آرام ديكران..الوصية التي حدّدت طريقه الفني

آرام ديكران..الوصية التي حدّدت طريقه الفني

هنر بهزاد جنيدي

أمضيتُ اليوم استراحة عملي مستمعاً لباقة من أجمل أغانيه فعدتُ إلى البيت لأقضي قسماً من مسائي أيضاً مع سيرته وما كتب عنه.
آرام ديكران، رُغم أصوله الأرمنية إلا أنه عُرف، واشتهر بأغانيه الكردية العريقة مثله كمثل سلفه العملاق گرەبێتێ خاجو.. ديكران، أرمني القومية، كردي اللغة والغناء، ومسيحي الديانة.
يقول في معظم مقابلاته:
" لقد نجا والدي من مذابح الأرمن سنة 1915 بفضل إقطاعي كردي، أخذه، وربّاه إلى أن بلغ العشرين من العمر ثم أرسله إلى سوريا، وقد تعرّض هذا الإقطاعي لمضايقات وتحقيقات كونه آوى طفلاً أرمنياً في منزله، وحماه.
وكان والدي يقول لي دائماً "الكلام لديكران: يا بني أرجو ألا تنسى أبداً جميل الكرد معنا، فلولا حمايتهم لنا لما رأت عيونكم النور، نحن ندين لهم بحياتنا، لذا أتمنّى أن تعبّر بأغانيك وموسيقاك عن وفائك وامتنانك لهذا الشعب الذي عانى الأمرّيْن كما عانينا "
غنّى آرام ديكران بثماني لغات ولهجات مثل الكرمانجية- الأرمنية - العربية - اليونانية - الروسية - الآشورية - السريانية والزازاكية.
من أغانيه الأولى التي اشتهر بها أغنية (شف جو (Ṣev cû) وقد غناها سنة 1965 من أشعار الشاعر الكردي المعروف جكرخوين، تبعتها العشرات من الأغاني.
غنّى لكبار الشعراء الكرد أمثال فقي تيران، جكرخوين، سيداي تيريج، سيداي كلش،… وغيرهم.
على الرغم من أنه جاء بعدهم إلا أن البعض يصنّف ديكران مع بقية المبدعين الكرد من أمثال محمد عارف جزراوي، گرەبێتێ خاجو، مريم خان ، كاويس آغا ومع غيرهم من عمالقة الفن.
بعد عودته من مدينة آمد الكوردية تعرّض قلبه الكبير لنوبة أسفرت عن توقفه عن الخفقان في الثامن من آب سنة 2009. لم تسمح السلطات التركية بدفنه في آمد بحجة أنه ليس من مواطني تركيا، وتم دفن جثمانه في بروكسل العاصمة البلجيكية بمراسم تليق بأحد عمالقة الفن والطرب الكردي الأصيل.
ولد لعائلة أرمنية إلا أن الأم والأب كانا يتحدثان معه وإخوته باللغة الكردية.
انتقل من العزف على آلته الأولى العود إلى آلة الجمبش التي اشتهر بها فيما بعد لأن آلة الجمبش هي قريبة من آلة العود بفارق أن للجمبش صوت أعلى بكثير من العود، وهذا ما كان يوفّر عليه مجهوداً عالياً أثناء العزف والغناء في الحفلات قبل أن تنتشر البافلات ومكبرات الصوت في الأعراس الشعبية.
حين سافر إلى أرمينيا، وزار إذاعة يريفان بقصد العمل رفضته قسم اللغة الأرمنية باعتباره لا يحمل دبلوماً في الفن، فذهب إلى قسم اللغة الكردية، وغنّى لهم ليبهرَ كافة العاملين في القسم الكردي بصوته، وعزفه، وليوافقوا بعدها مباشرة على تعيينه في إذاعة يريفان قسم اللغة الكردية.
والده كان عازفَ ناي وشاعراً، لكننا نعدّ وصيته لابنه آرام في أن يبقى وفيّاً بصوته وفنه للشعب الكردي، كانت تلك القصيدة الأهم في حياته والوفاء الأكبر لنا كشعب.