سليل انتفاضة ساسون

سليل انتفاضة ساسون

علي جزيري

ولِدَ الشاعر خليل محمد علي الملقب بـ (خليل ساسوني) في القامشلي عام 1944، وتخرج من كلية الحقوق بحلب عام 1970، لكنه لم يتمكن من الانتساب إلى نقابة المحامين بداية، لأنه كان أحد ضحايا الإحصاء الاستثنائي الجائر الذي أجرته السلطات السورية في الجزيرة عام 1962، فجُرِّد من الجنسية - مثله في ذلك كمثل العشرات من بني جلدته - ثم تمكن من استعادتها، وانتسب إلى نقابة المحامين عام 1981، ومارس مهنة المحاماة حتى عام 2009، ثم أحيل إلى التقاعد لاصابته بسرطان الرئة، فاضطّر لمغادرة القامشلي والتوجه إلى باتمان عام 2008، ليتمكن من تلقي الجرعات الكيميائية، واستقر هناك حتى رحيله عام 2017، ودفن في مقبرة إحدى القرى التابعة لـ (باتمان).
جدير ذكره أن مقاومة أسلافه الساسونيين وبسالتهم، كانت بهدف مؤازرة انتفاضة الشيخ سعيد پيران عام 1925:
1- لأن أتاتورك خَيَّبَ أمال الكرد في الحرية والمساواة، وحنث بـ "وعوده السخية"، وما زاد في الطين بلة، ممارسة الإرهاب والمضي في سياسة التتريك السيئة الصيت.
2- خلو الدستور التركي الصادر عام 1924 من الإشارة إلى المكون الكردي، واقراره بأن "التركية" وحدها، هي اللغة الرسمية.
3- ناهيك عن النظام الضريبي الجائر، وسوق الشباب إلى ساحات الوغى التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
النازحون بعد إجهاض انتفاضة جبل ساسون عام 1936 إلى الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا، هم: عبد الرحمن علي يونس، شمس الدين مصطفى والد الراحل محمد نذير، جميل ميركان، صبري عبد الرحيم ناسو، والد شاعرنا خليل محمد علي.
نظم ساسوني الشعر مهتدياً بجگرخوين ومجايليه، بطاقته الإبداعية التي لم تخمد رغم المحن، وتميز أسلوبه في إلقاء الشعر بوقعه الحسن، واتصفت قصائده الرائعة بالدقة والجرأة والنقد اللاذع، وشابها الكثير من التهكم حين كان يتناول الجانب السلبي من الحياة، كقصيدته الرائعة التي سخر فيها من "السرطان" الذي ألمَّ به.
وتنوعت موضوعاته التي غلب عليها الطابع السياسي، ومنها قصيدته التي تناول فيها الاستفتاء الذي أجري في إقليم كردستان عام 2017، فها هو يخاطب الوافدين على صناديق الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم، مندداً بالمترددين الذين خَدَرَتْهُم الپرۆپاگەندا التي يروجها المتحكمون بزمام السلطة في بغداد والقوى الكردية السائرة في ركبها:
(إن كنتَ من أمة الكُرد.. ستقول: نعم.
إن كنتَ حراً وحكيماً.. ستقول: نعم.
إن كنت قد إتعظتَ بِعِبَرِ التاريخ.. ستقول: نعم.
أما إن كنتَ جباناً وعميلاً.. ستقول: لا) ...!
لم يتمكن ساسوني من طبع نتاجاته الأدبية، وهي ثلاث مجموعات شعرية باللغة الكردية، ودراسة نقدية بالعربية، تحت عنوان: (جگرخوين... الخالد)، كما قام بجمع وإعداد مجموعة من الأغاني الفولكلورية الكردية، وبعض الحكم والأمثال الكردية.

كُرِّمَ أكثر من مرة، ونال العديد من الجوائز: احداها عن قصيدته في رثاء البارزاني الخالد بمناسبة مئويته عام 2003، وأخرى في مهرجان الموسيقى الكردية في السليمانية عام 2005، وثالثة عن الابداع الشعري عند جگرخوين عام 2009، ورابعة في مهرجان الشعر الكردي عام 2011.