تظاهرات في الوقت الخطأ

تظاهرات في الوقت الخطأ

عمر كوجري

في غمرة تهديدات تركية جدية في الأيام الماضية، والتلويح باحتياح مناطق جديدة في كوردستان سوريا، والتي ما لبثت أن هدأت قبل أيام قليلة، وقرأنا أن تركيا أبلغت الفصائل المسلحة السورية التي تتبعها بتأجيل العملية العسكرية شمال سوريا، مع تزايد تلك المخاوف، كانت الآلة الإعلامية التابعة ل ب ك ك على قدم وساق، وأخرجت مظاهرات ليست للتنديد بالاجتياح المرتقب، بل المطالبة برفع العزلة عن أوجلان في سجنه بإيمرلي التركية، ومناصرة "الكريلا" ورفع صور زعيمهم، ورفع الأعلام العائدة لـ ب ك ك وتفريخاتها الكثيرة. وبالفعل تظاهرت الجماعة في كوباني القريبة جداً من الحدود التركية، وكذلك في الحسكة، وعدة مناطق أخرى في استفزاز سافر، لاداعي له، وفي توقيت غير مثالي للبتة!! ومسيرات راجلة لمنظمة جوانين شورشكر الإرهابية من قامشلو إلى تربسبي، ومن ثم الى ديريك.
لقد لاقت هذه النشاطات "المشبوهة" إدانة واسعة، وتنديداً كبيراً من قطاعات سياسية وثقافية واجتماعية كردية في الداخل، والخارج والشتات، وحفلت وسائل التواصل الاجتماعي بفضح هذه التظاهرات التي قال بعضها إنها تدعو الدب وبسرعة، لـ " يفوت" في الكرم الكردي، والإجهاز على ما تبقى من مناطق كردية.
بكل حال، بعض المحسوبين أو الرماديين التابعين لهذه المنظومة، وفي معرض تبريرهم لهذه الأنشطة، لاقوا الاستهجان الذي يستحقونه، كانت بعض تبريراتهم مضحكة، من قبيل: ليش تركيا تستنى الصور والمظاهرات حتى تشن هجومها على مناطقنا" في استغباء غير ناجح لشعبنا!!
يبدو أن ماكينة الاستغباء في ديمومة، فقد خرجت بعض النسوة الديريات المرتديات اللباس الشرعي القريب إلى لباس تنظيم داعش الإرهابي، قبل يومين ببيان متلفز، وبدأن بالتنديد" بالعزلة المشددة المفروضة على أوجلان، وطالبن المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته وإنهاء العزلة وتحقيق الحرية الجسدية له"!!.
والحقيقة، إن هذا الإكراه في إخراج قطاعات واسعة من الشعب لدعم مسيرات التضامن مع حرية أبو .. والدعوة لفك العزلة عنه، ومن نساء ديريات ورقاويات، ومن منبج، لا يستسيغها المرء لأن الأمر واضح وبيّن، فلم يكن المكون العربي وخاصة في هذه المناطق بالتوافق مع المطالب الكردية، ومع القضية الكردية، وليس همُّ هؤلاء النسوة إن تعمّقت عزلة آبو" وهي في وارد الواقع غير صحيحة" أو أزيلت عنه، وفاز بحريته.. فالمزاج العام لأهل هذه المناطق مزاج أقرب للبعثية، والبعث كان ومازال قوياً في أوساط كثيرة هناك، وكل هذه التمثليليات لا تملك القدرة على محو المنتعشين بهذه الثقافة البعثية..
ثمّة منتفعون من وجود حزب ال ب ي د في المنطقة، ولكن على الغالب الأعم لدى هؤلاء أصحاب المكان " العربي" أن المناداة بأخوة الشعوب، بدعة.. ولا أساس لها، وحالما تسنح الفرصة سينقلب السحر على الساحر.. ونقرأ على الدوام هروبات بالجملة من المكون العربي في تلك المناطق ضمن قوات " قسد"