كوردستان بين التطور العمراني والنضال الوطني

كوردستان بين التطور العمراني والنضال الوطني

ريزان شيخموس

كانت زيارتي إلى إقليم كوردستان تجربة غنية وملهمة، جمعت بين استكشاف التطور الحضاري والعمراني من جهة، والتعرف على النضال الوطني العميق للشعب الكردي من جهة أخرى. في هذه الرحلة، لم تكن المناظر العمرانية الحديثة وحدها ما أثار إعجابي، بل أيضًا المواقف التاريخية والمشاعر الوطنية التي شعرت بها في كل خطوة.

التطور العمراني والحضاري في إقليم كوردستان
منذ وصولي إلى أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، لفت انتباهي التطور العمراني السريع والمذهل. المدينة تشهد نهضة ملحوظة في البنية التحتية، حيث تشكل الأبراج الحديثة، المجمعات السكنية الفاخرة، والشوارع الواسعة جزءًا من هوية جديدة تتشكل. أربيل تعكس صورة حديثة ومتحضرة، تبرز الرغبة في التقدم والازدهار، مدعومة بالدور المحوري الذي تلعبه رئاسة حكومة الإقليم في تحقيق هذا التطور العصري.
رئاسة حكومة الإقليم كانت ولا تزال القوة الدافعة وراء هذه النهضة، حيث تلعب دورًا حاسمًا في جذب الاستثمارات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي. بفضل القيادة الرشيدة، خاصة الدور الفاعل للزعيم الكردي مسعود البارزاني، شهد الإقليم نهضة تنموية شاملة تشمل مختلف القطاعات. هذا التقدم السياسي والاقتصادي الذي يقوده الرئيس مسعود بارزاني ساهم في تعزيز مكانة الإقليم محلياً ودولياً، وجعل من إقليم كوردستان نموذجاً ناجحاً في المنطقة.

العملية الانتخابية ودور البارتي
في خضم هذا التطور، تبرز العملية الانتخابية الجارية في كوردستان كعلامة على النضج السياسي للإقليم. الانتخابات تعد فرصة هامة لتعزيز المشاركة الديمقراطية وضمان استمرارية الاستقرار السياسي، حيث يظل الحزب الديمقراطي الكوردستاني صمام الأمان لهذه العملية. البارتي، تحت قيادة البارزاني، يعد ركيزة أساسية لاستمرار هذا التقدم المذهل الذي يشهده الإقليم.

زيارة مزار الخالدين في بارزان
رحلتي إلى مزار الخالدين في بارزان كانت لحظة مؤثرة ومليئة بالاحترام للشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل القضية الكردية. مزار الخالدين هو رمز للنضال المستمر للشعب الكردي من أجل الحرية والكرامة. الوقوف أمام قبور هؤلاء الأبطال يشعر المرء بحجم التضحيات التي قدمها الكورد عبر التاريخ.
ملا مصطفى بارزاني، الزعيم التاريخي الذي قاد النضال الكردي على مر العقود، كان له الدور البارز في بلورة الوعي القومي الكوردستاني لدى الشعب الكردي في جميع أجزاء كوردستان. كذلك، كان الشهيد إدريس البارزاني شريكاً في هذا النضال الذي ساهم في تدويل القضية الكردية ونقلها إلى المحافل الدولية. اليوم، يتابع الزعيم مسعود البارزاني وأبناؤه، نيجيرفان ومسرور، هذا النهج لضمان استمرارية القضية الكردية وتعزيز دور الإقليم دوليًا.

صرح بارزاني الوطني التذكاري
من الأماكن الأخرى التي زرتها هو صرح بارزاني الوطني التذكاري، الذي يخلد ذكرى الزعيم الكردي مصطفى بارزاني وأسرته التي لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن القضية الكردية. هذا الصرح يمثل الرؤية والقيادة التي شكلت معالم الهوية السياسية لإقليم كوردستان. زيارة هذا الصرح كانت فرصة للتأمل في القوة الرمزية لعائلة البارزاني ودورها في توجيه المسار الوطني الكردي.

النصب التذكاري لضحايا الأنفال
النصب التذكاري لضحايا الأنفال كان من أكثر الأماكن التي أثرت في نفسي. الحملة الأنفالية كانت واحدة من أكثر الفصول المأساوية في تاريخ الشعب الكردي، حيث تعرض الآلاف للقتل والتشريد على يد نظام صدام حسين. الوقوف أمام هذا النصب التذكاري يشعر الزائر بعمق المعاناة التي مر بها الكورد، ولكنه أيضًا يعزز الأمل في ضرورة النضال من أجل العدالة والاعتراف بهذه الجرائم.

الحفل التأبيني للشهيد مشعل التمو ولقائي بقيادات المجلس الوطني الكردي
من المحطات البارزة خلال زيارتي كانت المشاركة في الحفل التأبيني الذي أقامته منظمة إقليم كوردستان في الذكرى السنوية لاغتيال القائد الشهيد مشعل التمو. هذا الحفل كان فرصة مؤثرة لتكريم الشهيد مشعل التمو، الذي كان له دور كبير في نضال الشعب الكردي، ورمزية هذا الحدث تعكس تقدير كوردستان للشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل القضية الكردية.

كذلك، كان لي لقاء مع العديد من قيادات المجلس الوطني الكردي وسكرتيري الأحزاب الكردية في سوريا. هذا اللقاء كان محطة رائعة، حيث أتاح لي فرصة تبادل الأفكار والنقاشات حول مستقبل القضية الكردية في سوريا، والدور المهم الذي يلعبه المجلس الوطني الكردي في توحيد الصفوف وتعزيز حقوق الشعب الكردي.

اللقاء مع الدكتور حميد دربندي
خلال زيارتي، أتيحت لي الفرصة للقاء الدكتور حميد دربندي، رئيس العلاقات الوطنية ومسؤول الملف الكردي السوري. الدكتور دربندي يتميز بشخصيته الهادئة والموضوعية، وهو معروف بقدرته على التعامل بحكمة مع التحديات المعقدة التي تواجه القضية الكردية، خاصة في سوريا. اللقاء معه كان فرصة لفهم المزيد عن الدور الذي يلعبه الإقليم في دعم الشعب الكردي في سوريا، وكيف أن القيادة الكردية تسعى دائمًا لتعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة.

أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية
زيارتي للأماكن التذكارية مثل مزار الخالدين، صرح بارزاني التذكاري، والنصب التذكاري لضحايا الأنفال سلطت الضوء على الأهمية الكبيرة للحفاظ على الذاكرة الوطنية. هذه المعالم ليست مجرد رموز للتاريخ، بل هي دعائم لتأكيد الهوية الكردية وتذكير الأجيال القادمة بتضحيات الشعب.

الخاتمة
زيارتي إلى إقليم كوردستان كانت مليئة باللحظات المؤثرة والتجارب الغنية. التطور العمراني والنهضة الحضارية في أربيل وبقية المدن الكردية تعكس روح الإصرار على بناء مستقبل مزدهر، بينما تظل الأماكن التذكارية مثل مزار الخالدين والنصب التذكاري لضحايا الأنفال شاهدًا على نضال طويل وشاق من أجل الحرية والكرامة.
الشعب الكردي لا يزال يواصل نضاله، مدعومًا بقيادة حكيمة مثل عائلة البارزاني التي تستمر في توجيه هذا المسار التاريخي والسياسي. شخصيات مثل نيجيرفان ومسرور البارزاني تمثل الجيل الجديد الذي يواصل العمل على تحقيق المزيد من التقدم والاستقرار. بهذا النهج، يبقى إقليم كوردستان نموذجًا للتعايش بين الماضي والمستقبل، بين التضحيات والطموحات، وبين النضال والتقدم.