لماذا يمثل مقتل زعيم حزب الله انتصاراً للعدالة؟

لماذا يمثل مقتل زعيم حزب الله انتصاراً للعدالة؟

أرمانج أمين

مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله يعد انتصاراً للعدالة، لأنه كان أحد أكبر المحاربين ضد الاستفتاء على استقلال كوردستان، وهو حق مشروع لكل شعب يسعى لتقرير مصيره في مواجهة القمع والاستبداد، حيث وصفه بالمؤامرة. لم يكن رفضه مجرد موقف سياسي، بل تعدى إلى الإساءة على القيادة الكردية، متمثلة في الرئيس مسعود بارزاني، الذي قاد أمته في أصعب الظروف وبقي رمزًا للنضال من أجل حقوق الكُرد. وقد رد وقتها المتحدث باسم حكومة كوردستان، جوتيار عادل، الذي أصدر بيانًا اعتبر فيه أن كلام نصر الله هو "أسلوب صبياني تجاه شعب بطل".
كما إن مشاركته في اجتياح كوردستان بعد أحداث 16 أكتوبر - 2017 بالتعاون مع ميليشيات الحشد الشعبي ليست مجرد خيانة سياسية، بل هي حرب على إرادة الشعب الكردي، محاولة لكسر عزيمته وقمع طموحه في الحرية. في هذا السياق، لا يمكن نسيان معركة عين عويس، حيث أظهرت التقارير مشاركة حزب الله مع الميليشيات الحشد الشعبي في السيطرة على المثلث الحدودي الممتد من فيشخابور إلى إبراهيم خليل. كانت تلك المعركة نقطة محورية في مواجهة المشروع التوسعي، ولكن البيشمركة صمدوا أمام الهجوم بشجاعة منقطعة النظير، ونجحوا في الدفاع عن أرضهم، ليبقى هذا النصر شاهداً على قدرة الشعب الكردي على التصدي لأعدائه مهما كانت قوتهم
ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على موقفه من كوردستان فقط. فقد كان جزءًا لا يتجزأ من نظام قمعي من خلال دعمه نظام الأسد في سوريا، وساهم في تحويل البلاد إلى مسرح لجرائم حرب لا تعد ولا تحصى: القتل، التعذيب، والتهجير القسري. تلك الفظائع التي ارتكبها عناصر حزبه ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي جزء من مشروع لإخضاع الشعب السوري وإسكات أصوات الحرية.
علاوة على ذلك، لعب حزب الله دورًا سلبيًا في لبنان من خلال فرض أجندته السياسية والعسكرية، مما أدى إلى تهميش مؤسسات الدولة وضعف سيادتها. استخدم الحزب قوته لترهيب الخصوم السياسيين، مما زاد من الاستقطاب والانقسام الطائفي. كما لا ننسى أن عناصر حزب الله قد شاركت في اغتيال رفيق الحريري، حسب ما أعلنته محكمة الأمم المتحدة، حيث أثبتت الأدلة تورط الحزب في هذه الجريمة النكراء. يُعتبر الحريري شخصية محورية في تاريخ لبنان الحديث، وقد ترك اغتياله آثارًا عميقة على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد.
على الصعيد الاقتصادي، ساهمت العقوبات الدولية المرتبطة بالحزب في تدهور العلاقات الاقتصادية للبنان، كما زعزعت أنشطته غير الشرعية الاستقرار الاقتصادي، وأضرت بسمعة البلاد دوليًا. اجتماعيًا، نشر الحزب ثقافة العنف والتبعية، مما ساهم في عسكرة المجتمع اللبناني وزرع الانقسامات. في النهاية، أصبح حزب الله عائقًا أمام أي مشروع إصلاحي أو استقرار مستدام في لبنان التي كانت تسمى ب باريس الشرق.
أما في اليمن، فقد لعب حزب الله دورًا سلبيًا من خلال دعمه لجماعة الحوثيين، مما زاد من تفاقم الصراع الداخلي وزعزع الاستقرار. قدم الحزب تدريبًا عسكريًا يعزز قدرات الحوثيين، مما أدى إلى زيادة العنف وتأجيج الصراع الطائفي بين القوى المختلفة. كما أن دعمه يعمق التدخلات الخارجية في الشأن اليمني ويعوق جهود التوصل إلى حل سلمي. نتيجة لذلك، تفاقم الصراع المستمر وأدى إلى أزمة إنسانية، حيث يعاني الملايين من الجوع والمرض. يعكس دور حزب الله في اليمن استراتيجيات توسعية على حساب الاستقرار والمعاناة الإنسانية.

مقتل هذا الشخص ليس نهاية للصراع، لكنه يشير إلى أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تضيع أبداً.