الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ميلاد النضال إلى صناعة الاستقرار وإرادة متجدّدة
عزالدين ملا
احتفل الحزب الديمقراطي الكوردستاني بذكرى تأسيسه الـ(79) قبل أيام، هذه الذكرى التي تقترن بميلاد القائد الكوردي الرئيس مسعود بارزاني، رمز النضال والهوية الكوردية.
سبعة عقود ونيّف مضت، استطاع خلالها الحزب، بقيادة أجياله المتعاقبة، أن يرسم ملامح كوردستان الحديثة، ويصنع لإقليمها موقعاً متقدماً في السياسة والاقتصاد والمجتمع، رغم كل التحديّات والمؤامرات التي لم تتوقف يوماً. واليوم، يقف إقليم كوردستان شامخاً، بثقة وعزيمة، لاعباً أساسياً في المعادلة العراقية والإقليمية والدولية، ومثالاً على الإرادة التي لا تنكسر.
بهذه المناسبة تفتح (كوردستان) الباب لطرح جملة من التساؤلات الجوهرية:
1-كيف استطاع الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يحافظ على دوره الريادي طيلة هذه العقود؟
2-ما هو الأثر الذي تركه فكر ونهج الرئيس مسعود بارزاني في مسيرة كوردستان السياسية والاجتماعية؟
3-كيف تمكّن إقليم كوردستان من مواجهة محاولات الإقصاء والحصار وتحويلها إلى فرص للنهوض؟
4-ما الدور الذي يلعبه الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإقليم اليوم في صياغة مستقبل العراق والمنطقة؟ وأي آفاق تنتظر كوردستان في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة؟
ميلادان خالدان، تجسيد لعدالة القضية الكوردية
تحدثت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، هيام محمد لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «لقد أصبح ميلاد البارتي وفخامة الرئيس مسعود بارزاني أملنا المنشود؛ ميلادان عظيمان وحدثان تاريخيان مهمان، وانبلاج فجر جديد في تاريخ الأمة الكوردية. ففي 16 آب/1946 يصادف ميلاد سعيد ومجيد، إذ إنهما بالضرورة مجدٌ للقضية وعدالتها وللشعب الكوردي وتطلّعاته القومية. وقد جاء تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة ورئاسة عظيم الأمة الكوردستانية القائد والجنرال مصطفى البارزاني، والذي يتزامن مع ميلاد مرجع الأمة الكوردية الرئيس مسعود البارزاني، وكأنهما توأمان من رحم المعاناة الكوردية. وهكذا أصبح البارتي لسان حال القضية الكوردستانية، والحزب الاستراتيجي المعبّر عن تطلعات الشعب الكوردي وأمانيه القومية، والحراك السياسي والثوري والعسكري لتجسيد طموحات وإرادة الشعب الكوردي الذي لا يُقهر، ووجوده القومي في مسيرة الانعتاق إلى الحرية والاستقلال ونشدان الديمقراطية، وأملًا لكل كوردي، خاصةً بعد انهيار جمهورية كوردستان الفتية في مهاباد بمؤامرة دولية حُبكت وفق تقاطع المصالح.
في حين كانت كوردستان الجنوبية تعيش أزمة اقتصادية وسياسية وعسكرية، إلا أن عزم المناضلين والشرفاء أصحاب التاريخ النضالي المشرف، والجماهير الوطنية، والمنتسبين لصفوف الحزب ومراتب البيشمركة، شكّل ضرورة قومية وتاريخية، فجددت الآمال وسُجلت مئات الملاحم البطولية بإرادة صلبة وعزم لا يلين. غير أن السلطات العراقية آنذاك أصدرت قرارات مجحفة وظالمة بحق هذا الحزب وأعضائه وكوادره، فتعرضت معظم العوائل الكوردية للملاحقات الأمنية والتشريد والتنكيل والقتل الجماعي وعمليات الأنفال السيئة الصيت، ودُمّرت قراهم ومدنهم لولائهم للحزب الديمقراطي الكوردستاني وانتمائهم للقضية ونهج البارزاني الخالد، إذ كانا بحق أصحاب القضية القومية والوطنية لشعب كوردستان بامتياز.
تشير محمد: «إلى دور المرأة الكوردية وبسالتها وعنفوانها في إسناد البيشمركة الأبطال، ودورها التربوي لأبنائها في غياب آبائهم المرابطين في خنادق الدفاع عن الوطن، حيث غرست فيهم الروح الوطنية والحس القومي، وقدّمت الدعم اللوجستي والمعنوي للبيشمركة بما كان متوفّرًا آنذاك، رغم قساوة الظروف المعيشية والسياسات الجائرة والمظالم من قبل الأنظمة الديكتاتورية المقتسمة لكوردستان، فضلًا عن العادات والتقاليد الاجتماعية البالية التي كبّلت دور المرأة في مختلف المجالات».
تضيف محمد: «إن سياسة الحزب الديمقراطي الكوردستاني اتسمت بالاتزان والحكمة والحنكة، وبوصلة واقعية في خدمة الوطن. سياسة تناغمت مع واقع كوردستان ومكوّناتها الإثنية والعرقية، واعتمدت بالدرجة الأولى على ثقافة التسامح والاعتدال والتعايش السلمي الأهلي، وتعزيز المبادئ الإنسانية لنشر السلام والوئام بين كافة المكونات المتعايشة في الجغرافيا الكوردية. وهكذا أصبحت المفاهيم الإنسانية بكافة معانيها النبيلة والهادفة رسالة الأمة الكوردية وشعارها الأسمى، والهدف الأساسي لتلك اللوحة الوطنية والفسيفساء القومية المتعايشة على أرض كوردستان من كورد وآشوريين وكلدان وتركمان. ومن هنا تقرر في أحد مؤتمرات الحزب تغيير اسمه من «الحزب الديمقراطي الكوردي» إلى «الديمقراطي الكوردستاني»، مما أدى إلى انضمام هذه المكونات بأطيافها الدينية والعرقية والقومية إلى هذا الحزب الاستراتيجي العملاق، إيماناً منهم بواقعية خطه السياسي وأهدافه وبوصلته المبنية على العدالة الاجتماعية وعدالة القضية الكوردية المشروعة، على أساس المساواة والعدل، وبما يقرّه الدستور من حقوق مشروعة للشعب الكوردي وكافة المكوّنات، وفق الأعراف والمواثيق الدولية».
تؤكد محمد: «إلى ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني اعتمد على قوة البيشمركة وبسالتهم في الدفاع عن جغرافيا كوردستان وأهلها، خاصة في مرحلة ثورة أيلول العظيمة بقيادة الأب الروحي للأمة الكوردية الخالد مصطفى البارزاني. فقد تجسّدت بوصلة نضاله في الإيمان بعدالة القضية الكوردية وحقوق شعب كوردستان، مما أربك عبد الكريم قاسم وحكومته آنذاك، حين نكث بعهوده ووعوده للشعب الكوردي وقائده التاريخي الخالد مصطفى البارزاني. فكانت الثورة الخيار الأمثل لإجبارهم على توقيع اتفاقية آذار التاريخية عام 1970م للاعتراف بالحكم الذاتي لكوردستان والديمقراطية للعراق، وإعلان المصالحة العامة. غير أن الدسائس ما لبثت أن حيكت ضد قائد الثورة وملهمها وثوارها، لكن المقاومة استمرت، واعتمد البيشمركة طريق النضال الثوري مع زعيمهم، ليشعلوا فتيل ثورة جديدة أكثر حزمًا وإرادة، استمدت عزمها من ثورة أيلول العظيمة، وهي ثورة كولان التقدمية عام 1976 بقيادة نجلَيْ الزعيم الكوردستاني مصطفى البارزاني: مهندس الوحدة والمصالحة الوطنية الشهيد إدريس مصطفى البارزاني، والرئيس مسعود مصطفى البارزاني. فتابعوا مسيرة النضال المظفر إلى أن بدأت المفاوضات الكوردية، وتشكيل الجبهة الكوردستانية مع الاتحاد الوطني الكوردستاني، وصولًا إلى انتفاضة آذار المجيدة عام 1991م».
تختم محمد: «انه بعد إسقاط نظام الطاغية في بغداد ورئيسه المخلوع صدام حسين، واصل الحزب الديمقراطي الكوردستاني توحيد الأطراف السياسية في كوردستان تحت قبة البرلمان الكوردستاني في الرابع من تشرين الأول، وتشكيل حكومة كوردية تعمل لخدمة ومصلحة شعب كوردستان. فبدأ الإقليم الفتي مسيرة التنمية والعمران نحو التقدم والازدهار وبلوغ المجد، مع الحرص على الضبط الأمني لعموم القرى والمدن والأرجاء. وعلى الرغم من المحاولات البائسة والحاقدة من القوى المحتلة لكوردستان وإنكار حقوق الشعب الكوردي من الأنظمة الإقليمية المقتسمة لأرضه (إيران وتركيا وسوريا)، ومعها حكومة بغداد عبر حرمان الإقليم من حصته في الميزانية وقطع رواتب موظفيه وزعزعة أمنه وضرب اقتصاده، ضاربين بكل الاتفاقيات عرض الحائط، إلا أن إقليم كوردستان بقيادة الزعيم مسعود البارزاني، والرئيس نيجيرفان البارزاني، ورئيس الحكومة مسرور البارزاني، أصبح قبلة في منطقة الشرق الأوسط للإنماء والعمران والتقدم. وقد ازدهر يوماً بعد يوم بصبر وحنكة ودبلوماسية مرجع الأمة الكوردية وأملها المنشود الرئيس مسعود البارزاني، ليكون مضرب مثل في التقدُّم والتطوُّر والعمران، ومواكبة ركب الحضارة بالثقافة والمعرفة، ومنافسة المجتمعات المتقدمة بمفهوم حضاري معاصر، كحقيقة تاريخية متكاملة».
الديمقراطي الكوردستاني، مسيرة نضال وصناعة الاستقرار في كوردستان
تحدث عضو اللجنة المركزية لحزب الوسط الكردي في سوريا، عبدالرحيم حسن، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «استطاع الحزب الديمقراطي الكردستاني مواصلة السير على النهج الواقعي الحكيم الذي وضع أسسه البارزاني الخالد، ورسّخه القائد الرئيس مسعود بارزاني، وحافظ على مكانته الريادية نتيجة تاريخه النضالي العريق مع قراءة دقيقة للواقع السياسي منذ تأسيس الحزب الديمقراطي في عام 1946. فقد بقي الحزب وفياً، حاملاً راية الدفاع عن الحقوق القومية للشعب الكردي، ومتمسكاً بنهجه وبقضية حق تقرير المصير. كما واجه أعتى وأشرس الأنظمة القمعية التي عرفتها البشرية، سواء تلك التي تعاقبت على حكم العراق، أو الأنظمة الفاشية التي جعلت من إنهاء الكرد نهجاً لها. وفي أقسى الظروف تمكن الحزب، بقيادة البارزاني الخالد، من التكيّف، ثم واصل القائد الرئيس مسعود بارزاني المسيرة السياسية بحنكته المميزة.
لقد نجح في الانتقال من مرحلة الكفاح المسلح إلى النضال السلمي، ومن ثم إلى مرحلة بناء المؤسسات وإدارة إقليم كوردستان ضمن نظام فيدرالي ديمقراطي تعددي، معتمداً على الشرعية الواسعة التي يحظى بها سيادته وارتباطه العميق بوجدان الكرد والكوردايتي. جعل الحزب حزباً جماهيرياً عابراً لحدود الإقليم، لا مجرد تنظيم سياسي. إن مبادئ الحزب وأساليبه جعلته لاعباً رئيسياً على مدى العقود المنصرمة، يقود العملية السياسية والإدارية في إقليم كوردستان بكفاءة وثبات قلّ نظيرهما في الوقت الراهن».
يتابع حسن: «إن فكر سيادة الرئيس مسعود بارزاني، المرتبط بالواقعية السياسية والمقرون بالثبات القومي، استطاع أن يؤسس لخطاب عقلاني متوازن من خلال مد جسور التواصل مع بغداد والعواصم الإقليمية والدولية، وحماية المصالح العليا للشعب الكردي. وقد انعكس ذلك في تعزيز مكانة الإقليم كلاعب مسؤول يعتمد عليه، باختياره لغة الحوار والتفاهم بدلاً من لغة الصدام. وجسد الرئيس مسعود بارزاني مفهوم القيادة القريبة من الناس، إذ كان دوماً في الساحات وبين البيشمركة، متنقلاً بين قاعات السياسة والدبلوماسية، ليزرع الثقة بين القيادة والشعب، وليكون ملهمًا ورمزاً للوحدة الوطنية واحترام التعددية القومية والدينية في كوردستان. هذا ما جعله يحظى باحترام الجميع، وليكون نموذجاً مغايراً في منطقة تعصف بها الصراعات والانقسامات».
يشير حسن: «إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بحكم ثقله وإرثه التاريخي والسياسي، بات ركيزة أساسية في معادلة العراق والمنطقة لا يمكن تجاوزها. فمن الناحية الداخلية يشكل إقليم كوردستان عامل توازن واستقرار، حيث لعب دوراً حاسماً في العملية السياسية، وانبرى للدفاع عن النظام الديمقراطي. وأصبحت كوردستان نموذجاً للشراكة المتبادلة مع دول الجوار بعيداً عن منطق التبعية أو الصدام غير المجدي. وعلى الصعيد الدولي، تحوّلت كوردستان عبر تضحيات البيشمركة الأبطال إلى فاعل مهم في مكافحة الإرهاب، وخاصة داعش، مما عزز الاعتراف الدولي بمكانة كوردستان كحليف مهم وموثوق به».
يختم حسن: «إن كوردستان تقف اليوم أمام فرصة تاريخية لصياغة دور متقدم، مستفيدة من موقعها الجيوسياسي والاستراتيجي وبيئتها الاستثمارية الواعدة. لكنها تواجه أيضاً تعقيدات كبيرة ناجمة عن طبيعة العلاقة مع بغداد، فضلاً عن التعقيدات الإقليمية والدولية. إن إرادة وصمود الشعب، وحكمة القيادة السياسية، يمكن أن تفتح المجال لبناء مستقبل أكثر ازدهاراً، يجعل من كوردستان جسراً للتواصل والتعاون لا ساحةً للصراع».
الديمقراطي الكوردستاني.. الإرادة المتجددة لبناء كوردستان ومواجهة تحديات المنطقة
تحدث الكاتب عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن التحوُّلات الاستراتيجية التي رافقت فترة الصراع الإقليمي والعالمي على النفوذ والسيطرة، وتوسيع مناطق الهيمنة، منذ حقبة الاستعمار وتقاسُم النفوذ بعد الأحداث والمتغيرات الدراماتيكية التي سبقت الحرب العالمية الأولى وما شهدته من تشكّل لمحاور الصراع، أحدثت أثراً كبيراً على المنطقة عموماً، وعلى كوردستان بشكل خاص، لتكون المرحلة الحاسمة في التمهيد لخوض الصراع. لذا يعتبر نضال الشيخ عبدالسلام البارزاني محطة مفصلية في التشبث بالانتماء إلى كوردستان، والتخندق حول مفاهيم عدم التنازل والإصرار على الدفاع عن مصالح الشعب الكردي في ظل الصراع الإقليمي والعالمي على إعادة رسم خرائط المنطقة بما يتوافق مع مصالح الدول الإقليمية.
لقد شكّل استشهاد الشيخ عبدالسلام البارزاني الضربة القاصمة التي تركت أثراً كبيراً في مسيرة الحركة التحررية الكردية، وهو ما عبّر عنه المرجع الكردستاني مسعود بارزاني في كتابه البارزاني والحركة التحررية الكردية قائلاً: "لو استمر نضال الشيخ عبدالسلام إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، لحظي الشعب الكردي بكلّ مقوّمات تأسيس كوردستان". ومن هنا، فإن تقسيم المنطقة وارتدادات صراع المصالح، المتمثلة في اتفاقية سايكس بيكو ومؤتمر الصلح في باريس لتقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية، كانت خير دليل على حجم تأثر كوردستان بذلك الصراع. وقد استشعر الشيخ عبدالسلام خطورة المرحلة، فترسّخت في وعي الشعب الكردي – وفي مقدمتهم مشيخة بارزان – حقيقة أن استمرار النضال هو الضامن الوحيد في مواجهة مخططات تقسيم كوردستان وكسر إرادة الشعب ومحاولات طمس هويته.
من خلال هذا السياق، أيقن الشعب الكردي أن مواصلة النضال ضرورة حتمية، وهو ما جسّده الأب الروحي للشعب الكردي، البارزاني الخالد، الذي واصل النضال القومي الكوردستاني على كافة الأصعدة، ليتكيّف مع المستجدات الإقليمية والدولية. فجاءت ثورات بارزان الأولى والثانية ونضال البارزانيين في الجانب العسكري، ثم تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليكون الإطار السياسي المنظم لمواصلة النضال القومي الكوردستاني في مواجهة صراع المصالح والتنافس الإقليمي والدولي. وقد رأى البارزاني الخالد أن تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ضرورة لتجسيد نضال الشعب الكردي وتنظيمه، ومقاومة محاولات كسر إرادته، والتصدي لمشاريع طمس الهوية القومية والوطنية. وهكذا أصبح الحزب قلعة نضالية تتحطم عليها كافة المؤامرات والمخططات الإقليمية والدولية التي استهدفت هوية الشعب الكردي، وسعت إلى تغيير ديمغرافيته أو تعريبه».
يتابع موسى: «استطاع الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يحافظ على دوره الريادي في كل المحطات المفصلية والتاريخية من عمر الشعب الكردي، ليكون الإلهام العقائدي والحلقة الأساسية في استمرارية النضال القومي الكوردستاني والحفاظ على الهوية الوطنية. كما مثّل الحزب الشعلة التي غذّت شعور الانتماء إلى الأرض والتاريخ واللغة والتراث، والتي حاولت جميع المخططات إلغاءها أو تجريمها. لقد كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني جوهر الإرادة لدى الشعب الكردي في الانتماء، وهو ما راهنت عليه كل حملات الإبادة ومحاولات التغيير الديمغرافي. ولطالما أكّد المرجع الكوردستاني الرئيس مسعود بارزاني أن الإرادة كانت العامل الحاسم في تمكين الشعب الكردي من إفشال مؤامرات الأعداء. لذلك شكّل الحزب الديمقراطي الكوردستاني حجر الزاوية في تنظيم النضال وتثبيت الإرادة، فكان القائد الريادي لمسيرة الشعب الكردي في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية».
يشير موسى: «مع تغيّر الظروف والتحديات الإقليمية والعالمية، لعب الحزب الديمقراطي الكوردستاني دوراً محورياً في قيادة النضال السياسي والاجتماعي للشعب الكردي، مستفيداً من فكر وتوجيهات المرجع الكوردستاني الرئيس مسعود بارزاني، الذي عمل على توحيد الجبهة الداخلية الكوردستانية لمواجهة الاستحقاقات المستقبلية. فجاء تنظيم أول انتخابات في إقليم كوردستان وتأسيس مؤسسات الإدارة الإقليمية، لتكون على مستوى تطلعات الشعب الكردي ومتطلباته، ونجحت هذه المؤسسات في كسب الشرعية الدولية والأممية. كما مارس الحزب النضال الدبلوماسي لإيصال قضية الشعب الكردي إلى كافة مراكز القرار العالمي، عبر دبلوماسية كردية رصينة رفدها الحزب بالكوادر الحزبية والشبابية، وفق توجيهات الرئيس مسعود بارزاني وإصراره على مواصلة النضال السياسي والدبلوماسي. وقد كان للحزب دور أساسي أيضاً في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية».
يختم موسى: «إن إرادة الشعب الكوردستاني، مقرونة بالنضال العقائدي الذي رسخه الحزب الديمقراطي الكوردستاني، على نهج الانتماء إلى كوردستان وضرورة استمرارية النضال بقيادة المرجع الكوردستاني الرئيس مسعود بارزاني، شكّلت العامل الأساسي في مواجهة كل محاولات التهميش والإقصاء ومحاولات محو الهوية الوطنية وإضعاف الانتماء القومي، إضافة إلى مشاريع التغيير الديمغرافي والعقلية المركزية الساعية إلى إنكار الحقوق الدستورية للشعب الكردي. لقد لعب الحزب الديمقراطي الكوردستاني الدور الأبرز في تجسيد إرادة الشعب الكردي، ليس في الحفاظ على الحقوق القومية والوطنية فحسب، بل أيضاً في حماية العراق من الانزلاق إلى صراعات إقليمية مدمرة. وقد شكّل فكر الحزب وأيديولوجيته قاعدة لبناء الإنسان الكردي وصياغة مشروع تقدّم وتطوير إقليم كوردستان، ليلعب دوراً بارزاً في الشرق الأوسط، وليكون رمزاً للتعايش السلمي بين جميع المكونات، وملاذاً آمناً للهاربين من الحروب، حيث وفّر الأمن والاستقرار لهم. كما لعب الإقليم دوراً كبيراً في دعم أشقائه في أجزاء كوردستان الأخرى، ولا سيما كوردستان سوريا، فاستقبل أهلها الهاربين من الأزمة السورية ووفّر لهم الأمن والمستلزمات الأساسية، بقيادة وتوجيهات الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومرجعه النضالي الرئيس مسعود بارزاني، الذي أشرف على تأسيس بيشمركة "روز" وإرسال البيشمركة لتحرير كوباني من إرهاب داعش سنة 2014».