الغذاء الفكري

الغذاء الفكري

صبحي دقوري

اقرأ كل ما يقع بين يديك حتى تكون القراءة عادة وان تصاحبها لذة المعرفة واختر الكتب التي تعطيك المتعة والبهجة حتى لا تتوقف عن القراءة وافضل عمل تقوم به أن تجعل في بيتك ركنا بالكتب القيمة.(مكتبة منزلية) وانا اعرف الإنسان من مكتبته. فالعبرة ليست ان تقرأ مئة كتاب أو ألف كتاب بل ماذا تقرأ؟ وكيف تقرأ؟
كان (آينشتاين) يحب قراءة القصص البوليسية ... ومن اقواله:" انني احسد كل مؤلفي القصص البوليسيه لانهم يعرفون الحل ولكنهم يخفونه عن القارئ ويدوخونه وينشفون دمه ...ثم يتقدمون بالحل في النهاية أما انا فدائخ وريقي ودمي نشف ولكن لا اعرف حلا لكل هذه المشاكل بين السماء والارض!
واما الفيلسوف ( كانط) فيقول انه حين يكتب ينظر الى الاثار القديمة .لماذا ؟ لانه يريد ان يعيد بناء القديم وان يبني صروحا عقلية جديدة، وكذلك الفيلسوف ( برترا ند رسل) يقول :"عندما اشرع في الكتابه فانني أعود إلى الكتب القديمة والأساطير القديمة وأجد متعة في ذلك فمن آمالي ألا اكتب مثلها ... وألا أكون غامضا مثلها وانما أن أشيع النور والمنطق في كل سطر اكتبه."
أما أنا فمهنتي الاولى وشغلي الدائم هي القراءة ،اقرا في كل الاوقات واينما ذهبت وحيثما كنت. اهوى القراءة بعدة لغات لانها مثيره وممتعه ولأنها العلاج الحقيقي والدائم للملل وهي المضاد الحيوي للجهل والمكون المتين للذات والمشيد العظيم للحضاره. فلا شيء مثل متعة القراءة ، انها نشاط ابداعي يجعلنا انسانيين .أن متعة القراءة تعيقني عن الكتابة. لذلك لا أستغرب كيف دفع حب الكتب باحمد شوقي الى ان يبدل الأصحاب بالكتب :
أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا
لَم أَجِد لي وافِياً إِلّا الكِتابا
صاحِبٌ إِن عِبتَهُ أَو لَم تَعِب
لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا
كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني
وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا
صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً
وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا
رُبَّ لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن
سَمَرٍ طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا
كانَ مِن هَمِّ نَهاري راحَتي
وَنَدامايَ وَنَقلِيَ وَالشَرابا
إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد
مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اِقتِضابا
تَجِدُ الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما
تَجِدُ الإِخوانَ صِدقاً وَكِذابا
فَتَخَيَّرها كَما تَختارُهُ
وَاِدَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا
صالِحُ الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى
وَرَشيدُ الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا
أما أنا فاعشق الكتب واتشمم غبار الكتب كما تشمم الناس افخر العطور الباريسية. اقرأ لا لاكتب فالذي يقرا ليكتب وكفى فهو ناقل معلومات او ساعي بريد ليس إلا أو كاتب بالتبعية.لقد عرفت اللذائذ كلها ،فما وجدت امتع من متعة القراءة!
المبدعه (فيرجينا وولف) تخيلت في مقال لها انه في يوم الحساب حيث يحصل كل على مكافاته ثم ياتي عشاق الكتب وكتبهم تحت اباطهم فينظر اليهم القديس بطرس بحسد ويقول لرب العالمين هؤلاء لا يحتاجون اجرا وليس عندنا ما نمنحهم اياه أفضل مما عندهم لقد كانوا يحبون القراءه
هل تعلمون من علمني حب القراءة ؟ انها معلمتي الاولى أمي الأمية رحمها الله هي التي غرست في وجداني حب القراءة كانت تشجعني على تعلم القراءة والكتابة وهي لا تفك حرفا ولكنها كانت كطائر الباتروس ينقر في جسمه لتتغذى فراخه على دمه...