إقليم كوردستان ينتفض من ماضٍ مشرق إلى مستقبلٍ أكثر إشراقاً وازدهاراً
عزالدين ملا
الصراع الدولي في منطقة الشرق الأوسط على أشده، والتطورات الكبيرة التي قد تحدث بعد قصقصة أدوات محور الإيراني نحو ترتيبات جيوساسية جديدة.
الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها دخلوا بقوة على خط الصراع الساخن ووقفوا إلى جانب إسرائيل ضد أذرع إيران في المنطقة وقدموا كافة الدعم السياسي والعسكري والاستخباراتي.
دول الخليج ومصر تدفع بالصراع نحو التهدئة لمنع توسع الصراع نحو مضاجعهم.
وإقليم كوردستان، ومن منظور نتائج آخر انتخابات برلمانية جرت هناك، نلتمس توجه الإقليم نحو السلام والتهدئة وعدم الانجرار في أتون الصراع الذي لا يُقدم سوى الخراب والدمار.
وجهت صحيفة كوردستان بعض الأسئلة إلى عدد من المهتمين بالشأن الإقليمي والدولي للوصول إلى فهم الصراع الدولي أكثر في منطقة الشرق الأوسط وتبعاته:
1-كيف تؤثر التحولات الجيوساسية في الشرق الأوسط على توازن القوى الإقليمي والدولي؟ وما هي الأبعاد الاستراتيجية لهذه التحولات بالنسبة للقوى الكبرى؟ وما هو تأثير الدعم الأمريكي لإسرائيل على استراتيجية إيران في المنطقة؟
2-ما هي الخطوات العملية التي يمكن أن تتخذها مصر والخليج لتحقيق الاستقرار؟
3-ما هي تداعيات عدم انجرار إقليم كوردستان إلى الصراع على مستقبله السياسي والاقتصادي؟ وكيف يمكن أن تسهم هذه السياسة في تعزيز أمن الإقليم؟
4-ما هي احتمالات نجاح محور السلام في إقليم كوردستان في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية؟ وكيف يمكن للإقليم تحقيق التوازن بين المصالح الداخلية والخارجية؟
إقليم كوردستان وحكمة التعامل مع الأزمات
تحدث سكرتير حزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، ورئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا، سليمان أوسو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن جوهر الصراع في المنطقة هو اقتصادي، بين أمريكا وإسرائيل وحلفائهم في الشرق الأوسط من طرف، وروسيا والصين وحلفائهم من طرف آخر، وأن نجاح الخطط الاقتصادية الاستراتيجية طويلة الأمد، يستوجب الكثير من التغيرات الجيوسياسية على الأرض. من الجدير ذكره بأن إيران أخطأت في حساباتها وتجاوزت المهام الموكلة إليها أمريكياً وأوربياً، وباتت تشكل خطراً على الاستراتيجية الغربية في الشرق الأوسط من خلال تحالفها مع روسيا والصين وباتت تتدخل في الصراع الدائر في أوكرانيا بين روسيا والحلف الأطلسي. هذا بالإضافة إلى سعيها في السيطرة على العديد من دول المنطقة (العراق، سوريا، لبنان، اليمن...).
كما أخطأت في تقديراتها في التخطيط لتفجير الوضع في إسرائيل من خلال دعم حماس اللامحدود، وتوهمت بأنها قادرة على تأليب الشارع العربي ضد أنظمتها لإيقاف محاولات التطبيع العربي مع إسرائيل لعرقلة مشروع (الممر الاقتصادي) لربط الهند بأوروبا مروراً بدول الخليج والأردن وإسرائيل. كما توهمت في تقديرها لحجم لقوة العسكرية الإسرائيلية، متناسية بأن أمريكا والغرب لن تترك إسرائيل فريسة سهلة تسقط بيد إيران وأذرعها في المنطقة».
يتابع أوسو: «بعد أن أعادت أمريكا النظر في سياستها مع مصر كدولة محورية في الشرق الأوسط، باعتبارها اول دولة عربية طبعت العلاقة مع إسرائيل بموجب اتفاقية كامب ديفد. بدأت مصر تعيد هذا الدور عربياً وذلك بالتنسيق مع الدول العربية الخليجية التي تريد أن تحذو حذوها في التطبيع مع إسرائيل. وتطورت حرب غزة ضد حماس لتطال حزب الله وجميع الأذرع الإيرانية في المنطقة. بات مشروع حل الدولتين قاب قوسين أو أدنى، وبالتالي تطبيع جميع الدول العربية مع إسرائيل، وتحجيم إيران ضمن حدودها السياسية، ودعم الشعوب الإيرانية المطالبة بحقوقها ضمن إيران».
يضيف أوسو: «تعرض إقليم كوردستان في الفترة المنصرمة، إلى العديد من الضغوطات المتعددة الجوانب، الأمنية والاقتصادية تهديدات إقليمية شتى، وكان أبرزها: - اتخاذ المحكمة الاتحادية جملة من القرارات القرقوشية والمجحفة بحق إقليم كوردستان العراق. - إيقاف ضخ نفط الإقليم بمؤامرة متعددة الأطراف، كردياً وعراقياً، وإقليمياً، ولا يزال عالقاً. -عرقلة دفع مخصصات الإقليم من ميزانية الدولة، وبالتالي عرقلة دفع رواتب موظفي الإقليم بهدف تأليب الشارع على السلطات الشرعية في الإقليم. - تعطيل عمل برلمان الإقليم وبالتالي عرقلة إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، بهدف تشكيل فراغ تشريعي. - التهرب من تطبيق المادة ١٤٠ من الدستور العراقي حول المناطق المتنازع عليها وتخلي الإتحاد الوطني الكوردستاني عن كركوك بموجب اتفاق موقع عليه من قيادات الحزب السياسية والعسكرية بالتنسيق مع ب ك ك. - عرقلة تطبيق اتفاقية شنكال بين سلطات الإقليم والحكومة الفدرالية، بهدف ابقائها بيد ب ك ك وبدعم مباشر من الحشد، بهدف تأليب المكون الإيزيدي ضد قيادة الإقليم. - التهديدات الإيرانية المستمرة باجتياح الإقليم بحجج وذرائع شتى، بالإضافة الى استهداف الإقليم عدة مرات بصواريخ بالستية. - التهديدات المستمرة لـ pkk على الإقليم ومحاولاتهم الإخلال بالوضع الأمني فيه، بالإضافة إلى إعطائهم المبررات لتركيا باجتياح واحتلال العديد من مناطق الإقليم وإنشاء قواعد عسكرية فيها. وبالتالي خروج هذه المناطق من سيطرة الإقليم. - الغاء نسبة كوتا الأقليات في انتخابات الإقليم بهدف إضعاف نسبة الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان».
يختم أوسو: «لقد نجح الإقليم بقيادة الرئيس مسعود بارزاني، وبحكمة منقطعة النظير، ودبلوماسية عالية، في عدم الانجرار الى مواجهات داخلية كوردياً وعراقياً واقليمياً، والتعامل بحزم مع التهديدات الأمنية، وحافظ على أمن مواطني الإقليم، وتوج هذا النجاح بإجراء انتخابات برلمان إقليم كوردستان في أجواء ديمقراطية، ومشاركة شعبية واسعة وصل في بعض المناطق الى ٧٩٪، حصل فيها قائمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني على الأغلبية في البرلمان. وأشادت كل الجهات والمنظمات الدولية التي راقبت العملية الانتخابية، بنزاهة الانتخابات، اعتبروها نموذجاً يحتذى به في العراق والمنطقة.
ومن المفيد ذكره بأن الحكمة التي تعاملت بها قيادة الإقليم في المرحلة المنصرمة، قادرة على تجاوز الاستفزازات التي مُورست في مرحلة الدعاية الانتخابية. والاسراع في تشكيل حكومة قادرة على حماية المكتسبات حققها شعب كوردستان بفضل تضحيات البيشمركة الأبطال».
سياسة إقليم كوردستان، تعزيز الأمن والاستقرار والمحافظة على المكتسبات
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، نافع عبدالله لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى قسمت الشرق الأوسط وفق مصالحها السياسية والاقتصادية، وتم رسم خرائط جغرافية دون إرادة شعوب المنطقة، وهذه السياسة خلفت وراءها مشاكل كبيرة تتعلق بالحقوق القومية والاجتماعية والثقافية لتلك الشعوب، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت المنطقة أكثر تعقيدا لعدم قدرة المجتمع الدولي وضع الحلول المناسبة وإنصاف الشعوب وإعادة الحقوق إلى أصحابها، فكانت الثورات والانتفاضات السبيل الوحيد أمام تلك الشعوب للخلاص من الظلم والاستعمار والاحتلال. واليوم تشهد منطقة الشرق الأوسط صراعاً حقيقياً، وهي أمام تحولات جيوسياسية تؤثر بشكل مباشر على توازن القوى الإقليمية والدولية، كون العالم يواجه تحديات كبرى وخاصة ظهور العملاق الصيني والخوف الأميركي من مخاطر حدوث عالم متعدد الأقطاب تنافسها على السيطرة في الشرق الأوسط، واليوم الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الأوروبية يدعمون إسرائيل في مواجهة حركة حماس وحزب الله، وإيران وحلفائها يدعمون حركة حماس وحزب الله، وهذا يوحي بتغيير الشرق الأوسط إلى شرق أوسط جديد خالٍ من الإرهاب مع الحفاظ على التوازن العالمي وعدم إفساح المجال لأي خلل يهدد التوازن الدولي، ووضع حد للتمدُّد الإيراني وسيطرتها على أربع عواصم عربية وقصقصة اذرعها وتحقيق الاستقرار والسلام وإيجاد حل سياسي لكافة القضايا العالقة وخاصة القضية الكوردية كما في كوردستان العراق والفلسطينية (حل الدولتين)، وكانت هناك محاولة تركية لتجديد عملية السلام مع الكورد لإيجاد حل سياسي يفضي إلى الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي والانتهاء من المواجهة المسلحة بين الطرفين؟».
يتابع عبدالله: «يجب على كل من مصر ودول الخليج بذل كافة جهودهم لإقناع إسرائيل كون اتفاقية كامب ديفيد تربط بين مصر واسرائيل، ودول الخليج أيضا لهم علاقات قوية مع اسرائيل بأن توافق على وقف إطلاق النار وبمساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ومن جانب آخر إقناع حماس بإطلاق سراح الرهائن والضغط على حزب الله من خلال ايران لوقف هجماته الصاروخيّة باتجاه الأراضي الاسرائيلية، وإذا استمرت الحرب على هذا المستوى لن تكتفي إسرائيل بضرب غزة وحزب الله في لبنان بينما ستكون هناك معركة أوسع تشمل الكثير من الدول وخاصة ايران الداعم الأكبر لتلك الميليشيات، اعتقد مهمتهم صعبة لتحقيق الاستقرار ولكن ليس هناك مستحيل إذا كانت هناك إرادة حقيقية».
يضيف عبدالله: «رغم كل محاولات الدول الإقليمية لتوريط إقليم كوردستان للدخول في صراع مع بعض القوى المحسوبة على دول الجوار، وقامت ايران بقصف بعض الأهداف المدنية داخل الإقليم من أجل جر الإقليم إلى ذلك الصراع، ولكن كما قال الرئيس مسعود بارزاني في كلمته في هولير ( نحن نعمل مع الأصدقاء بكل الأشكال السياسية للنأي بالعراق عموما وكوردستان بالأخص عن تلك النيران والصراعات ونأمل بأن يلجأ جميع الأطراف إلى الحوار ومعالجة المشاكل القائمة بشكل سلمي )، لذلك اعتقد الجواب على تلك القوى هي نتائج الانتخابات الأخيرة في إقليم كوردستان وسوف تمضي حكومة الإقليم من اجل أن تحقق المزيد من التقدم والازدهار، وتكريس العملية الديمقراطية والتعاون بين الأحزاب والقوى السياسية لتعزيز أمن واستقرار الإقليم والمحافظة على مكتسبات شعبها».
يؤكد عبدالله: «أن تحقيق السلام ونجاح محور السلام في إقليم كوردستان مرتبط بمدى قدرة حكومة الإقليم على بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الإقليمية والدولية، التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية ونبذ الصراعات والضغوط الداخلية والخارجية، والانخراط في التكتلات الاقتصادية العالمية من أجل تحقيق مكاسب تجارية ترتقي إلى مستوى الدول المتقدمة في الأعمار وزيادة دخل الفرد والميادين المختلفة، وخلق توازن بين المصالح المشتركة داخليا وخارجيا، وعدم فسح المجال للتدخل الخارجي في شؤون الإقليم على كافة المستويات».
إقليم كوردستان صاحب تجربة ديمقراطية راسخة
تحدث سكرتير حزب اليسار الكردي- سوريا، شلال كدو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن المنطقة أمام تحولات جذرية، والمنطقة الآن كما نراها ملتهبة، وهناك حروب حامية الوطيس في عدد من الدول، لا شك بأن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات كبيرة على هذا الصعيد أو ذاك الصعيد، الجميع باعتقادي يستعد للعاصفة التي ربما قد تأتي بعد هذا الهدوء الحذر أو بعد الانتخابات الأمريكية، هنالك استعدادات كبيرة جارية في عدد كبير من الدول تستعد لـ المرحلة المقبلة. أما فيما يتعلق بالدعم الأمريكي لإسرائيل للقضاء على أذرع إيران في المنطقة فاعتقد أن هذه المسألة جوهرية في مضي إسرائيل في القضاء على الأذرع فستنقل منطقة الشرق الأوسط إلى مرحلة أخرى على سبيل المثال لا الحصر نرى بان اسرائيل قضت على حوالي 90 % من قوة حركة حماس المتشددة، هذا الأمر سوف يكون له أثر كبير على مستقبل الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، إضافة الى أن تدمير حوالي 50% إن لم نقل أكثر من قوة حزب الله من ترسانته العسكرية والقضاء على معظم قياداته من الدرجة الأولى سوف يؤدي بـ لبنان إلى مرحلة أخرى أكثر استقرارا، وأعتقد بأن القضاء على دولة حزب الله سوف يؤدي بالنهاية إلى ان تصبح دولة لبنان إذا جاز التعبير إلى دولة حقيقية».
يتابع كدو: «استراتيجية إيران في المنطقة بعد القضاء على أذرعها سوف تتغير، قبل الآن كان هناك احتقان كبير في الشارع الإيراني، إيران لن تستطيع من الآن وصاعدا من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وما انتخاب السيد مسعود بيزشكيان رئيسا لإيران هذا الرئيس الإصلاحي إلا لإجراء إصلاحات كبيرة في إيران داخليا وخارجيا، إيران مقبلة على تغييرات ربما كبيرة وجذرية بعد القضاء على أذرعها في المنطقة».
يعتقد كدو: « ان مصر ودول الخليج العربي سوف تمضي في سياساتها إلى الاستقرار في الشرق الأوسط، لكنها لا تستطيع اتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن، اعتقد إن الحدث اكبر من سائر الدول العربية ولا سيما مصر ودول الخليج، المسألة حينما تتعلق بأمن إسرائيل وكذلك بأمن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب فهؤلاء يمضون في خططهم حتى النهاية، هناك قرار لدى إسرائيل وكذلك القرار لدى الإدارة الأمريكية الحالية بالقضاء هذه الأذرع، وكذلك إلى إعادة رسم الخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط، هذه الخارطة التي لها صلة كبيرة بأمن إسرائيل في المستقبل».
يشير كدو: «ان إقليم كوردستان استطاع ان يثبت للقاصي والداني بأنه صاحب تجربة ديمقراطية راسخة، وديمقراطيته تضاهي من الآن وصاعدا- ولا سيما بعد نجاح العملية الانتخابية لـ الدورة السادسة لبرلمان حكومة إقليم كوردستان - بعض الديمقراطيات العريقة، لذلك أن هذا الأمر أدى إلى شرعية مؤسسات إقليم كوردستان، وكذلك أثبت للجميع بأن الكورد في المنطقة ولا سيما في إقليم كوردستان أنهم رسل للديمقراطية والإنسانية والعدالة والتنمية».
يؤكد كدو: «السلام مستدام في إقليم كوردستان منذ عشرات السنوات، وهذا السلام سوف يستمر وهذا الهدوء سوف يستمر، ولا سيما بعد نجاح العملية الانتخابية، لكن الآن في الوقت الحاضر هناك ربما تحدي تشكيل الحكومة أمام البرلمان الذي سوف يلتئم حسب التوقيتات الدستورية بعد أسابيع ربما، لكن أيٍّ كان الأمر فإن إقليم كوردستان سوف يمضي في مسألة ترسيخ السلم الداخلي وكذلك الإقليمي والدولي».
العقيدة الحربية لإقليم كوردستان، عقيدة دفاعية وسلمية
تحدث السياسي، الدكتور كاوا أزيزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «أن ما يجري حالياً من حرب بين إسرائيل وأذرع إيران في غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران بحد ذاتها، هو كزلزال يدك عروش التطرف والديكتاتورية، ويمهد الطريق لإنهاء المجموعات المسلحة المنفلتة والمتطرفة في هذه المنطقة، وإيجاد أنظمة سياسية لا مركزية تتماشى قوانينها مع قوانين الشرعية الدولية، والتأكيد الأنظمة الوليدة ستكون أنظمة معتدلة وديمقراطية.
هذه الحرب سيحدث تغييرات جذرية في عملية التوازن الجيوسياسي للمنطقة، المعروف أن الشرق الأوسط هي منطقة صراع ونفوذ روسي أمريكي، إلى جانب ذلك هناك قوى إقليمية تدخل ضمن التوازن الاستراتيجي في المنطقة مثل تركيا، إيران، إسرائيل، وإلى حد ما السعودية ومصر.
هذه الحرب ستغير خارطة التوازنات، ستتراجع قوة ونفوذ بعض الدول وسيتصاعد قوة ونفوذ دول أخرى.
ومن بين المتغيرات والسيناريوهات في هذه التوازنات يبدو أن إسرائيل ستتحول إلى قوة رئيسية في المنطقة، وسيلعب دور الشرطي الشرق اوسطي إلى جانب تراجع الدور الإيراني والتركي، من جانب آخر يبدو أنه سيبرز عنصر جديد في هذه التوازنات الإقليمية وهو العامل الكوردي.
يبدو أن الكورد سيناط بهم دورا كبيرا لإعادة بناء عملية التوازن على أسس جديدة في الشرق الأوسط الجديد.
بالنسبة لأمريكا وروسيا، اعتقد أنهما سيتشاركان في النفوذ والتمدد في المنطقة لان طبيعة المنطقة تتطلب ذلك. ما يهم روسيا هو إثبات قدميها في المياه الدافئة الشرق أوسطية، وما يهم أمريكا هو مصالحها الحيوية وحماية إسرائيل في المنطقة. بالتأكيد تعاظم النفوذ الروسي والأمريكي سيكون على حساب نفوذ كل من إيران وتركيا.
الدعم الأمريكي الغير محدود لإسرائيل، سيجعلها أن تتمدد نفوذها حتى الحدود الإيرانية بعد تدمير البنية التحتية للميليشيات المتطرفة والارهابية التابعة لإيران في المنطقة بما في ذلك النظام السوري، وتغيير وجه المنطقة بشكل كلي، وتحجيم إيران داخل حدودها، وربما احتمال تغيير النظام في إيران».
يتابع أزيزي: «من جملة ما سيتأثر بهذه التغييرات الجيوسياسية هي السعودية ومصر أيضا.
السعودية بطبيعتها المعتدلة ونظامها الملكي المحافظ وقوتها المالية إلى جانب دول الخليج الأخرى هي المساعدة في إعادة بناء ما تم تدميره في الشرق الأوسط، وبالتعاون مع مصر يفترض أن يتقدم بمبادرة سلام شامل للشرق الاوسط، واعتراف عربي واسلامي رسمي بإسرائيل، وإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية، وان تكون الدعامة الرئيسية في عملية الأمن المشترك في المنطقة».
يشير أزيزي: «إلى ان إقليم كوردستان يتبع سياسة النأي بالنفس، وعدم التدخل في هذا الصراع، والابتعاد عنه قدر الإمكان. للإقليم سياسة واضحة بان الحرب الدائرة ليس لها فيها أي شأن، ولا يجوز للعراق أن يتدخل في هذه الحرب. وهذه السياسة سيعزز موقف الإقليم وسيساعد على استقراره السياسي والاقتصادي، وسيعطيه دورا كبيرا في لعب دور إيجابي لتقديم الحلول السلمية للمشاكل العالقة في المنطقة».
يختم أزيزي: «ان إقليم كوردستان خاض الكثير من الحروب، واستخلص إلى نتيجة بان ما يمكن أن يكسبه بالسلم هو أكثر وأضمن بكثير من أن تكسبه بالحرب. وبالتالي فإن العقيدة الحربية للإقليم هي عقيدة دفاعية وسلمية، وهذه يعطي قوة كبيرة لمحور السلام في الإقليم، كونه يلعب دورا ايجابيا في تنمية المنطقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة الجوار. كما ان الموارد الكبيرة للإقليم استطاع أن يستثمره في تنمية الإقليم وبناء بنية تحتية متطورة، وطوّر علاقات تجارية ودبلوماسية مع المركز ودول الجوار، واقام اقتصادا ناجحا ونظام سياسي مرن ومعتدل وديمقراطي يحترم فيه حقوق الأقليات والمرأة واحترام حقوق الانسان، وتحوّل إلى نموذج اقتصادي وسياسي ناجح، وأصبح مثالا يُحتظى به بين شعوب المنطقة».