المسألة القومية في سوريا

المسألة القومية في سوريا

كوردستان - الافتتاحية

يـتكّون الـشعب الـسوري مـن عـدد مـن الـقومـيات المختلفة، مـما يسـتوجـب الإقرار الـدسـتوري بـالـوجـود الـقومـي والـحقوق القومية لـمختلف هـذه المـكوّنـات.
يتوجّب الـبحث فـي مـشكلة الـوجـود الـقومـي المـتعدد إيـجاد مـخارج لـها بـعد أن جـعلها النـظام المسـتبد مـشكلة طـوال عـهود حـكمه، ووسـيلة لـديـمومـة بـقائـه فـي السـلطة، مـعتمداً عـلى الـتمييز والـفصل والإقصاء والـتهميش، ومهـدداً أسـس المجـتمع الـسوري.
إنّ استمرار تجاهل الهويات المختلفة وخاصة القومية منها يعطل قيام سـوريـا الجـديـدة الـتي تسـتند إلـى شـرعـية دسـتوريـة وتـوافـق اجـتماعـي والتي تـقوم عـلى قـاعـدة مـن الـديـمقراطـية وحـقوق الإنسان والاعـتراف بـالـتعدُّد الـقومـي والـثقافـي والـتفاعـل المسـتمر، بـما يخـدم مـسار العملية السياسية، والحفاظ على السلم الأهلي والاجتماعي، مع الاعتراف الكامل بالحقوق القومية والثقافية لجميع مكوّنات هذا الشعب، وإن الـكردَ جـزءٌ مـن الـنسيج الاجتماعي للمجتمع السوري.
المـسألـة الـكرديـة واحـدة مـن المـسائـل الأكثر أهـمية فـي الـهويـة الوطنية الـسوريـة، والـوجـود الـكردي لـيس وجـوداً طـارئاً بل هو وجود تاريخي أصيل، والقوى السياسية الكردية لم تتجه يوماً إلى التقسيم أو الانفصال عبر تاريخها النضالي.
إنّ حـق تـقريـر المـصير يعني حق الشعب الكردي في ممارسة حقوقه القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية وبـممارسـة الـنشاط الـسياسـي والاجـتماعـي بحـريـة كـامـلة ضـمن حـدود الـدولـة الـسوريـة، كما أن الـتعدد القومي لـلشعب الـسوري بـاعـتباره عـامـل ازدهـار لـلدولـة الـسوريـة، وغنى ثقافياً وحضارياً للمجتمع السوري.
إن الاسـتمرار فـي تـأجـيج الـصراع عـلى أرضـية الـتنازع الـقومـي هـو إضـعاف لـلدولـة الـتي عـليها أن تـراعـي مـسألـة الـوجـود الـتاريـخي لـشعوب الشـرق الوسـط وحـاجـاتـهم لـبعضهم وضـرورة تحالفهم وبناء القوة المستندة إلى مشروع ديمقراطي يحقق لهم التكامل والوجود والتنمية فيما بينهم.
وفـي مـعالـجة مـسألـة الـوجـود الـقومـي المـتعدد يـبرز دور السـلطة الـحاكـمة المنبثقة عـن رضـا اجـتماعـي وانـتخابـات نـزيـهة وخـيار ديـمقراطـي يحـمي مـبدأ الـتنّوع فـي إطـار وحـدة المجتمع والـدولـة، كـما يـعني أيـضاً ضـمان المـساواة أمـام الـقانـون وحـمايـة الحـريـات الـعامـة الجـمعية والفردية.، فالإقصاء والتمييز بين المواطنين هو الذي يمهّد الطريق أمام الصراعات الداخلية بين المكوّنات الـقومية حـقوق تـقوم على المبادئ التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ضمان هـذه الـحقوق بـدايـة لتـأسـيس الـمرحـلة الانـتقالـية وتـمتين الـرابـطة الـوطـنية الـسوريـة الـتي أنـتجتها التجـربـة الـتاريـخية المشـتركـة لجـميع المـكونـات، والاعـتراف بـحق الجـماعـات الـقومـية بـمخـتلف المـرجـعيات الـثقافـية والـلغويـة، والـحقوق الـدينـية والـسياسـية، شـرط تـوحـيد المجتمع الـسوري.