آفاق المرحلة القادمة في سوريا

آفاق المرحلة القادمة في سوريا

كوردستان - افتتاحية

تشهد سوريا، بعد أكثر من عقد من الصراع، مشهدًا سياسيًا معقدًا يتأثّر بعواملَ إقليميةٍ ودوليةٍ متعددة.
وتأتي حرب غزة الأخيرة بين حماس وإسرائيل، وتداعياتها على المنطقة، لتُلقي بظلالها على مستقبل الشرق الأوسط وسوريا، خاصةً في ظلّ العلاقات المتشابكة بين النظام السوري مع كلٍّ من إيران وروسيا، بالإضافة إلى الوجود الأمريكي في المنطقة، والانتخابات الأمريكية القادمة التي سوف تحدّد بقاء أمريكا في المنطقة من عدمها.
كلُّ هذه عوامل رئيسية تؤثّر على مستقبل سوريا والعملية السياسية فيها، فحرب غزة تزيد من تصاعُد التوترات الإقليمية، وقد تُشكّل خطرًا على استقرار سوريا وتتم تدخلات إقليمية، كما تُشجّع الفصائل المسلحة على استئناف العمليات العسكرية، وإثارة المزيد من التوترات، وتُعيق توفير بيئة مناسبة لوقف العنف وتقديم المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين، وغيرها نحو إيجاد حلٍّ سياسيٍّ للصراع السوري خاصة في ظل العلاقة بين النظام السوري وإيران حيث تُقدم إيران دعمًا عسكريًا واقتصاديًا للنظام السوري، ممّا يُساعده على البقاء في السلطة.
تُثير هذه العلاقة قلق الولايات المتحدة، وبعض الدول العربية، ممّا قد تؤدّي إلى المزيد من العقوبات على النظام السوري.
تستخدم إيران الميليشيات الشيعية في سوريا لخدمة مصالحها، وهذا يُهدّد زعزعة الاستقرار في البلاد، والعلاقة بين النظام السوري وروسيا حيث تُقدّم روسيا أيضاً دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا للنظام السوري، وتساعد النظام في الحفاظ على سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد.
تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها في المنطقة من خلال سوريا.
والمسعى الروسي يقلق الولايات المتحدة والدول الغربية، ممّا قد يُؤدّي إلى المزيد من التوترات الدولية والتي يمكن أن تؤثّر نتائج الانتخابات الأمريكية على السياسة الأمريكية تجاه سوريا.
وربما تُعيد الإدارة الأمريكية الجديدة النظر في وجودها العسكري في سوريا، وستُؤدّي التغييرات في السياسة الأمريكية إلى تغيير ميزان القوى في سوريا.
إن تقليص الولايات المتحدة لوجودها العسكري في سوريا والعراق، سيصبُّ في مصلحة قوى أخرى تسدّ الفراغ مثل إيران وروسيا، وإلى تقوية الجماعات المسلحة، وهذا قد يهدّد الاستقرار في المنطقة. وبالنتيجة ستُؤثّر التغييرات في الوجود الأمريكي على العملية السياسية في سوريا.
وما تُسمّى بالإدارة الذاتية تواجِهُ كغيرها من نماذج سيطرة الميليشيات تحديّاتٍ عديدة، مثل الفشل السياسي والإداري وعدم الاعتراف الدولي.
لهذا إن مستقبل سوريا مرهونٌ بتطوُّراتٍ إقليمية ودولية متعددة، وتُشكّل العوامل المذكورة تحدياتٍ وفرصًا للمرحلة القادمة، وآفاق المرحلة القادمة في سوريا تبدو غامضة ومليئة بالتحديات، وتعتمد على تفاعل العديد من العوامل الداخلية والخارجية.
الحاجةُ إلى حلٍّ سياسيٍّ شاملٍ لإنهاء الصراع وتحقيق السلام والاستقرار في سوريا يبدو أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى.