اللجنة الدستورية – السلة التي ستبقى خاوية!!

 اللجنة الدستورية – السلة التي ستبقى خاوية!!

علي مسلم

يجب الإقرار بداية أن اختيار سلة القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، من بين سلال دي مستورا الأربع كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ويجب الإقرار أيضاً أن اختيار هذا المسار بعجره وبجره، لم ينبثق من أي قرار وطني، كما أنه لم يكن قراراً أممياً بالمعنى الصريح للكلمة، بل جاء على صيغة خيار تم فرضه من جانب الروس إثر انعقاد مؤتمر سوتشي أواخر عام ٢٠١٩، وبدفع إقليمي من محور "أستانا".
ولعل رضوخ المعارضة السورية ومن ثم تماهيها مع هذا المسار، على الرغم من الإخفاقات المتراكمة، قد أزاحت، أو هيّأت الأجواء لإزاحة هيئة التفاوض والائتلاف من دورهما الوطني إلى مجرد هيئات هشة تقوم بأدوار وظيفية بحتة، بدليل استسلامهم الكامل لهذا المسار العبثي، وعدم جديتهم في البحث عن وسائل أو استراتيجيات أخرى تتيح لهم فرصة حقيقية للمواجهة.
ولأن الفرصة باتت متاحة للتنصُّل من هذا المسار، بعد خوض سبع جولات عبثية فاشلة، هذه الفرصة التي وفرتها تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا، وما قد تنتجه من فرص جديدة لإعادة تموضع قوى المعارضة عسكرياً وسياسياً، إلا أن المعطيات الراهنة لحراك المعارضة السورية لا تؤشر إلى وجود أي نيّة جديّة لتغيير سبل المواجهة، بالرغم من ظهور بعض الآراء الارتجالية الخجولة من هنا أو هناك، ولعل ما صدر عن المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي، على أن المعارضة السورية لديها خيارات كثيرة بعد فشل الجولات السبع الماضية، موضحاً أن أهم إحدى هذه الخيارات هو العودة للالتصاق الفعلي بطموحات الشعب السوري، وحقّه في استعادة دوره ومكانته، كما أنه لوّح في حديث مقتضب مع"عربي21" إلى خيار تعليق مشاركة المعارضة، مؤكداً أن " أحد الخيارات المتاحة هو قطع العلاقة مع هذا المسار العبثي البائس، والاشتراط على المبعوث الدولي أن يسمّي الأمور بمسمياتها في إحاطته القادمة أمام مجلس الأمن، وتحديد الجهة المسؤولة عن إفشال العملية السياسية، أو أن يستقيل"، إلى أن هذه الآراء سرعان ما تذوب، وتذهب أدراج الرياح .
فخيار العودة إلى الحاضنة الشعبية العريضة في الداخل السوري، بما في ذلك بعض القوى الوطنية السورية التي ما زالت تعيش خارج الكيانات الرسمية (الائتلاف، هيئة التفاوض)، ربما تكون من أنجع الخيارات في هذه المرحلة، فهذا الأمر من جهة قد يهيئ الأجواء لتشكيل عوامل ضغط جديدة بغية وقف هذه "المهزلة"، والوصول إلى صيغة مشروع جديد لنضال السوريين ينبثق من أولوياتهم وحاجاتهم، ومن جهة أخرى قد يدفع ببعض الوجوه الوطنية الأخرى للمساهمة في قيادة المشهد السياسي، إلى جانب الابتعاد قدر المستطاع عن أجندات الخارج، والتمسُّك بالمخرجات الأممية ذات الصلة، ولاسيما القرار2254 .