سوريا - مائة عام.. ترخيص وحيد لجريدة باللغة الكردية

سوريا - مائة عام.. ترخيص وحيد لجريدة باللغة الكردية

هوزان أحمد ديرشوي

في الثامن من آذار من العام 1920 أعلن المؤتمر السوري العام استقلال سوريا، واليوم حيث يمر 104 أعوام على إعلان استقلال وتأسيس الدولة السورية، مازالت اللغة الكردية غائبة رسمياً في الدستور السوري، ولم تعترف كل الدساتير السورية منذ البداية حتى اليوم باللغة الكردية، ولا بأي لغات أخرى في سوريا، ولم تعترف كل الحكومات السورية المتعاقبة بحقوق الشعب الكردي في سوريا، ولم تعتبره مكوناً من مكونات الشعب السوري المتعدد القوميات والمذاهب، لا في الدساتير السورية ولا في سياساتها العملية، بل فرضت كل الدساتير، منذ فترة الانتداب الفرنسي، وإلى الدستور المعدّل في شباط سنة 2012، اللغة العربية كلغة رسمية وحيدة في سوريا المتعددة لغوياً، ومضت أكثر من ذلك في اعتبار الشعب في سوريا جزءًا من الأمة العربية أيضاً، حيث جاء في البند الثاني من المادة الأولى من المبادىء الأساسية للدستور السوري المعتمد في 27.02.2012، أن "الشعب في سوريا جزء من الأمة العربية"، وبحسب المادة الرابعة، فإن "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة".
في الـ26 من تشرين الأول سنة 1931 أعطى وزير الداخلية السوري آنذاك "سعيد بك محاسن" الإذن لإصدار جريدة "هاوار" باللغة الكردية، تصدر كل خمسة عشر يوماً في دمشق، جريدة أدبية علمية مصورة، شرط ألا يتم التدخل في الأبحاث السياسية، هذه الجريدة كانت الاولى والوحيدة التي رخصت رسمياً باللغة الكردية في سوريا إلى تاريخ اليوم، حمل الترخيص الرقم 6224 الذي جاء رداً على طلب خطي من الأمير جلادت بدرخان الذي ألّف الأبجدية الكردية اللاتينية، ونشر هذه الأبجدية في مجلته "هاوار"، وصدر عددها الأول في 15 أيار 1932، وظلت تصدر حتى 15 آب 1943، ثم توقفت بعد أن صدر منها 57 عددًا، هذا الجريدة التي رخصت أساساً بموافقة مشروطة و دعم من الانتداب الفرنسي آنذاك في سوريا.
كتب سيامند حاجو، في مقالة بعنوان "مجلة هاوار الكوردية والسلطات الفرنسية في سوريا" نشرت في روداو في 15 أيار 2020، .. وفي رسالة منفصلة مؤرخة بـ 25 تموز/ يوليو 1933، صادرة عن ممثل المندوب السامي الفرنسي، وموجّهة إلى ممثل المندوب السامي الفرنسي في الحكومة السورية في دمشق، والموجودة في الأرشيف الفرنسي في مدينة نانت في المجلد (S-L: Beyrouth 1055)، ورد أنّ "المندوبة السامية الفرنسية تقدّم دعماً مالياً شهريا يبلغ 3000 فرنك فرنسي لمجلة هاوار منذ عام 1932، وأنّ جزءاً من هذا الدعم مخصّص لتغطية مصاريف إرسال النسخ إلى المشتركين، وأنّ إرسال النسخ يُشرف عليه الكومندار مونتاني، والذي يحصل على أسماء وعناوين المشتركين من المجلة ... ورد أيضاً وبشكل واضح، بأنّ الدعم المالي سيتوقّف، وسيتم منعها فوراً، إذا لم تلتزم المجلّة بالمحتوى الثقافي، وصدر عنها أية محتوىً سياسي، ومن أجل تحقيق ذلك يتوجّب على جلادت بدرخان تقديم نسخة مترجمة إلى الفرنسية عن محتوى جميع المواد إلى السلطات الفرنسية.
بعد مرور حوالي ثلاثة عشر عاماً على الأزمة السورية، لا توجد أي معالم واضحة حتى اليوم حول مستقبل اللغة الكردية في سوريا، حتى أنه لم يتم وضع اللغة على جدول أعمال اللجنة الدستورية السورية التي يشارك فيها كل من الحكومة والمعارضة السورية، حيث عقدت ثماني جلسات حتى الآن، بل اعتبرت الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعاضة السورية، في الإطار التنفيذي للحل السياسي، وفق بيان جنيف (2012)، أيلول/سبتمبر 2016 أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في سوريا.
جريدة مرخصة واحدة فقط، مسجلة في التاريخ السوري، وفي ظل وجود انتداب، ما يعني لم يحصل الكرد على أي ترخيص في إصدار جريدة أو مجلة بلغتهم منذ استقلال سوريا عام 1946 حتى اليوم، هكذا باختصار.