تقييم الهياكل التنظيمية في المنظمات السياسية

تقييم الهياكل التنظيمية في المنظمات السياسية

شيركوه كنعان عكيد

يشير مفهوم (القيادة المرنة) في التنظيمات السياسية باختصار إلى قابلية وإمكانية تلك القيادة للتكيّف مع المستجدات والمتغيرات السياسية بشكل فعّال.
‎ويتحققُ ذلك عادةً من خلال تطوير استراتيجيات وهياكل تنظيمية مؤازرة تتيح لها الاستجابة السريعة للظروف المتغيّرة ومتطلباتها، ‎وتتجلّى مظاهرُ القيادة المرنة أيضاً في القدرة على اتّخاذ القرارات المستنيرة والفعالة في زمن قياسي يتناسب مع سرعة حدوث تلك المستجدات والحاجة الى مواجهتها، وفتح بوابة التواصُل والتفاعل والتعاون مع باقي أعضاء التنظيم بغية إحاطتهم بها، وضمان تعاونهم ومشاركتهم الجادة والمثمرة في تنفيذها.
‎لعل اتّباع سياسة استباقية عبر استخدام الإجراءات والتدابير لمنع بروز تحديّات أو تهديدات محتملة مستقبلية كبديلٍ عن الانتظار والترقُّب ريثما تظهر تلك التحديات، هي طريقة ناجعة في التقليل من مخاطرها المختلفة.
‎ كلُّ ذلك يستوجب بالطبع رؤيةً عميقةً وقراءة صحيحة للوقائع والمتغيّرات والقدرة على التنبؤ بمآلاتها، والأهم من كل هذا وذاك هو الرغبة في بذل الجهود الصادقة لتحقيق الأهداف المرسومة.
‎ إنّ كلّ النوايا الصادقة والغايات المرجُوة، بما فيها كل ما قيل آنفاً تبقى كلامًا وأفكاراً نظرية لا طائل منها طالما تتواجد في حيّز ما موانع تحول دون تطبيقها على أرض الواقع، وهذا أمر بديهي للغاية.
‎إن المرء مطالب على الدوام بالبحث عن الأسباب التي تحول دون إمكانية تطبيق فكرة أو نظرية ما.
‎عملياً، فإنه لا توجد الكثير من الخيارات هنا، فإما أن الفكرة أو النظرية غير قابلة للتطبيق أساساً، وعندها يجب استبدالها أو تعديلها، وإما أن النظرية بخير، ولكن التطبيق لا يتم كم يجب، وبهذا يكون لدينا مؤشّر واضح على وجود خلل ما في الأداء والتطبيق، الأمر الذي يتطلب من القيادة التي تتسم بالمرونة إعادة تقييم الهياكل السياسية سواءً في التنظيم وبنائها الهرمي ككل، أو بشكلٍ جزئيٍّ على مستوى هيئات ومكاتب محدّدة ضمنه، وتحديد نقاط الضعف ومكامن القوة فيها، ومراجعة السياسات القديمة وتحديثها أيضاً لإصلاح ذلك الخلل، لجعل تلك السياسات أكثر فعالية، وتلبّي احتياجات المرحلة.
‎عادة ما يتم إجراء تحليل وتقييم شامل لهيكل التنظيم عبر المؤتمرات الحزبية، لكن ذلك لا يعني مطلقاً أنه لا يمكن القيام بذلك من خلال المحطات التنظيمية الأخرى (ندوات تنظيمية، اجتماعات حزبية) عبر إجراء المداولات والاستطلاعات لفهم احتياجات، وآراء الأعضاء حيال الهيكل الحالي وكيفية تحسينه، والاعتماد في ذلك على توفير طرق تفاعلية لتشجيع التواصل وتبادل الأفكار بين الأعضاء.
‎إن تبسيط الهيكل التنظيمي في أية منظمة يجنّبها التعقيد الزائد، ويعزّز فعالية التواصل واتخاذ القرارات بصورة أكثر مرونة.
‎في معرض التقييم، سواءً أكان شاملًا أو جزئيًا فإنه لا بدّ من تحديث الأدوار والمسؤوليات للأعضاء، والقيام بمراجعة تلك الأدوار والمسؤوليات على كافة المستويات بغية تجنُّب الأخطاء أو استفحالها وتعزيز الكفاءات وتحسين الأداء.
‎ينبغي دائماً ضمان التمثيل الفعّال بحيث نتأكد من أن الهيكل التنظيمي الذي خضع للتحديث يعكس تمثيلًا فعّالًا لجميع فئات الأعضاء، ويعكس التنوع بكل مسمياته.
لضمان نجاح الهيئات التنظيمية في أداء عملية التقييم والتحديث، ودرء الترهُّل والمراوحة في المكان عنها فإنه يجب إعداد (خطة تنفيذ) ترسمُ معالمَ الطريق نحو الأهداف والغايات المرجوّة ضمن إطار زمني محدد.
‎ إن إجراء التقييمات الدورية لتقييم كفاءة الهيكل التنظيمي وأدائه، وإدخال التعديلات اللازمة، يمكّن المنظمة السياسية من تحسين هيكلها الداخلي وتعزيز قدرتها على تحقيق أهدافها وكسب ثقة جماهيرها.
أخيراً:
لابدَّ من القول إن هذا كلّه، أمرٌ يعتمد تنفيذه كثيراً على الالتزام والتكيُّف من قبل كافة أعضاء التنظيم.