أستانا وأخواتها.. والبقية تأتي
شكري شيخاني
بالرجوع إلى الجلسة الأخيرة لملتقى أستانا وهو حلقة من حلقات مسلسل أستانا الهزلي، حيث وصلت عدد حلقاته إلى الحلقة 17، في سلسلة مكوكية لمحادثات باتت هي الأطول في الملف السوري من غير أي نتيجة تذكر أو فائدة مرجوة ولو على صعيد وضع القدم على أولى خطوات حل سوري سوري طال إنتظاره من قبل جموع السوريين في كل مكان. حيث وصل بنا الحال إلى توصيف أستانا وشقيقتها سوتشي إلى ما يشبه إضاعة الوقت. بل والضحك على اللحى وعقول السوريين.
وفي كل حلقة من هذا المسلسل يبقى السؤال ماهو الجديد بعد؟. ولماذا تصر روسيا الإتحادية على استمرار عقد مثل هذه الإجتماعات؟ وهي تعلم تماماً كما تعلم تركيا وإيران أنه لن يكون هناك حل سلمي ناجز إذا لم تتوقف بالكامل عمليات القصف وقتل المدنيين، وإذا لم يعالج بشكل جاد وفعلي ملف المعتقلات والمعتقلين. وأنه لن يكون هناك حل إذا لم تشارك كافة مكونات الشعب السوري من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه في مجمل الاستحقاقات، والتوجه إلى تطبيق القرار الأممي 2254، وأنه بدون هذه البنود فإن هذه الدول والتي تسمي نفسها الضامنة، روسيا وإيران وتركيا هم في صدارة المسؤولية أمام الله والعالم والشعب السوري بأنهم وبسببهم تستمر معاناة الشعب السوري في الداخل والخارج، وتزداد تفاقماً ومأساة كل ساعة زمن تمر عليه.
وأعود بكم إلى أستانا محور حديثنا، أستانا والتي تم إختراعها من قبل الضامن الروسي قبل 5 سنوات، للتعمية والتغطية على مخرجات ما جاء في مؤتمر جنيف 2015، والدليل أمامنا. عادة ما تكون البيانات الختامية للمؤتمرات والقمم ملخصاً سريعاً كافياً وواضحاً أما فيما تم بحثه وما تم إنجازه. وهكذا تصل الصورة للمتابع واضحة وجلية. أما ما حصل في ملتقيات أستانا من 1 ولغاية الجلسة 17 فهي كما قالت جدتي رحمها الله (تيتي تيتي مثل مارحتي اجيتي) اللهم استفاد أعضاء الوفود بفسحة واستجمام صيفاً كان أم شتاء لا يهم، وتبادل الهدايا وقبض مستحقات مهمة السفر والتعارف لا أكثر ولا أقل. وليقتل من يقتل وليشرد ويهجر وينام في العراء من ينام. في البيان الختامي لأستانا 17 كما سابقاتها. فهو بيان مبهم وغامض، نجد أن المعارضة تتحدث عن التوصل إلى نقاط حاسمة خلال المباحثات فيأتي الرد الروسي سريعاً. لقد غيرت المعارضة السورية من عقليتها وباتوا أكثر مرونة، ويمر البيان سريعاً كما جاء وترحل كافة الملفات للجلسة 18 وهكذا دواليك، دون أن نفهم أين وماهي نقاط الحسم والتي تم الوصول إليها. هل إتفقوا على موضوع الملف الأمني؟؟ المعتقلين؟، هل تم توقيف الخروقات العسكرية من قبل النظام أو من قبل روسيا وتركيا؟، هل تمت معالجة وضع المشردين في مخيمات اللجوء؟.
خمس سنوات على إنطلاق أستانا وتشعبات جولاتها، ولكن لا حل للأزمة السورية يلوح بالأفق لأنه وبكل صراحة أن الروسي والتركي والإيراني مجتمعين أم منفردين لا يريدون أية حلول لهذه الأزمة المستعصية، ولأنهم هم المستفيدون الأول والأخير من استمرار الأزمة وديمومتها. وهذا يؤكد المرة بعد المليون ومنذ 2015 أن الدور الروسي في الأزمة السورية دور غير شريف بخططه وبرامجه، ويكفي أنه داعم النظام قلباً وقالباً مع كامل علمه ويقينه بأنه نظام جائر وفاسد وديكتاتوري. وما الدعم العسكري اللا محدود إلا ليسيطر تماماً على مقدرات سورية وثرواتها النفطية والفوسفاتية وموانئها وموقعها الاستراتيجي والهام. وحديث روسيا إلى تركيا وأيران شىء، وحديثها إلى النظام السوري شىء، وأيضاً حديثها إلى المعارضة شىء آخر مختلف، فهي تغض الطرف عن دخول القوات التركية للأراضي السورية وإحتلالها لعفرين وسري كانية ومدن وبلدات سورية بالكامل، ولكنها إعلامياً تتحدث عن السيادة السورية على كامل الأراضي، تغض الطرف بل وتغلق عيونها وآذانها عن قصف اللاذقية ودمشق ودير الزور من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، وهي أول دولة بالعالم إعترفت بإسرائيل قبل بريطانيا الأم الحنون وحتى قبل الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسي لإسرائيل، وفي الجانب الآخر تتكلم عن السيادة السورية، تعطي الضوء الأخضر لأيران لتفعل ما تشاء من مخططات تشيعية إما بالترغيب أو الترهيب، فهي تتعامل مع الملف السوري وفق صيغ غير شريفة على الإطلاق، بدءاً من إختراع أستانا وسوتشي وتمييع القضية السورية، كل ذلك من أجل الخروج من دائرة جنيف واستحقاقاتها والتي إنساقت إليها المعارضة السورية بكل سذاجة، والموقفين الأيراني والتركي لا يقلان خطورة عن الدور الروسي. ولك الله أيها الشعب السوري بكامل مكوناتك ومن أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الشمال الغربي وصولاً إلى الجنوب المحترق. لك الله أيها الشعب فيما إبتليت وفيما تعاني.