الأحزاب المسلحة في دول المنطقة بين فكرة المقاومة وواقع الدولة الموازية

 الأحزاب المسلحة في دول المنطقة بين فكرة المقاومة وواقع الدولة الموازية

علي ملا

في خريطة الشرق الأوسط لم تعد الأحزاب السياسية مجرد أطر فكرية تسعى للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع بل تحولت العديد منها إلى قوى مسلحة تمتلك أذرعاً عسكرية وأمنية واقتصادية حتى أصبحت تشكل دولا داخل الدولة وهذه الظاهرة باتت من أبرز العوامل التي تبقي المنطقة في حالة توتر دائم وتضعف مفهوم الدولة الوطنية الحديثة
الكثير من هذه الأحزاب نشأ تحت شعار المقاومة أو الدفاع عن المظلومين، فحظي في بداياته بتأييد شعبي واسع باعتباره يواجه الظلم أو الاحتلال أو التهميش لكن بمرور الوقت تحولت البندقية من وسيلة للدفاع إلى أداة للنفوذ السياسي، وبدأت هذه الأحزاب تفرض إرادتها على مؤسسات الدولة وتتحكم بمصادر القرار والموارد.
اللافت أن أغلب هذه القوى المسلحة لا تعمل بمعزل عن التأثيرات الخارجية، فالدعم المالي والعسكري والسياسي القادم من دول الجوار أو القوى الكبرى جعلها جزءا من صراعات إقليمية أكثر من كونها ممثلة لمصالح شعوبها، وبهذا أصبحت الولاءات متشعبة والقرارات مرهونة بالممول أكثر من ارتباطها بالوطن.
وجود أحزاب مسلحة داخل أي دولة يعني عمليا وجود جيشين وسلطتين وهو ما يقوض فكرة السيادة ويؤدي إلى انهيار الثقة بين المواطن والدولة كما أنه يخلق بيئة خصبة للفساد ويعطل التنمية والاستقرار لأن من يمتلك السلاح يمتلك القرار
لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح في ظل تعدد البنادق، فالسلاح يجب أن يكون بيد الدولة وحدها والسياسة هي المجال الطبيعي للتعبير عن المطالب والطموحات على الأحزاب في المنطقة أن تعود إلى أصلها كأدوات فكرية وتنظيمية تخدم المواطن لا كقوى عسكرية تفرض عليه إرادتها
في النهاية معركة المنطقة المقبلة لن تكون فقط مع الإرهاب أو التطرف بل مع ثقافة السلاح الحزبي التي عطلت بناء الدولة لعقود وأخرت ولادة شرق أوسط يسوده القانون لا الميليشيا والسيادة لا الولاءات.