لوزان يقترب والكورد ما زالوا في تناحرهم!!
جان كورد
الذكرى المئوية لمعاهدة لوزان الشهيرة تأتي بعد شهور قلائل، ومن ثم ستعلن الحكومة التركية تحررها مما فرض عليها أعداء الأمس وحلفاء اليوم من الشروط والمطالب والممنوعات ما أثقل كاهلها خلال المائة عام الماضية، منها اقتطاع أجزاء مما يعتبره الأتراك أراضيها وتدخلاتٍ محتلفة في الشؤون الداخلية لتركيا ووضع قيودٍ مالية واقتصادية متشددة على السياسة التركية عامةً.
فلو ألقينا نظرةً على نص المعاهدة فسنرى أنه يضّم عدداً كبيراً من الفقرات التي تشمل كلّ أوجه الحياة السياسية في تركيا، بل ضماناتٍ متعددة وبإسهاب للأقليات غير الإسلامية فيها، ودعماً لا مثيل له لمطالب وطموحات البلغار واليونان والإيطاليين والقبارصة فيها، في حين نجد مقابل ذلك غبناً صارخاً في مجال الحق القومي للشعب الكوردي الذي يشكّل المكوّن القومي الثاني في البلاد بعد الأتراك، والملاحظات بصدد حقوق الأقليات غير التركية في تركيا بغض النظر عن اللغات والأديان بسيطة ومختصرة وتلميحات (كما في المادة 38) التي تنص على أن "تتعهد الحكومة التركية بضمان الحماية الكاملة والتامة للحياة والحرية لسكان تركيا من غير تمييز بين المولد أو الجنسية أو اللغة أو العرق أو الدين. يحق لجميع سكان تركيا أن يمارسوا بحرية، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، أي عقيدة أو دين أو معتقد لا يتعارض احترامها مع النظام العام والأخلاق الحميدة"، في حين أن هناك إسهاباً في مجال الحديث عن مطالب وحقوق القوميات الأخرى المجاورة لتركيا أو الذين يعيشون بداخلها. وهذه المادة لم تدخل حتى اليوم حيّ التنفيذ كما يؤكّد السياسيون الكورد والمهتمون بالقضية الكوردية من الخبراء والناشطين الأجانب، إضافةً إلى عدم اكتراث الحكومات التركية المتعاقبة بالعديد من مواد المعاهدة كما المادة 28 التي تتملّص من تنفيذها في المناطق التي احتلتها من سوريا، حيث تؤكّد هذه المادة على أنه" لا يجوز ممارسة أي سلطة أو ولاية قضائية في المسائل السياسية أو التشريعية أو الإدارية خارج الأراضي التركية من قبل الحكومة أو السلطات التركية، لأي سبب من الأسباب، على رعايا الإقليم الموضوع تحت سيادة أو حماية الدول الأخرى الموقعة على هذه المعاهدة، أو فوق رعايا دول منفصلة عن تركيا." فهل تلتزم الحكومة التركية بهذه المادة في المناطق الكوردية (جبل الكورد، كرى سبي، سرى كانيي)؟
أمام هذه الحقائق عن إحدى أهم المعاهدات الدولية في القرن الماضي يسأل الكوردي نفسه عما فعله الكورد تاريخياً لرفع الغبن عن أنفسهم في الأوساط السياسية والدبلوماسية للمجتمع الدولي وماذا يفعلونه فيما إذا قامت تركيا بالفعل بمحاولتها لضم ما يسمونها بأراضي (الميثاق المللي) التي تضم (حلب والموصل وكركوك) وكل الأراضي التي في تلك المنطقة الواسعة الثرية؟ فهل للكورد استراتيجية بخصوص ما سيأتي بعد انتهاء مائة عام من عمرهذه المعاهدة المشؤومة التي تناولت مشاكل جميع القرى الصغيرة في مناطق النزاع بين تركيا واليونان وبلغاريا وإيطاليا وقبرص وأهملت كل كوردستاننا الواسعة مع الأسف.