انتخابات كوردستان نقطة تحوّل مفصلية على حافة ظروف سياسية حساسة ودقيقة

 انتخابات كوردستان نقطة تحوّل مفصلية على حافة ظروف سياسية حساسة ودقيقة

عزالدين ملا

تجري الانتخابات البرلمانية لحكومة إقليم كوردستان في ظروف دقيقة وحساسة، وخاصة في ظل الصراع العسكري بين إسرائيل وأذرع إيران (حماس وحزب الله والحوثيين والفصائل الشيعية العراقية)
تجري هذه الانتخابات والبيت الكردي منقسم بين مَن يريد أن يوصل الإقليم إلى قمة الازدهار والرفاهية والاستقرار والأمن والسلام، ومَن يريد أن يجعل من الإقليم أداة لتنفيذ مآرب أعداء كوردستان.
1- ما هي العوامل التي تؤثر على الانتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان في ظل الصراعات الإقليمية؟
2- كيف يؤثر الصراع العسكري بين إسرائيل وأذرع إيران على الوضع السياسي في كوردستان؟
3- كيف يمكن أن تؤثر الانقسامات الداخلية في كوردستان على الاستقرار والأمن في الإقليم؟
4- كيف يمكن تحقيق الازدهار والرفاهية في كوردستان في ظل هذه الظروف الصعبة؟
5- ما هو دور القوى السياسية الكوردية في مواجهة التحديّات الحالية؟ وكيف يمكن تعزيز الوحدة الكوردية في ظل الانقسامات الداخلية؟

الإقليم يقف في المكان الصحيح من الصراع الجاري في المنطقة
تحدث عضو الهيئة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «لا شك أن إعلان قيادة إقليم كوردستان منذ أكثر من ثلاثة عقود إقليماً فيدرالياً من جانب واحد بدايةً، ثم تثبيت ذلك في الدستور العراقي الجديد 2005 بعد إسقاط النظام العراقي الدكتاتوري، قد قوبل بارتياح كبير من قبل الشعب الكوردستاني في الأجزاء الأربعة. اعتُبر ذلك إنجازاً ومكسباً كبيراً للشعب الكوردستاني ككل وبداية مشجعة لحل القضية الكوردية في الأجزاء الأخرى، وكسراً لحلقات القيود المفروضة عليها من قبل الدول التي تقسم كوردستان لعقود طويلة. انطلاقاً من ذلك، يتطلب من جميع القوى الكوردستانية الدفاع عن الإقليم والحفاظ على هذا المكسب التاريخي.
كما أن قيادة الإقليم تحت زعامة الرئيسين المرحوم جلال الطالباني والرئيس مسعود البارزاني قد عملت بكلّ جدٍّ وتوافق مثالي في الحفاظ على هذا المكسب الكبير وتطويره وتعزيز دوره، ليس في العراق فحسب بل لدى القوى الإقليمية والدولية، رغم كل العقبات والمؤامرات التي كانت تحاك ضده من قبل الحكومات المتعاقبة على العراق وبدعم مباشر من إيران. خاصة فيما يتعلق بعدم تنفيذ المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها والموازنة، وعدم إصدار قانون النفط والغاز.
لكن من المؤسف القول إن تدهور الحالة الصحية للرئيس جلال الطالباني في بداية 2017 وانحسار دور القيادة التاريخية للاتحاد الوطني بعد ذلك، مثل كوسرت رسول وملا بختيار وغيرهم، وتسليم قيادة الاتحاد لنجل الرئيس طالباني، الذي يفتقر للخبرة في الشؤون السياسية، جعل قيادة الاتحاد الحالية لقمة سائغة لدى القيادة الإيرانية وأذرعها في العراق. وقد تجلى ذلك بوضوح في التنسيق والتآمر على استفتاء الإقليم 2017 وتسليم كركوك للقيادة العراقية بكل صفاقة، دون أخذ رأي قيادة حزبه لا بل من خلفها.
منذ ذلك الحين وحتى اليوم، يمرُّ الإقليم بسلسلة من المؤامرات من قبل الموالين للنظام الإيراني، وبتنسيق كامل مع قيادة بافل الطالباني، الذي تحوّل إلى أحد أذرع إيران في التآمر على الإقليم. بالإضافة إلى ظهور قوى كوردستانية أخرى في الإقليم مثل حزب الجيل الجديد والجماعة الإسلامية، وجميعها تعمل وفق التوجيهات الإيرانية في ضرب مكاسب الإقليم عرض الحائط، مما قد يؤثر سلباً على نتائج الانتخابات جزئياً. وأؤكد على كلمة "جزئياً" لأن قيادة الإقليم مدركة جيداً لهذه الناحية. إضافة إلى تحرك قيادة الاتحاد الوطني التاريخية أكثر من أي وقت مضى لإفشال هذه المؤامرات على الإقليم.
لذلك، أنا متفائل أن نتائج الانتخابات ستكون لصالح الإقليم ومكتسباته، وسيُفشِل الشعب الكوردستاني هذه المؤامرات، وسيخرج الإقليم أقوى من السابق، خاصة أن المناخ الإقليمي والدولي يساهم في هذا الاتجاه إيجابياً».
يؤكد عليكو: «إن الصراع العسكري بين إسرائيل والأذرع الإيرانية على الوضع السياسي سيؤثر، ليس في كوردستان العراق فحسب، بل على المنطقة بأسرها، خاصة في لبنان وسوريا والعراق. فيما لم تتراجع الفصائل العراقية عن موقفها المعلن والداعم لمبدأ "وحدة الساحات"، وهناك ضغوط كبيرة من الحكومة العراقية على هذه الفصائل لتجنيب العراق التصادم مع إسرائيل. لكن حتى الآن لم تكلل جهود الحكومة العراقية بالنجاح في لجم هذه الفصائل لأنها فصائل تتبع لولاية الفقيه في إيران وليست للحكومة العراقية.
لكن السؤال يتعلق بنوعية هذا التأثير، وهل سيكون سلبياً أم إيجابياً فيما لو تم الحد من نشاطها او انهائها؟ أعتقد أن التأثير سيكون إيجابياً، لأن هذه الفصائل تكنُّ العداء للإقليم وسبق أن قصفت الإقليم مرات عدة، وتتدخّل باستمرار في شؤونه. لذلك فإن إضعافها يصب في مصلحة الإقليم، إضافة إلى أن الإقليم يقف في المكان الصحيح من الصراع الجاري في المنطقة».
يشير عليكو: «أن منطقة الشرق الأوسط تشهد صراعاً عسكرياً كبيراً منذ عملية حماس على غلاف غزة في أكتوبر 2023، بين إسرائيل وأذرع إيران في المنطقة. وسوف يطول هذا الصراع، وقد يمتدُّ إلى العديد من الدول، من بينها العراق. وكما هو معلوم فإن الجناح المسيطر على قرار الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة بافل الطالباني بات معروفاً بتحوُّله إلى أحد أذرع إيران في الإقليم، وهذا سيؤثر سلباً على أداء الإقليم، ويهدّد استقراره وأمنه بشكل كبير، إن لم يتمكن التيار الوطني في الاتحاد الوطني من السيطرة على الوضع في مناطق السليمانية وكركوك وحلبجة في الانتخابات القادمة.
لذلك، بات مفروضاً على الحزب الديمقراطي الكوردستاني التنبُّه لهذه المخاطر والعمل على دعم التيار الوطني في الاتحاد، والحيلولة دون فشله في هذه المواجهة المفصلية. لأن مصلحة الإقليم تقتضي ذلك في هذه المحطة التاريخية في تمتين الجبهة الداخلية والتعامل بموقف موحد إزاء هذه المخاطر الجدية. وإلا سيشهد الإقليم صراعاً داخلياً مقيتاً، مما سيؤثر سلباً على ازدهاره وتطويره في جميع المجالات.
من هنا، بات لزاماً التنبه لهذه المخاطر بجدية وبذل كل الجهود لتوحيد جميع الطاقات السياسية الكردية الخيرة، ليس للحفاظ على الإقليم فحسب، بل وتوجيهها في اتجاه التعامل السليم مع التطورات الكبيرة التي تحدث في الشرق الأوسط والاستفادة منها لتحقيق مكاسب للإقليم وكوردستان بشكل عام».

البارتي بحكمته السياسية وقوة حجته وتاريخه يخرج من كل الأزمات أكثر قوة وصلابة
تحدث الكاتب والإعلامي، محمد زنكنة لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن للصراعات الاقليمية دور وتأثير كبير على المنطقة بشكل عام وليس على إقليم كوردستان فقط، وخصوصاً أن العراق أيضًا أصبح ضمن هدف التهديد الامريكي – الإسرائيلي، بسبب عدم سيطرة الحكومة العراقية على الميليشيات غير المنتظمة في المنظومة الدفاعية العراقية. تأثير هذا الصراع يكمن في وجود أطراف محسوبة على اقليم كوردستان، تعتبر مقرّبة من الميليشيات المدعومة من إيران، والميليشيات تعمل على تصدير ازماتها ومشاكلها لإقليم كوردستان لإلهاء الرأي الجماهيري المرتبط بهم عن عمق المشاكل التي تعاني منها. ومن جانب آخر إقليم كوردستان محاذٍ لإيران وتركيا، وبالتأكيد إن كانت هناك ضربات عسكرية على الجانب الإيراني من المتوقّع أن تمرّ عبر سماء تركيا الحليف المقرب للجانب الامريكي في حلف الناتو. وفي جميع الأحوال لم يبق الكثير على موعد إجراء الانتخابات، فان افترضنا ان الحكومة العراقية ستكون ضحية لعدم سيطرتها على الميليشيات وانها ستكون جزءًا من العقاب الامريكي – الاسرائيلي بعد تحديد اكثر من ثلاثين هدفاً تابعاً للميليشيات لاستهدافها، هذا الأمر من الممكن أن يكون سببًا في خلق أزمة في الحكم في بغداد بسلطتيه التشريعية والتنفيذية، مما سيتسبب بتوقُّف المفوضية العراقية عن الاشراف على العملية الانتخابية، لكن هذا الامر مستبعد، ولا أعتقد أنه سيحصل، وهذه هي النقطة الوحيدة التي من الممكن ان تؤثر على العملية الانتخابية».
يشير زنكنة: «ان كوردستان لم ولن تكون جزءاً من هذا الصراع، وإن كانت هناك أطراف تريد أن تصف ضمن جبهات وتجمُّعات سياسية ميليشياوية تدّعي أنها ضمن ما يسمّى بـ(محور المقاومة)،فهذا الأمر سيؤثر عليهم وعلى سياساتهم العامة وجماهيريتهم وموقعهم السياسي على مستوى الاقليم والمنطقة، ولن يؤثر على موقع الاقليم ومكانته الاقليمية والعالمية ولا على الوضع السياسي، من الممكن أن يتسبب ببعض التوترات الأمنية في مناطق النفوذ الجماهيري والسياسي والعسكري لهذه الأطراف، لكن للإقليم قوات أمنية وقوات بيشمركة باستطاعتها فرض الأمن والاستقرار في عموم الاقليم، وبإمكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يحل أكثر المشاكل والأزمات السياسية تعقيداً، بفرض حكمته السياسية وقوة حجته وتاريخه الذي يشهد له بمبادراته المستمرة لحل كل الازمات التي تواجه الاقليم، لذلك لا أتصوّر بان هذا الصراع سيكون له تأثير على عموم الاقليم، لكن من سيصف مع جهة ضد أخرى في صراع لا يمثله، لن يسلم وبكل تأكيد من ردّات الفعل».
يؤكد زنكنة: «إن وحدة الصف والموقف أمر مهم، ولكن وجود مؤسسات أمنية حكومية، سيكون بمثابة الحائط الصد أمام أية محاولات من الممكن أن تعكر صفو الاقليم، وهنا أعود وأؤكّد مرة أخرى على دور وقوة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والذي لم يسمح بسقوط الإقليم بيد إرهابيي داعش، وقاوم الميليشيات التي أرادت استباحة الاقليم بعد خيانة السادس عشر من اكتوبر لعام 2017، وتمكّن من إحباط كافة المؤامرات التي استهدفت استقراره، واستطاع ان يخلق جواً من الهدوء مع دول الجوار وخصوصاَ ايران التي كانت تستقصد الإقليم بحجة تواجد الموساد، في حين أن للموساد نشاطاً في جميع الدول العربية والاقليمية، لا يمكن ان يتواجد في الاقليم. الاختلاف في وجهات النظر من الممكن أن يكون أمراً طبيعياً في اطار الديمقراطية، وان زادت عن الحد سيكون لحكومة إقليم كوردستان رداً على إحباط أية محاولة من هذا القبيل، ولن تتضرّر إلا الاطراف التي تحاول على فرض هذا الواقع الذي سيضرهم قبل ان يضر غيرهم».
يردف زنكنة: «إن السياسة فن الممكنات، لا يمكن أن يفسّر في إطار الرومانسية والكمال، لا يدّعي الاقليم أن تجربته هي الأنجح والافضل بل أن رئيس الحكومة مسرور بارزاني يؤكد دوماً أن هناك نواقص يجب تداركها وحلها، إعادة صياغة البنية التحتية الاقتصادية بتعديد مصادر الدخل وتصدير المنتوجات من الاقليم الى الخارج والمواءمة بين القطاعين العام والخاص وتوفير الآلاف من فرص العمل لمواطني الإقليم، كان أحد الأهداف المهمة التي استند البرنامج الحكومي للكابينة التاسعة لحكومة الاقليم، وباستمرار هذه الخطة وبوجود إصلاحات حكومية ومتابعة وبتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، سيتمكن الاقليم من التقدُّم بخطوات إيجابية ومهمة وقوية لتحقيق الرفاهية التي تطمح اليها الحكومة».
يختم زنكنة: «إن لهذه القوى دوراً وتأثيراً كبيرين، إن كان بالإيجاب والسلب، لكن المعطيات والظروف والمستجدات التي تفرض نفسها على الواقع السياسي للمنطقة، ستجبر الجميع على الاحتكام لطاولة الحوار كما حصل قبل وبعد إسقاط نظام صدام الدكتاتوري، بإمكان هذه القوى أن تضع المصلحة العامة لإقليم كوردستان فوق جميع المصالح الشخصية والحزبية الضيّقة والنظر إلى الإقليم بأنه المكان الذي يجمع الكل ولا يمكن المساومة عليها ولا التضحية بها، وأن تكفّ هذه الأطراف عن جعل معاداة البارتي كمادة أساسية لبقائها واستمرارها لان الجميع يعلم من يكون البارتي ومن الذين يسعون دوماً إلى بث التفرقة واختلاق المشاكل للإقليم، الالتزام بوحدة الموقف ووحدة أرض إقليم كوردستان وعدم تصدير المشاكل الداخلية للوضع العام والابتعاد عن الأطراف التي تتآمر على إقليم كوردستان، يجب أن يكون الهدف الرئيسي لهذه الاحزاب، هذا هو الدور الأهم والمطلوب لهذه الاحزاب».

الانتخابات منافسة وعملية ديمقراطية لتقويم البلاد وتطويره
تحدّث رئيس اتحاد كتاب كوردستان سوريا، عبدالحكيم محمد لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «انطلقت يوم الاربعاء 25, 9, 2024، الحملات الدعائية الانتخابية لبرلمان اقليم كوردستان المقررة إجراؤها 20 تشرين الأول الجاري وقد دعا رئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني في كلمة له بهذه المناسبة إلى اجراء حملة انتخابية هادئة وحضارية، وأوضح بارزاني أنّ "الجميع أحرار في الدعاية لسياساتهم وانتقادها ولكن يجب عدم السماح لأي جهة بنشر الكراهية". من المعلوم أنه يبلغ عدد مقاعد برلمان الإقليم 100 مقعد ومن ضمنها كوتة الأقليات الخمس، وبحسب ما اعلن عنه فإنّ عدد المرشحين للبرلمان 1191 مرشحاً يتوزعون على 136 كياناً سياسياً وللمرة الإولى ستقوم مفوضية الانتخابات الاتحادية بالإشراف وإدارة الانتخابات في الاقليم، بلا شك أنّ انتخابات هذه الدورة تمرُّ بمرحلة حساسة ومهمة وربما تكون مفصلية، ويبدو أنّ القوى السياسية تستعد للمنافسة فيما بينها وفي النهاية ستكون الأصوات الأكثر ترجيحاً لصالح قوة واحدة، إنّ كل حزب لديه برنامج سياسي مستقل وأفكار خاصة به، وفي ظل هذه الظروف حيث الحرب (الاقليمية) بين إسرائيل المدعومة دولياً وإيران من خلال أذرعها كحماس وحزب الله وغيرهم من الحركات المسلحة المدعومة من إيران وقوى الشر في المنطقة، وفي الوقت الذي يبدو فيه جلياً أنّ الانقسامات والخلافات بين القوى السياسية الكوردية في الإقليم تتصاعد تدريجياً وخاصة الصراع المحتدم بين الاتحاد الوطني المدعوم من قوى الشر (ايران نموذجا) والحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يسعى للحفاظ على الاقليم وتطويره والوصول بالقضية الكوردية إلى المنابر العالمية والدولية، لا بدّ أنّ هناك الكثير من العقبات أمام هذه الانتخابات ولا بدّ أنّه سيؤثر هذا الأمر على نسبة المشاركين فيها، لأنّ هذه الصراعات الاقليمية تتوسع شيئاً فشيئاً، وهناك خشية من أن تقوم ايران بقصف الاقليم لأسباب واهية كما فعلت في زمن سابق وأنّ اسرائيل توسّع رقعة حربها حيث أنها بعد أن دمرت القوة العسكرية لحماس وقتلت رئيس المكتب السياسي لها اسماعيل هنية تقوم بشل حركة حزب الله اللبناني وقتل غالبية قاداتها ومن ضمنهم حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، وستتوجه بعدها إلى حزب الله العراقي والميليشيات المدعومة ايرانياً، وستتحول الحرب إلى الداخل العراقي، وهذا ما سيؤثر سلباً على الانتخابات في الاقليم ولأنّ هذه الحرب الدائرة في المنطقة غير محدودة الزمان والمكان، ويبدو أنها ستمتد طويلاً وربما تتحول إلى حرب بين دول. لذا الانتخابات في هذه الفترة لها تحديات كثيرة ويجب على القوى السياسية تأطير المنافسة تحت شعار القضية الكوردية والمصلحة العامة والحفاظ على الاقليم وتطويره». يتابع محمد: «فمنذ 1990 حيث كان أول انتخابات في تاريخ كوردستان قفزت كوردستان خطوات نوعية، وفي كل مرة تحدث فيها الانتخابات منذ ذلك الوقت تتطور كوردستان وتلفت أنظار العالم إليها، ولكن حدث مؤخراً وبسبب هذه الانقسامات بين القوى السياسية الكوردية في الداخل الكوردستاني أن بعض القوى حالت دون تطوير كوردستان، بل قلّصت من نفوذ كوردستان عندما حصلت الخيانة العظمى في كركوك في 16 اكتوبر 2017 من قبل الاتحاد الوطني المدعوم إيرانياً ولكسب بعض المكتسبات الشخصية والحزبية، ومنذ ذلك الوقت تحاول هذه القوى الفاشلة أن تزعزع أمن كوردستان وهي اليوم تشارك في الدعاية الانتخابية، ولكن بطريقة فاشلة ومستفزّة وصبيانية من قبل كبيرهم الصغير بافل طالباني الذي وضع كوردستان والاتحاد على حدٍ سواء في مصلحته الشخصية، وقام بتشتيت حزبه أيضاً، لذلك من المتوقّع أن يفشل الاتحاد فشلاً ذريعاً في الحصول على الكراسي المتأملة له في برلمان كوردستان وسيكون مصيرهم الفشل سياسياً وبرلمانياً، وخاصة أن ايران الداعمة لهم على كف عفريت من هذه الحرب التي ستقصم ظهرها، وبالتالي سيُقصم ظهر جميع الميليشيات والحركات السياسية التي تتستر تحت ظلال العمامة السوداء».
يؤكد محمد: «إن هذه الانقسامات الداخلية في الاقليم لها دور سلبي على الاقليم خاصة والعراق عامةً ولكن حكمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة الزعيم مسعود بارزاني ستؤول دون فشل البرلمان وستبقى محوراً أساسياً لتطوير وازدهار كوردستان كما نشاهدها اليوم والمشاريع التي تقوم بها حكومة كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني ورئيس وزرائه مسرور بارزاني، والاستمرار في هذه المشاريع التنموية من كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والزراعية والاجتماعية والتعليمية والبنى التحتية سيجعل من كوردستان بوابة آمنة في الشرق الأوسط للاستثمارات الاقتصادية من قبل الشركات الدولية، والعالم يتوجه نحو تغييرات جغرافية وشرق أوسط جديد لا بدّ منه وما يحدث حالياً في المنطقة ليست سوى تنفيذا لهذه التغييرات المرتقبة وعوالم جديدة للشرق ومفاهيم مختلفة ستؤدي إلى تغيير مفهوم الحرب، حيث ما كان يحدث سابقاً في سنة يحدث اليوم في أقل من شهر، لذلك لا بدّ من تغيير مفاهيم السياسة أيضاً وخاصة في إقليم كوردستان لأنها تقع على حدود أعداء متربّصين بها، ولا بدّ من مواجهة كافة التحديات وتعزيز جهود كبيرة لتوحيد الصف الكوردي، وإنهاء الصراعات والخلافات السياسية والادارية بالالتزام بالمبادئ والقيم والابتعاد عن التبعية والمصالح الحزبية، لأنّ الظروف ستحدّد مَنْ يستحقُّ الحكم، ومَن يسير بالقضية الكوردية إلى الأمام، وبالتالي الانتخابات ليست صراعاً ولا عداوةً بل هي منافسة وعملية ديمقراطية لتقويم البلاد وتطويره وتحديد القوى العادلة للحكومة».
يشير محمد: «انه ما يتطلب من الأحزاب والقوى السياسية الكوردية هو المنافسة الشريفة وتعزيز الآمال بما يخدم المصلحة العامة للإقليم والقضية الكوردية، والتقارب بين الحركة السياسية الكوردية والعراقية لتنفيذ الدستور والالتزام بالحقوق المنصوصة للكورد من ميزانية وموارد اقتصادية كالنفط ونسبتها ورواتب الموظفين، وتعزيز القوة العسكرية لقوات البيشمركة كونها قوة تابعة لوزارة الدفاع العراقية والقوة الوحيدة لإقليم كوردستان، وهذا ما سيحقق الازدهار والتقدم لإقليم كوردستان. أرجو التوفيق في هذه الانتخابات لكافة القوى السياسية التي هدفها الحفاظ على الاقليم وتطويره».

المشروع الوطني الكوردستاني أمرٌ لا مفر منه
تحدث الناشطة السياسية، كوردستان علي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن العوامل المؤثرة على الانتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان في ظل الصراعات الإقليمية متعدّدة، هي متداخلة بعمق في السياقين الإقليمي والعراقي. إذ يعد إقليم كوردستان جزءًا من المشهد السياسي العام في المنطقة، وخاصة من الوضع العراقي. وبالتالي، فإن كافة القوى الإقليمية التي تتنافس على النفوذ في العراق أو المنطقة تلعب دورًا مهمًا في التأثير على هذه الانتخابات.
من الواضح أن النفوذ الإيراني في بغداد يظل أحد أهم العوامل المؤثرة، حيث تمسك طهران بمفاصل العملية السياسية من خلال الأحزاب الموالية لها والميليشيات المسلحة التي تنضوي تحت ما يسمى ب "محور المقاومة"، هذا النفوذ الإيراني ينعكس على مناطق نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يعد نفسه جزءًا من محور المقاومة الإيرانية. وبالتالي، يُتوقع أن يكون هناك تدخل إيراني كبير، سواء من خلال محاولات التزوير أو التأثير على العملية الانتخابية، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني. هذه المخاوف تتزايد مع تصريحات تشير إلى اعتبار بعض قادة الميليشيات مثل ريان الكلداني من قادة هذا الحزب، مما يثير القلق حول مستقبل الديمقراطية في تلك المناطق.
من الجانب الآخر، فإن الحضور الأمريكي في المنطقة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تعزيز الشفافية والنزاهة خلال سير العملية الانتخابية. وفيما يتعلق بتركيا، يظل نفوذُها محدودًا نسبيًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن مدينة كركوك ليست مشمولة في هذه الانتخابات، مما يقلل من التأثير التركي على العملية الانتخابية في إقليم كوردستان.
في المجمل، الصراعات الإقليمية وتنافس القوى الخارجية يضفيان حالة من التعقيد على الانتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان، مع وجود تخوفات من التدخلات والتأثيرات التي قد تُعرقل مسار الديمقراطية وتُفاقم من حدة الانقسام الداخلي».
تتابع علي: «عادةً ما تكون النتائج السياسية للصراعات انعكاسًا لما يحدث في الميدان العسكري والأمني؛ فالمكتسبات السياسية تُحدّد من خلال النصر العسكري. وبالنظر إلى التطورات الحالية والهزائم التي يتعرض لها حزب الله، يبدو أن كافة الأذرع الإيرانية قد تواجه مصيرًا مشابهًا من الهزيمة، ما سيؤدي بدوره إلى تراجع كبير في النفوذ الإيراني في المنطقة، وخاصة في العراق.
هذا الانحسار في النفوذ الإيراني قد يفتح المجال لعملية سياسية أكثر شفافية وسلامة، سواءً في العراق ككل أو في إقليم كوردستان تحديدًا، بل وحتى في لبنان. وبالتالي، فإن نتائج هذا الصراع قد تكون إيجابية بوجه عام، مما يسهم في تعزيز الأجواء الديمقراطية والاستقرار في الإقليم والعراق».

تضيف علي: «ان الانقسامات الداخلية في جوهرها تعكس التدخُّلات الخارجية، وفي حال تم تحجيم النفوذ الإيراني في بغداد والحد من نشاط ميليشياتها الموالية، ستعود الأمور الداخلية إلى وضعها الطبيعي، وسيصبح العودة إلى المشروع الوطني الكوردستاني أمرًا لا مفر منه.
تختم علي: «انه بذلك، سيتحقق التفاف وطني حول الكيان الكوردستاني ومكتسبات شعب كوردستان، وستتكاتف الجهود للحفاظ على مؤسسات الإقليم في مختلف المجالات التنموية، مع دعم وتعزيز القوات المسلحة المتمثلة بالبيشمركة، كما سيُقدَّر الدم الذي بذله الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن. وعندئذٍ، ستعود المعادلة الداخلية إلى مسارها الطبيعي، مما يسهل تعزيز وحدة وطنية داخلية قوية ومستدامة».