، وما على الآخرين سوى الانصياع لمآربهم، والخضوع لمنظومتهم الفكرية، ولا شيء غير ذلك. في المقابل ينطلق المجلس الوطني الكردي من أرضية أن كل الجهود لا بد أن تتكاتف، ويصار إلى صياغة مشروع سياسي يضع الجميع أمام مسؤولياتهم،
وإفساح المجال أمام الفعاليات الاجتماعية المرادفة التي ما زالت مغلوبة على أمرها كي تلعب دورها، لتساهم في رسم معالم المستقبل، وقطع الطريق أمام كل من تسوّل له نفسه في الانقضاض على مستقبل الكرد والعودة بهم الى مربع التهميش مرة أخرى. في هذا السياق لا بُدّ من الإشارة الى أن مسار الأحداث بدأت تعبّر عن واقعها الحقيقي شيئاً فشيئاً، وما كان مخبئاً تحت عباءة الشعارات الغوغائية الزائفة سينكشف قريباً، وما علينا سوى الاستمرار في محاولة توسيع الثقوب على صفحات جدار الصمت.