مؤتمر المجلس الكردي المرتقب..والعقل السياسي الجديد

مؤتمر المجلس الكردي المرتقب..والعقل السياسي الجديد

شادي حاجي

ليس من المنطقي أن تعدَّ الحركة السياسية الكردية في سوريا ( الأحزاب والأطر السياسية الكردية بمختلف تسمياتها وتوجهاتها بمعظمها) نفسها بأنها تمتلك الحقيقة كل الحقيقة، وبأن خطاباتها السياسية وبرامجها وأنظمتها وأسلوبها وسلوكها تعد من البديهيات والقضايا التي يجب القبول بها أي تكون فوق النقاش والبحث فيها وبأنها مخلدة لكي لا تبقى أحزاباً وأطراً بمثابة جماعات مغلقة تتمحور حول بعضها، وترى أن الشعب مجرد جماهير ليس لها إلا أن تصفق لها، وتهزج بشعاراتها، وتقدّم الطاعة لها .
لذلك أقول سواء أكنت عضواً في حزب أو في حركة سياسية (مجلس - تحالف - إئتلاف - تيار ..) أو مؤيداً أو مناصراً لتلك الأحزاب والحركات السياسية أو مستقلاً مهتماً بالسياسة كشأن عام لا ينبغي لك أن تلغي العقل وملكة التفكير وبشكل خاص التفكير النقدي لديك لأنك لن تستطيع أن تقدم شيئاً، ولن تكون قادراً أن تضيف للحزب والحركة، وستبقى مسلوب الارادة ومجرد رقم لا تقدم ولاتؤخر .
من أجمل ماقاله ألبيرت هوبارد : «لكي تتجنب النقد لا تعمل شيئاً، ولا تقل شيئاً، ولا تكن شيئاً» وهذا ما يجب أن يدركه الناقد والمنقود وما يجب أن يدركه أيضاً من يعتقد أنه أو حزبه أو قيادات حزبه وممارساتهم السياسية يجب أن يكونوا بعيدين عن النقد وأن كل ما يفعلونه صحيح وأن من ينتقدهم حاسد أو حاقد ففي النهاية يظل النقد ظاهرة صحية، وهو أسلوب مهم من أساليب التطوير وعلاج الأخطاء ومن يثق بنفسه وبحزبه وقياداته وممارساتهم لن يتأثر بأي نقد ولن تهزه أي كلمة بل سيأخذ منها ما يساعده، ويتعلم، ويستفيد منه ويتجاهل ما يراه غير ذلك .
وبالرغم من كل ماذكر فالنقد قابل للنقد وأحكامه ليست نهائية.
وعلى ضوء ماسبق نعطي لأنفسنا الحق بأن نتوجه للمؤتمر الرابع للمجلس الوطني الكردي ونقول :
نريد نهج جديد وفكر جديد نريد ضخ دماء جديدة في الحقل السياسي الكردي في سوريا جيلاً جديداً من الشباب المثقف على القيادات التي تنتمي الى الأجيال القديمة أن تعرف أن الأجيال الجديدة من الشباب يمتلكون بدائل أخرى من الوعي التقني والفطنة العامة التي لم تكن متاحة للأجيال التي سبقت فإذا كنا نعيب عليهم ضعف الاهتمام بالحياة العامة أو التراجع أو العزوف عن الانخراط في العمل والجدل السياسي أو متابعة الشأن القومي إلا أننا يجب أن نعترف أن عصر الأنترنت قد أوجد بدائل أخرى تعطي ميزات للأجيال الجديدة تعوض تلك الصفات السلبية التي ننعتها بهم، فكما تعلمون لم تعد هناك المسافة الفكرية والثقافية والتعليمية بين الشباب الكردي والعربي والأوربي والأمريكي، وإن وجدت فهي ضيقة، فالجميع يستخدم الكومبيوتر، ويدخلون الأنترنيت، ويتمتعون بالمعلومات نفسها والسماء باتت مفتوحة، والفضاءات واسعة واللغات أصبحت في متناول الجميع وكسبهم وكسب طاقاتهم الشابة تتطلب إيجاد آليات وبرامج ونهج جديد وفكر جديد تخاطب عقولهم وبالطريقة التي يفهموها فهم وقود المستقبل وأكثر جدارة وفهم لمتطلبات العصر وأكثر قدرة على إدارة دفة الصراع السياسي والدبلوماسي والثقافي والقانوني والاعلامي، ويمتلكون الأدوات التكنولوجية والعلمية التي سيتمكنون من خلالها على جعل القضية الكردية قضية ساخنة في الاعلام الاقليمي والدولي.
فالسياسه وكما يقال أشبه بلعبة الشطرنج اللعبة التي تحتاج الى الفكر الى عامل الذكاء والاستعداد والإلمام الجيد بقواعد اللعبة وهي أبعد ما تكون عن لعبة النرد حيث يتمتم اللاعب يا رب ويرمي النرد راجياً تحقيق الفوز.