الكرد في أوروبا: جسر الإنسانية وبوصلة المستقبل وسط تحديات الهجرة
أكرم خلف
في السنوات الأخيرة، أصبح ملف المهاجرين في أوروبا اختبارًا حقيقيًا لتوازن القيم الإنسانية والسياسات الداخلية. السوريون والكرد وغيرهم من الذين فرّوا من الحروب والاضطهاد، وجدوا في القارة العجوز مأوىً وأملًا في حياة مستقرة، إلا أنهم اليوم يواجهون تحديّات معقدة: سياسات متشددة، موجات شعبوية، وخطابات سياسية تصوّر وجودهم عبئًا بدلًا من رؤية دورهم الإيجابي في بناء المجتمعات.
بريطانيا ودول الشمال: صعود السياسات الاقتصادية والاجتماعية
بريطانيا بعد تجربة «بريكست» تبحث عن قيادة أوروبية قائمة على القوة الاقتصادية والسياسية، وفي هذا السياق، قد يتم التعامل مع المهاجرين بمنطق الضبط والسيطرة. وفي شمال أوروبا، مثل السويد والدنمارك وهولندا، تتنوع السياسات: رغم وجود قيود على الهجرة، تقدّم هذه الدول فرصًا كبيرة للاندماج، التعليم، وريادة الأعمال للمهاجرين الملتزمين بالقوانين.
الجالية الكردية بين المخاطر والفرص
الكرد في أوروبا اليوم يقفون أمام مفترق طرق: من جهة، هناك مخاطر تشديد القوانين وتصاعُد الخطاب الشعبوي؛ ومن جهة أخرى، هناك فرص استثنائية لبناء مستقبل إيجابي. المخاطر تشمل:
القوانين الصارمة للجوء والإقامة.
الضغط السياسي والاستغلال الانتخابي للمهاجرين.
التهميش الاجتماعي والاقتصادي المحتمل.
لكن الفرص الكبيرة تكمن في أن الجالية الكردية تمتلك خبرات تعليمية ومهنية قوية، وروح جماعية عالية، تجعلها شريكًا فاعلًا في تطوير المجتمعات الأوروبية.
دور الكرد الإيجابي في أوروبا
الجالية الكردية تستطيع أن تكون نموذجًا حيًا للاندماج الإيجابي، من خلال:
- المشاركة الاقتصادية والاجتماعية: الاستثمار وريادة الأعمال، والمساهمة في سوق العمل بشكل فعّال.
- التعليم والبحث العلمي: تكوين قاعدة علمية وشبابية قادرة على الابتكار والمساهمة في مشاريع مجتمعية.
- الحفاظ على الهوية والثقافة: تعزيز الثقافة الكردية في أوروبا كعامل ثراء وتنوع اجتماعي، وليس تهديدًا.
- العمل المدني والسياسي: تأسيس جمعيات ومنظمات تدافع عن حقوق المهاجرين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، وبناء جسور التفاهم بين الثقافات.
أوروبا بين الإنسانية والسياسات المتشددة
يبقى السؤال: هل ستتمكن أوروبا من تحقيق التوازن بين قيمها الإنسانية وحماية استقرارها الاجتماعي والاقتصادي؟ أم ستظل الجدران والمخاوف الاقتصادية هي المسيطرة؟
الجالية الكردية اليوم بإمكانها أن تكون جسرًا بين الثقافات، وبوصلة نحو مستقبل متوازن، حيث لا يُنظر إلى المهاجرين كعبء بل كقوة بنّاءة.
في عالم تتصاعد فيه التحديّات، يبقى التمسُّك بالأمل والعمل الدؤوب هو الطريق الأوضح لإظهار أن الكرد في أوروبا قادرون على تحويل المخاطر إلى فرص، والصعوبات إلى إنجازات، وأن يكونوا قلب الإنسانية النابض في قارة تواجه مفترق طرق مصيري.
رسالة أمل من قلب أوروبا
الكرد اليوم هم قلب الإنسانية النابض وبوصلة المستقبل القوي في أوروبا، قادرون على تحويل التحديات إلى إنجازات، والصعوبات إلى قصص نجاح تُروى لأجيال قادمة.