النخب السياسية الكُردية وقياداتها.. والحاجة إلى وقفة تاريخية لترتيب البيت الكُردي
عزالدين ملا
تتوسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط وتحتدم، وقد تخرج عن السيطرة، وتتحول إلى كارثة لا يمكن تكهن في تبعاتها، وخاصة بعد أن اغُتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في مقرّ اقامته بإيران.
تصريحات إيرانية شديدة اللهجة ضد اسرائيل على خليفة مقتل هنية، ورافقها اجتماع ايران مع الفصائل والمليشيات التابعة لها في لبنان والعراق واليمن.
وفي المقابل حرّكت الولايات المتحدة وبريطانيا اساطيلها البحرية الضخمة إلى البحر المتوسط والخليج العربي، مع قيام اسرائيل بإحكام اغلاق مجالها الجوي بمنظومتها القبة الحديدية.
أمام كل ذلك وشعوب المنطقة تعاني الويلات دون ان يكترث أحد بمصيرهم. أمّا الشعب الكوردي رغم كل الويلات المُحدق بالمنطقة، إلا أنهم معاناتهم مزدوجة، من جهة يعاني كما يعاني بقية الشعوب ومن جهة الأخرى يعاني من عدم تقبُل تلك الشعوب لمصيرهم.
1- ما تحليلك لكل ما جرى ويجري في الشرق الأوسط؟
2- برأيك، هل من الممكن أن تكون مقتل هنية شرارة حرب شاملة تأكل الأخضر واليابس؟ كيف؟ ولماذا؟
3- رغم معاناة تلك الشعوب، لماذا هذه الردود السلبية تجاه الكورد؟
4- كيف يمكن الخروج من عنق الزجاج للوصول إلى ظروف أكثر ملائمة؟ كوردياً وغير كوردياً؟
ليس للكردي إلا الكردي
تحدث عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار أمين لصحيفة «كوردستان»، بالقول: « لا يخفى على أحد، الصراع الدائر في الشرق الأوسط منذ امد طويل سواء في الأزمنة الغابرة أو في الوقت الحالي، لاشك من الصعوبة بمكان تحديد بدء الصراع على الشرق الأوسط عبر التاريخ، والمرجح انه بدأ بعد قدوم الهجرات والفتوحات الاسلامية الى المنطقة، حيث الصراع بين الوافدين والسكان الأصليين من جهة والحملات الصليبية وتصدي المسلمين لها من جهة أخرى مرورا بالحربين العالميتين الأولى والثانية ولاسيما هذه الأخيرة، وصولا إلى زماننا هذا حيث الصراع على اشده، نظرا للموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة بالنسبة للعالم وسهولة التواصل عبر شبكة الطرق البرية والبحرية وغناها بالثروات الطبيعية من البترول والمعادن والموارد الاقتصادية الأخرى الزراعية منها والصناعية، هذا ناهيك عن الصراعات القائمة بين مختلف قوى المنطقة ومكوناتها الدينية والطائفية والقومية والسياسية، ما يجعلها ميدانا للتدخلات الأجنبية بغية خدمة اجنداتها وتحقيق اهدافها ومراميها، فعلى مستوى المجموعات هناك المسلم "سني وشيعي وغيرهما" وهناك المسيحي واليهودي والايزيدي ..الخ، وهناك العرب والكرد والبربر والقبط والسريان والارمن والتركمان ..الخ، والسياسي يتوزع إلى قوى وأحزاب وتكتلات وتحالفات، كما هناك انظمة دكتاتورية وايديولوجيات تخدمها، ولعل الصراع الأقوى هو بين قوى التغيير والقوى المناهضة لها، الصراع بين القديم المستبد المتسلط والجديد المتطلع نحو التحول الديمقراطي وحماية حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
ومن اللافت ان الصراع القائم في منطقة الشرق الاوسط حاليا فيه شكل من التداخل والتشابك، فيه ما يتعارض مع ذاته سواء في هذا الجانب أو ذاك، ما يجعل الوضع في بعض احيانه ضبابيا غير واضح بدقة إلا لمن صنعه وأبدع في تخطيطه، زد على ذلك ان هناك كيانات متعارضة إلى جانب بعضها وفي سلام، لكن ربما عود ثقاب يجعل من لهيبها ما يدمر الجانبين في أوقات وأزمنة محدودة، وعلى العموم هذه الصراعات قائمة بشكل مباشر أو عبر الأذرع في اغلب الأحيان ودون ان تعاني اصحابها أو تكابد خسائر بشرية أو مادية، وما تحريك أمريكا وبريطانيا لأساطيلها إلا من قبيل الحذر والحيطة من تداعيات الأحداث إن جرت في المنطقة».
يتابع أمين: «وما يحصل اليوم هو حصيلة تراكمات من الماضي السحيق كما ذكرنا إلى الماضي القريب إلى الحاضر لتشكل في مجملها أزمات مستعصية تديرها أيادي قوية، تضع لها العناوين أو ترسم لها السُّبل نحو الحلول، لكن تبقيها دون تنفيذ، لتظل مادة خصبة جاهزة تستثمرها متى تشاء وعندما تقتضي مصالح تحريكها، ولعل أزمات منطقة الشرق الأوسط برمتها تشهد لتلك الحالة "أزمة اليمن، العراق، لبنان، سوريا، والأزمة القديمة الجديدة- أزمة غزة – ..إلخ " بالإضافة إلى القضية الكردية الشائكة في عدد من دول المنطقة "تركيا، إيران، العراق، وسوريا" والتي تشكل أهم أزماتها، وهي كلها عالقة دون حلول، والمجتمع الدولي وخصوصا القوى الفاعلة الأساسية هي المسؤولة عن بقائها دون حلول، ومع اشتداد هذه الأزمات واستفحال تداعياتها الضاغطة قد تؤدي إلى تحولات هامة وتطورات جديدة على مستوى المنطقة».
يضيف أمين: «ومع اشتداد أزمة عزة بعد ما اسموه "طوفان الأقصى" في يوم 7 اكتوبر "تشرين الأول" 2024 حيث الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على اسرائيل بإطلاق ما لا يقل عن 3000 صاروخ من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس باتجاه اسرائيل، الأمر الذي أثار غضب اسرائيل التي كانت تبحث عن ذريعة لشن حملات إبادة ضد غزة وأهلها، وما دفع الوضع باتجاه التحدي المزدوج هو اغتيال اسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "اسماعيل هنية"، حيث التحدي لحماس ولطهران في آن، لأن هنية كان ضيفا على طهران وبدعوة منها، ما يعني إن دائرة التحدي قد تتسع لتشمل أذرع إيران "الحوثيين، حزب الله اللبناني، حزب الله العراقي، وكل الميليشيا العراقية الموالية لإيران، وبالتالي عموم اطراف المقاومة" وهكذا المتوقع ان تتسع دائرة المواجهة بين إيران وحلفائها من جهة وبين اسرائيل وحلفائها من جهة أخرى، ما يعني ان المنطقة ربما مقبلة على كوارث حقيقية قد لا تحمد عقباها، أو أن إيران قد تحتفظ بحق الرد إلى أجل غير مسمى أو رد شكلي حفظا لماء الوجه، ذلك تلافيا لتلك الويلات والكوارث».
يشير أمين: «أنه من الطبيعي والمنطقي ان تسعى الشعوب عند تعرضها للنكبات والويلات وان تبحث لها عن مخارج لأزماتها عبر البحث عن عوامل وحدتها أو تعاونها وبالتالي مساندتها لبعضها البعض، بغية درء المخاطر والمآسي التي قد تلحق بها خلاف ما يجري في ساحات الصراع بمنطقتنا، حيث الموقف السلبي كما ذكرتم تجاه شعبنا الكردي المسالم وقضاياه العادلة، ذلك بسبب تخلف هذه الشعوب عن ركب الحضارة، أو أن الأنظمة المستبدة هي المسيطرة على ناصية القرار لأن الشعوب على الأغلب لا تمارس العدوان حيال بعضها، وهذه الأنظمة يبدو أنها مهما اختلفت فهي تتفق على الموقف السبي من قضية شعبنا الكردي، وعليه ينبغي بل يجب على الشعب الكردي وحركته السياسية ان تسعى بدأب من أجل وحدة الصف والموقف السياسي وبالتعاون مع الحلفاء الصادقين في مواجهة التحديات المحدقة، لكن ما يبعث على القلق في هذا الاتجاه هو رغبة بعض الجهات أو القوى الكردية في خدمة أجنداتها الخاصة ولو على حساب القضايا الأساسية أو المصلحة العليا لشعبنا الكردي، الأمر الذي يثير الاشمئزاز ويخيب آمال الحلفاء والأصدقاء، وعلى هؤلاء ان يتعظوا ويتخذوا من التجارب دروسا لهم وعِبَر في هذ المضمار».
يؤكد أمين: «ليس امام الكرد سوى وضع قضايا الخلاف جانبا، لأنها لا تعدو عن كونها خلافات ثانوية امام القضايا التي تهدد الشعب الكردي بسحقه أو صهره وفنائه من خصومه وأعدائه التقليديين، أي البحث عن عوامل التوافق الكردي بغية تحقيق وحدة الصف والموقف حيال التحديات التي تواجهه، واتباع مختلف الأساليب السلمية وبالتنسيق مع الأصدقاء والحلفاء المناصرين لحقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا لا يعني ابدا التخلي عن اساليب الكفاح الأخرى إن اقتضى الأمر، وعليه ينبغي المبادرة بأقصى ما يمكن لأخذ زمام الأمور حيث الأحداث متسارعة والزمن لا يرحم».
الكُرد والحاجة إلى وقفة تاريخية
تحدث المستشار الإعلامي لمكتب الرئيس مسعود بارزاني، كفاح محمود لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «هذا الصراع ليس وليد اليوم فقط، وهذا التصعيد في شدته واشتعال المنطقة بحروب على مختلف القياسات والحجوم والقوة، هي صفحة جديدة ومحاولة أخرى لإعادة رسم المنطقة التي انتجت جغرافيتها البائسة اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من توافقات ومصالح بين القوى المستعمرة حينذاك قبل أكثر من مائة سنة سوداء، والتي وصفها أحد الدبلوماسيين الأمريكان إبان توقيع الاتفاقية حيث قال إنكم توقعون على مآسي شعوب وويلاتها بسبب هذا التوزيع الجغرافي الظالم للكيانات».
يتابع محمود: «ان إحراق الأخضر واليابس ليس من مصلحة المتصارعين وتصاعد وتيرة الحرب لن تصل إلى هكذا حرب شاملة لان مفاتيح اللعبة وجهاز الكونترول بأيدي قوى الصراع الرئيسية والمستفيدة من جغرافية سايكس بيكو التي لا تسمح بتغييرها. انها استعراض للقوة وتصفيات فردية لن ترتقي إلى حرب شاملة، وما يجري اليوم هو معارك بالنيابة وشخصنة في الحرب!».
يضيف محمود: «ليس الكُرد فقط من يدفع فاتورة هذه الصراعات بل كل الشعوب والمكونات التي غبنت حقوقها في الاستقلال وتم تجزئة أوطانها وتوزيعها على المستفيدين من تلك الاتفاقيات».
يردف محمود: «ان مشكلة الكرد الاساسية بتقديري تكمن في ذات الخطاب والدعوات التي ابتلى فيها العرب منذ عشرات السنين بإقامة الوطن العربي الواحد ففشلوا وهم دول مستقلة في ان يوحدوا دولتين مع بعضهما!.
كوردستان مجزأة بين أربعة دول وما يزال البعض يخاطب جمهوره بانه قادر على تشكيل كوردستان الكبرى، وهو قد فشل في توحيد لهجات جزء واحد، بل فشل في تحرير قرية واحدة من جزئه الشمالي. لقد اثبتت تجربة الإقليم والخطاب السياسي لنهج البارزاني الخالد في أن لكل جزء ظروفه وخياراته، ولا يمكن فرض صيغة جزء على بقية الأجزاء، بل يمكن مساعدتهم على تحقيق ما يلائم ظروف منطقتهم. لهذه الاسباب ليس هناك توافقا بين معظم القوى السياسية والذي يصل في بعض الأحيان إلى الصراعات الخلفية التي تضعف الموقف الدولي للكرد وتضعف مفاوضيهم أيضا.
النخب السياسية الكردية وقياداتها بحاجة إلى وقفة تاريخية لترتيب علاقاتها مع بعضها تحت المصالح العليا للأمة الكردية بما يحفظ خصوصية وظروف كل جزء من أجزائها واحترامه. حينها ستكون المساحة أوسع للحركة بما يجعلها أكثر قوة ومقبولية».
في صراع الأخوة الجميع خاسر
تحدثت عضو المكتب السياسي لـ الحزب التقدمي الديمقراطي الكوردي في سوريا ومسؤولة إعلام الحزب، ميديا عكو، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «ان كل ما ذكر من تصعيد وتهديد مستمر ومتبادل بين إسرائيل وايران هو مؤشر خطير بأن الشرق الأوسط يمر بمرحلة حساسة وخطيرة للغاية، لكن هذه المرحلة تتطلب من دول الشرق الأوسط أعلى درجات الحكمة وضبط النفس وعدم الانجرار ببلدانها إلى مآسي تضاف إلى مآسيها الموجودة. لكن ومن ناحية أخرى إذا عدنا بذاكرتنا إلى الأحداث السابقة والمواجهات الإيرانية والإسرائيلية والتي جاءت ردّات فعلها اشبه بمسرحية لإرضاء الشارعين، وحفظ ماء الوجه لا أكثر. مشروع خارطة شرق أوسط جديدة ترسم وفق مصالح الدول العظمى، وكل هذه الأحداث ماهي إلا تمهيد لها».
تتابع عكو: «لا أظن, حالة الترقب المسيطرة على منطقة الشرق الأوسط للرد الإيراني, وإمكانية التصعيد المحتمل ضد إسرائيل من قبل الجماعات المسلحة الموالية لإيران ما هي إلا تضخيم اعلامي، شاهدناه أثناء مقتل السليماني وغيره من القيادات المحسوبة على إيران, كما انه حتى اللحظة لم تقدم إيران تفسيرا منطقيا لكيفية اغتيال هنية، اضف إلى ذلك اقتراب الانتخابات الأمريكية ولعب كلا المرشحين على وتر أمن اسرائيل وحل أزمة الشرق الأوسط. وأي رد من إيران سوف يوسع من العمليات العسكرية في غزة وستتوسع دائرة الحرب بين الطرفين لتشمل سوريا والعراق، ناهيك عن التدخلات الإقليمية ولا ننسى مصالح الدول العظمى وتأكيد الإدارة الأمريكية التزامها بحماية الأمن الإسرائيلي ضد التهديدات الإيرانية».
تضيف عكو: «الشعب الكردي جزء أصيل من الجغرافية التي يعيش عليها، وهنا لا أريد الخوض في التاريخ لإثبات ذلك, وكل هذه الردود السلبية هي نتيجة عقلية شوفينية متعصبة ترفض الآخر, بالإضافة الى أيديولوجيا الأحزاب الحاكمة.
فكرة الدولة الكردية أو وجود كيان كردي مستقل فكرة مستحيلة التحقق في ظل هذه الذهنية الشرق أوسطية, بالإضافة إلى عدم جدية الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي صداقة ودعم القضية الكردية».
تشير عكو: «انه يجب توفر نظام حكم ديمقراطي حقيقي تتمتع فيه كل المكونات بحقوقها القومية والاعتراف بهم ضمن دستور عادل في ظل دولة القانون يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.
اما على الصعيد الكردي لا يخفى حالة الشتات والتناحر بين الأطراف الكردية، وهذه هي نقطة الضعف التي يستغلها أعداء القضية الكردية, لاسيما في ظل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية السريعة. إذا لم نضع خلافاتنا الحزبية جانبا ونلتفت للقضية الأهم وهي الوجود والهوية الكردية سنخسر جميعا في الأجزاء الأربع (في صراع الأخوة الجميع خاسر). نحن أحوج اليوم إلى حوار كردي كردي والاتفاق على نقاط مشتركة دون رفع سقف المطالب, والابتعاد عن الشعارات البراقة, والخروج بمطالب موحدة تكون ورقة حوار مع الأنظمة الحاكمة في الأجزاء الأربع، وحتى مع الجهات الدولية الضامنة والداعمة لقضيتنا».
الكرد والاعتماد على النفس وحشد الطاقات
تحدث رئيس فيدراسيون منظمات المجتمع المدني، حسن قاسم لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «دخل الصراع في الشرق الأوسط مرحلة جديدة بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، في هجوم يعتقد أن إسرائيل نفذته، وأيضا بعد ضربة جوية إسرائيلية في بيروت استهدفت القائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر.
ومنذ مقتل إسماعيل هنية في إيران، هناك حالة ترقب تسيطر على منطقة الشرق الأوسط بالكامل للرد الإيراني والتصعيد المحتمل ضد إسرائيل من قبل الحركات والجماعات المسلحة الموالية لإيران.
ويطرح اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والطريقة التي تم بها في العاصمة الإيرانية طهران، مخاوف من ردود فعل قوية، قد تؤدي إلى انفلات الحرب الدائرة حاليا في غزة، لتتحول إلى حرب إقليمية، تخرج عن قواعد الاشتباك المعروفة حتى الآن، بين إسرائيل وما يعرف بمحور المقاومة في المنطقة العربية.
ويشير اغتيال إسماعيل هنية في إيران وفؤاد شكر في بيروت إلى احتمالات تصعيد كبير في الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوترات إقليمية شديدة بين إسرائيل وإيران ووكلائها.
ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يسعى لتغيير قواعد الاشتباك، مستهدفا قادة حماس وضرب وكلاء إيران في أماكن أخرى.
ويعتبر الهجوم واحدا من أكبر الضربات التي وجهتها إسرائيل لإيران وحلفائها، إذ تم توقيت الهجوم بهدف إحراج طهران التي كانت تستضيف هنية في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
إن مقتل هنية أحدث صدمة وسط كبار القادة الإيرانيين الذين يخشون بشدة الآن من احتمال أن تكون إسرائيل اخترقت قواتهم الأمنية. ويتزايد القلق من قدرة عدوهم اللدود على الوصول إلى كبار المسؤولين الإيرانيين واغتيالهم. وأن الانتقام واجب لإيران، ما يفرض على الرئيس الإيراني الجديد مواجهة أول أزمة كبيرة بعد توليه الحكم».
يعتقد قاسم: «ان إيران قد ترد بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، أو من خلال وكلائها المسلحين مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
ويرجح أن حزب الله سيضطر للإنتقام برد يضاهي أهمية شكر، ولكن سيأخذ في الاعتبار أن إسرائيل استهدفته في منطقة يسيطر عليها حزب الله في بيروت. وقد يهاجم حزب الله مناطق في إسرائيل لم يضربها بعد في الصراع الحالي، من بينها مراكز حضرية، مما يفاقم احتمالات الوقوع في دوامة انتقام وانتقام مضاد. اغتيال هنية، الذي كان مهما في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والمفاوضات بشأن الأسرى، يقضي على أي فرصة للتوصل إلى اتفاق وشيك. وبتقديري أن الحادث يفرض تحديات كبيرة أمام جهود التوصل إلى هدنة في الصراع الحالي. ويضيف التصعيد عقبات جديدة أمام جهود الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء حرب غزة وتحقيق السلام في المنطقة. وقد يؤدي قتل هنية إلى دفع الإدارة الأمريكية نحو تقليص التداعيات بدلا من جهود إعادة تشكيل المنطقة. وأن الموقف يمكن قراءته كمحاولة إسرائيلية لجر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية، أو كرغبة من نتانياهو لتحقيق نصر يجذب تأييد الإسرائيليين. وقد يؤدي الرد القوي على مقتل هنية إلى رد مماثل من إسرائيل، ما يقود إلى "حلقة مفرغة وفتح كل أبواب الجحيم"».
يتابع قاسم: «أنه في خضم هذا الصراع الكبير العسكري والسياسي والاقتصادي ستظهر إلى السطح جميع قضايا المنطقة العالقة، ومن أهمها قضايا الشعوب التي تناضل من أجل حريتها كقضايا لا بد من حلها، فقضية الشعب الكردي بالنظر لحجمها وتأثيرها في جميع الساحات المحلية والإقليمية والدولية، والتي لن يتمتع الشرق الأوسط بالأمن والاستقرار ما لم يتم حلها بشكل عادل، إذ أن كردستان التي تتمتع بمساحة جغرافية واسعة وثروات اقتصادية ضخمة وطاقة بشرية كبيرة، وموقع جغرافي متميز ستطرح نفسها بقوة من أجل إيجاد حل عادل للقضية القومية الكردية.
إن هذا الظرف الدولي والإقليمي والمحلي بتشابكاته وتطوراته ومستجداته تفتح آفاقاً جديدة هامة أمام حركة التحرر الوطني الكردية في عموم أجزاء كردستان، ويجب الاستفادة منه جيداً، ولعل هذا الظرف الجديد والتطور في الأوضاع في المنطقة هو الذي سيدفع جميع الدول الغاصبة لكردستان إلى محاولات التضييق على الشعب الكردي بهدف إضعاف نضاله، وهي محاولات تستهدف نضال عموم الشعب الكردي وليس طرفاً بعينه».
يختم قاسم: «أنه على الشعب الكردي قبل كل شيء عليه الاعتماد على نفسه ويعزز من تحالفه مع قوات التحالف الدولية المتواجدة على الأرض، وأن يحشد طاقاته وينظم نفسه، ويوحد نضاله، وهنا فإن حركة التحرر الوطني الكردية تقف أمام مهام شاقة وصعبة، ولكنها في الوقت نفسه ضرورية وأساسية، ومن أجل إقامة حوار شامل وجاد بين مختلف الفرقاء، وحل الخلافات الموجودة بروح المسؤولية وبشكل ديمقراطي وبطرق سلمية, والبدء بحركة دبلوماسية نشطة وشاملة على جميع المحاور الدولية والإقليمية والمحلية ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى تتيح المزيد من الفرص وتفتح آفاقا واسعة أمام تطلعات شعبنا نحو تحقيق أهدافه في نيل استحقاقاته وحقه في تقرير مصيره بنفسه واقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية».