نشأت ظاظا: رغم أربع اتفاقيات بيننا وبين منظومة ب ي د إلا أنها تابعت التّرهيب والتّشبيح والاعتقالات

نشأت ظاظا: رغم أربع اتفاقيات بيننا وبين منظومة ب ي د إلا أنها تابعت التّرهيب والتّشبيح والاعتقالات

حاوره: عمر كوجري

قال نشأت ظاظا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا في حوار خاص مع صحيفتنا " كوردستان" وفي إطار سؤال حول إمكانية علاقة بمستوى مواصلة الحوار بين حزبه أو المجلس الكردي، مع منظومة ال ب ي د:
الاختلافات واضحة وضوح الشمس وهي كبيرة جداً، على أي حال لا أودُّ الخوض في هذا السياق بقدر التوضيح، واستفادة القارئ من الحوار ومعرفة الحقائق كما هي، وتحضّ كلّ ادّعاء مخالف للحقيقة والواقع، يعلم الجميع وليس بخافٍ على أحد أجمعتنا مع هذه المنظومة أربع اتفاقيات، وهي هولير واحد وهولير اثنين، دهوك واحد وملحقات دهوك جميع هذه الاتفاقيات ذهبت أدراج الرياح نتيجة ممارسات وتعنت هذه المنظومة إن كان في تحقيق الشراكة الاستراتيجية أو قبول الآخر.
وفي سؤال عن أسباب تأخر عقد مؤتمر الحزب، أكّد ظاظا لصحيفتنا:
اتفق معكم أن المؤتمر العام تأخر كثيرًا لجملة من الأسباب منها ذاتية والأخرى موضوعية ، واتفق أيضاً بأحقية المطالب المشروعة للرفاق في الهيئات الحزبية بضرورة عقد المؤتمر بأقصى وقت ممكن، وكُونوا على ثقة أيضاً أنني لست هنا بصدد إعطاء المبررات الواهية لعدم انعقاد هذا المحفل الحزبي، لكنني أستطيع القول أن هناك جهوداً حثيثة وكبيرة تبذل في هذا المضمار، وأجزم بأن عقده قاب قوسين أو أدنى.
وثمة أسئلة تتعلق بالكارثة الكبيرة " الزلزال" الذي ضرب تركيا وسوريا، وأسئلة عن المجلس الكردي، وتراجع المعارضة السورية، والدور الهام لحكومة إقليم كوردستان في المنطقة، وتجلى ذلك في الاستجابة بالسرعة القصوى لنجدة ضحايا الزلزال عبر مؤسسة البارزاني الخيرية العالمية.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:
*لنبدأ سؤالنا من فاجعة الزلزال المدمر الذي أوقع دماراً كبيراً في كل من سوريا وتركيا، والتي راحت ضحيته آلاف الضحايا، وعشرات الآلاف من الجرحى، وبطء وصول المساعدات في كل من عفرين وجنديرس فاقم في أعداد القتلى، كيف تقرأ هذه الفاجعة؟ برأيك هل هناك جهات معينة منعت وصول المساعدات الى تلك المنطقتين المنكوبتين؟
بداية نترحّم على جميع ضحايا هذه الكارثة الكبيرة الذي ألمت بأهلنا وذوينا في كل من سوريا وتركيا، وندعو بالشفاء العاجل لجميع الجرحى والمصابين، كما نتوجّه عبر منبركم الحر هذا بتقديم أحر التعازي القلبية لأسر ضحايا الزلزال الرهيب.
بالعودة إلى السؤال، لا أعتقد أن المنع يندرج في الإطار المتعارف عليه اسمياً بقدر ما هو عليه في الواقع على الأرض، فكلنا يعلم أن سوريا تعاني من حرب حقيقية، وأطرافها الشعب والنظام، ووقودها الحجر والبشر، ناهيكم بواقع التقسيم الحاصل على الأرض، وهي حقيقة، فهنالك مناطق خاضعة لسيطرة النظام ومناطق خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة بشقيها الكوردي والعربي، ونضيف إليهم مناطق النفوذ الإقليمي والدولي إن كانت تركيا وإيران أو روسيا والأمريكان وغيرها من الدول المتحالفة هنا وهناك، وعليه هذه التركيبة المعقدة بالإضافة إلى العقوبات الدولية على النظام وحلفائه استحالة توصيل تلك المساعدات الإنسانية بالسرعة المطلوبة إلى المناطق المنكوبة، طبعاً هذا لا يعني قطعاً عدم وجود المنغصات والعراقيل بالمماطلة في تأخير دخول المساعدات الإنسانية لغايات وأجندات سياسية من النظام وحلفائه وتركيا وأدواتها.

*بأمر من الرئيس مسعود بارزاني، توجّهت مؤسسة البارزاني الخيرية لنجدة المنكوبين في الزلزال الأخير، في تركيا وسوريا، وانصب الاهتمام بشكل أساسي في عفرين وجنديرس، وحظي تواجد كوادر المؤسسة في عفرين باستقبال جماهيري رائع، مارأيك ؟
قبل الحديث عن هذه المبادرة تستوقفني كلمة الخالد الملا مصطفى البارزاني، فخرٌ للمرء أن يكون في خدمة شعبه، والرئيس البارزاني جسّد تلك الكلمة بالقول والفعل، فجنابه على الدوام السباق لنجدة المظلومين والمحتاجين، وتوجيهاته للمؤسسة الخيرية بتقديم يد العون في هذ الكارثة الرهيبة لهي خطوة كبيرة لقائد وشخصية تاريخية عظيمة.
إن هذه المبادرة المسؤولة محلُّ فخرٍ واعتزازٍ وارتياحٍ لدى الشعبين السوري والتركي بشكل عام، والكوردي منهم بشكل خاص، وباعتقادي أن هذه الاستجابة السريعة والعطوفة مع الحدث والمتضررة جراء الكارثة سيكون لها وقع إيجابي على الارض في المستقبل من حيث الشكل والمضمون، وأخص هنا بالذكر سلوك وممارسات المعارضة والفصائل الترهيبية المسلحة الموالية لهم والمدعومة من تركيا على شعبنا المسالم في عفرين وغيرها من المناطق المحتلة.

*منذ اللحظة الأولى من الكارثة أعرب رئيس حكومة إقليم كوردستان عن استعداد اقليم كوردستان لتقديم المساعدة لمنكوبي الزلزال ، كيف تقرأ مسعى إقليم كوردستان؟
حقيقةً ما تفضلتم به ليس بجديد أو غريب على الإقليم قيادة وشعباً، وإن أسعفتنا الذاكرة بهذا الشأن سنجد على الدوام المواقف المشرفة والحكمة الراجحة لهذه القيادات المناضلة، ونخصُّ منهم بالذكر الرئيس والقائد مسعود البارزاني. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقديم كافة أنواع الدعم لمحاربة القوى الظلامية في الجزيرة وكوباني، تقديم كافة أشكال المساعدات العينية والإغاثية لأهلنا في مناطق الاجتياح التركية، ناهيكم عن الدعم الطبي وغيرها من المستلزمات للأحداث التي واكبت مناطق روج آڤاي كوردستان بدءًا من الحسكة، وانتشار وباء كوفيد 19 إلى يومنا هذا، أضف إلى كل هذا وذاك الإقليم يأوي في الوقت الحالي أكثر من مئتين وخمسين ألف لاجئ كوردي سوري، ناهيكم عن المئات الآلاف من النازحين والوافدين في المناطق المتضررة وحتى الدول المجاورة، وبالرغم من أن هذا الأعداد الكبيرة تشكل عبئاً على دول ذات سيادة ونفوذ، إلا أن الإقليم ورغم صغر حجمه من جهة ومحاربته أمنياً ومحاصرته سياسياً واقتصادياً من جهة أخرى، لم يتوانَ عن تقديم يد العون والمساعدة بأي حدث أو كارثة إنسانية ألمت بالمنطقة بشكل عام، بل ولم يختزل المساعدات بفئة معينة بعينها، فيكون فيه اللون أو العرق أو حتى الدين اساس التعاطي، وعليه يمكن القول إن الإقليم أصبح الملاذ الآمن والأب العطوف لشعوب المنطقة قاطبةً، ومن هنا يستوجب علينا ككورد الحفاظ على هذا الإرث الإيجابي بتمتين هذه التجربة الرائدة والفريدة في المنطقة، والدفع بتكريس فكر ونهج البارزاني الخالد في التسامح والتآخي، وتأطير الدفع الأخلاقي للشعور بالمسؤولية، والعمل على ترسيخ مبدأ قواعد قبول بعضنا للآخر، وعدم الاكتراث للمواقف الشوفينية والسلبية المعادية لقضيتنا القومية من بعض الجهات والأدوات الحاقدة والمتربصة بنا هنا وهناك.

*إعلام النظام السوري .. لم يُعِر أيَّ اهتمام بكارثة الزلزال في عفرين وجنديرس، وكأن المنطقتين ليستا تابعتين لأرض سورية، وبالمقابل التهت تركيا بزلزالها، ماذا تقول؟
باعتقادي النظام لا يعير اهتمام لسوريا ككل باستثناء بعض المناطق التي تتسم بالصبغة الطائفية لـ لونه وعرقه، فـ (جنديرس) في عفرين و(الشيخ مقصود) في حلب وادلب وحمص ودرعا و(الغوطة ودوما) في دمشق أضف إليها حماه وغيرها من القصبات السورية تشهد أن النظام تغوَّل، وتوَّحش نهجاً وعملاً أكثر من الزلازل عينه، بالقتل والتهجير والتنكيل، أجمع بين معاناة تلك المناطق بمختلف مكوناته، وعليه لا يجد النظام حرجاً في التصرف بهذا الشكل اللاأخلاقي مع غالبية الشعب السوري، أما عن تركيا فهي كانت الآخرى ضحية الكارثة وهي الأخرى تنزف، فانشغالها بالداخل قد يعطيها الحق بعض الشيء، لكن علينا أن ندرك أنه هناك مجموعة من الأسباب تدفع تركيا للتعاطي مع الوقائع بهذا الشكل، وهو:
أ - تركيا تستنزف اقتصادياً في هذه المرحلة، فنسبة التضخم وصلت إلى أرقام قياسية، والليرة التركية في انهيار مستمر، أمام العملات الاجنبية، ونخص منها الدولار واليورو.
ب- تركيا مقبلة على انتخابات مصيرية للنظام والمعارضة على حد سواء، وأي تقاعس أو خطأ بتقييم حجم الكارثة يمكن لنا الجزم بانه ستكون سبب مباشر في الإطاحة بالأطراف المنافسة سياسياً مهما كان شأنه أو شكلها.
ج - النظام الحاكم يحاول جمع قدراته واستغلال كافة الفرص المتاحة لسحب البساط أو الاوراق الضاربة من يد المعارضة فضحت الحجج والمنغصات الاجتماعية للسكان الاصيلين يؤمن للنظام الديمومة المستقبلية في السلطة، وعليه: الغاية تبرر الوسيلة.

*متى سيتكلم أحد قادة ال PDK-S أو ENKS في قلب عفرين؟ أعني متى ستتواجدون في عفرين بشكل أوضح مما أنتم عليه الآن؟
وما وضعكم مع الفصائل بمختلف مسمياتها وأشكالها؟ وهل صحيح أنه ممنوع العمل على المجلس الوطني الكردي في غرب الفرات؟
في هذا السؤال يمكن لنا الاستنتاج بتقسيم الغاية إلى شطرين:
الأول يكمن بالتواجد التنظيمي والنشاط السياسي، وهو موجود لكن لا يرتقي إلى مستوى الحدث أو المطلوب، فهي حقيقة وذلك لجملة من الاسباب أهمها ممارسة الفصائل المسلحة والاجتياح التركي لتلك المناطق وإدارتهم لها، طبعاً هذا لا يعني أن عفرين كانت في السابق جنة بل على العكس منه تماماً فممارسات الـ PKK وأفرعها المختلفة بمسمياتها الطوباوية لم تكن بأحسن حال عمّا نحن عليه الآن، ويمكن القول إن الوضع في عهد النظام ومن بعده لم يتغير، فالكل أوجه لعملة واحدة هذا من جهة. أما إذا كان المقصود بالحديث هي الادارة والسلطة فهذا شأن وبُعد آخر يستوجب، ويترتب عليه جملة من المتغيرات السياسية والدستورية، وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بشكل الحل، وآلية التفاهمات السياسية والدستورية للعملية التفاوضية في جنيف .
أما عن الفصائل والعلاقة مع المجلس، فموقف المجلس واضح بهذا الصدد، نحن لا نتعامل مع تلك الفصائل، وليس لدينا أي ارتباط معهم إن كان سياسياً أو إدارياً أو حتى غيرها من المسميات بل على النقيض من ذلك، فنحن نقول بان أغلبية الفصائل المسلحة تتحمل الوزر الأكبر لإفشال الثورة السورية عِبر الممارسات الميدانية والإرهابية تارة، وافتقارها للحس الوطني والمشروع السياسي الهادف الجامع والضامن لجميع مكوّنات المنطقة بشكل خاص، وسوريا بشكل عام تارة أخرى.

*مؤتمر حزبكم تأخر كثيراً .. كيف تقنع من يقرأ هذا الحوار أن هذا التأخير طبيعي وممكن؟
اتفق معكم أن المؤتمر العام تأخر كثيرًا لجملة من الأسباب منها ذاتية والأخرى موضوعية، واتفق أيضاً بأحقية المطالب المشروعة للرفاق في الهيئات الحزبية بضرورة عقد المؤتمر بأقصى وقت ممكن، وكُونوا على ثقة أيضاً أنني لست هنا بصدد إعطاء المبررات الواهية لعدم انعقاد هذا المحفل الحزبي، لكنني أستطيع القول أن هناك جهوداً حثيثة وكبيرة تبذل في هذا المضمار، وأجزم أن عقده بات قاب قوسين أو أدنى .

*عقدت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، اجتماعها قبل مدة في هولير عاصمة إقليم كوردستان بعد أربع سنوات من انعقاد اجتماعها الأخير. برأيك هل هناك حزب يتحمل كل هذا التأخير في مجرد عقد اجتماع لكامل القيادة؟ ألم يكن من الأجدى حضور الرفاق القياديين في الداخل فيزيائياً… وكنتم تحتاجون لحضور كامل أعضاء القيادة لأسباب كثيرة؟
أولاً:بالنسبة للاجتماع وتأخر انعقاده بالشكل الطبيعي وبكامل الأعضاء هي حقيقة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحزب كان في عطلة سياسية أو تنظيمية نتيجة تلك الحالة الطارئة؟ استطيع الجزم (بلا) فلكل واقع ظرف معين يتحكم بنا حسب المعطيات الموجودة، لكن الأاهم من هذا وذاك أن لا تتوقف العجلة والنضال لتحقيق الأهداف الأساسية.
ثانياً: من الضرورة بمكان الدعوة لاجتماع كامل أعضاء القيادة من أجل اتخاذ التدابير والقرارات المهمة بشكل قطعي ودون مواربة أو قابلية للتأويل، وهذا ما حصل عبر الزوم، لأن مسلحي ال ب ي د منعوا بصفاقة حضور رفاق القيادة في الداخل من حضور الاجتماع عبر معبر سيمالكا، من جانب آخر نعلم، أن العالم يشهد طفرة في التكنولوجيا والتطور، ولم تعد اللقاءات أو العلاقات تقتصر أو تختزل في الاجتماع الفيزيائي فقط، وخير دليل على ما نقول مواكبة العالم لطفرة كورونا، وتوجُّه رؤساء وقادة الدول لعقد اجتماعاتهم الافتراضية من خلال الوسائل الالكترونية، طبعاً هذا لا يعني إلغاء الأطر المتعارف عليها فيزيائياً.

*تركّز اجتماع اللجنة المركزية على قضايا عديدة …أهمها الاتفاق على عقد مؤتمر الحزب، هل تتوقع أن يعقد المؤتمر في توقيته المتفق عليه؟ وهل هناك أمل في التجديد والتغيير وتفعيل لآليات المؤسساتية ضمن الحزب؟ وهل هناك نية لدى حزبكم للاسترشاد من دروس وتجربة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ونجاحه في عقد مؤتمره الأخير بقيادة الرئيس مسعود بارزاني؟
نعم، هناك جهود حثيثة لعقد المؤتمر في موعده المحدد، وعليه اتخذنا مجموعة من القرارات الهامة والأساسية لتحقيق هذا المُبتغى، كما نستطيع القول إننا دخلنا المرحلة الثانية من إنجاز الأعمال المَنوطة بنا بهذا الشأن، أما بخصوص الأمل في التغيير والتجديد فهو ضرورة مطلبية، وواجب على كل فرد منا الدفع بترسيخ تلك المبادئ من أجل مصلحة الحزب والقضية، وإلا تبقى الغاية في عقد المؤتمر مجرد إجراء شكلي لا معنى له، ولا مضمون.
فتحقيق الأهداف وتكريس الحقوق المشروعة لشعبنا العظيم يتجسد في إطار سليم وفعال يناسب ونهجنا العظيم. أما بخصوص النية للاسترشاد من دروس وتجربة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ونجاحه. أقول إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حزب شقيق وحليف ورمز من رموز النضال، بل الحامل الأساسي للمشروع القومي والأمة الكودرية بقيادة الرئيس مسعود البارزاني، وهو نبراس نهتدي به، أما عن القائد مسعود البارزاني فهو القائد.. الرمز، والبوصلة الاستراتيجية التي نهتدي بها لرسم الخرائط في تحقيق الأهداف الأساسية والاستفادة من سيادته، وبتلك التجربة المُشبَّعة بالإخلاص لاحتواء المناضلين القدامى ضرورة لا بدّ منها في تكريس الوفاء المفعم بالحب والتقدير، طبعاً قد لا نكون بنفس الشكل والمضمون، لكن تبقى الحالة قاعدة استراتيجية للاستمرارية والبناء.
*الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، له حاضنة جماهيرية كبيرة في غرب كوردستان، وأيضاً الحزب مُتهم من قبل رفاقه وجماهيره أنه نادى بالمؤسساتية في المؤتمر السابق لكن ذلك ظل حبراً على ورق، لماذا؟ وكيف بمكن للحزب الوفاء لهذه الجماهير، واستقطاب الشباب والنساء إليه؟
بالنسبة للحاضنة الجماهيرية له واقع تاريخي وإرث نضالي لنهج سياسي، نهج البارزاني الخالد، بل وحقيقة غير قابلة للتأويل والتقويل، طبعاً يعود ذلك لمجموعة من الأسباب لكن أهمها هو الترابط الفكري والسياسي بأحقية المشروع القومي للقضية الكوردية والالتزام بنهج المقاومة والنضال نهج الاخوة والتسامح والعيش المشترك مع بقية المكونات على أساس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، أما عن امتعاض الرفاق بعدم تحقيق توجهات المؤتمرين بتفعيل المؤسسات التنظيمية بشكل مؤسساتي، فهذا يعود لجملة من الأسباب منها موضوعية، والأغلبية الساحقة فردية مزاجية تسلطية نواتها القيادة وأدواتها المتنفذون، ووقودها الطبقة المهمشة في القواعد وبالتخلص من هذه الظاهرة السلبية والدخيلة لمجتمعنا السياسي وتنظيماته نحن بحاجة الى ثورة حقيقة في العقل والعمل، وباعتقادي نستطيع القول إن بعض الخطوات الخجولة قد بدأت لكن بحاجة إلى وقت وإرادة كبيرة، وتكاتف من محبّي النهج والقضية، وبخصوص الاستقطاب للنساء والشباب فذلك يعتمد على مجموعة مقومات نواتها السلطة والإدارة، وبناء المؤسسات المعنية بهذا الخصوص وجوهراً الدعم والتشجيع، وتأمين الحوافز والامتيازات لبناء نواة صلبة يمكن لنا الاعتماد عليها في المستقبل القريب.

*المجلس الكُردي عقد مؤتمره الرابع مؤخراً ، لكن من غير تغيير حتى في شكل القيادة السابق ، وهناك انتقادات شعبية على أدائه سابقاً والآن، ما رأيك؟
في اعتقادي الشخصي، السؤال لم يأتِ بالسياق الدقيق أو المطلوب، والأصح هنا: هل حقاً عقد المجلس الوطني مؤتمره بحسب الأصول التنظيمية شكلًا ومضمونًا.
أستطيع الجزم بـ (بلا)، طبعاً الأسباب واضحة للعيان، فالظروف التي واكبت المجلس قبل وبعد المؤتمر إن كانت بالترهيب أو التهجير أو النفي والاعتقالات، وآخرها المنع من قبل إدارة الـ ب ك ك ومنظوماتها المختلفة بمسمياتها ساهمت بشكل مباشر في التأثير على أعمال المؤتمر, وأن لم نقل قوضت أداءه وعليه المجلس لم يستكمل مهامه بالشكل المطلوب، والتغير من حيث الشكل بحاجة لبعض الوقت والتروي في إنجاز المضمون أو الهدف وذلك سيكون قريباً.
أما بخصوص المجلس وأدائه نعم، لكلًّ منا ملاحظات على أداء المجلس وتعاطيه مع الأحداث الميدانية، لكن ذلك لا يعطينا الحق بإنكار دور المجلس سياسياً، فالمجلس الوطني الكوردي اختار كما الأغلبية الساحقة من الشعب السوري الانخراط بالثورة بل أصبح جزءاً منها، وبالتالي تحمَّل مثله مثل باقي المكونات بطش النظام وأدواته على الارض، وتجسد ذلك بكبح مسيرته التنظيمية في الضغط من خلال ضعفاء النفوس على مفاصل قوته المتجسدة بشبابه وفعالياته المجتمعية، وأدى بالتالي إلى تراجع دور المجلس في الساحة المحلية وأفقده زمام المبادرة على الارض، لكن في اعتقادي عاد، وعوّض ذلك النقص ببعض القرارات الأساسية كتبني القوة العسكرية الكامنة بـ "بيشمركة روچ آفا" وتفعيل الشراكة الاستراتيجية مع المعارضة السياسية الفاعلة في العملية التفاوضية بالمحافل الدولية، فأصبح بذلك سفيراً للقضية الكوردية في الخارج وممثلها بالداخل . بالرغم من الملاحظات التي لا تعد ولا تحصى في أداء المجلس وتقاعسه غير المبرر في الكثير من الأحيان، يبقى المجلس الكيان القومي الجامع والضامن للقضية الكوردية في كوردستان سوريا.

*سوريا عامة وكوردستان سوريا خاصة تمرُّ بظروف وأحداث استثنائية، كيف السبيل للخروج من هذا المأزق؟
حقيقة هذا السؤال معقد للغاية، وبحاجة للكثير من التمعن والدقة في الإجابة، بدايةً دعنا نتفق أن هنالك رغبة أو توجه دولي بعدم إفشال العملية السياسية في جنيف أو غيرها من المحاور التفاوضية، كما أن هناك شبه توافق للإبقاء على الباب مفتوحاً باتجاه الحلول الدبلوماسية رغم الاختلافات والمناكفات السياسية لشكله ومضمونه بين اللاعبين الاساسيين والفرقاء الدوليين، وعليه نستنتج العمل لإيجاد مخرج من الأزمة يغلب عليه الطابع المتداول لا غالب ولا مغلوب، كما نستطيع القول إن المساعي المبذولة للحل لا ترتقي إلى مستوى الصراع الدائر في سوريا، فكل دولة تودُّ الحلَّ على مقاسها من جهة والحفاظ على مصالحها ودورها المستقبلي في المنطقة من جهة أخرى، طبعاً ذلك يتعارض مع طموح وتطلعات الشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس للتخلص من الطغمة الحاكمة ورموزه المستئاثرة بالسلطة منذ عقود، أما بخصوص كوردستان سوريا، فالوضع لا يقلُّ تعقيداً مما عليه في سوريا ككل، فوجود إدارة محلية مقوضة سياسياً من فصيل عسكري يتحكم في البشر والحجر بالحديد والنار، ويشكل معضلة حقيقية لصورة المنطقة والحل المستقبلي فيها ناهيكم بإعطاء تلك الإدارة للمتربصين بقضيتنا القومية وحقوقنا المشروعة الذرائع والحجج الواهية، وبالتالي من شأنها نسف البقية المتبقية لوجود شعبنا العظيم على هذه الرقعة .

*ما رأيك بالمعارضة السورية حالياً بما فيها الائتلاف الذي أنتم ممثلون فيه عبر المجلس الكردي وهل هي بمستوى جراح السوريين؟
بكل شفافية ووضوح المعارضة في حال لا يؤهّلها القيادة بدور فعال كما ينبغي، فهي مترهّلة، وتفتقر لمشروع سياسي جامع وضامن لكافة مكوّنات الشعب السوري، وإن الواقع الذي تعاني منه تقوّض الجهود المتاحة بتحقيق الاهداف المطلوبة والمحقة لشعوب سوريا ككل، بل يصعب القيام باستعادة الزخم واستمالة الاطراف الداعمة في السابق، وإن حالة التشتت والتصارع بين أقطابها أضعفت من قدراتهم في الحفاظ على الشرعنة والتمثيل، أضف إلى هذا وذاك اختلاف المسارات والأجندات السياسية المتنوعة لـ اللاعبين الدوليين على الساحة السياسية بدد أمالهم وشعبنا بتحقيق أهداف الثورة وإيقاف نزيف الدم القائم منذ اثنتي عشرة سنة.

*النظام حالياً في وضع إعادة التدوير، هل تتوقع له النجاح والديمومة في حكم سوريا لأجل غير مسمى ؟ ولماذا ؟
قد أختلف معكم في التشخيص، فهناك فرق بين إعادة التدوير أو محاولة التدوير من بعض الاطراف الفاعلة في الملف السوري، وحقيقة أجد من الصعب بمكان التوافق على هذا الطرح على الاقل في الوقت الراهن، بل هذا يتعارض مع الأهداف والمصالح الاستراتيجية للأقطاب المتصارعة على الساحة الداخلية والخارجية، ولا يمكن فصل الملف السوري عن باقي الملفات الدولية في الوقت الراهنة، إن لم نقل إن المقايضات ستكون سلة واحدة، أمّا بخصوص الديمومة والنجاح أو البقاء في الحكم للنظام، أعتقد قد تختلف التسميات لكن تبقى النتيجة واحدة، ففي الواقع النجاح والادارة بالشكل الجيد تعطي الديمومة والاستقرار في الدولة المتقدمة أم البقاء بالسلطة أو الحكم فيه فهذا لا ينسجم والطرح، فغالبية الدول الفاشلة تحكمها أنظمة مستبدة لفترات طويلة من خلال الحديد والنار، وعليه لا أتوقع أن تبقى سوريا كما السابق دولة ونظاماً، لكن لا أستطيع التنبؤ بمصير هذا الطاغية في الوقت الراهن أيضاً.

*ماهي خيوط التلاقي بينكم كحزب وكمجلس مع الإدارة الذاتية التي تتحكم بقرارها حزب ب ب د بخصوص إعادة ملف الحوار؟
إذا كان المقصود بالسؤال من حيث الشكل فهو المكان والتكوين، أما من حيث المضمون فالاختلافات واضحة وضوح الشمس وهي كبيرة جداً، على أي حال لا أودُّ الخوض في هذا السياق بقدر التوضيح واستفادة القارئ من الحوار ومعرفة الحقائق كما هي، وتحض كل ادّعاء مخالف للحقيقة والواقع، يعلم الجميع وليس بخافٍ على أحد اجمعتنا مع هذه المنظومة أربع اتفاقيات، وهي هولير واحد وهولير اثنين، دهوك واحد وملحقات دهوك جميع هذه الاتفاقيات ذهبت أدراج الرياح نتيجة ممارسات وتعنت هذه المنظومة إن كان في تحقيق الشراكة الاستراتيجية أو قبول الآخر، الأمر الذي جعل من العمل معهم مستحيلاً، بقي الوضع على ما هو عليه من ترهيب وتشبيح واعتقالات وغيرها من الممارسات حتى نهاية ٢٠١٨ بداية ٢٠١٩ ، حيث أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بالاتفاق مع قائد قوات قسد السيد مظلوم عبدي بطرح مبادرة يكون فيها التوافق والتشارك والإدارة عنوان والحقوق والواجبات السياسية، حقاً استمر الحوار وقطعنا أشواطاً مهمة على الورق، وأهم تلك التفاهمات كانت تتجسّد في الموقف السياسي من جميع القضايا المصرية لسوريا بشكل عام والكورد منها بشكل خاص، غير ذلك لم يرق لأعداء الأمة الكوردية وأدواته، فتوقف الحوار، وفشلت الجهود بالاستمرار، وللأسف عادة حليمة لعادته القديمة، وبدأت تُضيّق الخناق على أنصار المجلس والحزب من جديد، وازدادت الممارسات السلبية، وتلاشت الآمال في تحقيق أيّ تقارب لخدمة القضية والشعب، وعليه أجد من الصعوبة التوصل إلى تقاطعات في الوقت الراهن رغم أنه لكل قاعد شواذ، وأتمنى أن تشمل هذه الشواذ الطرفين في القريب العاجل.

*الولايات المتحدة الأمريكية لها نفوذ في كوردستان سوريا، ونعلم أن هناك جهة تحكم سيطرتها على رقاب الشعب بالاستبداد والتفرد، كيف يستطيع الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا من خلال المجلس الوطني استغلال علاقتها مع الولايات المتحدة في خدمة القضية الكوردية؟
لنقارن بين التوجهات في المنظر السياسي والحسابات في المنظر العملي للأطراف المختلفة، فبعيداً عن العواطف والرغبات الداخلية من هنا وهناك يقال الغاية تبرر الوسيلة إن صح التعبير، فسوريا منقسمة على نفسها بين مجموعة من الدول والكيانات، ولكل طرف أهداف ومناطق نفوذ تدار بحسب الرغبة والطلب، وعلى سبيل المثال لا الحصر الولايات المتحدة الأمريكية منها تملك قواعد عسكرية، وتتمتع بتواجد سياسي واستخباراتي كبير في مناطق ما تسمى بالإدارة الذاتية، وتنسق بشكل متوازن وحرفي بين حلفائها من جهة ومصالحها الجيوسياسية من جهة أخرى، بالتالي تعمل على استخدام جميع الطاقات الحيوية والبشرية للمنظومة القائمة على الأرض بتحقيق أهدافها الاستراتيجية، ومنه يمكن لنا الاستنتاج أن الولايات المتحدة ومواقفها لا تنسجم مع المطالب والتمنيات في مجال الإدارة وحقوق الانسان وغيرها من الأمور، ما يعني أن أيّ جهد من المجلس الوطني سيصطدم بحائط المصالح المشتركة لـكِلا الطرفين على أقل تقدير في الوقت الراهن.

*إعلام حزبكم مقبول لحدّ ما، لكنه غير مؤثر بالمقارنة مع غيركم، هل هناك آليات وطروحات من أجل الرُّقي في مجال الإعلام وتطويره؟
حقيقة عندما نتحدّث عن السلطة الرابعة ندرك المعنى الفعلي لهذا المصطلح، فالإعلام مرآة الشعوب ونواة التقدم في المجتمعات المتحضرة، فيمكن لها إعلاء من لا شأن له واسقاط كل ذي شأن إلى الدرك الاسفل، فهو سلاح ذو حدين يتطلب استخدامه مهارة وحنكة لضبط وربط إيقاع الحياة بالعودة إلى السؤال ومضمونه، نعم حقيقة نملك كحزب إمكانات وكوادر جيدة في هذا المضمار إلا ان الاستفادة منه لا تشكل ٥٪ وذلك لمجموعة من العوامل تحتاج إلى وقفة حقيقة للمعالجة، وباعتقادي ستكون لهذه النافذة حيّز كبير في المرحلة المقبلة من بعد المؤتمر المزمع عقده قريباً.

*كلام أخير توجهه لقراء (كوردستان).
أتمنى أن تعمّ الطمأنينة والاستقرار على كامل شعوب المنطقة والعالم، وأن ينعم الشعب الكوردي منهم بالحرية والسلام في إحقاق حقوقه القومية المشروعة .
كما أتمنى لصحيفتنا «كوردستان» الغراء النجاح والتألق على الدوام، وتكون صوت الحقيقة دائمًا . شكراً لكم.

نشأت ظاظا- بروفايل
نشأت عبدالرحمن ظاظا
مواليد تربسبي 1974
انتسب إلى صفوف الحركة السياسية منذ عام 1990
عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا.
متأهل وأب لخمسة أطفال حامل للجنسية السورية والألمانية.
أنهى مراحل الدارسة حتى الثانوية العامة في تربسبي.
درس العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة كولن- ألمانيا لفترة وجيزة.
يتقن إلى جانب لغته الكردية الأم .. اللغتين العربية والألمانية.
محلل سياسي على الفضائيات الكردية.