قراءة في زيارة بزشكيان لكوردستان
أرمانج أمين
الرئيس مسعود بارزاني، المعروف بحكمته وحنكته السياسية، لا يتوانى عن بناء جسور التواصل مع مختلف القوى الإقليمية والدولية، مما جعل إقليم كوردستان يحتل مكانة مرموقة في الساحة السياسية. سياسته المميزة تركز على الحوار والانفتاح، ليس فقط لتحقيق مصالح شعب كوردستان، بل أيضًا لضمان الاستقرار الإقليمي في ظل التحديات الراهنة.
زيارة الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان إلى إقليم كوردستان تأتي كخطوة بارزة تعكس تحولات مهمة في السياسة الإيرانية. بزشكيان، كأحد قادة تيار الإصلاح، يختلف جوهرياً عن التيار المحافظ الذي لطالما ساد المشهد السياسي الإيراني. المحافظون اتبعوا سياسات أكثر تشدداً تجاه قضايا المنطقة، بينما الإصلاحيون، وبالأخص بزشكيان، يسعون إلى تحسين العلاقات مع دول الجوار وتعزيز الحوار والتفاهم.
ما جعل هذه الزيارة أكثر تميزاً هو أن الرئيس الإيراني في خطوة لافتة، تحدّث باللغة الكردية خلال لقاءاته في كوردستان .
التحدُّث بالكردية لم يكن مجرد لفتة رمزية بل يحمل دلالات عميقة عن احترامه العميق للثقافة والهوية الكردية، ورغبته في التقارب مع شعب كوردستان. ويعكس حرصه على إرسال رسالة واضحة: بأن الإصلاح في إيران لا يقتصر فقط على تغيير السياسات الداخلية، بل يمتد إلى تعزيز العلاقات الإيجابية مع مختلف القوميات والشعوب في المنطقة.
رغبة الرئيس الإيراني التحدث بالكردية أثار إعجاب القيادة الكردية، حيث يعتبر خطوة متقدمة في بناء الثقة والتفاهم المتبادل بين إقليم كوردستان وإيران. لقاء الرئيس بارزاني مع بزشكيان لم يكن مجرد لقاء دبلوماسي عادي، بل بداية لعهد جديد من التعاون، حيث تتلاقى رؤية الإصلاح الإيرانية مع توجُّهات القيادة الكردية في تعزيز السلام والاستقرار. هذه الزيارة تؤكد أن الحوار والتفاهم، عندما يقترنان بالاحترام المتبادل، قادران على تحقيق إنجازات كبيرة في خدمة المنطقة وشعوبها.
زيارة الرئيس الإيراني بزشكيان إلى إقليم كوردستان لم تقتصر على لقائه مع الرئيس مسعود بارزاني فحسب، بل شملت أيضًا لقاءً مهمًا مع رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني. هذا اللقاء يأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين إيران وإقليم كردستان، خاصة في ظل التغيرات التي يقودها التيار الإصلاحي في إيران بقيادة بزشكيان.
رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، الذي يلعب دورًا حيويًا في السياسة الإقليمية والدولية، يعتبر من القادة الكرد الذين يسعون دائمًا إلى بناء علاقات متوازنة مع الدول المجاورة، وخاصة إيران، التي تربطها تاريخيًا علاقات مع إقليم كوردستان. لقاء نيجيرفان بارزاني مع بزشكيان تناول قضايا مهمة تتعلق بالتعاون الاقتصادي والأمني، فضلًا عن مناقشة قضايا الطاقة والتجارة التي تعد محورية للعلاقات بين الجانبين.
ما يميّز هذا اللقاء هو الانفتاح الواضح من الجانب الإيراني نحو تحسين العلاقات مع إقليم كوردستان، حيث أكد بزشكيان خلال حديثه مع نيجيرفان بارزاني على أهمية التعاون المشترك لتحقيق الاستقرار في المنطقة، معربًا عن استعداده للعمل على تعزيز التفاهمات بما يخدم مصلحة الطرفين. نيجيرفان بارزاني بدوره أبدى ترحيبًا كبيرًا بتلك الرؤية الإصلاحية، معبرًا عن ثقته في أن العلاقات بين كوردستان وإيران ستشهد مزيدًا من التقدم في ظل قيادة بزشكيان الإصلاحية.
هذا اللقاء يمثل خطوة أخرى نحو تعميق التعاون بين إقليم كوردستان وإيران، ويؤكد أن القيادة الكردية تدرك أهمية التعامل مع التيار الإصلاحي في إيران كفرصة لتعزيز الاستقرار والتعاون البناء في المنطقة.