عبدالإله عوجي: بين الترحيب والتريث، نجاح كونفرانس قامشلو رهن آلية التفاوض وتمثيل الشعب

عبدالإله عوجي: بين الترحيب والتريث، نجاح كونفرانس قامشلو رهن آلية التفاوض وتمثيل الشعب

حاوره: عمر كوجري

قال عبدالاله عوجي نائب سكرتير حزب يكيتي الكردستاني- سوريا الأحزاب السياسية تُقاس في النهاية بمدى تأثيرها في المجتمع، وحضورها في الشارع، ومساهمتها في صنع القرار. من هذا المنظور، كثير من الأحزاب الكردية الصغيرة في كوردستان سوريا تعاني من ضعف في الحجم والتأثير.
وأكد عوجي في حوار خاص مع صحيفتنا (كوردستان) حضور ممثل الرئيس مسعود بارزاني في الكونفرانس لم يكن مجرد مشاركة رمزية، بل رسالة دعم واضحة لوحدة الصف الكردي في سوريا. هذا الموقف يُعبّر عن حرص إقليم كوردستان، وخصوصًا الرئيس بارزاني، على حماية المكتسبات الكردية وتعزيز الموقف القومي المشترك.
وفي سؤال عن استمرار بقاء المجلس الكردي في الائتلاف السوري (المنحل) قال عوجي: المجلس الكردي أحرز من خلال تواجده في الائتلاف السوري مكاسب سياسية مهمة، أبرزها توقيع وثيقة رسمية مع الائتلاف اعترف الأخير فيها لأول مرة بـ"الجمهورية السورية" كدولة لجميع مكوناتها، وبـ"الهوية القومية للشعب الكردي"، والالتزام بالعمل على إدراج ذلك في دستور البلاد المستقبلي. كانت هذه الوثيقة سابقة سياسية وتاريخية.
وفي رده على سؤال تقييمه لكوانفرانس وحدة الكلمة الكردية، أضاف عوجي:
الكونفرانس خطوة إيجابية من حيث المبدأ، لأنه يعبّر عن حاجة ملحّة إلى توحيد الموقف الكردي تجاه مستقبل سوريا، وهي دعوة طالما طالب بها الشارع الكردي منذ سنوات. ما صدر عن المؤتمر من توجه نحو الحوار مع دمشق يُعد تطورًا مهمًا، لكن نجاحه مرهون بوضوح الرؤية وتوفر الغطاء الشعبي والسياسي الحقيقي له.

فيما يلي الحوار كاملاً مع السيد عبدالاله عوجي:
أدعو لتوحيد أحزاب المجلس الكردي في حزب واحد

* لنبدأ سؤالنا حول عدة منشورات لحضرتك تؤيد فيها اتحاد أحزاب المجلس الوطني الكردي بحزب واحد، لو تضع قراء (كوردستان) بصورة هذا التصور، وهل تتوقع أن يحدث هذا الأمر؟ وذاكرة الكرد في سوريا لم تنس فشل بعض هذه المحاولات التوحيدية..
**في لحظة مفصلية تمرُّ بها القضية الكردية في سوريا، وفي ظل الانقسام الحزبي وتراجع الأداء السياسي، برزت الحاجة إلى مبادرة جديّة لإعادة بناء البيت الكردي على أسس جديدة. من هذا المنطلق، أطلقت مبادرة تهدف إلى توحيد أحزاب المجلس الوطني الكردي ضمن حزب سياسي واحد يمتلك شرعية تمثيلية فعلية، وفاعلية تنظيمية، وقاعدة جماهيرية صلبة.
المبادرة لا تدعو إلى اندماج شكلي، بل إلى تجديد الحياة السياسية الكردية عبر آليات تمثيل عادلة تستند إلى الوزن الحقيقي لكل طرف، وتضمن إشراك الشخصيات المستقلة، والمجتمع المدني، والنخب الفكرية في صياغة مستقبلنا السياسي.
هي خارطة طريق قابلة للتطبيق، تبدأ بإرادة سياسية شجاعة، وتصل إلى مؤتمر توحيدي يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل الكردي المشترك، قائمة على الوحدة والوضوح والاستقلالية في القرار.
هذه المبادرة ليست أمنية، بل استحقاق قومي تفرضه التحديات المصيرية، في ظل خطر تهميش الكرد وتراجع وزنهم السياسي داخل المشهد السوري. نعم، الطريق ليس سهلاً، لكن هناك إرادة شعبية متزايدة، وأصوات شابة تطالب بالتغيير، ويجب تحويل هذه الدينامية إلى فرصة تاريخية لصناعة كيان سياسي كردي موحد، قادر على الدفاع عن تطلعات شعبنا في الحرية والكرامة.
استمرار الأحزاب الصغيرة لا يخدم القضية الكردية

* كيف ترى موقع الأحزاب الكردية الصغيرة في غربي كوردستان، والتي بعضها لا يتجاوز عدد أعضائها بضعة أشخاص، ورغم ذلك ما زالت مستمرة؟
**الأحزاب السياسية تُقاس في النهاية بمدى تأثيرها في المجتمع، وحضورها في الشارع، ومساهمتها في صنع القرار. من هذا المنظور، كثير من الأحزاب الكردية الصغيرة في كوردستان سوريا تعاني من ضعف في الحجم والتأثير، وبعضها قد لا يتجاوز وجوده الجانب الشكلي أو الرمزي، ومع ذلك لا تزال موجودة، وهو أمر يستحق التوقف عنده.
بصراحة، استمرار هذه الأحزاب بهذا الشكل المصغر لا يخدم القضية الكردية، بل يكرّس التشتت والانقسام، ويضعف من هيبة العمل السياسي الكردي أمام الشارع وأمام القوى الوطنية والدولية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض هذه الأحزاب تأسس في ظروف نضالية صعبة، وفي لحظات تاريخية كان فيها الانقسام نتيجة خلاف سياسي حقيقي، وليس فقط طموحًا شخصيًا أو حسابات ضيقة.
اليوم، بعد كل ما مررنا به كشعب، حان الوقت لمراجعة جدية من هذه الأحزاب لمكانتها ودورها، وإذا كانت عاجزة عن تحقيق حضور جماهيري أو تأثير سياسي حقيقي، فالواجب الأخلاقي والقومي يفرض عليها أن تُعيد النظر في وجودها المستقل، وأن تبحث عن آليات للاندماج في مشروع سياسي أكبر، سواء داخل حزب موحد، أو من خلال تكتلات قوية ضمن المجلس الوطني الكردي أو خارجه.
المجلس الكردي لم يرتقِ إلى مستوى تطلعات الشارع الكردي

* المجلس الوطني الكردي تأسس منذ عام 2012 ومازال مستمراً للآن بهذا التشكيل والترتيب، وهناك أصوات حتى ضمن مؤازري المجلس غير راضية عن أدائه، بتصورك هل عجز المجلس عن تنفيذ مهامه وأهدافه، وما هي الأسباب، وكيف يمكن أن يتخطى هذه العتبة من التراجع في الأداء بين الجماهير الكردية؟
**المجلس الوطني الكردي شكّل خطوة مهمة حين تأسس، ونجح في تمثيل طيف واسع من الكرد ضمن إطار سياسي جامع، لكنه للأسف لم يرتقِ إلى مستوى تطلعات الشارع الكردي، وبات يعاني من تراجع في الحضور والتأثير.
أسباب ذلك متعددة: غياب آلية اتخاذ قرار جماعي واضح، ضعف التواصل مع الجمهور، انعدام التجديد داخل البنية التنظيمية، إضافة إلى حالة الجمود السياسي الطويل. كما أن تعدد الأحزاب داخله دون رؤية توحيدية جعل المجلس يبدو أحيانًا كتحالف هش أكثر من كونه كيانًا متماسكًا.
تجاوز هذه المرحلة يبدأ بـمراجعة داخلية جريئة، وفتح الباب أمام التجديد السياسي والبشري، وبناء هيكل تنظيمي أكثر فعالية، وربط القرار بالميدان لا فقط بالمكاتب. والأهم هو تبني مشروع موحد يمثل تطلعات الكرد، لا توازنات الأحزاب.
المجلس الكري خلال وجوده في الائتلاف أحرز مكاسب سياسية مهمة

*المجلس الكردي لسنوات عديدة ظل ضمن هيكل الائتلاف السوري الذي لم يعد له أي وجود، ألم يكن من أحد أخطاء المجلس الاستمرار طيلة هذه السنوات ضمن ذلك الكيان المعارض (الهزيل)؟
**وجود المجلس الوطني الكردي في الائتلاف لم يكن خطأً بحد ذاته، بل خيارًا سياسيًا محسوبًا في لحظة تاريخية فارقة، حين بدا أن النظام السوري ينهار، وكان من الضروري أن يكون للكرد حضور رسمي وفعّال في خارطة قوى المعارضة السورية، ليشاركوا في رسم مستقبل البلاد.
بل إن المجلس أحرز من خلال هذا التواجد مكاسب سياسية مهمة، أبرزها توقيع وثيقة رسمية مع الائتلاف اعترف الأخير فيها لأول مرة بـ«الجمهورية السورية» كدولة لجميع مكوناتها، وبـ«الهوية القومية للشعب الكردي»، والالتزام بالعمل على إدراج ذلك في دستور البلاد المستقبلي. كانت هذه الوثيقة سابقة سياسية وتاريخية، وفتحت أمام المجلس الباب ليكون جزءًا من هيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية، وهو ما منح القضية الكردية نافذة رسمية للتواصل مع المجتمع الدولي وصنّاع القرار في الملف السوري.
لكن في المقابل، لا يمكن إنكار أن الائتلاف ارتكب أخطاء كبيرة أفقدته المصداقية، وأهمها ارتهانه لمحاور إقليمية، وفشله في إنتاج خطاب وطني جامع، إضافة إلى هيمنة فصائل عسكرية خارجة عن السيطرة على قراره، ما جعل بنيته غير متماسكة، وعديمة الفاعلية.
ورغم كل ذلك، لم يكن بقاء المجلس فيه نوعًا من التبعية، بل محاولة للحفاظ على الحضور الكردي في مؤسسات المعارضة، ومنع تهميش صوت الشعب الكردي بالكامل من المحافل الدولية.
السلطة الجديدة لا تؤمن بالتعددية السياسية ولا بالعمل الحزبي المستقل

* كيف تقرأ مآلات الوضع السوري بعد أكثر من ستة أشهر من سقوط النظام البعثي، ومجيء سلطة لا تشجع على التعددية السياسية، ولا تؤمن بوجود الحالة الحزبية على مستوى سوريا؟
**سقوط النظام البعثي لم يُفضِ إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، بل إلى سلطة جديدة تحمل أدوات الدولة، لكنها لا تؤمن بالتعددية السياسية ولا بالعمل الحزبي المستقل، وهذا يعيد إنتاج التهميش السياسي بشكل جديد، وبأدوات مختلفة.
الوضع الحالي هش، والسلطة الناشئة تسعى للسيطرة أكثر من بناء عقد وطني جديد. ومع ذلك، لا يمكن الاستسلام لهذا الواقع، بل يجب مواصلة النضال السلمي والسياسي لفرض التعددية، والدفاع عن حق المكوّنات – وفي مقدمتهم الكرد – بأن يكونوا جزءًا فاعلًا في سوريا الجديدة، لا مجرد توابع.
مآلات الوضع السوري ما زالت مفتوحة، والتغيير الحقيقي لن يكتمل بدون توازن سياسي داخلي وضغط شعبي مستمر نحو دولة مدنية ديمقراطية.
كونفرانس قامشلو خطوة ايجابية

*في 26 من نيسان انطلقت في قامشلو أعمال كونفرانس وحدة الموقف والكلمة الكردية، وقد خرج بقرارات، كيف تقيّم ذلك الكونفرانس؟ وإلى الآن لا يوجد شيء ملموس على الأرض بخصوص توجُّهه إلى دمشق لعرض مطالب الكرد في سوريا.
**الكونفرانس خطوة إيجابية من حيث المبدأ، لأنه يعبّر عن حاجة ملحّة إلى توحيد الموقف الكردي تجاه مستقبل سوريا، وهي دعوة طالما طالب بها الشارع الكردي منذ سنوات. ما صدر عن المؤتمر من توجه نحو الحوار مع دمشق يُعد تطورًا مهمًا، لكن نجاحه مرهون بوضوح الرؤية وتوفر الغطاء الشعبي والسياسي الحقيقي له.
صحيح أن الأمور بدت بطيئة بعد المؤتمر، لكن بحسب ما وصلني، الوفد السياسي المشكّل بالفعل يستعد للتوجُّه إلى دمشق قريبًا، وهذا بحد ذاته يُعطي للمبادرة مضمونًا عمليًا بعد أن كانت مجرد بيان.
الفيصل في تقييم هذه الخطوة سيكون في نوعية المطالب التي تُعرض، وآلية التفاوض، ومدى تمثيلها الحقيقي للكرد، وليس فقط في الذهاب إلى دمشق. المطلوب حوار سياسي حقيقي، لا مجرد زيارة بروتوكولية.
الرئيس بارزاني يحرص على حماية المكتسبات الكردية في كوردستان سوريا

*كان لإقليم كوردستان، ولشخص الرئيس مسعود بارزاني الذي أوفد ممثله الشخصي لحضور الكونفرانس، دور جلي في إنجاح الكونفرانس، كيف تقيّم هذا الدور؟
**حضور ممثل الرئيس مسعود بارزاني في الكونفرانس لم يكن مجرد مشاركة رمزية، بل رسالة دعم واضحة لوحدة الصف الكردي في سوريا. هذا الموقف يُعبّر عن حرص إقليم كوردستان، وخصوصًا الرئيس بارزاني، على حماية المكتسبات الكردية وتعزيز الموقف القومي المشترك.
دور الإقليم، خاصة في اللحظات المفصلية، كان دائمًا داعمًا للحوار وتجاوز الخلافات، وهو دور مشكور ومطلوب أن يستمر، ولكن على قاعدة احترام خصوصية الساحة السورية، وتشجيع الكرد السوريين على بناء مشروعهم الوطني بإرادتهم الذاتية
التحديات القادمة أكبر من الحسابات المناطقية الضيقة

* بعد تأخير واضح، تشكلت اللجنة التي ستذهب إلى دمشق للتفاوض، ولكن زوابع كثيرة أُثيرت بحق هذه اللجنة التي وصفها البعض بالمناطقية، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، واتُّهمت بتعمد إهمال مندوبين أو ممثلين عن عفرين وكوباني، ما تقييمك لهذه التوصيفات؟
**من الطبيعي أن تُثار تساؤلات وانتقادات عند كل خطوة مصيرية، خاصة في ظل هشاشة الثقة داخل الساحة الكردية. توصيف اللجنة بالمناطقية فيه شيء من المبالغة، لكن لا يمكن إنكار أن تمثيل بعض المناطق لم يكن واضحًا في البداية، وهو ما أثار هذه التحفظات.
لكن من المهم التوضيح أن ممثلة عن عفرين قد تم ضمّها بالفعل إلى الوفد، نتمنّى أن يتم دعم الوفد بشخصيات أكاديمية عبر لجان تخصصية، فالعملية التفاوضية يجب ان تكون متكاملة ومحصنة، وهي معنية بمصير الشعب والقضية وليست بكيانات سياسية.
الفيصل ليس فقط في الأسماء، بل في قدرة الوفد على حمل تطلعات الكرد كافة، والتفاوض على أساس مشروع قومي جامع. لذلك، بدل التركيز على التشكيك، يجب الدفع باتجاه تصليب الوفد، ومواكبته بنقاش مجتمعي مسؤول، لأن التحديات القادمة أكبر من الحسابات المناطقية الضيقة.
من المهم أن نذهب إلى دمشق بحضور سياسي موحّد

* هل تتوقع – حتى لو أُعطي موعد قريب لذهاب اللجنة إلى دمشق – أن تلقى آذاناً صاغية من السلطة الحاكمة في دمشق؟
**لا أوهام لدينا بأن السلطة في دمشق ستفتح ذراعيها فورًا لأي مطالب كردية، خصوصًا في ظل تاريخ من الإنكار والتهميش. لكن عدم الذهاب أو انتظار ظروف مثالية ليس خيارًا واقعيًا.
ربما لا نلقى آذانًا صاغية مباشرة، لكن المهم أن نذهب بموقف واضح، ومطالب مشروعة، وحضور سياسي موحد. حينها فقط نُحرج الطرف الآخر سياسيًا، ونُظهر أن الكرد جاهزون للحوار على أسس وطنية عادلة.
السلطة قد لا تستجيب فورًا، لكنها تراقب موازين القوى، ومتى ما شعرت أن الكرد يتحدثون بصوت واحد، ستضطر للتعامل معهم بجدية، ولو تدريجيًا.
يجب تدارك خلل تصريحات أعضاء الوفد الكردي

* بعد تشكيل وفد اللجنة المقرر أن يذهب إلى دمشق، تنشط بعض أعضاء اللجنة بشكل مريب، وسمعنا أفكاراً وآراء ومواقف متضاربة فيما يخصُّ الفيدرالية، واللامركزية، أو اللامركزية السياسية والإدارية، وغيرها من التناقضات، برأيك هل كان ذلك الظهور الإعلامي صائباً؟
**الظهور الإعلامي بحدّ ذاته ليس خطأ، بل ضرورة في العمل السياسي، لكن حين يتحوّل إلى منابر فردية متناقضة داخل وفد يفترض أن يمثل موقفًا جماعيًا موحدًا، يصبح الأمر مقلقًا ويُضعف من هيبة المهمة.
ما طُرح من آراء متباينة حول الفيدرالية واللامركزية وغيرها يعكس غياب إطار ناظم للخطاب السياسي داخل اللجنة، وهذا خلل يجب تداركه سريعًا. لا يُعقل أن نتوجه إلى دمشق بوفد يتحدث بألسنة متعددة.
المطلوب الآن توحيد الرؤية والمصطلحات والمطالب قبل أي حوار خارجي، وإقرار ميثاق سياسي داخلي ملزِم للوفد، لأن المعركة الحقيقية هناك تحتاج صفًا متماسكًا وصوتًا واحدًا.
غياب ناطق إعلامي للوفد الكردي نقطة ضعف تنظيمية

*لماذا إلى الآن لا يوجد ناطق إعلامي محدد للجنة المشكلة من أحزاب المجلس الكردي، وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية، وبعض المستقلين؟
**غياب ناطق إعلامي رسمي للجنة حتى الآن يُعد نقطة ضعف تنظيمية واضحة، لأنه يفتح الباب أمام الفوضى الإعلامية، والاجتهادات الفردية، والتضارب في التصريحات، وهو ما شاهدناه مؤخرًا.
اللجنة تمثل تكتلاً سياسيًا متنوعًا، ومن البديهي أن يكون لها صوت واحد يُعبّر عنها رسميًا، ويضبط الرسائل والخطاب تجاه الداخل والخارج. التأخر في ذلك يعكس خللًا في إدارة الملف الإعلامي، ويجب معالجته فورًا قبل بدء أي حوار مع دمشق.
وجود ناطق رسمي لا يعني تكميم الآراء، بل تنظيمها، وهو خطوة ضرورية لبناء الثقة والمصداقية أمام الشارع الكردي وأمام الأطراف الأخرى.
العمل السياسي يتطلب لجاناً رديفة متخصصة

* هل تتوقع أن تتشكل لجان قانونية وفكرية وثقافية وإعلامية مختصة مترادفة للجنة الرئيسية، أم أن الأعضاء التسعة مخوّلون بكل شيء؟
**لا يمكن تحميل الأعضاء التسعة وحدهم مسؤولية كل شيء، فهذا يُرهقهم ويفقد العمل توازنه. العمل السياسي المؤسسي يتطلب لجان رديفة متخصصة: قانونية لصياغة المطالب، فكرية لتوضيح المرجعيات، إعلامية لضبط الرسائل، وثقافية لتمثيل الوجدان الكردي العام.
إن لم تتشكل هذه اللجان، فسنكون أمام عمل مرتجل وضعيف، أما إذا شُكلت بفعالية وتكامل، فسيُصبح للوفد وزن سياسي وفكري وإعلامي حقيقي في أي حوار قادم.
المسألة ليست بعدد الأشخاص، بل ببناء منظومة داعمة ومتكاملة تُعبّر عن الكرد جميعًا، لا عن تسعة أشخاص فقط.
البطالة في كوردستان سوريا مرتفعة وهناك إهمال متعمّد

*ما تقييمك لأداء الإدارة الذاتية بخصوص الاهتمام بأوضاع المواطنين الخدمية من توفير وظائف، ومحاربة البطالة، والتأسيس لبنية تحتية متينة توفر مستلزمات الحياة الهانئة للمواطنين؟
الإدارة الذاتية نجحت نسبيًا في ضبط الأمن وتوفير الحد الأدنى من الاستقرار في ظل ظروف معقدة، وهذا لا يُنكر. لكنها لم ترتقِ إلى مستوى التحديات الخدمية والمعيشية التي يواجهها المواطن يوميًا.
البطالة في كوردستان سوريا ما تزال مرتفعة، والفرص محدودة، والبنية التحتية في كثير من المناطق تعاني من الإهمال المتعمد، دون رؤية تنموية واضحة أو استراتيجيات اقتصادية شاملة.
هناك مجهودات مبعثرة هنا وهناك، لكن ينقصها التخطيط، والمحاسبة، والمشاركة المجتمعية. المواطن اليوم لا يطالب بالكمال، بل بخدمات أساسية، وشعور بأن هناك من يهتم بحياته اليومية.
بكلمة: الإدارة بحاجة إلى تحويل سلطتها من إدارة الأمر الواقع إلى إدارة تُؤسس لمستقبل أفضل، يبدأ من حياة الناس واحتياجاتهم لا من الشعارات.
سيعود المهاجرون إلى بلدهم اذا بات الوطن ممكنا من جديد

*تعرّضت بنية السكان الكرد للاهتزاز والضعف جراء هجرة خيرة شبابها إلى خارج الوطن، كيف يمكن وقف نزيف الهجرة التي ما زالت مستمرة باتجاه دول الجوار وإقليم كوردستان والمهاجر الأوروبية؟ وهل تتوقع أن يعود من هاجر وهجر الوطن إلى بلده بعد استقرار الأوضاع في سوريا؟
**الهجرة المستمرة من مناطقنا ليست مُجرّد خيار فردي، بل صرخة من جيل يشعر باليأس من المستقبل، وغياب الأفق، وانعدام الاستقرار. الأسباب معروفة: سوء الأوضاع الاقتصادية، البطالة، ضعف التعليم، وأيضًا سياسات غير مدروسة مثل التجنيد الإجباري، وخطف القُصّر، وغياب بيئة تعليمية آمنة ومحفزة.
لوقف هذا النزيف، لا يكفي رفع الشعارات، بل يجب إعادة بناء الثقة بين المواطن والإدارة، عبر مراجعة جريئة للسياسات القائمة، خاصة فيما يتعلق بالتجنيد والتعليم وحقوق الطفل. كما يجب خلق فرص عمل حقيقية، ودعم الشباب بدل دفعهم للهروب.
أما عن العودة، فهي ممكنة بالتأكيد، لكن مرهونة بزوال أسباب الهجرة، وقيام مشروع وطني يحترم الإنسان ويؤمن له الأمان والكرامة والفرصة. عندها، سيعود كثيرون ممن هاجروا، ليس فقط حنينًا، بل قناعةً بأن الوطن بات ممكنًا من جديد.
قرار حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه تحوّل مفصلي في تاريخ الحركة الكردية الحديثة

*كيف تقرأ قرار حزب العمال الكردستاني في مؤتمره الأخير بحلّ نفسه، وهل سينعكس ذلك على باقي فروعه في باقي أجزاء كوردستان؟
**قرار حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه – إذا ما ثبتت جديته وارتبط بخطوات عملية – يُعد تحولًا مفصليًا في تاريخ الحركة الكردية الحديثة. لكنه حتى الآن ما يزال في إطار الطرح النظري أو التنظيمي الداخلي، ولم تظهر بعد مؤشرات واضحة على تطبيقه الشامل على الأرض.
من المبكر الجزم بتأثيره على باقي فروع الحزب في أجزاء كوردستان، لكن إن كان الهدف من الحل هو إفساح المجال لبناء مشروع سياسي مدني جديد يتلاءم مع التحولات الإقليمية والدولية، فقد يفتح ذلك الباب لإعادة النظر في بنية الحركة الكردية ككل.
ما يهمنا كسوريين هو أن تنعكس هذه الخطوة – إن ثبتت – إيجابًا على الوضع في غربي كوردستان، عبر تقليص العسكرة، وفتح المجال للعمل المدني، وتهدئة الساحة السياسية باتجاه الشراكة لا الصراع.
نعم.. إعلام المجلس الكردي يعاني من ضعف

*يعاني إعلام المجلس الكردي من ضعف واضح، ما السبيل إلى تجاوز هذه العثرة؟
**الاعتراف بضعف إعلام المجلس الكردي لم يعد ترفًا، بل ضرورة، لأن المعركة اليوم تُخاض بقدر ما تُكسب على الأرض، تُكسب أيضًا في الفضاء الإعلامي. المشكلة ليست فقط في الأدوات، بل في غياب خطاب موحد، ورؤية إعلامية مهنية، واستثمار فعلي في الكفاءات الشابة.
تجاوز هذه العثرة يتطلب بناء مؤسسة إعلامية محترفة ومستقلة تابعة للمجلس، تنطق باسمه ولا تكتفي بنشر بياناته، وتخاطب الشارع بلغته، لا بلغة البيانات الباردة. كما يجب أن تُمنح مساحة لحضور إعلامي جريء، مدروس، ومتفاعل مع الواقع، لا مجرد رد فعل.
الإعلام ليس وظيفة تكميلية، بل جزء من المعركة السياسية وبوابة لبناء الثقة مع الشارع، وعلى المجلس أن يدرك ذلك عاجلًا لا آجلًا.

عبدالاله عوجي- بروفايل
-المهندس عبدالاله عبدالفتاح عوجي من مواليد عامودا عام 1959، خريج كلية الهندسة الميكانيكية عام 1984. عمل في قطاع التعليم لمدة 28 عامًا، درّس خلالها اختصاصه إلى جانب مادة الحاسوب. فُصل من عمله واعتقل عدة مرات بسبب مواقفه السياسية، لينتقل بعد ذلك إلى مجال التدريب والتأهيل.
-عمل لمدة أربع سنوات مع المعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي (NDI) في مجال تدريب المدربين ونشر الثقافة الديمقراطية، ثم واصل نشاطه كمدرب ومنسق في مجال التنمية البشرية مع عدة منظمات مدنية.
-يركز حاليًا على إقامة ورشات تدريبية متخصصة في صناعة القادة السياسيين وتهيئة الكوادر القيادية، تتناول محاور متقدمة مثل: التفاوض السياسي، التخطيط الاستراتيجي، بناء الفريق، إدارة الوقت، الحوار والتواصل، مهارات الإقناع، فن الاستماع، الخطابة، المدافعة وكسب التأييد، وقوانين القيادة ... وغيرها.
-ينتمي إلى حزب يكيتي الكردستاني – سوريا، ويشغل منصب نائب السكرتير العام للحزب