إحدى عشرة سنة من الوجع السوري

إحدى عشرة سنة من الوجع السوري

عمر كوجري

حال الشعوب من بعضها، ولابد للقصص الحلوة أن تتكرر في بلدنا أيضاً، هكذا أقنع السوريون أنفسهم، ومضوا في شوارعهم وبلداتهم، يطالبون برحيل نظام أوقع في قلوبهم المذلة والخنوع طيلة عقود..
كانت قلوب السوريين ترفُّ بقوة حينما يسمعون أن أنظمة عربية تتوالى السقوط بين يوم وآخر، وهكذا أقنعوا أرواحهم التعبة أن نظام البعث الفاشي الدموي في طريقه للانهيار، وحان وقت أن يكون لكل سوري كلامه، وصوته واحترامه بغض النظر عن هويته الاثنية أو العرقية، طالما أن الجامع السوري يلم شمل الجميع!!
لكن هيهات، فقد فات السوريين أن النظام السوري وخلال عقود لن يكون هش السقوط كما " توهمنا جميعاً" فقد صنع كل شيء في سوريا على مقاسه الأبدي، ولما أجبر الشعب على التأبيد لحكمه، كان حاد الذكاء في ديمومة التأبيد، فحتى المعارضة التي نشأت وتشكلت مع صراخ السوريين وأوجاع ودماء السوريين لم تلاقِ هذا الوجع، لم تكن بمستوى أنهار الدم السوري، لأن النظام نجح في تشكل معارضة هي في الشكل تعارضه، وفي الجوهر تناصره، وهكذا.
ستة أشهر وأكثر كان السوريون يخرجون إلى الساحات كل جمعة بصدورهم التي تستطع شجاعتهم حمايتهم من اختراق رصاص النظام لهذه الصدور العارية..
وكان عسيراً أن يستمر الوضع هكذا، يخرج السوريون في كل جمعة، بالآلاف في كل مكان، ويعود العشرات إلى منازلهم، ولكن في نعوش باردة، وأما الزنازين فقد فاضت جداً بالمعتقلين، وصار كل من يدخلها لا يعود إلى جثة هامدة، أو يعود فاقد العقل!!
الوضع لم يستمر، نعم، فقد كان لابد من يفكر الآخرون القريبون أو البعيدون عن السوريين، فاستدعوا من يريد إنجاح خطة النظام على عجل، وتشكلت الألوية، والفرق، ونجح هؤلاء، وبالتعاضد مع النظام ليحّولوا المظاهرات السلمية إلى حرب غير متكافئة بين طرفين، وهكذا غادرت التظاهرات السلمية الأرض السورية، واشتعلت حرب أهلية بين السوريين أنفسهم، النظام كان يملك العتاد والجيش الذي لم يصف إلى جانب أهله، واستطاع أن يفتك بالسوريين، ويدك البيوت على ساكنيها، ونجح في إقناع المجتمع الدولي أن هذه ليست ثورة، بل ميليشيا من الإرهابيين والقتلة، لذاك السبب أدار المجتمع الدولي ظهره عن الثورة السورية، وفسح المجال واسعاً للنظام، وكذا الميليشيات الطائفية من حزب الله، والعراقيين، وحتى الافغان، بقيادة إيرانية، وفيما بعد بالاستعانة بسلاح الطيران السوري لإنهاء الثورة، وبقوة السلاح الروسي انتهت المعارضة المسلحة في سوريا، والى حد تقلص نفوذ المعارضة المدنية إلى الحد الأدنى..
في الذكرى الحادية عشرة، السوريون يحتاجون لوقفة جديدة للوقوف على الأخطاء الكبرى التي أضرت بجسم هذه الثورة، وقفة شجاعة تلفظ كل المجرمين الذين انتفعوا وأثروا واغتنوا بها، وتركوا شعبنا للفقر والحرمان والتهجير والقتل..