احترفَ «Rezo» الأدبَ باكراً
علي جزيري
ولد الأديب والناقد عبد الرزاق علي أوسى الملقب بـ«Rezo»، في قرية دكشورية بتاريخ 10 تشرين الأول 1950 وحاز على شهادة هندسة البترول من جامعة موسكو، وعمل فترة في حقول رميلان، ثم رحل في 4 آذار 2010 ، ودفن في مسقط رأسه.
لم يأبه الراحل بالأضواء، رغم أنه كان أحد مؤسسي رابطة كاوا، ومحرراً في وترك للأطفال Pirs و Stêr مجلتي خمس مجموعات من حكايات أدبنا الشفاهي، وكان له باع طويل في كتابة الأبحاث النقدية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تربية الأطفال في المجتمع الكُردي، وقراءته النقدية لرواية محمد أوزون « Tu» ناهيك عن الشعر والحكايات والحكم والأمثال والطرائف الكُردية، وصدر الجزء الأول من أعماله الكاملة، وها نحن ننتظر على أحر من الجمر، أن تتحفنا نيگار سامي أحمد نامي رفيقة دربه بالجزء الثاني، كيلا تخبو نجمته في سمائنا ، وهي جديرة بهذه المهمة.
حين قدّم صديقه د. محمد عبدو نجاري المجموعات لوزارة الإعلام في دمشق سنة 1991 ، سرعان ما رفض مدير الرقابة ومعاون الوزير طباعتها، لكن الوزير وافق بعدئذٍ شرط ترجمة النصوص إلى العربية كاملة ونشرها إلى جانب الكُردية، فتنطح نجاري لهذه المهمة. دقّقَ المجموعتين الأولى والثانية الشيخ توفيق الحسيني، وصمّم غلافهما د. عبدالحكيم الحسيني، أما اللوحات الداخلية فهي للفنان التشكيلي عبدالسلام عبدالله كما يقول نجاري، لكن الخيبة كانت كبيرة حين علاهما الغبار في واجهات المكتبات، ولم تلقَيا اقبالاً، مما حدا بـ «Rezo» إلى جمع نسخه في كراتين وأودعها سقيفة بيته، وفكّر نجاري بدوره في اضرام النيران في النسخ الموجودة بحوزته، لكنه تراجع عن فكرته في اللحظة الأخيرة، وقام بتوزيعها مجاناً على أطفال أصدقائه. ويمضي نجاري قائلاً: رغم ذلك قرّرنا سنة 2005 طباعة المجموعات الثلاث الباقية، بعد أن أقدمت المهندسة نجاح عثمان على تصميم أغلفتها ولوحاتها الداخلية، لكن حظ هذه المجموعات لم تكن أفضل من حظ المجموعتين الآنفتين. امتاز رزو برهافة الحس وبلاغة نصوصه الأدبية، وكان يجيد رواية الطُرَف، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلك التي رواها عن عمر جيلكي من أهالي قرية سۆگيا، ذاك الفلاح الخبير في زراعة الخضار والقطن.
عزم المرحوم عمر ذات يوم أن يشتري حماراً كي يستخدمه في النقل والحمل، فقيل له ما عليك إلا الذهاب إلى قرية تاية التي يقطنها العرب، ولأنه كان لا يفقه العربية البتة، زوّده أحد متعلمي القرية ببعض الكلمات، كي يستعين بها في شراء الحمار. استقل في اليوم التالي دراجته، وهو يردد تلك الكلمات على طول الطريق، وحين وصل إلى بيادر القرية، ألفى رجلاً يحمل في يده مِذراة حديدية وإلى جانبه امرأة يدرسان العدس، لكن خانته الذاكرة فلم يبقَ في جعبته سوى النزر اليسير من الكلمات، فظل على مبعدة منهما، كي ينفذ بجلده إن حصل طارئ لا يُحْمَد عقباه. فسأله عمر: في عندكم حمار للبيع؟ أجاب العربي: نعم.. نعم. لكنه احتار أهو ذَكَرٌ أم أنثى، فراح يضرب أرباعاً بأخماس، وظفر بضالته أخيراً، فسأل: الحمار مثلك، مثل أختك؟ فقهقه الرجل، وأجاب: لا..لا مثلي.. وبعد أن اطمأن عمر بالأمان، ترجّل من دراجته واشترى الحمار.